للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الافتتاحية

الإيجابية والسلبّية

التحرير

العناية والاهتمام بأخبار المسلمين وأحوالهم، والكلام عن المآسي والآلام في

ديار الإسلام، مما يقتضيه واجب الموالاة والنصرة، حيث نحزن لحزن إخواننا،

ونفرح لفرحهم فالمسلمون كرجل واحد، إن اشتكى عينه، اشتكى كله، وإن اشتكى

رأسه اشتكى كلّه « [١] .

وهذا الإحساس والاهتمام يجب أن يدفعنا إلى برامج عملية جادّة لمعالجة هذه

الآلام أو تخفيفها، وهذا الواجب لا يخص فئة دون أخرى، بل يشمل جميع

القادرين من المسلمين ذكوراً وإناثاً، علماء وعامة، تجارا وأطباء مهندسين

وغيرهم، فعليك أخي المسلم المشاركة بما تستطيع لخدمة دينك وأمتك، وقول ما

تستطيع فلا يكفي منك مجرد مشاركة يسيرة بوسيلة قد يستطيعها الكثيرون ممن هم

أقل منك قدرة وإمكانات، بل نريد المشاركة الجادة بكل ما تستطيع من وسائل، بل

وابتكار وسائل وأساليب جديدة، فالثغرات كثيرة، والأعداء كثيرة والمسؤولية

جسيمة، فلا مجال للتهرب من المسؤولية، وإلقائها على الغير، أو التعلل بالعلل

الواهية، التي إن أعفتك أمام الناس، فلن تعفيك من المسؤولية أمام الله عز وجل،

وهنا لابد لنا من التحذير من بعض السلبيات الواقعة لدى بعض العاملين في الحقل

الدعوي:

١- التحذير من النقد السلبي، ومن مظاهره: كثرة النقد بمناسبة وبدون

مناسبة، وتضخيم السلبيات والأخطاء، والتقليل من الإيجابيات أو تجاهلها،

والإغراق في المثالية، مما يصيب بعض طلبة العلم باليأس والإحباط، ومن ثم عدم

تقديم أي شيء للدعوة، لأنه لا جدوى من ذلك - حسب ظنهم - ونحن هنا لا نقلل

من أهمية النقد والتقويم، ومراجعة الأخطاء، فالصحوة في أمس الحاجة له، وإنما

نريد أن يكون ذلك باعتدال وتوازن مع طرح بدائل عملية أفضل.

٢- توهم البعض أن الإصلاح، ونصرة الدين لا تكون إلاَّ بهذه الوسيلة أو

تلك، ومن ثمّ التحقير والتصغير من شأن الوسائل الأخرى، مثل أن يظن أن نصرة

الدين لن تكون إلا بوسائل علنية، ولا يجدي غير ذلك، أو يظن أن ذلك لا يكون

إلا بوسائل سرية، ومن ثم يهون من تأثير الوسائل العلنية، وقد يتجاهل جهود

الآخرين وإنجازاتهم، وقد يتجاوز مرحلة التجاهل فيشكَّك في أعمال الآخرين، أو

يطعن في نياتهم رغم اتفاقهم معه في المنهج والهدف، مما يؤدي إلى تشتت الجهود، وتفرق الكلمة والفشل، قال تعالى: [ولا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وتَذْهَبَ رِيحُكُمْ]

فهل من وقفة جادة لتنسيق الجهود وتكاملها؟ هذا ما نرجوه، ونسأل الله عز

وجل إخلاص النية والقصد، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


(١) رواه مسلم كتاب البر والصلة، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم رقم ٢٥٨٦.