للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمون والعالم

(بورنا) المنسية وواجبنا نحوها

بقلم: مندوب المجلة المتجول

بورنا قبيلة وثنية يبلغ تعدادها نحو ثلاثة ملايين نسمة، لم تصل الدعوة

الإسلامية إلى أغلبهم حتى الآن، مع أنهم يعيشون بالقرب من قبائل إسلامية، وهم

يعيشون بين دولتي إثيوبيا وكينيا، وقليل منهم دخل الإسلام قريباً، وأتوقع أن يسلم

أكثرهم إذا وفق الله (تعالى) الدعاة للقيام بواجب الدعوة إلى الله (تعالى) في هذه

المنطقة المنسية، وذلك بوضع خطة مدروسة يتعاون في تنفيذها الدعاة مع أهل

الخير؛ لتأهيلهم وإمدادهم بما يستحقونه من دعم.

معلومات أولية عن المنطقة:

أولاً: الموقع:

تبعد منطقة (بورنا) عن العاصمة (أديس أبابا) ٤٧٥كم على الخط الجنوبي

المؤدي مباشرة إلى (كينيا) ، و٣٣٠كم عرضاً على الخط نفسه المؤدي إلى مدينة

(مويلي) ، التي هي إحدى مدن بورنا، وهي مدينة يقع نصفها في إثيوبيا ونصفها

الآخر في كينيا، وهذه القبيلة تمتد داخل كينيا ٤٠٠كم٢ تقريباً.

ثانياً: المناخ:

ويمتاز جَو (بورنا) بالاعتدال، وإن كان يميل في الطرف الجنوبي إلى

الحرارة صيفاً، كما أن أراضيها صحراوية، بينما الطرف الشمالي الذي يلي إثيوبيا

بارد وجبلي ذو أشجار وأنهار.

ثالثاً: الثروة الحيوانية والزراعية:

المنطقة غنية بالثروة الحيوانية وبخاصة الأبقار، ويبلغ متوسط ما يملكه

الرجل حوالي (١٠٠) بقرة، وتعتبر في مرتبة متقدمة في إنتاج الأبقار والجمال،

ومن أجود أنواعهما ذوات اللون الأبيض ... وهناك أغنام كثيرة أيضاً، ويباع

الحليب بأرخص من الماء في بعض المناطق، وتوجد الزراعة بالقدر الكافي لأهالي

المنطقة، فلا يحتاجون إلى غيرها؛ لأن هناك واحات في عدة أماكن في المنطقة.

رابعاً: العادات والتقاليد:

أهل بورنا وثنيون؛ وعاداتهم جاهلية وتقاليدهم كذلك، وهم من أشد الناس

تمسكاً بعاداتهم وتقاليدهم، وقد بقوا حتى الآن متمسكين بها، ولم تؤثر عليهم المدنية

والثقافات الغربية أو الشرقية، ومن العجب: أن هؤلاء القوم قد نظموا حياتهم

تنظيماً عجيباً؛ حيث إن لهم رئيساً يدير أمورهم، تجب طاعته طاعة مطلقة،

بحيث لا يحركون ساكناً إلا بأمره وإشارته، حتى ولو أدى ذلك إلى ضررهم.

وحسب تنظيمم: يعتبرون كدولة، ويتكون تنظيمهم من: مجلس للشورى،

ورؤساء للقبائل، ورئيس عام، وموجهين مرتّبِين حسب مكانتهم، فإذا اعتدى

عليهم الأعداء لا يحاربونهم إلا بأمر من الرئيس، وإذا أمر أو وجه إلى ذلك فطاعته

واجبة، وتنفيذ ما يأمر به ضروري.

خامساً: شخصيتهم الفطرية:

وهم قوم يتسمون بالقوة، والثقة بالنفس، والثبات في الملمات، والذكاء

الفطري، ويتسمون بالفصاحة وطلاقة اللسان، وقد استمعنا إلى طالب صغير يحفظ

القرآن، فقرأ علينا آيات، دهشنا من حفظه، وطلاقة لسانه، وفصاحته.. وهم

بدو رحل ينتقلون من مكان إلى مكان مع دوابهم.

سادساً: أهم المدن والقرى:

(١) نعيلي: وهي عاصمتهم الرسمية وأغلبية سكانها مسلمون، وأكثرهم من

اللاجئين العائدين من الصومال، وبها نشاط إسلامي لا بأس به.

(٢) ميغا: وهي على بعد (٦٦٥) كم من العاصمة، وهي مدينة تقع في

وسط بورنا، وهي إحدى مديريات المنطقة: جوها معتدل طيب، في موقع

استراتيجي مهم، تكتنفها الجبال وكأنها قلعة من القلاع، كما أن هناك قلعة قديمة

على مدخل المدينة منذ عهد (هيلاسلاسي) ، ولعلها تكون بإذن الله قلعة إسلامية

ومنطلقاً للدعوة لنشر العقيدة الصحيحة والمنهج السليم، ومما تختص به هذه المدينة

ما يلي:

وجود الماء وقربه، فلو حفر بئر يخرج الماء من أقرب مكان.

اعتدال جوها.

توسط موقعها؛ مما يسهل نشر الدعوة منها إلى مختلف الجهات.

وجود الدعاة من: شباب، وشيوخ من أهل البلد، يعتمد عليهم بعد الله

(تعالى) في الدعوة.

هي منطقة مُرَكّزٌ عليها من قبل المنصرين.

يملك المسلمون فيها مساحات كبيرة من الأراضي.

هي منطقة زراعية، غنية بالمواشي من: الأبقار والجمال والأغنام، مما

يسهل المعيشة فيها.

يسيطر المسلمون على مقاليد الأمور فيها.

(٣) مويل: وهي مقسمة بين إثيوبيا وكينيا، وأغلب سكانها من المسلمين

(ومن القوميات الوافدة إلى المنطقة لغرض التجارة) ، والنشاط الإسلامي فيها جيد

(حيث توجد عدة مساجد ومدارس إسلامية أهلية) وهي مدينة استراتيجية ذات أهمية

دعوية، وبخاصة قسمها الكيني.

(٤) يابلو: وهي على بعد (٥٦٥كم) من العاصمة أديس أبابا، وهي أيضا

مديرية المنطقة، ومساحتها كبيرة، والمسلمون فيها نحو ٥٠%.

والنشاط الإسلامي فيها جيد؛ لنزول عدد من المسلمين اللاجئين العائدين من

الصومال بها، وفيهم دعاة محليون جيدون، ويقومون بنشاط ملموس، ويوجد في

المدينة مسجدان: أحدهما كان منزلاً حَوّلَه أحد المحسنين إلى مسجد لأهل السنة بدلاً

من مسجد طردوا منه، وقد أخذ أهل السنة أرضاً واسعة لبناء مسجد، ويمكن إقامة

مركز إسلامي على تلك الأرض إذا وجد من يتبناه (فأين أهل الخير؟ !) .

(٥) فنطاوي: وهي مدينة تقع على بعد (٤٩٥كم) وهي تابعة لمديرية (يابلو) ، والمسلمون فيها نحو ٥٠%، وفيها مسجد وخلوة لتحفيظ القرآن الكريم، وفيها

نشاط إسلامي محدود، وتحتاج إلى داعية وموجه إلى المنهج الصحيح؛ لأن

المسلمين في المنطقة ليس لديهم فهم صحيح عن الإسلام؛ بسبب الجهل وكثرة

المشعوذين.

وهناك مدن أخرى مثل (دبلق) و (هريرو) و (أدرا) و (غنالي) و (أغرمارم)

و (كبرمنغست) .

النشاط الإسلامي في بورنا:

ويمكننا القول: إن النشاط الإسلامي في المنطقة ليس كما ينبغي، وخاصة أن

الدعوة الصحيحة لم تدخل المنطقة بعد، ولا يوجد من يتبنى المنهج الصحيح الخالي

من البدع والخرافات، ومن هنا: يوجه الذين أسلموا منهم وبخاصة الدعاة

المصلحين عتاباً ولوماً شديداً للمسلمين، وقد قال واحد منهم: نحن نحاجّكم عند الله

يوم القيامة، فقيل له: لماذا؟ فقال: إن دعاة التنصير يسعون ليل نهار لالتقاط

أبنائنا، وتكثيف جهودهم عندنا بمختلف الوسائل، وأنتم لم تتقدموا إلينا بدعوة

إسلامية صحيحة، اعلموا أنه لو وجهت الدعوة الإسلامية الصحيحة إلينا لكنا أسبق

إلى الإسلام؛ لأن الإسلام دين الفطرة، ونحن على الفطرة وعاداتنا وتقاليدنا تتفق

غالباً مع التوجيهات الإسلامية.

وفي الحقيقة: إن كلام هذا الشخص يتفق مع ما قاله شيخ الإسلام (ابن تيمية) : (ما عرض الإسلام على قوم وثنيين مع ملة أخرى إلا اختاروه) ، وإذا كان الأمر

كذلك فَتَحَتّمَ علينا أن نقوم بأداء هذا الواجب الخطير قبل المحاجة أمام الله (سبحانه

وتعالى) ... فهل يستجاب لهم؟ ، (عسى ولعل) .

أهمية نشر الدعوة في أهل (بورنا) :

هذه مهمة عظيمة، نسأل الله (تعالى) أن يكتب لنا شرف القيام بها مع إخلاص

النية؛ حتى يبقى لنا الثواب إلى قيام الساعة؛ لقوله: (من دعا إلى هدى كان له من

الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص من أجورهم شيئاً) ، ولقوله: (من سن سنة

حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة) .

فأجور هؤلاء الذين يسلمون، ثم أجور ذرياتهم تكتب لنا إذا أخلصنا النية إلى

قيام الساعة، وهذه درجة عظيمة ينبغي أن نهتم بتحصيلها، ونتحمل المشاق

والصعاب لبلوغها، ونسهر الليالي والأيام لإداركها، فسبحان الله! ما أعظمها من

درجة! وما أغلاه من ثواب! ، فهذه المنزلة ينبغي أن يشمر إليها الصالحون،

ويتنافس فيها العلماء العاملون، ويتسابق إليها الدعاة المصلحون، فيا لها من منزلة

تأخرت عدة قرون لحِكَمٍ يعلمها الله (تعالى) ، ولعل منها أن الله (تعالى) كتب لأهل

عصرنا من الدعاة والعلماء أن يشاركوا فيها؛ إذ من العجب العجاب: أن قوماً

يقدرون بعدة ملايين على قرب من المسلمين: يتجاورون معهم في السكن، وتحيط

بهم عدة قبائل من المسلمين، بل تخالطهم وتساكنهم وتتجر معهم أحياناً، وتتقاتل

وتتناحر معهم أحياناً، وتتصالح أحياناً أخرى، وتتفاهم بلغتهم وتشاركهم في كثير

من العادات والتقاليد، ومع توافر هذه الأسباب الميسرة لدعوتهم وإدخالهم في دين

الله (تعالى) فلا يزالون على وثنيتهم ... حكى لنا الشيخ حسن بن علي (وهو من

أهل بورنا) : أن زميله الذي أسلم من البورنيين تناقش مع أحد عقلائهم، فجرى

في المناقشة أن الوثني قال له: ماذا تسموننا؟ ، فقال المسلم: كفاراً، فقال: ما

معنى كفار؟ قال: الكافر المعاند، فقال: هل دعوتمونا فعاندنا؟ ، فقال: كيف

ندعوكم وأنتم تقتلون الناس من غيركم؟ ، فقال: أناشدك بالله أن تريني في مناطق

بورنا كلها قبر رجل رباني يدعو إلى الله، قتله البورنيون! ! !

وهذه المحاورة وقعت قريباً وأصحابها أحياء معروفون، وهي توضح حقيقة

واقعية: أن الدعاة إلى الله على بصيرة وبمنهج صحيح لم يتجهوا إلى دعوة هؤلاء

القوم، بل حصلت بعض المعوقات بسبب بعض العادات الناتجة من بعض المسلمين

المجاورين لهؤلاء؛ إذ يشترطون شروطاً ما أنزل الله بها من سلطان إذا تقدم أحد

من البورنيين للدخول في الإسلام، ومن ذلك:

١- يشترطون عليه الخروج من قبيلته، والانتساب إلى قبيلة الداعية،

وتغيير اسم أبيه إلى اسم الداعية! !

٢- مقاطعة آبائه وإخوانه وقبيلته، بل والهجرة إلى قبيلة الداعي المتناحرة

مع قبيلته.

٣- دفع واحدة أو عدة مواشٍ إذا أراد الدخول في الإسلام كأجرة!

٤- إذا دفع عدة أبقار أو جمال: يمكن إدخال والده المتوفى في الإسلام!

٥- وجوب عقيقة على أولاده، يأكل منها الداعي!

وقد يأتي رجل فيطلب الإسلام، فيقال له: لا نجد لك الآن اسماً، أو: لا

يوجد مكان للتسجيل! ، ومما سمعناه: أن أحدهم طلب من هؤلاء أن يسلم،

فاعتذروا إليه بعدم وجود المكان، ثم توفي شخص من هؤلاء المسلمين، فذهب

إليهم، فقال لهم: أريد أن تسجلوني في مكان المتوفى! ! !

وقد أدت هذه التعقيدات والعقبات إلى نفور هؤلاء القوم من المسلمين

المجاورين لهم، بل إلى قتالهم والإغارة عليهم، فكانت النتيجة: أن تأصلت العداوة

بين الطائفتين المتناحرتين، ومع هذا: فهؤلاء الوثنيون هم أقرب إلى الإسلام من

غيرهم من الملل، وعندهم ميل فطري إلى الإسلام، فهو دين الفطرة ودين السماحة، فانظر كيف تحول في عرف أولئك بسبب جهل بعض المسلمين إلى غل وحائل

عن الولوج فيه!

ومن الأسباب الميسرة لدخولهم في الإسلام:

١- أنه دين الفطرة الذي لا تعقيد فيه.

٢- أن البورنيين يحبون الإسلام بفطرتهم ويفضلونه على غيره من الملل

والنحل، ويوضح هذا: ما يتناقلونه فيما بينهم من أن صالحهم أو كاهنهم أوصاهم

قديماً بالدخول في الإسلام، وعدم الدخول في غيره، وأنهم يتناقلون تلك الوصية

جيلاً عن جيل.

٣- وقد يكون الإسلام قد دخلهم قديماً، ثم كثر فيهم الجهل حتى رجعوا إلى

الوثنية، ويشهد لهذا أمور، منها:

أ- أن أحد زعمائهم وهو الحاج غويو ذكر لنا أنهم كانوا على الإسلام قبل

(٦٠٠) سنة.

ب- تقاليدهم وعاداتهم فيها بقايا من دين الإسلام، ويوضح هذا ما سيأتي عن

حياتهم الاجتماعية.

ج- نظام الزواج؛ فالرجل يتزوج من الواحدة إلى الرابعة (وهذا هو الأغلب)

لا يتجاوز ذلك إلا نادراً.

د- أن قبائلهم تقسم على مسميات تشعر أن هذه القبائل كانت مسلمة، من ذلك: القبائل المسماة بالقَالوّ، وهم في لغتهم: العلماء الربانيون، وهي قبائل محترمة

لديهم.

٤- حالتهم الاجتماعية وعاداتهم وتقاليدهم قريبة إلى الإسلام منها إلى أي ملة

أخرى، فمن ذلك:

أ- اللباس: فمن عاداتهم في اللباس أن الرجل إذا بلغ سنوات معينة يلبس

نوعا من العمامة، وأن أنثاهم لا تكشف العورة، فالعري قبيح جدّاً لديهم، بخلاف

القبائل الوثنية المتأصلة.

ب- السواك يلازمهم نساءً ورجالاً، فالسواك لا يفارقهم.

ج- الزنا من أشد العظائم لديهم.

د- الكذب والخيانة أقبح الأمور عندهم.

هـ- فضيلة أداء الأمانات والصدق والوفاء بالعهود عندهم.

٥- أنهم قوم بدو رحل يشبهون عرب الجاهلية في أمور كثيرة، مثل: العفة، والذكاء، وسلامة الفطرة، وصفاء الذهن.

وفي الحقيقة: عندما تحدثنا إليهم وظهرت لنا نجابتهم وطلاقة ألسنتهم

وفصاحتهم وبلاغتهم؛ تذكرنا ما كان يعرف عن عرب الجاهلية في الفصاحة،

والبلاغة، والذكاء، والعفة، وأداء الأمانات، وعدم الكذب، والصراحة الصارمة، كما أنهم من ناحية أخرى يشبهون عرب الجاهلية في تتبع مواقع القطر في الحل

والترحال مع مواشيهم وإبلهم، كما أنهم يشبهونهم في الأخذ بالثأر والإغارة على

القبائل المجاورة المخاصمة، وكذلك يشبهونهم في الشجاعة والبطولة والإقدام.

صراعاتهم مع المنصرين:

بذل المنصرون جهوداً كبيرة لتنصيرهم، وقد باءت أغلبها بالفشل، ومن تلك

الجهود:

أ - أن الأمبراطور الهالك (هيلاسلاسي) عرض على زعيمهم الروحي

تنصيرهم، فتشاور هذا الزعيم مع قومه، واتفقوا على أن دين النصارى لا يناسبهم؛ لأنه لا يتناسب مع عاداتهم وتقاليدهم.

وقد رد زعيمهم على هيلاسلاسي بالرفض لتنصرهم قائلاً: إن عاداتنا

وتقاليدنا لا يمكن أن نتنازل عنها بأي حال من الأحوال، ومن يريد تنصير قومي،

فإنه لا يمكنه ذلك إلا بعد قطع رقبتي، وبهذا الجواب يئس هيلاسلاسي من

تنصيرهم بواسطة زعيمهم الأعلى، ثم قام بمحاولة أخرى: حيث نصر أحد

المثقفين منهم وولاه إحدى المديريات، وأرغم هذا الوالي نحو ٥٠٠ من الفلاحين

بتخويفهم بالطرد من مزارعهم إن لم يتنصروا، فأطاعوه خوفاً، ثم أحضر لهم

قسيساً يعلمهم، وأراد بناء كنيسة لهم، وبعد أن مكث معهم القسيس نحو ثلاثة أشهر

اكتشف أن أحدهم دخل في الإسلام؛ حيث إن ذلك المسلم قال بحضرته بدون تفكر:

لا إله إلا الله، فسأله عن ذلك فقال: أسلمت قريباً، فقال القسيس: عجباً! إني

أعلمكم كلمات في النصرانية منذ ثلاثة أشهر ولا تستطيعون نطقها إلى الآن، وكيف

تستطيع نطق هذه الكلمة التي تعلمتها قريباً؟ فقال: إني دخلت الإسلام عن رغبة،

ودخلت في النصرانية كرها وخوفاً، فقال القسيس للحاضرين: هل أنتم كذلك؟

فقالوا كلهم: نحن كذلك مكرهون، فكتب تقريرا إلى (هيلاسلاسي) أنه لا فائدة في

هؤلاء، ولا في بناء الكنائس لهم، وانتقل القسيس من ذلك المكان يجر أذيال الخيبة.

ومع هذا: لم يتركهم (هيلاسلاسي) حيث نقل إلى مدنهم النصارى من

الموظفين الإداريين، فبنوا الكنائس في المدن الاستيطانية، غير أنه لا يُرى أثر

للنصارى في القرى والأرياف.

ب - وبعد هلاك (هيلاسلاسي) ، ودخول البلاد في الشيوعية، لم يحاول أحد

تنصيرهم من جهة الدولة بالطريقة الرسمية، ولكن جاء إليهم المنصرون الغربيون، وهم أشد خبثاً وأقوى حيلة، وأساليبهم متنوعة وطرقهم متعددة، ففي الآونة

الأخيرة نزل هؤلاء بقراهم ومدنهم يحملون في يدٍ المساعدات، وفي الأخرى

التنصير؛ لتخريب الأخلاق وبقايا عاداتهم الحسنة والفطرية.

وقد تنصر بعض شبابهم وبعض الضعفاء منهم على أيدي هؤلاء، ولا زالت

الكثرة الباقية على الوثنية تقاوم التنصير، وتعاديه، وتكرهه، ... ومما وقع قريباً

في هذه السنة: أن منصراً أوروبيّاً ذهب مع مجموعته إلى بواديهم فجمعهم من عدة

قرى فوعظهم وطالبهم بأمرين:

١) الإيمان بابن الله المسيح.

٢) والصلاة له وعبادته يوم الأحد.

فسألوه: هل للمسيح الذي تدعونا للإيمان به أب؟ فقال المنصر: نعم، فقالوا: مستحيل أن نؤمن بالابن والأب موجود! ! ! لأن عادتهم تقتضي احترام الأب

وتقديمه على الابن في كل شيء، ثم قالوا له: إنك تأمرنا بعبادته في الأسبوع يوماً

واحداً، ونحن نعبده وندعوه ليل نهار صباح مساء، لا يوماً واحداً في الأسبوع،

فبهت هذا المنصر ورجع عنهم خائباً، وهذه الواقعة حدثت قريباً في قرية قريبة من

مدينة (ميغا) .

وهي تدل على مقاومتهم للتنصير بفطرهم السليمة التي تأبى مثل دعاوى

المنصرين الباطلة التي تخالف العقول النقية والفطر السليمة.

فأين أنتم يا مسلمون