للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمون والعالم

مجاهدو مورو.. حصاد مرحلة

بقلم: التحرير [*]

تمهيد:

يسود التوتر الشديد منطقة مورو الإسلامية في هذه الأيام، ويتوقع سكانها

المسلمون والنصارى وغيرهم أن تندلع نيران الحرب المدمرة في أي لحظة، ذلك

أن حكومة (راموس) حشدت قواتها المسلحة البرية والبحرية والجوية في هذه

المنطقة، إذ إن سبعين في المئة من جنود القوات المسلحة الفلبينية قد تم نقلهم مع

أجهزتهم الحربية إلى منطقة (مينداناو) .

ومنطقة (مينداناو) هي المنطقة التي يطلق عليها المسلمون: اسم (مورو) ،

وما زالت الحكومة تنقل إليها القوات معللة ذلك بسببين، هما:

أولاً: حراسة المشاريع الحكومية في المنطقة، ومنها: اكتشاف منابع النفط،

وإنشاء الطرق، واستصلاح الأراضي الزراعية.

ثانياً: مواجهة الهجوم الموسع المتوقع من قبل (جبهة تحرير مورو الإسلامية) علماً بأن الحكومة تزعم أن أجهزة استخباراتها استخلصت معلومات أكيدة تفيد أن

مجاهدي (جبهة تحرير مورو الإسلامية) سيقومون بهجوم شامل وضربات مفاجئة،

والواقع أن حكومة الفلبين الصليبية اتخذت ادعاءها وزعمها المذكورين مبرراً لحشد

قواتها في المناطق الإسلامية؛ فبالنسبة إلى مشاريعها المذكورة: فهى مشاريع عادية

لا تحتاج إلى أكثر من مئة ألف جندي لحراستها، وأما زعمها بأن مجاهدي (جبهة

تحرير مورو الإسلامية) سيقومون بالهجوم الشامل على الفلبين فلا أساس له أيضاً،

ولكنها اصطنعت ذلك لتبرير تلك الحشود الضخمة في المنطقة، لمحاولة تحقيق

نواياها السيئة من وراء ذلك.

والسر وراء حشد القوات معروف، وهو: أن هذه الدولة الصليبية (التي

أقامها الاستعمار في منطقة الشرق الأقصى) تحاول أن تحقق نواياها القديمة، وهي

القضاء على المسلمين في المنطقة؛ لأن الصليبيين لا يستطيعون أن يتعايشوا مع

الموحدين الحقيقيين.

الأزمة الاقتصادية المتزايدة: بينما تنشر الحكومة الصليبية قواتها المسلحة في

المناطق الإسلامية، تعاني هذه المناطق أزمة اقتصادية شديدة، وقد ارتفع ثمن كل

شيء، ومن ذلك: الأرز الذي يعتبر غذاءً أساساً في المنطقة، وبطبيعة الحال فإن

الناس يكرهون ارتفاع الأسعار، ولكن هناك شيء آخر أخطر وأشد وأبغض من

ارتفاع الأسعار، وهو: ارتفاع نسبة الجرائم وانتشارها، وقد تصاعدت الجرائم مع

حشود قوات الفلبين المسلحة في المنطقة، ففي كل يوم يقتل أو يغتال عدد من الناس، وخاصة في محافظتي (ماجينداناو) و (كوتباتو) الشمالية، ولا يكاد يمر أسبوع إلا

ويكون قد خُطف أحد الأغنياء أو الموسرين، وقد انتشرت الفواحش وشرب الخمر

ولعب القمار وغير ذلك، وتدهور الاقتصاد، وانتشرت السرقة والنهب وجميع

أنواع الفساد والإفساد، بالإضافة إلى ما ذُكر: فإن الجواسيس ورجال المخابرات

الذين يقومون بأعمال تخريبية خفية وينشرون الشائعات، ويوقعون العداوة بين

الناس عن طريق الدسائس وإشعال الفتن؛ مما أدى إلى انتشار الفوضى.

المناطق المحررة سالمة: أما المناطق المحررة التي يسيطر عليها المجاهدون، فلم تتأثر أبداً بسموم هؤلاء، ولم تتعرض للفساد، علماً بأن النظام المتبع فيها

نظام إسلامي، ولا يوجد فيها آثار الانحراف، ولا تمارس فيها المحرمات: كشرب

الخمر، ولعب القمار، وغيرهما من الأمور التي لا يبيحها الشرع.

الوضع الدعوي: رغم الظروف الصعبة التي تحيط بالمنطقة والحياة القاسية

التي يعيشها دعاتنا، فإن الدعوة إلى دين الله الحق تشق طريقها، فيحسن إسلام

المسلمين، ويزداد عدد المسلمين الجدد يوماً بعد يوم؛ حيث يعتنق الإسلام كثير من

النصارى والوثنيين بحب ورضا، غير أننا لا نستطيع أن نقدم إحصاءً في هذا

التقرير العاجل، ولكننا نوضح هذه الأدلة:

أدلة على تحسن إسلام المسلمين السابقين:

١- تزدحم المساجد بالمصلين، وخاصة في القرى التي يسيطر عليها

المجاهدون.

٢- كثرة التجمعات الكبيرة للاستماع إلى المحاضرات الإسلامية، ومناقشة

المسائل المتعلقة بتعاليم الدين الحنيف.

٣- وجود آلاف مؤلفة من المسلمين في قواعد (جبهة تحرير مورو الإسلامية)

ومراكزها؛ للاشتراك في الأنشطة الإسلامية فيها.

٤- انتشار الحجاب في الجامعات العلمانية، والمؤسسات الرسمية، وفي

الأسواق والشوارع.

٥- تمسك المسلمين بعقيدة السلف الصالح، وخاصة المجاهدين منهم التابعين

لجبهة تحرير مورو الإسلامية، وتركهم البدع والخرافات.

٦- نبذ العادات والتقاليد المخالفة للإسلام.

٧- نمو عقيدة الولاء والبراء، وخاصة لدى المجاهدين.

٨- نمو الوحدة والتضامن، والتعاون على البر والتقوى.

من ثمرات الجهود الدعوية للجبهة:

١- توافد عدد كبير من النصارى والوثنيين على المساجد الجديدة لإعلان

إسلامهم، مثل المسجد الذي بني في محافظة (بوكيد) .

٢- تسابق زعماء القبائل على تعيين خريجي الدورات الشرعية، لتعليم

المسلمين أمور دينهم، وذلك في محافظة (بوكيد) التي يقطنها سكان معظمهم وثنيون.

٣- إقامة مسجد ومدرسة في محافظة (أجوسان) على نفقة أهل الخير.

وقد فوجئ المدرسون المعينون في المدرسة: أن معظم التلاميذ الذين التحقوا

بالمدرسة من أولاد النصارى والوثنيين، الذين قالوا: إنهم يريدون أن يعتنقوا

الإسلام.

٤- وقد أسلم عدد كبير من القبائل الوثنية في محافظة (سرانجاني) ، وفي

محافظة (كوتباتو) الجنوبية، ومحافظتي (داباو) الجنوبية والشمالية، ومحافظة

(أجوسان) ومحافظة (سوريجا) ومحافظة (زامبرانجا) الشمالية، وقد حضر عدد

كبير منهم إلى قاعدة أبي بكر الصديق حيث مقر القيادة العامة للدعوة والجهاد في

سبيل الله لحضور دورات تدريبية قصيرة هناك تعقد للمسلمين الجدد.

٥- في هذه الأيام يتوافد على قاعدة أبي بكر الصديق عدد من المسلمين الجدد

الحاصلين على الشهادات الجامعية، لأداء الخدمة في التمريض، وفي الزراعة،

وغيرهما، ولتلقي الدروس الإسلامية.

وما ذكر أمثلة فقط للإنجازات والأنشطة الدعوية التي تشرف عليها (جبهة

تحرير مورو الإسلامية) .

الوضع الجهادي:

كان مجاهدونا منذ عام ١٩٧٠م يلجؤون إلى ما يسمى حرب العصابات، أو

حرب الكر والفر؛ بسبب قلة الإمكانات الحربية، وليست لديهم أماكن ثابتة، فكانوا

يتنقلون في المناطق الجبلية الغابية، وظلوا على هذا الحال قرابة عشرين عاماً.

وقد بدأ الوضع يتغير منذ عام ١٩٩٠م إلى وقتنا الحاضر، وشهدت هذه الفترة

تصاعداً كبيراً على صعيد المواجهات المسلحة بين مجاهدينا والقوات المسلحة

الفلبينية، وكانت معظم المواجهات لصالح المجاهدين (والحمد لله) .

وكانت بداية المواجهات التي انتصر فيها مجاهدونا حول قاعدة أبي بكر

الصديق في عام ١٩٩٠م، واستمرت المواجهات الحربية المتقطعة إلى عام

١٩٩٣م، وفي عام ١٩٩٤م كانت المواجهات الحربية في محافظة (كوتباتو) الشمالية، في بلدية كل من (كارمين) و (أليوسان) و (بانيسيلان) .

واستولى مجاهدونا على ثلاث من القرى التي يستوطنها النصارى، وفي عام ١٩٩٥م حشدت الحكومة سبعين في المئة من جنود قواتها المسلحة في المناطق الإسلامية، وحاول الجنود الصليبيون أن يحاصروا قاعدة أبي بكر الصديق حيث المقر الرئيس للقيادة العامة لجبهة تحرير مورو الإسلامية كما حاولوا أيضاً أن يحاصروا قواعدنا العسكرية الأخرى، وتقدم مجاهدونا لملاقاة جنود العدو الذين كانوا على أهبة الهجوم الموسع، وعندما شعر العدو أن مجاهدينا قد أتموا سيطرتهم على جميع الأماكن الاستراتيجية في الميدان، وأن جنوده محاصرون: بادر رئيس أركان القوات المسلحة الفلبينية الجنرال (أرتورو إينريلي) بإصدار أوامر إلى قواته المسلحة بالانسحاب، وانسحب جنوده فعلاً، وأما مجاهدونا فبقوا في مواقعهم ولا يزالون ثابتين فيها حتى الآن، وتقدم بعضهم قليلاً.

آثار انسحاب الجنود الصليبيين:

كان لانسحاب الجنود الحكوميين آثار طيبة في وضع الجهاد بخاصة، وفي

وضع المسلمين بعامة، وأهمها ما يلي:

١- رفع معنوية المسلمين المستضعفين الذين اعتادوا الهروب أمام جنود

الكفار، وهذه هي المرة الأولى في هذه البلاد منذ خمس وعشرين سنة أن ينسحب

عشرات الآلاف من جنود الكفار أمام المجاهدين، وكان المألوف أن يهرب الناس

أمام هؤلاء الجنود.

٢- ارتفاع الأمل في النصر، وقد كان كثير من المسلمين المستضعفين يرون

أن النصر على جنود الحكومة المزودين بالأسلحة المتطورة أمر صعب، وبعيد

الوقوع، ولكن عندما رأوا أن عشرات الآلاف من الجنود الصليبيين مع دباباتهم

ومصفحاتهم ومدافعهم الثقيلة ينسحبون أمام المجاهدين: تيقنوا بأن النصر ممكن،

وليس بعيداً.

٣- أن النصارى المستوطنين في بلاد المسلمين فقدوا ثقتهم بجنود الحكومة،

ويخشون الآن ألاّ يستطيع هؤلاء الجنود حمايتهم.

٤- زعماء النصارى يتصلون بقادة الجهاد للتفاهم معهم، ويطلبون الأمان

منهم.

٥-تغيرت معاملة النصارى مع المسلمين إلى الأحسن، فكان هؤلاء ينظرون

إلى المسلمين نظرة احتقار، والآن أصبحوا يحترمونهم.

٦- تغيرت معاملة الجنود، ورجال الشرطة مع المسلمين في المدن إلى ... الأحسن، فأصبحوا الآن ينظرون إلى المسلمين نظرة احترام وإعزاز.

٧- توقفت الأعمال الوحشية التي يقوم بها النصارى المسلحون أو الميلشيات

النصرانية ضد المسلمين.

وقد تبين عندنا الآن أن القتال الذي يكرهه كثير من المسلمين هو خير لهم، ... وأن المفاوضات السلمية التي يميل إليها كثير منهم هو شر لهم.

المرحلة الحاسمة:

لقد وصل جهادنا اليوم إلى مرحلة حاسمة، فقد كان مجاهدونا كما ذكر

يلجؤون إلى حرب العصابات، لقلة إمكاناتهم، ولأنه لم تكن لهم قواعد ومواقع ثابتة.

قواعدنا ومعسكراتنا ثابتة:

ولكن لدينا الآن بحمد الله قواعد ومعسكرات عسكرية ثابتة وبعضها معروف

لدى العدو، ومجاهدونا يقفون وجهاً لوجه مع جنود العدو في حدود البلديات والقرى

التي نسيطر عليها.

وقد حاول جنود العدو أن يستولوا على قواعدنا العسكرية ومعسكراتنا منذ

أربع سنوات، ولكن محاولاتهم باءت بالفشل الذريع (ولله الحمد والمنة) ولا يزالون

يحاولون حتى الآن أن يستولوا على مناطقنا المحررة، وأن يحسموا المواجهة

المسلحة لصالحهم، ولكن بعون الله وفضله يتقدم مجاهدونا شيئاً فشيئاً إلى الأمام

لتحرير مزيد من أرضنا المحتلة.

حرب العدو النفسية:

بعد المساجلة العسكرية الملحوظة في هذه الفترة لجأ العدو إلى الحرب النفسية

والدعائية، ونشر الشائعات، وإيقاع العداوة بين الناس، وإلى نشر الفساد والإفساد

من إشاعة الخمور وأماكن اللهو.. لأن العدو ما زال يسيطر على جميع وسائل

الإعلام، وتتعاون معه قصداً ومن غير قصد بعض وسائل الإعلام الإسلامية.

دور علماء مورو المسلمين:

أصدر علماء مورو بياناً منذ ثلاثة أسابيع تقريباً، أوضحوا في مقدمته: أن

مسلمي مورو لم ينهزموا أمام الاستعمار في جهادهم الذي استمر أربعة قرون،

ولكنهم فقدوا وطنهم بسبب المؤامرات ضدهم والمفاوضات السلمية التي أدت إلى

إلحاق بلادهم بدولة الفلبين الصليبية، وصرحوا بأنه لا حل لمشكلة مسلمي مورو

إلا بإعادة استقلال بلادهم استقلالاً تامّاً مع سيادة الدستور الإسلامي من خلال حكومة

إسلامية تحكم بكتاب الله وسنة رسوله، وإذا لم يتحقق الهدف المذكور، فسوف

يواصل مسلمو مورو جهادهم جيلاً بعد جيل إلى أن يتم استقلال بلادهم مع قيام حكم

الله فيها.

وقد هز البيان الفلبين كلها، وكان دويه أقوى من دوي القنابل، وقد عقد

(راموس) اجتماعاً طارئاً بخصوص البيان المذكور.

أما الحكم الذاتي فلن يحل المشكلة مهما كان نوعه، لأن المسلمين لن يطيقوا

استمرار الحياة في ظل دستور الفلبين وقوانينها الوضعية الجائرة، ويجب على

المسلمين أن يقيموا حكم الله وشرعه، ولن يتم ذلك في ظل الدستور الفلبيني

الوضعي، لذلك: أصبح الجهاد فرض عين على مسلمي مورو.

فشل سياسة العدو:

لقد أدرك العدو الصليبي ذلك، وأدرك أن عمليات القمع والاضطهاد والظلم

والإرهاب لن تمنع المسلمين من مواصلة جهادهم، كما أدرك كذلك أن المكر والكيد

والخداع لن يفيده في معاملته مع المسلمين، كما علم أيضاً أن سياسة الاستعمار

القديمة وهي (فرق تسد) لن تؤثر على المسلمين.

وإذا كان العدو يريد أن يحسم الأمر لصالح الاستقرار والأمن فلم يبق أمامه إلا

أمران فقط:

إما أن ينسحب من المناطق الإسلامية، ويترك المسلمين أحراراً ليعيدوا بناء

دولتهم المغتصبة وهو الخيار السهل.

وإما أن يحارب المسلمين بقيادة (جبهة تحرير مورو الإسلامية) ، والعلماء

الأحرار والأخيار، وخيرة المسلمين من الدعاة والمربين والمجاهدين والمثقفين،

ويعلم العدو أن (جبهة تحرير مورو الإسلامية) تملك الآن قوة عسكرية لا بأس بها،

وأن مجاهديها قد تضاعف عددهم، وتحسنت أوضاعهم العسكرية.

هل يتم الحسم:

إن (جبهة تحرير مورو الإسلامية) تعتبر هذه السنة مرحلة حاسمة في جهادها

الطويل، وتتوقع قيام حرب واسعة النطاق بينها وبين حكومة الفلبين، فقد أعد كل

فريق عدته وحشد قواته، وكل فريق يبذل أقصى الجهد لحسم المواجهة المتوقعة

لصالحه، لهذا نقول: إن جهادنا في سبيل الله وصل الآن إلى مرحلة حاسمة،

ونسأل الله أن يكون الحسم لصالح الإسلام والمسلمين.


(*) من تقرير عن أوضاع المسلمين في مورو، صدر عن جبهة تحرير مورو الإسلامية، وكتب أصله رئيس الجبهة الشيخ (سلامات هاشم) (بتصرف) .
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... - البيان -