للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمون والعالم

واقع مسلمي إثيوبيا ودعوة للإنقاذ

بقلم: عبد الله المحتسب

أرض الحبشة أو ما يعرف اليوم بإثيوبيا أرض عرفت في التاريخ الإسلامي

بالأسبقية إلى استضافة أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذين خرجوا

من ديارهم فراراً بدينهم من جهة، ولكون حاكمها النجاشي عادلاً من جهة أخرى،

وقد آمن برسالة الإسلام فيما بعد.

ويمثل المسلمون الآن في تلك الديار ٧٥% من مجموع سكان الحبشة البالغ

عددهم ٥٥ مليون نسمة.

وللدعوة الإسلامية في المنطقة نشاط قوي ولله الحمد، ولا سيما بعد عودة

كثير من الدعاة المتخرجين من جامعات السعودية وغيرها؛ مما ساعد على تنشيط

وانتشار عقيدة أهل السنة والجماعة في أوساط المسلمين، ولم نجد قبل الآن ولله

الحمد ما يحد من نشاط الدعوة إلى الله وإلى المنهج الصحيح في المنطقة، إلا إنه

مع الأسف الشديد قد شهدت الساحة الإثيوبية في الأيام الأخيرة تطورات خطيرة ضد

العمل الدعوي الإسلامي الصحيح، في موقف لا يحسد عليه، بين فرق الضلال

والابتداع المنتسبة للإسلام، وبين فرق التنصير وحملاته، وهذه التطورات

والمستجدات تتمثل في النقاط التالية:

النشاط الرافضي:

ويتمثل في محاولة تغلغله عن طريق بعض الأشخاص المنتسبين إلى العلم،

فعلى الرغم من أنه لا يذكر هناك أي نشاط للرافضة خلال الفترة الماضية على

مستوى البلد، إلا إنه في الآونة الأخيرة نظراً لكون البلاد مفتوحة لكل من يرغب

في ترويج بضاعته قامت بعض العناصر منهم قبل ثلاث سنوات بالتحديد عبر

سفارتهم في البلاد بالاتصال بأحد المشايخ المحليين والعمل معه، حتى استطاعوا

كسبه أخيراً في صفهم، وقد قام بزيارات متكررة لإيران.

هذا وقد تمكن هذا الرجل الآن من أن يُرَشّحَ قبل شهرين تقريباً لمنصب

المفتي للإقليم الرابع عشر (أديس أبابا) وهي عاصمة البلاد.

ومن هنا: بدأ يستفيد من هذا المنصب للتضييق على الدعاة والمصلحين،

وبالذات على الدعاة السلفيين، الذين يسميهم هؤلاء بالوهابيين، بل أعلن هذا

الرجل صراحة وبالحرف الواحد في الاجتماع الذي عقد في عاصمة البلاد قبل

شهرين تقريباً بمناسبة تنصيبه مفتياً للبلاد بأنه: يسعى للقضاء على الوهابيين

وأنشطتهم، ولتوضيح هذه الفقرة أكثر يمكن إيراد بعض التوصيات والقرارات لذلك

الاجتماع، التي كان منها:

- منع إلقاء أي خطبة أو وعظ في داخل المساجد.

- وقف جميع الحلقات العلمية والدروس التي كانت تقام في مساجد العاصمة

من قِبل الدعاة.

وهذا التيار له دعم قوي ماديّاً ومعنويّاً من إيران، وذلك عبر سفارتها في

أديس أبابا.

النشاط الصوفي:

ويتمثل ذلك بتشكيلهم لمجلس العلماء في عاصمة البلاد (أديس أبابا) قبل أقل

من ثلاثة أشهر، ومن شرط العضوية في هذا المجلس ألا يكون العضو من خريجي

الجامعات الإسلامية! ، وبالأخص جامعات السعودية.

فهذا التيار الصوفي تجمع تحت مظلته بعض الصوفيين والقبوريين المتشددين

من داخل العاصمة وخارجها، ومن أهم مشاريعهم وأوليات عملهم في المرحلة

القادمة: القضاء على من يسمونهم بالوهابيين حسب زعمهم، والتصدي لأنشطتهم

الدعوية وغيرها، وذلك بإعداد ونشر بعض الكتب الصوفية والكتب المخالفة لمنهج

أهل السنة والجماعة في باب العقيدة.

النشاط البدعي:

ويتمثل في قيام زعيم جماعة من يسمون بـ (الأحباش) (عبد الله الحبشي)

بزيارة خاطفة للبلاد مع بعض أنصاره، حيث قام بزيارة ميدانية لعدد من الأقاليم:

(أديس أبابا) ، (دردوي) ، و (هرر) ، ووزع في هذه الأقاليم بعض مؤلفاته

ومنشوراته، والتي تتضمن الهجوم على علماء أهل السنة والجماعة وتكفيرهم.

هذا ... وقد وعد الرجل في نهاية هذه الزيارة بعض المتعاطفين معه بفتح

مركز دائم لأنشطته في عاصمة البلاد، تكون مهمته الإشراف على المشاريع التي

تنوي هذه الفرقة تنفيذها في البلاد.

النشاط التنصيري:

يتمثل في وجوده وانتشاره الواسع في المنطقة ونشاطه المكثف، حيث وصل

عدد الإرساليات والجمعيات والمنظمات التنصيرية التي تعمل الآن في البلاد أكثر

من مئة منظمة، وكلها أتت إلى المنطقة بخيلها ورجلها تحت مظلة المساعدات

الإنسانية؛ لتنصير المسلمين، وبخاصة في المناطق التي تعاني من الجفاف

والكوارث الطبيعية.

دعوة للتفكير:

وفي ضوء هذه الظروف والمستجدات التي ذكرناها على الساحة في البلاد

ضد دعاة أهل السنة والجماعة وعلمائهم نود أخانا الكريم أن تعلم بأنه ليس هناك

للمسلمين في الحبشة عامة والدعاة منهم خاصة من يقف معهم ويساندهم إلا الله

(سبحانه وتعالى) ، ثم ما يجدونه ويأملونه من إخوانهم الغيورين على دينهم

والمتألمين لواقع أمتهم، لذا: فبالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن إخواننا المسلمين

في الحبشة عامة والدعاة منهم بخاصة، أتقدم لمن يهمه الأمر بالاقتراحات التالية:

تعيين مزيد من الدعاة، سواء من أبناء البلد أو من غيرهم.

دعم المراكز والمؤسسات الإسلامية ذات المنهج الصحيح.

التركيز على دعم المجالس الإسلامية، وبخاصة تلك التي تملك التوجه

الصحيح؛ لأنها هي الجهات الرسمية، ويمكن استغلالها في شتى المجالات.

عقد دورات مكثفة لتأهيل الدعاة وتبصيرهم بالمخاطر وسبل مواجهتها بطرق

غير مثيرة.

تزويد المنطقة بكميات كثيرة من المصاحف بأحجامه المختلفة.

فتح مكتبات إسلامية في عدد من المساجد والجوامع في الحبشة.

التركيز علي نشر الكتاب الإسلامي في البلاد، وذلك باللغات الرئيسة في

المنطقة مثل: الأمهرية، الأورومية، والعربية، وذلك أن غالب سكان الحبشة

وبالذات طبقات المثقفين والطلاب في المدارس والجامعات لا يتمكنون من الاستفادة

من الكتاب الإسلامي باللغة العربية بسبب حاجز اللغة، وهذه النقطة قد تفطنت لها

بعض الفرق المنحرفة، فقامت بتوزيع منشوراتها ومعتقداتها وأفكارها بين المسلمين

وغيرهم باللغات السائدة.

وأخيراً:

نود أن نضع أمامكم حقيقة، وهي: أننا إذا تمكنا من القيام بشيء من هذه

المهمة وتوفيرها ستكون الجولة والمستقبل المشرق إن شاء الله لأهل الحق في

الحبشة..

[وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيباً] .