للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يا أمتي [*]

محمود السيّد الدغيم

ما للمعارك ضدّنا تتصعَّدُ ... والضدُّ يغتال المنى ويُبدِّدُ

وقيادةٌ حيرى تخبَّط رأيُها ... لعدونا وعَدُوِّها تَتَوَدَّدُ

ففريقُها متشبثٌ بكبيرها ... وصغيرُها خلف الغريق مُجَمَّدُ

تَتَصنَّع الإنصافَ مؤتمراتُها ... وتُدين من عادى العِدا وتُندِّدُ

وتُهجَّر الأحرارَ عن أوطانهم ... وتثور في وجه الجهاد وتصمدُ

لكنَّها ترضى بذُلِّ وافد ... عَبْرَ الفصول بأرضنا يتجدَّدُ

والحقُّ مكسور الجناح مُحَطَّمٌ ... في " مجلس الأمر " المخيف مُوَسَّدُ

يتحلَّقُ الشُّذاذُ حول فراشِهِ ... ونهيقُهم مِنْ حولهِ يتردَّدُ

صاغوا قرارات لنفاق فويلهم ... قد أجحفوا، وعلى النّفاق تعوَّدوا

وَدَعَوا إلى إلغاء كُلِّ فضيلةٍ ... بَلْ كَرَّروا " إنّ الجهاد تَمَرُّدُ "

يا ويلهم! ! ودماؤنا مسفوحةُ ... في كُلِّ أرض إنها لا تُجحَدُ

شُفحَتْ ففي الصُّومال نهر دمائنا ... يَستَصْرِخُ الحرَّ الذي لا يوجدُ

والصِّرب تسبح في الدماء " وبطرسٌ " ... يُرغي بمجلسهِ الرخيصُ ويُزْبِدُ

أين العصا للعبد؟ إن دروسَها ... عِظَةٌ وأخلاقٌ " وعيشٌ أَرْغَدُ "

أما مُمالأة الوضيع فَخِلَّةٌ ... مَمجُوجةٌ- في ديننا -لا تُحْمَدُ

والسَّيْرُ في رَكْبِ النِّفاقِ جريمةٌ ... والرَّكب يَهزأ بالكتاب ويلحدُ

أما الجهاد فركبه متغيبٌ ... في السِّجن والسَّجانُ باباً يُوْصِدُ

كيف الرقادُ وفي " السَّراي " معاركٌ ... بدماء أطفالٍ صغارٍ تُوقَدُ

في كل بيتِ-في السراي - ضحيةٌ ... ظلماً، وأخبارُ الوقائعِ تشهدُ

هجم العدوُّ مدمِّراً أمجادنا ... فالقدس-في وضح النهار-تُهَوَّدُ

دُكَّتْ جوامِعُنا بأيدي عدوِّنا ... فَبَكَتْ مآذنُنا وناح المسجد

أطفالنا عَبْرَ الدروب تشرَّدوا ... فَقَدُوْا خرائطَهم وَضَاعَ المرشدُ

يبكون لا أمُّ تجيبُ ولا أب ... وَوَصِيُّهمْ لعدوِّهمْ يَتَوَدَّدُ

شَرِبَ " النظام العالميُّ " دماءَهم ... وسهامهُ نحو القلوب تسددُ

ظُلِمَ الصِّغار وشرِّدوا وتعذَّبوا ... وعلى عدوِّ الله لم تُرفعْ يدُ

فتهكمَ الأعداءُ، قال كبيُرهم: ... مَنْ ذا صِغارَ المسلمينَ سينُجْدُ؟

ما للحداثة أفسدتْ أحداثَنا، ... وشيوخنا منهاجهمْ مُسْتَوْردٌ

والحاكمون تحكَّموا بشعوبهم ... والشِّعرَ في مدح الأعادي أنشدوا

نبذوا القريبَ إلى البعيد وقرَّبوا ... أعداءهم، قَرُبَ البعيدُ الأبعدُ

نُفِيَ الكريمُ وحطِّمت آماله ... فالوغد في بيت المُهَجَّرِ يقعُدُ

والهودُ في القدس الشريفِ تحكَّموا ... راياتُهُمْ فوق السواري تُعقَدُ

حاخامُهُم في الشَّام صار مناضلاً ... فَظّاً غليظاً دائماً يتوعَّدُ

مهلاً؟ أبا حمرا [**] فإن جيوشَنا ... صارتْ بدير الراهابات تُعَمَّدُ

لكن تعميدَ الجيوشِ مؤقتٌ ... وغداً إلى قمم المعالي تَصعدُ

تلك الجيوش تَبَرَّمَتْ من قهرها ... غَضَباً وحُزْناً كاللظى تَتَوَقدُ

قد أدركت خُططَ العدو وغدرِهِ ... إذ أسفَرَ الباغي وبان المقصدُ

وتكشَّفَتْ للنَّابهين سياسةٌ ... همجيَّةٌ، وسُمومُها لا تركدُ

تغتالُ مَنْ سلكوا طريق محمدٍ ... ليلاً وتوحي أنها تَتَهَجَدَّ

وتسيرُ في درب الضَّلالة عن هوىً ... والسَّيرُ في درب الهوى لا يُحْمَدُ

سلختْ جلودَ المؤمنين سياطُها ... من غير ذنب بالمقامع تُجلدُ

ضحكتْ علينا الرُّومُ في نَدَوَاتِها ... في الغرب والفرسُ المجوسُ تَبَلَّدُوْا

للغدر - آناء الجرائم - أسفروا ... عن حقدهم جهراً وغاب السُّؤدُدُ

" ورخيصُهم " تاجٌ على رأس الخنا ... فلذا البريَّةُ كُلُّها لا تسْعَدُ

أحفيدُ من خانوا يُحَرِّرُ أُمَةً؟ ... لا لَنْ يُحَرِّرَ أمَّةً مُسْتَعْبدُ

أقواله بيضٌ وأَمِّا فِعْلُهُ ... -ضدَّ الشريعة والعروبة - أسودُ

نارٌ على الإسلامِ برْد للعدا ... وجيوشُهُ تحت البيارق تُحْشدُ

للصِّربِ عَوْنٌ في جميع حروبهم ... قَلِقاً على أحوالهم يتنهدُ

ولذا تراهُ كذئبةٍ قطبيَّةٍ ... لَبَدَتْ على درب الأيائل تَرْصدُ

وطلائعُ الفتح المبين تغيَّبَتْ ... غَصْباً فصارتْ بالملاحم تزهدُ

فانهار سَدٌّ شيدوه جدودُنا ... وتَصَدَّعَ الباقي فعربَدَ مُلحدُ

فمتى ستصحو أُمَةٌ من نومها ... وتَلُّمُّ أشتاتاً إذا هجمَ الغدُ

وتُرَشَّدُ الأجيالُ بعد تَخَبُّطٍ ... والرشد من بعد الضلالة يولدُ

* * *

يا أمة الإسلام ثوري واثأري ... لا تجزعي إنْ أبرقوا أو أرعدوا

آسي جراح النازفين على الثرى ... وتوحدي إن التوحُّدَ أَنْجد

* * *


(*) هذه القصيدة معارضة متواضعة لبعض أبيات القصيدة السابقة " واأمتاه " للشاعر عبد الرحمن العشماوي.
(**) إبراهيم حمرا كبير حاخامات يهود سوريا في دمشق.