للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمون والعالم

العالم الإسلامي في مرآة الصحافة

أخي القاريء:

في هذه الزاوية سنحاول جاهدين اختيار مقتطفات من بعض التقارير والأنباء

واللقطات في بعض الصحف السيارة، مما له مساس بواقع أمتنا الإسلامية مع العلم

أن ما يُطرح في هذه الزاوية لا يعني بالضروة الموافقة على ما جاء فيه بل قد يقصد

منه بيان الرأي الآخر.

١- الجزائر: الإسلاميون يكسبون جولة في حرب قد تكون طويلة:

لا أحد يتجرأ على التلفّظ بالعبارة لأنها تبعث الرعب في قلوب الناس جميعاً

في الجزائر، وتشكل بداية انهيارات خطيرة على مستوى معظم بلدان المغرب

العربي: إنها «الحرب الأهلية بين العرب والبربر» أو «بين العرب

والفرانكفونيين» وقد لاحت معالمها الأولى، بل بدأت ترتسم، وكأن الجزائر

الموزعة ثقافياً بين إطلالة على الغرب بربرية في معظمها (ومفعولة في الحقبة

الاستعمارية) وبين جذور عربية إسلامية تعود إلى بداية القرن الأول الهجري.

هذه الحرب يشير إليها الناس العاديون حالياً بنوع من الهلع ويساهم فيها

نمطان من التطرف: إسلامي في الشارع وفرانكفوني غربي في موقع القرار

بالسلطة؛ وإذا كان للمتخوفين من «حكم أصولي» في الجزائر مبرراتهم الوجيهة

فذلك لا يلغي واقعاً آخر: أن الداعين إلى حرب حتى النهاية ضد العروبيين

والإسلاميين هم في معظمهم رموز بربرية في مواقع الثقافة والسياسة والمؤسسة

العسكرية معاً، والخاسر في هذه الأحوال هم المعتدلون الذين يتلقون حالياً مزيداً من

التهميش سواء في أوساط الإسلاميين أو في الحكم، وكلما تراجع الاعتدال تقدمت

الحرب الأهلية.

وفي هذه الأجواء نرى تصعيداً سياسياً بربرياً ضد كل ما هو «إسلامي»

وخصوصاً عبر «التجمع الجزائري من أجل الثقافة» (بربري) ، وعلى رأسه

أبرز المدافعين عن الفرانكفونية سعيد سعدي، الذي لا يقبل كل من يناضل دينياً من

أجل السلطة، ويأبى القيام بأي عمل مشترك مع «حماس» موضحاً أنه «لا

يعترف بعباس مدني أو علي بلحاج ولا بنحناح أو جاب الله» ، ولا شك أن هذا

الكلام ينسجم مع قناعات مبدئية علمانية غير أنه لا يساهم في تسوية سياسة تنقذ

البلاد من أتون الحرب الأهلية.

وأخيراً يختم الكاتب مقاله بقوله:

وحصيلة ذلك كله، كما يراها تقرير أمريكي شبه رسمي «تدهور الأوضاع

في الجزائر، حتى بضع سنوات مقبلة، مع تغيير دوري للرؤساء إذا لم يسبق ذلك

انقلاب عسكري صريح أو انتفاضة شعبية كاسحة في وقت قريب وربما في خريف

هذا العام» ..

إنه «خريف غضب» من نوع آخر في الجزائر، وآفاق الغلبة فيه لا تبدو

حتى الآن في صالح الحكم.

(الأسبوع العربي، العدد ١٧٧٧، ١٧ جمادى الأولى ١٤١٤هـ)

٢ -الجزائر: آخر الدواء.. الانقلاب العسكري:

«إن العارفين بخفايا الأمور، وملابسات الوضع وتعقيداته، يؤكدون أن

خيار الانقلاب العسكري هو أوفر حظاً من الحوار، ويدعم هؤلاء نظريتهم بعدة

حجج منطقية وواقعية:

أولا: إن فريق المتشددين بين الجنرالات بقيادة محمد العماري مازال يرفض

رفضاً باتاً التحاور مع الاسلاميين المتطرفين، ويعتبر ذلك خطراً على الجزائر

ومستقبلها.

ثانياً: إن دخول السلطة في عملية الحوار مع» الإنقاذ «اليوم يعني اعترافاً

بتراجع الأولى وانتصار الأخيرة، ويبدو من المؤكد أن» الإنقاذيين «سيستغلون

هذه المعادلة للمطالبة بتنازلات أقلها العودة إلى صناديق الاقتراع، والانتخابات

التشريعية الأخيرة، أي تسليم السلطة للإسلاميين.

ثالثا: ولعله العامل الأهم، أن الإيحاء بقبول انتصار الإسلاميين في الجزائر

يحمل مخاطر اقليمية مغاربية وعربية خطيرة جداً، ويهدد بانتقال العدوى إلى الدول

التي تشهد تطرفاً أصولياً! ! ، ويؤدي إلى زعزعة الاستقرار في أكثر من بلد

عربي، وهو أمر غير مقبول لا مغاربياً ولا عربياً ولا دولياً.

وأضاف الكاتب في معرض حديثه عن المرحلة التي تلت تسلم الجنرال محمد

العماري رئاسة الأركان:

» ويلاحظ أن عمليات الحكم بالإعدام قد ازدادت مع تسلم العماري مهامه

وكذلك تميزت عمليات مكافحة الإرهاب تصعيداً كبيرا حيث كثرت عمليات التمشيط

والمطاردات الدموية للإسلاميين المسلحين، ولجأت قوات الأمن إلى استخدام

الطائرات، وقنابل النابالم في قصفها لمعاقلهم في الأحراش والغابات وأكثر من ذلك

تؤكد المعلومات أن الجنرال العماري أمر بإنشاء (سرايا الموت) وهي وحدات

«كوماندوز» داخل جهاز مكافحة الإرهاب، تقوم بإعدامات جماعية وتقف وراء العثور على جثث إسلاميين في اليوم التالي لأي هجوم أو كمين يقوم به المتطرفون ضد رجال الأمن وفي المكان نفسه، وعلى الصعيد السياسي تمكن العماري من تأجيج الصراع بين المجلس الأعلى للدولة والحكومة وبالتحديد بين على كافي المؤيد للحوار ورضا مالك الداعي للحسم العسكري.

ويختتم الكاتب مقاله بقوله:

«فإذا نجح العماري في حسمه العسكري قبل نهاية ولاية المجلس الأعلى

يكون قد أنقذ البلاد من الخطر الإسلامي! ، وإذا فشل يجري اللجوء إلى خالد نزار

كرجل الحوار القوي، ولكن مفاجأة الساعات الأخيرة قد تلغي هذا الاتفاق

» الجنتلمان «بين الجنرالات، وتحسم الوضع لصالح الفريق الانقلابي الذي لا يجد في الحوار سوى تسمية بديلة للهزيمة والتراجع أمام الإسلاميين.

(الوطن العربي عدد ٨٧٢-١٩/١١/١٩٩٣م)

٣- حقاً إن سياستهم منافقة:

تبذل الولايات المتحدة الأمريكية جهوداً جبارة منذ سنوات طويلة؛ للحد من

تسليح كافة دول هذه المنطقة من العالم سواء أكانت عربية أو إسلامية وتمارس

وحلفاؤها الأوروبيون ضغوطاًَ لا تعرف الكلل على كل الدول التي تورد السلاح لهذه

المنطقة خاصة روسيا والصين وكوريا الشمالية وبعض دول أمريكا اللاتينية،

للمشاركة معها في الحد من تسليح دول المنطقة خاصة الأسلحة المتقدمة كالصواريخ

بعيدة المدى.

كذلك تستخدم الولايات المتحدة الأمريكية كل ثقلها لإقناع دول كالباكستان

للتخلي عن برنامجها النووي، وإلا عاقبتها بإيقاف كافة أصناف المساعدات

العسكرية أو الاقتصادية، كما تهدد بمعاقبة كل من يساعد باكستان في برنامجها

النووي.

ومن وراء ذلك كله منطق أمريكي مقبول هو أن الحد من التسلح، وإيقاف

السباق نحو إنتاج أسلحة الدمار الشامل هو أنجع سبيل لإقرار السلام العالمي.

لكن هذا المنطق الأمريكي ينقلب بالنسبة لإسرائيل وبكل أسف رأساً على

عقب، إذ أن إطلاق كل قدرات إسرائيل نحو التسلح ومضاعفة إمكانياتها لإنتاج

أسلحة الدمار الشامل، والسماح لها بالسوبر كمبيوتر، إنما يتم بدعوى تدعيم

السلام؟ !

يقول ميلهولين مدير معهد مشروع ويسكونسن للحد من الأسلحة النووية في

واشنطن: (إن بيع إسرائيل هذا النوع من التكنولوجيا المتطورة يجعل من جهود

واشنطن لإزالة أسلحة الدمار الشامل من الشرق الأوسط والعالم عملية أصعب، إن

ذلك يدعم الجدل بأن سياستنا منافقة، وإننا انتقائيون في دعم عملية منع انتشار

الأسلحة، فانتشار الأسلحة جائز عبر أصدقائنا، وطالما نحن راضون عن الذين

يقومون بذالك) [الحياة ١٤/١١/٩٣] .

ومضى السيد ميلهولين في تصريحاته فاعتبر أن إعطاء إسرائيل السوبر

كمبيوتر سيضعف قدرة واشنطن على إقناع دول مثل باكستان بالتخلي عن برنامجها

النووي، ويعقد جهود إقناع الدول المنتجة لهذه الأسلحة مثل روسيا والصين ودول

أوروبا بعدم بيع ما تنتجه، وقال: (إذا كنا نستطيع أن نبيع لإسرائيل، فلماذا لا

تبيع الدول الأخرى إلى أصدقائها؟ !)

(محمد صلاح الدين) (المدينة ٩/٦/١٤١٤ هـ)