للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من نور النبوة

فوائد من حديث رسول الله

- صلى الله عليه وسلم -

ستر الجعيد

الحديث:

روى مسلم في صحيحه [١] عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: (كنا ...

قعوداً حول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معنا أبو بكر وعمر في نفرٌ، فقام

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بين أظهرنا فأبطأ علينا، وخشينا أن

يقتطع دوننا، وفزعنا فقمنا، فكنت أول من فزع فخرجت ابتغي رسول الله - صلى

الله عليه وسلم - حتى أتيت حائطاً للأنصار لبني النجار، فدرت به هل أجد له باباً

فلم أجد، فإذا ربيع يدخل في جوف حائط من بئر خارجة - والربيع الجدول -

فاحتفزت كما يحتفز الثعلب، فدخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أبو هريرة، فقلت: نعم يا رسول الله، فقال: ما شأنك، قلت: كنت بين أظهرنا

فقمت، فأبطأت علينا فخشينا أن تقتطع دوننا ففزعنا، فكنت أول من فزع، فأتيت

هذا الحائط فاحتفزت كما يحتفز الثعلب، وهؤلاء الناس ورائي، فقال: يا أبا

هريرة وأعطاني نعليه، قال: اذهب بنعلي هاتين، فمن لقيت من وراء هذا الحائط

يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه فبشره بالجنة، فكان أول من لقيت عمر،

فقال: ما هاتان النعلان يا أبا هريرة؟ فقلت: هاتان نعلا رسول الله - صلى الله

عليه وسلم - بعثني بهما من لقيت يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه بشرته

بالجنة، فضرب عمر بيده بين ثدي فخررت لأستي، قال: ارجع يا أبا هريرة،

فرجعت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأجهشت بكاء، وركبني عمر فإذا

هو على أثري فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مالك يا أبا هريرة؟

قلت: لقيت عمر فأخبرته بالذي بعثتني به، فضرب بين ثديي ضربة خررت

لأستي، قال: ارجع، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا عمر: ما

حملك على ما فعلت؟ قال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي، أبعثت أبا هريرة بنعليك

من لقي يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً به قلبه بشره بالجنة؟ قال: نعم، قال: فلا

تفعل، فإني أخشى أن يتكل الناس عليها فخلهم يعملون. قال رسول الله - صلى

الله عليه وسلم -: فخلهم) .

فيه فوائد:

١- عظم المحبة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قلوب أصحابه.

٢- عمق الأخوة بين المؤمنين.

٣- فضل اليقين في الإيمان.

٤- الفصل بين الفضولية والاستيضاح.

٥- أهمية التثبت عند عدم الشك.

٦- الفرق بين رد السنة وبين غيره.

٧- أثر العلاقة في التربية.

٨- الخشية من وقوع المفسدة يبيح اتخاذ ما يمنع وقوعها.

٩- إدراك الصحابة لفقه الخلاف.

١٠- الإشارة إلى بعض شروط لا إله إلا الله.

١١- تأمل خشية عمر مع وجود العمل فكيف لو رأى الترك والإعراض؟


(١) كتاب الإيمان، ١/٢٣٥-٢٤٠.