للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الورقة الأخيرة

لنحذرهم.. بعضُهم من بعض

د. محمد ظافر الشهري

لايزال المنافقون يتوارثون راية «ابن أبي» جيلاً بعد جيل، تلك الراية التي

تعلو كلما قوي المسلمون، فإذا دب الضعف في جسد الأمة وتسابقت إليها الأدواء،

وتواثبت عليها الأعداء، نكست راية النفاق ورفعت راية المجاهرة.

وتلك ذاتها هي حال الشيوعي الذي لا يقبل من الناس إلا عقيدة «لا إله

والكون مادة» ، فمن كفر بها فضرب الأعناق، ومن آمن بها كان من الرفاق فإذا

شعر الشيوعي بالخطر، ترضى عن أبي ذر رضي الله عنه وتحدث عن

«اشتراكية في الإسلام!!» .

وهكذا يفعل «أفراخ اللادينية» الذين إذا أجدب بهم الزمان زاروا المساجد

يوم الجمعة، فإذا أخصبوا أصروا على إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا، وقالوا:

من اصطحب إسلامه خارج المسجد فلا يلومن إلا نفسه!! .

وإنك لترى «الحداثي» يتحدث عن «اللامعقول» و «العبث» و «اللغة

المفجرة» مادام يخشى أن تصيبه دائرة، فإذا خلا له الجو طفق يسب الدين ويعلن

الحرب على قيوم السماوات والأرضين.

إن المنافقين هم المنافقون مهما تباينت شعاراتهم وتعددت مشاربهم، ولقد نبأنا

الله من أخبارهم بما يكفي لهتك أستارهم وفضح أسرارهم، إنهم «يخادعون الله

وهو خادعهم» .

ولقائل أن يقول: فما بالهم إذن يخْفَون على الناس؟ ! ولن أماري في أن من

الناس من يهش بهم ويبش إليهم، فأجسامهم تدعو إلى الإعجاب وأقلامهم تبز

الألباب، وقد «طقطقت بهم البغال وهملجت بهم البراذين» [وإذا انقلبوا إلى

أهلهم انقلبوا فكهين] [المطففين: ٣١] ، ولكن الحق الذي لا ريب فيه أن الأمة

«بدأت» تميز عدوها من صديقها، ولم تعد الشعارات البراقة والدعاوى الجوفاء تصلح لتلميع الشخوص أو الأطروحات، وهذا ما أدركه المنافقون فأسقط في أيديهم، واستيقنوا أن العلم في ازدهار، وأن الجهل في تراجع وانحسار.

لقد كان المنافقون فيما مضى يوجهون سهامهم إلى العلماء وطلاب العلم، أما

اليوم فقد اتسع الخرق على «الراتق!!» ، ولا غرو والحال هذه أن تطيش سهام

المنافقين وتحار أحلامهم، ويغلب عليهم التشنج في أقوالهم وأفعالهم، [فهم في

ريبهم يترددون] [التوبة: ٤٥] ، [والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون] [يوسف: ٢١] .