للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ظواهر

الأحباش: دعوة أم فتنة؟

محمد الشيخ عثمان

ظهر في لبنان في السنوات الأخيرة طائفة تسمى الأحباش، نسبة إلى شيخهم

عبد الله الحبشي وقد تبنت هذه الطائفة عقائد خالفت فيها كثيراً من اعتقادات أهل

السنة كما سلكت مسالك شاذة في الفقه والسلوك. ولهم جمعية اسمها (جمعية

المشاريع الخيرية) ومجلة شهرية تسمى (بمنار الهدى) تصدر في لبنان. ونظراً

لأن مؤسس هذه الفئة (عبد الله الحبشي) يدعي أنه من الصومال بل يدعي أحياناً

أنه مفتي الصومال؛ رأيت أن أكتب بعض الحقائق عنهم لكوني من الصومال أولاً،

ولأنني كنت أتابع نشاط هذه الفئة لبعض الوقت. وقبل أن أتطرق لمعتقداتهم رأيت

أن أكتب عن المؤسس.

أسس هذه الفئة عبد الله بن محمد الشبيب الهَرَري [١] الحبشي [٢] . وهو

ليس من الصومال كما يدعي، ولا أظنه معروفاً عند الصوماليين فضلاً عن كونه

مفتيهم.

شخصية الحبشي شخصية غامضة لم تكن معروفة كثيراً في العالم الإسلامي

أو في شرق إفريقية إلا ما ذكره الشيخ عبد الرحمن دمشقية من أن الرجل ساهم في

فتنة المسلمين في أرض هرر، وخاصة فتنة (كلنب) [٣] وقد ذكر أن الحبشي

حارب أهل السنة بإيعاز من أديس أبابا وتعاون مع الحاكم ادتراجي صهر

هيلاسيلاسي، وسبب إغلاق مدارس تحفيظ القرآن، حتى عُرف بشيخ الفتنة، ثم

هرب من الحبشة إلى الشام، وأسس مذهبه في لبنان وكانت أزمة لبنان الأخيرة مما

ساعده على ذلك حيث وجدها مرتعاً لأفكاره المنحرفة، ومدخلاً للعالم الإسلامي لبث

اعتقاده. ومما يؤكد أن شخصية الحبشي غامضة ما ذُكر في مجلتهم (منار ...

الهدى) [٤] ، حين أجرت مقابلة مع ابنه الذي صرح أنه لم يلتقِ بوالده حتى بلغ الثامنة عشرة من عمره! .

الأحباش:

أكثر (الأحباش) من لبنان، وقلة من الجنسيات الأخرى، وقد بدؤوا أخيراً

تكوين نشاط في بعض الدول الغربية، مثل الدانمارك، وسويسرا، وفرنسا، وأكثر

أتباعه شباب متعصبون لشيخهم ومذهبهم المبنيّ على كثير من الاعتقادات الفاسدة،

والشذوذات الفقهية.

ففي الاعتقاد: خالف الحبشي أهل السنة في كثير من مسائل العقيدة، فهو يتصيد الآراء الفاسدة من كل الفرق المنحرفة، فتجده تارة جهمياً وتارة مرجئاً، كما أنه يأخذ فكرة التكفير من الخوارج، ففي الصفات نجده مدَّعياً أنه يؤمن باثنتي عشرة صفة فقط، ويزيد عليها مخالفة الله للحوادث والقيام بالنفس [٥] . كما أنه لا يؤمن بصفتَيْ الغضب والرضا، ويرى أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، وأن العمل لا يدخل في مسمى الإيمان [٦] .

سَبّه للصحابة:

إن عبد الله الحبشي يفسّق معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - ومن كان

معه ضد علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فهو في هذا متشيع خارج عن

مذهب أهل السنة والجماعة في عدالة الصحابة وعدم الخوض فيما شجر بينهم، كما

يفسّق أم المؤمنين عائشة - عليها رضوان الله -[٧] .

تكفيرهم للعلماء:

من سمات الأحباش تكفيرهم لعلماء شُهد لهم بالعدالة والاستقامة، فهم يكفرون

شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن قيم الجوزية، والشيخ محمد بن عبد الوهاب

وغيرهم. ومن العلماء الذين يكفرهم الحبشي الشهيد سيد قطب - رحمه الله -

والمحدث محمد ناصر الدين الألباني،. والشيخ عبد العزيز بن باز، بل ويكفرون

الجماعات السلفية، وجماعة الإخوان المسلمين. مقابل تفسيق الصحابة، وتكفير

العلماء نجد الحبشي يمدح ابن عربي، وعبد الوهاب الشعراني، وغيرهم ممن

عرفوا بالشعوذة والدجل [٨] .

آراؤه الفقهية:

سلك الحبشي مسلكاً شاذاً في الفقه، فهو يرى خروج المرأة متبرجة متعطرة

إلى الشوارع، ويرى اختلاط النساء بالرجال لأجل الدعوة، ويكفر من يحذر من

ذلك كما فعل بحق الشيخ فيصل مولوي، ومن أغرب ما ذهب إليه الحبشي إجازته

لمن أراد التخلف عن الجمعة أو الجماعة أن يأكل الثوم والبصل؛ مستدلاً بحديث

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن أكل ثوماً أو بصلاً فلا يقربنَّ ...

مسجدنا) [٩] وهذا غاية في الشذوذ والضلال، وإذا فُهمت النصوص بهذا الفهم ... الحبشي فلن يكون هناك كتاب أو سُنة.

ومن غرائبهم أنهم موسوسون في إخراج الحروف، فتسمع لهم في الصلاة

صفيراً بسبب بحثهم عن مخارج الصاد، وقد شبَّههم الشيخ محمد عبد الله الشامي

بفعلهم هذا في مساجدهم كأن مساجدهم مملوءة بالعصافير! [١٠] .

استخدام العنف في نشر مذاهبهم:

وهذا مذهب أهل الضلال والانحراف مثل الخوارج؛ فأهل السنة لا

يستخدمون العنف لنشر مذهبهم ويتقون الله في دماء المسلمين. وقد سبق أن اتُّهِموا

بمقتل الشيخ القصاص [١١] وغيره. ولا يمكن أن يُترك هؤلاء يروِّعون المسلمين

في مراكزهم ومساجدهم.

أقوال علماء المسلمين فيهم:

لقد أخبرني مَن أثق فيه: أن من أحسن ما كُتب أخيراً في الرد على الأحباش

كتاب (إطلاق الأعنَّة) ، كما أن كتاب (الرد على عبد الله الحبشي) للشيخ محمد

عبد الله الشامي يعتبر كتاباً جيداً، ناقش معتقدات الأحباش بهدوء، وبطريقة علمية. وقد تكلم على هذه الفئة علماء أجلاء منهم: فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز

حيث قال عنهم: (إن هذه الفئة معروفة لدينا وهي فئة ضالة، ورئيسها عبد الله

الحبشسي معروف بانحرافه وضلاله والواجب مقاطعتهم وإنكار عقيدتهم) . وذكر

سعد الدين خالد ابن الشيخ حسن خالد - رحمه الله - مفتي لبنان: (إن هؤلاء ليسوا

بعيدين عن مخططات أعداء الإسلام في نشر الفُرقة والآراء الشاذة ليشغلوا المسلمين

بها) .

وخلاصة القول إن هذه الفئة تستخدم إمكانيات اقتصادية هائلة، ومن خلالها

ينشرون مذهبهم بين المسلمين؛ لذا يجب على علماء الإسلام التصدي لهؤلاء وتفنيد

بدعهم، والرد عليهم، وبيان زيفهم وضلالهم.


(١) نسبة إلى هرر مدينة شهيرة قامت فيها إمارات إسلامية وهي الآن جزء من الحبشة.
(٢) نسبة إلى الحبشة.
(٣) المسلمون، العدد (٤١٠) ، ١٧ من جُمادى الآخر عام ١٤١٣هـ، ومجلة الفرقان، العدد
(٣٣) ، رجب عام ١٤١٣هـ.
(٤) منار الهدى، ص٣٣، العدد رقم ٣.
(٥) انظر الرد على الحبشي للشامي.
(٦) الدليل القويم، ص١٠-١١، والرد على الحبشي للشامي، ص٢١٨.
(٧) الدليل القويم، ص٢١٤.
(٨) الدليل القويم، ص١٥٢ (الفتوحات المكية) .
(٩) رواه مسلم بلفظ: (من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا أو ليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته) .
(١٠) الرد على الحبشي للشامي، ص٢٩.
(١١) الفرقان، العدد (٣٣) ، رجب عام ١٤١٣هـ.