للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قراءة في كتاب

قوانين ومبادئ.. المقاطعة العربية لـ (إسرائيل)

تأليف: د. محمد عبد الحميد أبو زيد

الناشر: عمادة شؤون المكتبات جامعة الملك سعود، الرياض، ط١، ١٩٩٣م.

عرض: مجدي محمد عيسى

تتعرض المقاطعة العربية للعدو الصهيوني لحملة غربية وصهيونية شرسة منذ

بداية العقد الحالي؛ بهدف تقويضها ومد جسور التعامل التجاري والاقتصادي بين

الدول العربية والعدو؛ كمؤشر لإثبات حسن النية من جانب الأطراف العربية التي

قبلت الدخول في محادثات سلام معه ترعاها الولايات المتحدة الأمريكية. وفي هذا

الشأن أصدر مؤتمر قمة الدول الصناعية السبع الذي عقد في طوكيو في يوليه

١٩٩٣م، قراراً يؤيد إلغاء المقاطعة العربية لـ (إسرائيل) كما تحاول إسرائيل من

خلال المفاوضات المتعددة الأطراف وضع حد للمقاطعة العربية والدخول في

مشروعات مشتركة مع البلاد العربية. وقد بدأت عرى المقاطعة تنحل عروة عروة، حيث وافقت بعض الدول العربية على إلغاء المقاطعة من الدرجة الثانية (أي التي

تتعلق بالتعامل مع الشركات التي تتعامل مع إسرائيل) بينما دخلت دول عربية في

تطبيع علاقات مع العدو بعد إقامة علاقات دبلوماسية معه. وفي خضم هذه

التحولات احتدم الجدال حول جدوى المقاطعة ومدى فاعليتها في تعزيز مركز

العرب التفاوضي. والكتاب الذي أعرض له يفيد في تتبع تطور المقاطعة العربية

للوجود الصهيوني في فلسطين، والجوانب القانونية للموضوع والأساليب المعادية

للمقاطعة.

يقع الكتاب في ٢٤١ صفحة، ويتألف من مقدمة وستة أبواب.

في المقدمة: تناول المؤلف فكرة المقاطعة العربية للعدو الصهيوني باعتبارها

وسيلة مشروعة، سواء في الشرع الإسلامي أو في القانون الدولي العام؛ وذلك

لممارسة الضغط عليه لحمله على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة.

وفي الباب الأول: (المقاطعة في الإسلام) : تناول المؤلف التصور الإسلامي

للمقاطعة في سياق تحليله لمفهومي الحرب والسلام في الإسلام، ولقد أشار في هذا

الشأن إلى أن القاعدة في الإسلام هي السلام، وأن الحرب إنما شرعت لتأمين نشر

الدعوة الإسلامية والدفاع عن الأنفس والأعراض والأموال والأوطان عند الاعتداء

عليها. وأما المقاطعة فهي من أهم أسلحة الحرب التي تشنها الدولة لتحقيق أهدافها

في حربها العادلة ضد الطغاة، ويقرر المؤلف أن الإسلام يحظر على أتباعه موالاة

أعداء الله أو التعامل معهم أو مناصرتهم، وأن الله تعالى أمر بمقاطعة الكفار وإن

كانوا آباء أو أبناء أو إخواناً. ووفقاً لما ذكره المؤلف، فإنه يجوز للمسلمين في

حالة الضعف وعدم التمكن أن يوالوا الكفار والمشركين ظاهراً ريثما يعدّون أنفسهم

لمواجهة الخطر الذي يتهددهم.

الباب الثاني: (الصراع العربي (الإسرائيلي) والمقاطعة العربية) : استعرض

فيه المؤلف ظروف نشأة المقاطعة العربية لـ (إسرائيل) وأشار إلى ظهور المقاطعة

كوجه من وجوه المقاومة العربية لقيام دولة العدو على أرض عربية في سنة ١٩٤٨م؛ حيث شعر العرب بالخطر يتهددهم من جراء استزراع هذا الكيان في أرضهم.

وهو خطر متعدد الجوانب؛ فهو خطر عسكري واقتصادي واجتماعي. فمن الناحية

العسكرية: فإن دولة العدو كيان ذو قوة عسكرية مقتدرة ومسلح بعتاد حربي عالي

التقنية، وميزانيتها العسكرية ضخمة، وتعتني بتدريب قواتها بصورة مستمرة

ومنظمة. ولذا فإنها هزمت العرب في حروب ١٩٤٨م، ١٩٥٦م، ١٩٦٧م. ومن

الناحية الاجتماعية: فإن العدو كيان عنصري يفرق في المعاملة بين اليهود والعرب

المقيمين في الأراضي المحتلة؛ فالشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال لا يتمتع

بحقوق الإنسان الأساسية: كحق العمل وحق التعليم والتأمين الاجتماعي، والحريات

الشخصية، وحرمة المسكن، وحرية العقيدة. كما أن وجود دولة للعدو يشكل تهديداً

للأماكن المقدسة في فلسطين؛ حيث المخطط اليهودي لهدم المسجد الأقصى وبناء

هيكل سليمان مكانه.

ومن الناحية الاقتصادية: يشكل العدو الصهيوني خطراً اقتصادياً على الأمة

العربية، يتمثل في تدفق الأعداد الكبيرة من المهاجرين اليهود إلى فلسطين،

ومحاولة تركيز الصناعات اليهودية في فلسطين واحتلال الأراضي وإقامة

المستعمرات الزراعية اليهودية فيها. وأشار المؤلف إلى أن مشروع تحويل نهر

الأردن يعتبر من الأمثلة البارزة على تغلغل الخطر الاقتصادي الصهيوني في

الوطن العربي؛ حيث يهدف هذا المشروع إلى تحويل مجرى نهر الأردن إلى

فلسطين المحتلة ليروي صحراء النقب.

وننتقل إلى الباب الثالث: (نشأة المقاطعة العربية) : وقد أوضح المؤلف في

هذا الباب أن العرب تبنّوا المقاطعة كأداة قانونية سياسية واجتماعية للكفاح ضد

الصهاينة لترويعهم ودفعهم للتخلي عن الأراضي المحتلة، وذكر أن المقاطعة مرت

بتطورات مهمة؛ حيث كانت بدايتها أيام الحكم العثماني، ثم تطورت في حقبة

الاستعمار البريطاني. وكانت هذه التطورات مواكبة للتطور الاجتماعي، فانتقلت

المقاطعة من مرحلة المقالات والنداءات على صفحات الجرائد والمجلات إلى مرحلة

العمل القانوني السياسي والممارسة النضالية؛ وفي النهاية تبنت جامعة الدول

العربية المقاطعة؛ باعتبارها سلاحاً فعالاً لعرقلة نمو الدولة العبرية. وأشار المؤلف

إلى قرار مجلس الجامعة الصادر في ١٦ ديسمبر ١٩٥٤م الذي ينص على مقاطعة

السلع التي تنتجها المصانع اليهودية في فلسطين. ومنذ بداية الخمسينيات، أصبح

الإشراف على المقاطعة العربية منوطاً بالجامعة العربية التي حاولت عزل دولة

العدو سياسياً، فاستخدمت المقاطعة كسلاح قانوني دولي في بعض الأحيان.

ويرى المؤلف أن أبرز حدث في تاريخ المقاطعة العربية هو القرار الذي

اتخذته الدول العربية إثر نشوب حرب أكتوبر ١٩٧٣م بتخفيض إنتاج البترول

العربي وحرمان الدول التي تساعد إسرائيل منه، وقد كان لهذا القرار تأثيره في

عزل العدو سياسياً بعد إجماع معظم دول العالم على وجوب انسحابها من الأراضي

التي احتلتها سنة ١٩٦٧م.

كما قامت كافة الدول الأفريقية بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع دولة العدو،

وتحركت الولايات المتحدة باتجاه إيجاد تسوية للنزاع العربي (الإسرائيلي) .

ثم استعرض المؤلف أجهزة المقاطعة العربية المركزية والإقليمية، ومهام

المكتب الرئيس الذي مقره دمشق، ومهام المكاتب الإقليمية والمكتب الرئيس.

وأشار المؤلف إلى أن جهة الرقابة والإشراف على المكاتب الإقليمية تختلف من بلد

عربي إلى آخر؛ وذلك لاختلاف نظم الإدارة والتشريع في كل منها من جهة،

ولاختلاف تقدير كل دولة في إلحاق مكتبها بأحد أجهزتها من جهة أخرى، فضلاً

عن أن المنظمة المتعلق بها أمور المقاطعة ونظام تأسيس المكاتب الفرعية ومشروع

القانون الموحد لتلك المقاطعة وردت كلها دون تبيان الجهة التي تلتحق بها تلك

المكاتب.

في الباب الرابع: (مبادئ المقاطعة العربية) : أشار المؤلف إلى أن المقاطعة

العربية تعرضت لحملة شرسة من قبل الأوساط اليهودية؛ حيث حاولوا التشكيك في

جدواها، ومارسوا ضغوطاً على الشركات والمؤسسات الأجنبية لكي لا تتجاوب مع

المقاطعة العربية. كما حاولوا إقناع العالم بأن المقاطعة العربية قائمة على أساس

ديني وعنصري. ويردّ المؤلف على هذه المزاعم بأن الدول العربية في حالة دفاع

شرعي وفقاً للمادة ٥١ من ميثاق الأمم المتحدة، ومن حقها أن تتخذ كافة الإجراءات

السياسية والقانونية والاقتصادية والعسكرية ضد دولة العدو والدول التي تساعدها في

اغتصابها للحقوق العربية، ومن بين هذه الإجراءات المقاطعة. ثم ذكر المؤلف أهم

مبادئ المقاطعة في مجالات: التصدير والاستيراد، المناطق الجمركية الحرة

العربية والأجنبية، مراقبة البيوت المالية والمصارف، الطرود البريدية،

الإجراءات التي تتخذ ضد عملاء العدو ومكافحة التهريب من البلاد العربية، ومنع

تسرب البترول إلى دولة العدو والشركات والمؤسسات الأجنبية التي تعاون إسرائيل

، كشركات الملاحة والطيران الأجنبية، وغيرها. وتدور هذه المبادئ في مجملها

حول حظر التبادل التجاري بين العرب والعدو، وحظر التعامل مع الشركات

والمؤسسات التي تتعامل معه.

وفي الباب الخامس: (تطور المقاطعة والأساليب المعادية لها) : استعرض

المؤلف مراحل تطور المقاطعة العربية، وقسمها إلى ثلاث:

المرحلة الأولى من ١٩٥١ ١٩٥٦م، وتعتبر فترة إرساء أسس المقاطعة

ووضع مبادئها العامة.

المرحلة الثانية من ١٩٥٦ ١٩٦٧م، وقد ضعفت فيها فاعلية المقاطعة نتيجة

للعدوان الثلاثي على مصر، وتصدع وحدة الصف العربي على نحو ما ظهر من

انفصال سوريا عن مصر عام ١٩٦١م، والجهود المكثفة التي بذلتها دولة العدو

لإحباط مفعول المقاطعة؛ وذلك باستخدام أساليب غير قانونية بدءاً من محاربة

الشركات التي اختارت التعامل مع الأقطار العربية دونها، وتأليب الرأي العام

ضدها، وحثّ بعض الدول على إصدار التشريعات التي تندد بها وتظهرها بعدم

الجدوى والفاعلية.

المرحلة الثالثة من ١٩٦٧: ١٩٧٣م، شهدت هذه المرحلة العدوان الصهيوني

في ٥ يونيو ١٩٦٧م الذي نجم عنه احتلال العدو لبعض الأراضي العربية.

ووفقاً لما ذكره المؤلف، استمر ضعف المقاطعة العربية في هذه المرحلة

نتيجة للهزيمة وضعف الرقابة الأردنية، حيث برزت ظاهرة الجسور المفتوحة التي

تعني إقامة علاقات سياسية واجتماعية واقتصادية بين الدولة العبرية والضفة

الشرقية عن طريق الضفة الغربية وقطاع غزة (المناطق المحتلة) . ولقد وجد العدو

في فتح هذه الجسور فرصة تسمح باختراق جدار المقاطعة. وبالفعل عملت على

تحقيق منافع اقتصادية كبيرة عن طريق هذه الجسور؛ حيث تم تصدير المنتجات

الصهيونية عبرها واستقدام الزوار العرب والسياح.

ويشير المؤلف إلى سبب آخر لضعف المقاطعة في هذه الفترة وهو تهاون

أجهزة المقاطعة في أداء واجبها وخصوصاً فيما يتعلق بمراقبة السفن التي تبحر إلى

الكيان الصهيوني.

المرحلة الرابعة: حرب ١٩٧٣م وما بعدها. وفي هذا الشأن يذكر المؤلف أن

هذه الحرب أدت إلى تحريك مشكلة الشرق الأوسط بعد أن كانت في حالة جمود،

كما أدت إلى إضفاء طابع الشرعية على المقاطعة العربية.

وبقدر من التفصيل، تعرض المؤلف للحظر النفطي الذي تبنته الدول العربية

ضد العالم الغربي وخصوصاً الولايات المتحدة وهولندا.

ثم تطرق المؤلف إلى التدابير التي اتخدتها دولة العدو لتقويض المقاطعة التي

شملت: شن حملات الدعاية والتضليل من قبل مكتب خاص لمكافحة المقاطعة أنشئ

بوزارة خارجيتهم عام ١٩٦٣م، وقيام صحافتهم بالتنبيه إلى خطر المقاطعة العربية

وضرورة مقاومتها والسعي لإصدار تشريعات في مختلف الأقطار لمنع التمييز ضد

المصانع اليهودية، واستغلال النفوذ الصهيوني حيث أعلنت المؤسسات الصهيونية

وقف تعاملها مع الشركات ووسائل النقل الأجنبية التي تقرر دولة العدو مقاطعتها

لتعاملها مع البلاد العربية، وتحريض النقابات والعمال على مقاطعة السفن

والطائرات التابعة للبلاد العربية ومنع تقديم الخدمات لها احتجاجاً على ما تتخذه تلك

البلاد من إجراءات إزاء السفن والطائرات التي تتعامل مع العدو وإدراجها في

القوائم السوداء، والضغط على الشركات العالمية للتعامل مع العدو، والضغط على

الحكومات لإصدار تشريعات مضادة للمقاطعة العربية.

موقف الولايات المتحدة الأمريكية من المقاطعة:

أوضح المؤلف أن اليهود مارسوا ضغوطاً مكثفة على الإدارة الأمريكية منذ

الستينيات لإصدار تشريعات تهدف إلى مجازاة الشركات الأمريكية التي تتعاون مع

المقاطعة العربية، وأشار في هذا الصدد إلى صدور قانون الإصلاح الضريبي في

عام ١٩٨٦م الذي تضمن في بنوده إلزام الشركات الأمريكية تقديم تقرير لوزارة

المالية بالمعلومات التي قدمتها لأجهزة المقاطعة أو البلاد العربية بشأن المقاطعة

العربية من الامتيازات والفوائد الضريبية التي اعتادت الحكومة الأمريكية أن تمنحها

لتشجيع الصادرات، وفرض عقوبات مالية وأخرى مقيدة للحرية على المؤسسات

والشركات التجارية الأمريكية التي تتعاون مع المقاطعة العربية.

ونصل مع المؤلف إلى الباب السادس: (النصوص المنظمة للمقاطعة العربية) : الذي تناول فيه التكييف القانوني للمقاطعة العربية؛ حيث أوضح أن ميثاق الأمم

المتحدة يجيز اللجوء إلى القوة في حالة الدفاع الشرعي. فوفقاً لنص المادة ٥١ منه، فإنه يحق للعرب اتخاذ التدابير اللازمة للدفاع عن أنفسهم حيال دولة العدو بصفتها

الطرف المعتدي والغاصب لأرض العرب، والمنتهك بذلك أحكام القانون الدولي

وميثاق الأمم المتحدة، ومن هذه التدابير: مقاطعة العدو والامتناع عن إقامة علاقات

من أي نوع معه.

ويرى المؤلف أن المقاطعة العربية تعتبر من قبيل الحرب الاقتصادية التي

يقصد بها توجيه مختلف الأسلحة الاقتصادية الممكنة ضد أهداف العدو الاقتصادية

لإرباك اقتصادياته وإضعاف معنوياته؛ وأبرز هذه الأسلحة: الحصار؛ حيث

فرضت المقاطعة الاقتصادية العربية حصاراً لتطويق دولة العدو وحرمانها من

الاتصال بالعالم الخارجي عن طريق البلاد العربية، وعدم استخدامها لمواصلاتها

البرية والبحرية والجوية.

وبالنسبة لموقف القانون الدولي العام من المقاطعة، فإن المؤلف يرى أنه

يجيزها؛ لأن قواعد هذا القانون أباحت للدول المتحاربة قطع علاقاتها التجارية مع

العدو، واتخاذ شتى تدابير الحرب الاقتصادية. وأشار إلى أن القضاء في مختلف

الدول قد أقر اعتبار الحالة القائمة بين الدول العربية والعدو الصهيوني حالة حرب

بالمفهوم القانوني.

كما أن المؤلف استند أيضاً في تسويغه لشرعية المقاطعة العربية إلى القرارات

المهمة التي صدرت عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن التي تؤيد كفاح

الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي.

تقويم الكتاب:

لقد وُفِّق المؤلف في إثبات مشروعية المقاطعة العربية لـ (إسرائيل) مستنداً

في ذلك إلى أحكام الشريعة الإسلامية والقانون الدولي العام وميثاق الأمم المتحدة؛

وذلك رداً على من يدمغون المقاطعة بالعنصرية أو بمخالفة ميثاق الأمم المتحدة الذي

يدعو إلى تنمية العلاقات الودية بين الدول. كما وُفِّق في تتبع التطور التاريخي

للمقاطعة العربية منذ بدء تدفق اليهود إلى فلسطين في فترة الحكم العثماني وحتى ما

بعد حرب أكتوبر ١٩٧٣م.

ومع ذلك، يمكنني أن أسجل الملحوظات النقدية الآتية على الكتاب:

اقتصر المؤلف في الكتاب كله على المقاطعة العربية الاقتصادية للعدو

الصهيوني، ورغم ذلك فإن العنوان ذكر المقاطعة بشكل عام دون تحديدها بالمقاطعة

الاقتصادية. وقد أشار المؤلف في المقدمة (ص٧) إلى أشكال أخرى للمقاطعة مثل

المقاطعة الاجتماعية التي تهدف إلى حماية معتقدات وقيم وتقاليد مجتمع ما تجاه

مجتمع آخر، ولذلك كان يجب إزالة الإبهام الوارد في العنوان؛ بحيث يكون:

(قوانين ومبادئ المقاطعة الاقتصادية العربية لإسرائيل) .

في تناوله لبعض صور انتهاك المقاطعة العربية، أشار المؤلف في

١٣٠- ١٣٣) إلى ظاهرة (الجسور المفتوحة) التي تم خلالها انتقال السلع والخدمات

والأفراد بين الضفتين الغربية والشرقية لنهر الأردن، ولكن المؤلف أغفل ثغرة

أخرى من الثغرات التي أحدثها العدو في جدار المقاطعة العربية التي تمت عبر

الحدود اللبنانية أثناء الحرب الأهلية اللبنانية فيما عرف بـ (الجدار الطيب) الذي

تم عبره انتقال منتجات العدو إلى لبنان، ونشطت حركة السياحة بين الطرفين.

في حديثه عن إشراف الجامعة العربية على المقاطعة (ص٨٠ ٨١) ، ذكر

المؤلف أنه لم تشذ دولة عربية واحدة في عقد الخمسينيات عن المقاطعة مستنداً في

ذلك إلى أن مؤتمرات المقاطعة ظلت تنعقد بشكل منتظم حتى في ظروف التوتر في

العلاقات العربية. والحقيقة أن هذا التعميم ينطوي على إغفال ما حدث للمقاطعة من

خروق من لدن بعض الدول العربية. فرغم أن كافة الأقطار العربية أعلنت التزامها

رسمياً بالمقاطعة إلا أن بعضها لم يلتزم في الواقع العملي بتنفيذ مقررات مكتب

المقاطعة الرئيس تحت تسويغات وحجج متعددة، منها أن هذه القرارات اختيارية

وليست ملزمة؛ ولهذا فقد مارست بعض الحكومات العربية الضغوط على المكاتب

الإقليمية وتدخلت في شؤونها، إلى حدّ حملها على رفع الحظر عن بعض الشركات

والمؤسسات المقاطعة.

يعزو المؤلف ظاهرة (الجسور المفتوحة) التي تم من خلالها الالتفاف على

المقاطعة العربية، إلى ضعف الرقابة الأردنية (ص ١٣٢ ١٣٣) ، وأشار إلى أن

هذه الرقابة بدأت منذ مطلع عام ١٩٧٠م تشتد فاعليتها وأصبحت تشكل سياجاً منيعاً

في وجه تسرب الأيدي العاملة وتبادل الخدمات والمنافع من وإلى دولة العدو.

والحقيقة أن هذا الكلام يفتقر إلى الدقة؛ لأن الجسور المفتوحة لم تكن نتيجة ضعف

الرقابة الأردنية، بل إنها تمت آنذاك برغبة السلطات الأردنية؛ حتى إن هذه

السلطات رفضت في ذلك الوقت التوصيات التي طالبتها باحترام أحكام المقاطعة

وسوّغت مسلكها بأنه (لمصلحة القضية العربية) ، وأن إبقاء العلاقات مع الضفة

والقطاع يدعم صمود السكان، ولا يلحق أي ضرر بالمقاطعة العربية.