للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منتدى القراء

إلي إخواننا العرب المسلمين

أسامة أمين الطيب

(الفلبين)

أيها الأخوة الأعزاء:

إن القلوب دائما معلقة بكم وإن العيون لتنظر إليكم وإن الآمال معلقة بكم بعد

الله جل جلاله لما لسلفكم الصالح من الفضل العظيم والأجر الكبير في هدايتنا بإذن

الله إلى هذا الدين القويم بعد أن كنا كغيرنا شبه حيوانات بأكل ونشرب ونتناسل

ونعبد الأوثان وأنقذنا الله بفضله ومنته ثم بفضل أولئك الذين قطعوا الفيافي والفجاج

بين الأخطار المحدقة من أمواج البحار وهوامه وقراصنته، يهلك. إن ذلك يعني

تحمل العبء الكبير في حمله وإبلاغه ثم أدركوا معنى الآيات الأخرى بإبلاغه

والدعوة إليه وأن ذلك أمر واجب التنفيذ وعرفوا معنى التقصير فيه والحساب عليه

ثم علموا علم اليقين عظيم الأجر والثواب لمن قام بهذه الدعوة لأنها أهم وظيفة في

الحياة فهي وظيفة الأنبياء والرسل ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، إذ أن هذه

أمور تقتضي التضحية بالغالي والنفيس وكل ممتلكات الحياة من ماديات أو معنويات

أو طاقات علمية أو عملية وتعلمون ما فعلوا وحق لهم ذلك الفعل والفوز بالأجر

والثواب لما أحدثوا من أثر فعَّال في هذه الجزر حيث أنقذوها من براثن الشرك إلى

هدى الإسلام.

أيها الأخوة الأعزاء:

مع اعترافنا بجميلكم في مؤازرتنا في هذا العصر الحاضر بالمساعدات المادية

والمعنوية منذُ بدء اليقظة الإسلامية الجديدة إلا أننا نعتبر أنفسنا وإياكم مقصرين

تقصيراً كبيراً تجاه هذا الدين العظيم وما يجب له من الدعوة والإبلاغ فنحن وإن كنا

قد أخذنا في الدعوة إلى الله وأنشأنا المؤسسات التعليمية والتربوية باللغة العربية

وعلى مناهج البلاد العربية ومنهج السلف الصالح بجهودنا الضعيفة ومساعدتكم

بالإمداد المادي والمعنوي مما ساهم في نشر اللغة العربية للتعرف إلى الإسلام من

خلالها مباشرة والارتواء من معينه الصافي وقد اهتدى الكثير وأسلم كذلك من

الوثنيين والنصارى الكثير، إلا أننا نعتبر أن هذه جهود ضعيفة وأعمالاً هزيلة، إذا

قورنت بما يجب علينا جميعاً وبما نملك من الوسائل الآلية مما يلزم من تبليغ دين

الله والدعوة إليه في كل دار وفي أي موقع وبأقصى سرعة.

ألا يعتبر عملنا هذا تقصيراً كبيراً في حق أنفسنا وديننا؟ بلى والله! ومن

جانب آخر إذا رجعنا إلى تعليمنا ومدارسنا نجدها تقوم في الدرجة الأولى على

رسوم طلابها الفقراء أو ما يتبرع به بعض الفقراء أو مستوري الحال؟ لا الأغنياء ... وتسير الهوينا بشكل مزرٍ فالكتاب المدرسي الذي هو عماد التعليم لا يوجد إلا بالنقل من اللوح - السبورة - أو تصويراً لمن يجد قيمة الكتاب ... ومباني المدارس معظمها من القش والأخشاب والزنك وبالإضافة إلى سوء مظهرها فإنها لا تصمد أمام مياه الأمطار ولا تحمى طلابها. والمدرسون معظمهم متطوعون أو بمكافآت رمزية والواحد منهم يدرس درساً ويترك الآخر ولا عليه من سبيل مادام متطوعاً ... والمراجع الإسلامية شبه معدومة، ورب الأسرة قد يدرس واحداً من أبنائه أو أكثر أو لا يدرسهم بالكلية لأنه قد لا يجد النفقات الدراسية من رسوم أو أدوات مدرسية.

وهكذا يسير تعليمنا الإسلامي بخط متعرج، ومع هذا له أثر كبير مع ضعف

ما يقدم له من إمكانيات مادية أو معنوية وذلك فضل من الله ونعمه لا من جهود

البشر المقصرين. بينما غير المسلمين نجد لهم في كل حي أو قرية مدرسة على

الطراز الحديث مجهزة بالمعلمين والكتب والوسائل المدرسية وحتى وسائل العلاج

وتستميل أبناء المسلمين بالإغراءات والعروض المادية فتعطيهم الكتب والمواد

المدرسية مجاناً بل واللباس والعلاج، وفي بعض المواقع تعطي لأهلهم بعض

الأطعمة والملابس، وفي مواقع أخرى تهيئ لهم المساكن للعائلة بكاملها مقابل

تمكينهم واحداً فقط من أبنائهم في مدارسهم لينصروه أو يمسخوا شخصيته الإسلامية

فيكون حربة ضد الإسلام فيما بعد وحتى الجبال العالية التي لا تصل إليها السيارات

يصلونها بالطائرات المروحية أو على الدواب ... فما لهؤلاء القوم مع ضلالهم

يبذلون ما لم نتحمله نحن أبناء البلاد وأبناء المسلمين.... وهم قد أتَواْ من بلاد

الترف والنعيم ... لماذا هذه المفارقات أيها الأخوة الأعزاء.

ابن الإسلام لا يتحمل في سبيل دينه الحق إلا ساعات أو أيام قلائل ... وابن

الضلال يقيم الشهور والسنين ويخترق الغابات ويتسلق الجبال العاليات ويجتاز

المخاطر، كل ذلك في سبيل الدعوة إلى ضلاله ... لماذا هذه الفوارق؟ ألا يدل ذلك

على خلل في المنهج التربوي لأمتنا المعاصرة؟ بلى والله إنه لبرهان عليه.

ولو نهجنا منهج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في تربية أصحابه وما

ساروا عليه في تربية أتباعهم ومن بعدهم: أولئك الذين فتحوا الدنيا آنذاك، لو فعلنا

ذلك لما سبقنا هؤلاء إلى التضحية والبذل في سبيل باطلهم، إن هذه هي رسالتكم يا

حملة العلم والمعرفة ومسئوليتكم تجاه أمتكم يا من نزل هذا الدين القويم بلغتكم وفي

أرضكم ... إنها مسئوليتكم بالدرجة الأولى ثم مسئولية كل فرد مسلم بأن تربوا الأمة

الإسلامية على حمل هم الإسلام وجعله أهم شيء في الحياة إذا بصرتم الناس إلى

هذا الواجب وأشعرتموهم بمسئوليتكم عن ذلك ... فإن هذا كفيل بإذن الله بإعادة دور

الأمة الإسلامية إلى مكانتها اللائقة بها ... فهل أنتم فاعلون؟ إننا والله مقصرون

نهتم لمأكلنا ومشربنا وراحتنا أكثر مما نهتم للإسلام بل الكثير منا لا يهمه إلا نفسه

ولا يحمل للإسلام هماً ومن حمل منه شيئاً قارنه بمصلحته قبل الإقدام عليه، نسأل

الله العون والبصيرة لنا ولإخواننا في كل مكان.

أيها الأخوة الأعزاء:

مع ما ذكرناه أعلاه من واجبات ومسئوليات ومشاعر فإننا نعترف بفضلكم

سابقاً ولاحقاً ونقر بجهدكم ونقول إن لكم الباع الطويل في هذه الأعمال ونتائجها

تعليماً ودعوة فما وجدنا المدد المادي والمعنوي إلا من الله ثم من إخواننا العرب

المسلمين.