للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الورقة الأخيرة

أيها الغيورون عتابكم مقبول

التحرير

بعد صدور العدد (٧٨) وما ورد فيه من رؤية خاصة لكاتبين من كُتاب المجلة

في موضوعين مختلفين هما (ذوق الداعية) و (قصة: درس الشيخ) ، وما ألمحا إليه

من موقف رأياه عند ذكرهما للحديثين (حديث سلمان رضي الله عنه قال: قيل له:

قد علمكم نبيكم صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة ... الحديث) ، وحديث

(بول الأعرابي في المسجد) .

فوجئنا ببعض الإخوة الغيورين الذين كاتبونا وهاتفونا جزاهم الله خيراً مفيدين

بأن سياق المقالين فيه استهانة وتقليل من قيمة الحديثين، ونعوذ بالله أن يخطر ببال

مسلم أي شيء من ذلك، لكنها وجهة نظر حيال التناول الجزئي عند عرض ديننا

الحنيف والتوقف عند نقاط بعينها، وتناسي الأصول العامة والكليات الكبرى.

ثم إن الخلاف قد يحصل من طريقة التناول، ولذلك نؤكد على أهمية ألا

يخطر ببال أحد من قرائنا الكرام ما ذكر، ونحن نعلم ولله الحمد قيمة ما أوردته

السنة، فحديث سلمان رضي الله عنه أخرجه مسلم والترمذي وأبو داود والنسائي

وابن ماجه وغيرهم، ولذلك قال النووي رحمه الله: ومراد سلمان رضي الله عنه

«أنه علمنا كل ما نحتاج إليه في ديننا ... » ، وجاء في «المنهل العذب لمورود

شرح سنن أبي داود» للسبكي [١/٣٨] عند شرحه لحديث سلمان رضي الله عنه

عند قوله: «أجل..» ، يعني علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كل شيء

نحتاج إليه في ديننا، وقال الطيبي: «جواب سلمان من باب أسلوب الحكيم لأن

المشرك لما استهزأ كان من حقه أن يهدد أو يسكت عن جوابه، لكن ما التفت سلمان

إلى استهزائه وأجاب جواب المرشد للسائل المُحَيّر» .

أما حديث بول الأعرابي، فقد رواه البخاري في كتاب الوضوء ح/٢١٩

[فتح الباري، الجزء الأول، ص ٣٨٥] ، وقد ذكر ابن حجر في الفتح الحكم

العظيمة من تركه يبول في المسجد.

لقد كان الحديثان الشريفان موثقين من المصادر المعتمدة، وحسبهما أنهما في

الصحيحين، ولا يجوز لمسلم أن يشكك في صحتهما أو أن يقف منهما موقف

المجادل أو المستهزيء، ونحن في هذه المجلة نصدر عن منهج إسلامي سلفي يقدر

المصادر الحديثية المعتمدة، ونرفض جملة وتفصيلاً المساس بأي منها لأن ذلك

يعني النكوص عن منهج سلفنا الصالح الذي طالما حذرنا من مخالفته في الكثير من

البحوث والمقالات في هذه المجلة، لكن ما حصل كان وجهة نظر وضحنا منطلقها، والأخوان الكاتبان نحسبما، والله حسيبهما، ولا نزكي على الله أحداً من

المعروفين بغيرتهما على السنة، ومن الملتزمين بها.

والله نسأل أن يغفر لنا جميعاً، وأن يهدينا إلى صراطه المستقيم.