للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منتدى القراء

خاطرة حول خواطر في الدعوة

أخوكم نبيل الأميري

طالعت ما كتبتم في ركن - خواطر في الدعوة - مجلة البيان عدد٦٥ محرم

١٤١٤ هـ.

فخطرت لي خاطرة سجلتها لكم مبينا قضية ليست غائبة عنكم ولا بالجديدة

عليكم أو عندكم، ولكن أردت بها التبيين والتوضيح والتركيز أكثر:

صحيح أن الفئة العريضة من المجتمع الإسلامي اليوم هم ممّن ذكر فضيلة

الشيخ العبدة تسمية ابن القيم - رحمه الله - لهم ولأمثالهم بـ «أصحاب العقل

المعيشي فلا يهمهم إلا زينة الدنيا وبريقها. ولا ذكر لهم غير المسكن والملبس

والسيارة والأثاث والراتب.

وجيد كذلك أن توجه دعوة للدعاة للاهتمام بهؤلاء ونقلهم مما هم فيه إلى ما هو

أفضل لهم في الدنيا والآخرة ولكن هناك حقيقة لا يمكن إنكارها، ولا نغض الطرف

عنها، وهي أن الفئة العريضة أيضاً في المقابل من دعاتنا وللأسف يشغلهم شغل

الفئة الأولى، فمن من دعاتنا وعلمائنا - طبعا إلا من رحم الله - ممَّن يتبوؤون

المناصب العليا في المؤسسات الرسمية، والمراكز الإسلامية، والجمعيات الخيرية

والعلمية وغيرها ... ، منَ مِن هؤلاء من لا يهتم بامتلاك المساكن العديدة والسيارات

المختلفة، والسعى إلى الحصول على أرفع الرواتب والوصول إلى أعلى الدرجات

والمناصب ... ؟ !

إن السعي في تحصيل رزق الأطفال واجب، وتأمين مصالح الأهل كذلك.

ولكن أن نبالغ في كل ذلك وننغمس في تحصيل الكماليات بدرجات أرفع وكميات

أكبر فهذا ما يأباه العقل.

إن على دعاتنا وعلمائنا إذا أرادوا حقا أن يُخرجوا هذه الفئة مما هي فيه

وينتقلوا بها إلى بر الأمان، عليهم أن يتورعوا هم - أولاً - عن هذه الشبهات،

وأن يبتعدوا عن حياة البذخ والترف المُبَررة، وأن يعيشوا هموم مجتمعاتهم،

ويشاركوها حياة المعاناة، وعبء الحياة، ثم يكونوا لهؤلاء قدوة في الاعتدال في

العيش والبساطة في الحياة؛ ليتّم لهم من خلال ذلك - بإذن الله عز وجل - الولوج

إلى قلوبهم، وجرّها إلى الخير في الدنيا والآخرة، وليتذكر كثير من دعاتنا أن

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يورث لأهله ديناراً ولا درهماً، رغم أنهم

أعز وأرفع عند الله منَّا ومن أهلنا وأولادنا.

وليذكر هؤلاء - كذلك - أنّ رسول هذه الأمة - عليه الصلاة والسلام - كانت

تمر عليه الأيام تلو الأيام فلا تُشعل نار طهي في بيته، كما روت أُمنَا عائشة -

رضي الله عنها - كما كان - عليه الصلاة والسلام - يسأل أصحابه إكرام ضيوفه

لافتقاده ما يطعمهم به عليه الصلاة والسلام.

وإنها لوقفة جديرة بالتأمل من كل داعية إلى الله، والله المستعان