للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الورقة الأخيرة

ماذا دهى أمة الإسناد؟ !

بقلم: محمد نجيب لطفي

نحن أمة الإسناد، ما في ذلك من شك؛ وتراثنا العظيم في الحديث النبوي

الشريف وعلومه أعظم دليل على ذلك، حيث يتجلى ذلك بوضوح في دواوين السنة

من صحاح وسنن ومعاجم ومسانيد ومستدركات ومستخرجات وهي من الكثرة والدقة

بمكان، وكذلك في كتب الرجال والجرح والتعديل كل ذلك من مفاخر أمتنا العظيمة

أمة الإسناد الذي تفاخر به العالمين.

نفاخر أن أمم الأرض قاطبة لن تستطيع الوصول إلى عشر معشار ما وصلنا

إليه مهما تطاولت أعناقهم وتمنت نفوسهم.

ولكن! ! ماذا دهى الأمة العظيمة؟ ! أمة الإسناد؟ ! فالناظر في الكتابات

المعاصرة في سوادها الأعظم يؤلمه ويحزنه أن الاهتمام بالإسناد تضاءل إلى حد

كبير جداً، سواءٌ أكان ذلك في المؤلفات والمصنفات، أو في الصحف والمجلات،

أو في الندوات والمحاضرات، أو في الخطب والمناظرات؛ وقد ترتب على ذلك

الأمر المؤسف أمور منها:

١- تهجم بعض الجهلة والمغرضين على السنة والطعن في حفظ الصحابة

للسنة بدعاوى مكرورة نقلاً عن المستشرقين أو الفئات الضالة ممن لها مواقف

معروفة من السنة ونقلتها.

٢- انتشار الأحاديث الضعيفة والموضوعة انتشاراً كبيراً مما كان له أسوأ

الأثر على عموم المسلمين بسبب اعتقاد صحة هذه الأحاديث ومن ثَمّ العمل بها.

٣- ضعف مكانة السنة في نفوس المسلمين.

٤- عدم تقدير علوم الحديث كما يجب، والتهاون في حقها.

٥- الرجوع إلى كتب الوعظ والتصوف القديمة والحديثة، والنقل منها بدون

تحقيق.

ولذا: أرى من الواجب الاهتمام بأمور عظيمة، منها:

١- الاهتمام في الجامعات الإسلامية بعامة بالحديث وعلومه اهتماماً بالغاً بدلاً

من الاهتمام بالتصوف وما يسمى بـ (الفلسفة الإسلامية) والمنطق وما يسمى بـ

(علم الكلام) ، وأن تنحو هذه الجامعات منحى المنهج العلمي لسلف الأمة.

٢- علو الهمة في دراسة الحديث وعلومه، والنظر إلى ما فعله الأقدمون

العظماء، أمثال: ابن معين والبخاري ومسلم وأبي داود والترمذي وأحمد والنسائي، وغيرهم..

٣- الاهتمام البالغ بتخريج وتحقيق الآثار على سبيل الإلزام في المؤلفات

والمصنفات والجرائد والمجلات.

٤- الاعتقاد بأن للاهتمام بالسنة ودراستها ثواباً جزيلاً؛ وإن الأمل ليحدو كل

غيور في أن تستجيب الأمة لهذا الأمر الخطير الجليل، وتعود كما كانت في

عصورها الذهبية أمة الإسناد.

٥- التحذير من أولئك النفر المرددين لشبه غيرهم، وكشف منطلقاتهم

المشبوهة حيال السنة ورواتها.

[وَاللَّهُ يَقُولُ الحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ] [الأحزاب: ٤] .