للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمون والعالم

الإسلام والمسلمون في نيجيريا

بين الماضي والحاضر

بقلم: محمد بابنجيدا محمد

لمحة تاريخية: إن للإسلام تاريخاً قديماً وعريقاً في الدولة التي تعرف اليوم

بـ (نيجيريا) ، وكانت المنطقة في العهد الماضي تسمى بلاد (الهوسا) أو بلاد غرب

(السودان) ، ويرجع تاريخ انتشار الإسلام وتغلغله في هذه الديار إلى القرن الخامس

الهجري، فقد تحدث علماء التاريخ العرب مثل: (القلقشندي) في صبح الأعشى عن

قدم ملوم (برنو وكانم) في الإسلام وعلاقتهما بـ (مصر) في أواخر الدولة

الظاهرية [١] ، أما (كانو) و (كاتسينا) ، وبقية مدن (هاوسا) ، فقد تأخر تغلغل الإسلام فيها إلى القرن الثامن الهجري.

ومن الجدير بالذكر أن انتشار الإسلام في هذه المنطقة كان عن طريق سلمي

بحت لم يَشُبْهُ أي ضغط أو إجبار؛ فلقد أراد الله بأهل هذه البلاد خيراً، فسيّر إليهم

الإسلام، وكانت الوثنية العمياء قبل ذلك قد أدت بهم إلى أسوأ الأخلاق وفساد النظام

حتى كادت أن تهوي بهم إلى مكان سحيق.

دور التجار المسلمين: ويرجع فضل انتشار الإسلام في بلاد (الهوسا) بعد

فضل الله إلى التجار المسلمين من (مالي) وشمال إفريقيا، فاشتهرت بعض مدنهم

مثل (كانو) و (كاتسينا) بوصفها مراكز تجارية عريقة، وكانت هذه الأسواق تجذب

التجار من مناطق نائية ومن بينهم التجار المسلمين، وكان التجار المسلمون

يتميزون بقيم وسلوك تجعلهم محل إعجاب؛ فقد كانوا أهل صدق وأمانة ووفاء،

وأهل نظافة ونظام دقيق وخاصة عندما يشاهدهم الناس في وضوئهم وصلاتهم،

ومن أحسن الناس لباساً وهيئة، يجيدون الكتابة والقراءة، ويعاملون الناس في

شرائهم وبيعهم وغير ذلك بود وسماحة؛ مما دعا الناس إلى حبهم والثقة بهم

والإقبال على تلك العقيدة السامية التي توجِّه هؤلاء التجار إلى هذا السلوك.

عدم الإدراك الكامل: بيد أن من اعتنق الإسلام في أول الأمر لم يدركوا

حقائق التعاليم الإسلامية، فاستمروا على ما يشبه جاهليتهم، مع تأديتهم بعض

شعائر الإسلام مثل الصلاة والصوم، ولكن ذلك لم يمنعهم من التعلق بغير الله،

والذبح للجن والأشجار، وإتيان الكهنة والسحرة، والتطير، وإدمان الخمر، وتبرج

النساء، وغير ذلك، وزاد الطين بِلّة أن أكثر السلاطين الذين ادعوا الإسلام لم

يؤمنوا به حق الإيمان، وإنما أرادوا استغلاله لمصالحهم؛ لما رأوا إقبال الناس

على ذلك الدين الجديد.

وكان العلماء أيضاً في أول العهد قلة، ولم يكن لدى التجار الذين هم سبب

انتشار الإسلام الكفاءة العلمية التي تؤهلهم لشرح المعاني الدقيقة والقواعد الأساسية

للإسلام، ويضاف إلى ذلك كثرة ترحال التجار وعدم استقرارهم في محل واحد؛

مما جعل إمكانية التعليم الجاد المستمر أمراً عسيراً.

إلا أن الأمور تحسنت لما بدأ العلماء يفدون إلى هذه البلاد ومن أشهر من

زارها من العلماء (الإمام السيوطي) رحمه الله، فانكب جمع من الناس على طلب

العلم، ونشأت مدارس ومراكز علمية في بعض المدن.

المذهب السائد: ومن فضل الله أن المذهب السني هو الذي ترسخ في هذه

البلاد، إلا أنه في السنوات القليلة الماضية تحمس بعض الشباب للثورة الإيرانية

فزلت أقدامهم، وأُتُوا من حيث يدرون أو لا يدرون، فأخذوا بالمذهب الشيعي

الجعفري.

وإن كان للطرق الصوفية دور في نشر الإسلام في بدايات الأمر، غير أنها

خلّفت رصيداً من البدع والخرافات لا تزال البلاد تعاني من آثارها السيئة حتى الآن.

حركة الشيخ عثمان بن فودى التجديدية: ثم شاء الله أن تهبّ رياح الخير

والبركات في أوائل القرن الحادي عشر الهجري، فيبزغ على التتابع نخبة من

العلماء الراسخين في العلم، ومن هؤلاء [٢] : الشيخ (محمد ثمب بن عبد الله) ،

وكان عالماً تقياً، رحل إلى الحرمين وأقام فيهما بضعاً وعشرة حجة، ومنهم الشيخ

(محمد بن الراجي) ، أخذ صحيح البخاري وكتب السنة عن علماء الحجاز، وله

سند للبخاري عن شيخه (أبي الحسن السندي) عن (محمد بن حياة السندي) ، وعلى

هذا اشترك فيما يبدو مع الشيخ (محمد بن عبد الوهاب) في التلمذة على (محمد بن

حياة) . ومن هؤلاء النخبة أيضاً الشيخ (جبريل بن عمر) ، الذي كان عالماً ربانياً،

شديد التمسك بالسنة والسير على منهج السلف الصالح عقيدةً وعملاً وسلوكاً، وصار

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ديدنه، ولم يكن يخاف في ذلك لومة لائم.

كان الشيخ (جبريل) أبرز من حارب البدع والعادات الجاهلية ودعا إلى العقيدة

الصحيحة المبنية على الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح، وأخذ عنه هذه الفكرة

تلميذه الشيخ (عثمان بن محمد بن صالح بن فودي) ، وكان رجلاً ورعاً تقياً صالحاً

وعالماً متفنناً، ساءته أحوال البلاد من قلة العلم وانتشار البدع والخرافات وظلم

الأمراء وغير ذلك، مقتفياً في ذلك أثر شيخه (جبريل بن عمر) فجال المدن والقرى

يدعو الناس ويعلمهم دينهم، فدعا إلى إحياء السنة النبوية وطرح كل ما خالفها،

ومن اطلع على كتبه يدرك حماسة الرجل للسنة وشدة تمسكه بها، وأحسن مثال

لذلك كتابه: (إحياء السنة وإخماد البدعة) ، وكتاب: (بيان البدع الشيطانية) ،

وكتاب: (بيان وجوب الهجرة) وغيرها التي تزيد عن مئة كتاب.

وقد وقف رحمه الله أمام سلاطين (الهوسا) وأنكر عليهم انحرافهم عن الدين

وظلمهم الرعية، وحملهم إياهم على أحكام جاهلية وتقاليد موروثة، فقابلوا دعوته

بالرفض والاضطهاد له، قال الشيخ (عثمان) في كتابه (نجم الإخوان) : (أرسلنا إلى

جميع ملوك الهوسا أن ينصروا دين الله ويعينونا في إقامة الدين، فاستكبروا وأبوا؛

فاستأصلهم الله، فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين) [٣] ، وجمع

السلاطين قواتهم، وكان أشدهم عداوة للمسلمين سلطان (غوبر يُنْنَى) ، فدارت

مناوشات وحروب انتهت إلى النصر المبين لجماعة الشيخ.

وهكذا تم الأمر بانتصار الإسلام والمسلمين، وأقام الشيخ (عثمان) دولة

إسلامية هي الوحيدة على نمطها في القارة الإفريقية، وكانت على ما يذكر الدكتور

(حسن عبد الظاهر) أول تجربة إسلامية بإطلاق في تاريخ المنطقة، صبغت

المنطقة بصبغة الإسلام، وأعطت المسلمين مفهوماً صحيحاً عن الإسلام، وكانت

تجربة رائدة وقدوة اقتفى أثرها كثير من الحركات الإسلامية في المناطق المجاورة

لها شرقاً وغرباً [٤] ؛ إذ طبقت الشريعة بكل جوانبها، وساد الأمن والخير والبركة

في البلاد، واستمرت خلافة (سوكوتو (على المنهج الإسلامي وإن وجدت بعض

الانحرافات عن المنهج الأمثل لدى بعض أمرائها، ولكن قواعد الدولة ظلت على

أساس الشريعة الإسلامية إلى أن سيطر الإنجليز عليها عام ١٩٠٣م.

الاستعمار وأسلوبه الماكر في الهدم: طمع الإنجليز في دولة (سوكوتو)

الإسلامية وخططوا لهدمها والسيطرة على أرضها وسرقة كنوزها، وأرسلوا عيونهم

على فترات من الزمن ليستكشفوا أسرار الدولة، ومن أبرز هؤلاء العيون:

(كلابرتون) Clapperton و (دينهام) Denham و (أدني) Oudney، وقد

زار هؤلاء منطقة (برنو) ، و (كانو) ، و (سوكوتو) عدة مرات بعد الرحلات

الاستكشافية التي قام بها (مونجو بارك) Mungo park قبلهم [٥] وفعلاً حصلوا

على بغيتهم، فبعد مدة من الزمن مشوبة بالمكر والمكائد واختلاق اتفاقيات تجارية

وسياسية قام الإنجليز بحملة شرسة على دولة (سوكوتو) الإسلامية، وقاومهم جنود

الإسلام ولكن لما لم تكن المقاومة من الإمارات الإسلامية موحدة فلم تُجْدِ شيئاً،

وسقطت الإمارات الإسلامية على يد الإنجليز واحدة تلو الأخرى، وأخيراً سقطت

العاصمة (سوكوتو) عام ١٩٠٣م.

سيطر الإنجليز على الحكم وأوثقوا قبضتهم على البلاد، ولكنهم أدركوا من

أول وهلة أن التعرض المباشر لمعالم الدين سيوقظ حفيظة الناس ويثيرهم ضد الحكم

الإنجليزي النصراني الغاصب، فاستغلوا نظام الحكم القائم وحكموا البلاد بطريق

غير مباشر وهو ما أسموه Indirect rule؛ إذ كانوا يصدرون أوامرهم للأمراء

المحليين؛ وهم يقومون بدور تنفيذها على رعيتهم، وعلى هذا يكون الحاكم الحقيقي

هو الممثل الإنجليزي.

وكذلك لم يقم الإنجليز بإلغاء الشريعة الإسلامية جملة واحدة عن طريق

مراسيم، بل كانوا يرددون في كل المناسبات أن لا دخل لهم بديانة الناس وتقاليدهم، وقد يُظهِرون في بعض الأحيان (في نفاق سافر) تأييدهم لبعض مظاهر الدين،

ولكن ما أن تَمّتْ لهم السيطرة على البلاد حتى كشفوا القناع؛ فظهرت عداوتهم

للإسلام وبدؤوا يستخفّون به، ويصفون شريعته بالهمجية، واستطاعوا أن يلغوا

الشريعة تدريجاً حتى لا يتفطّن لذلك المسلمون.

نعم: غلب الإنجليز المسلمين في ساحة القتال، ولكن روح الإسلام بقيت في

قلوب الناس، فقابلوا تلك الهزيمة برفض كل ما ينتمي إلى الإنجليز، وهجرَ

جمهور الناس مدارس الإنجليز، واستقبحوا التشبه بهم في كلامهم ولباسهم وكل

تقاليدهم، ويرى بعض الناس أن هذا كان سبب تأخر المسلمين خصوصاً في الشمال

في العلوم المدنية، غير أن الحقيقة هي أن هذا الموقف ساعد المسلمين إلى حد كبير

في الحفاظ على دينهم إلى جانب أن الإنجليز لم تكن لهم رغبة صادقة في تعليم

المسلمين العلوم التي تؤهلهم لإدارة أمورهم من غير الاعتماد على غيرهم، وكان

سعي الإنجليز نحو تأهيل النصارى والوثنيين كبيراً ليتولوا شؤون البلد بعد

مغادرتهم؛ وهذا ما حصل بالفعل.

حاضر نيجيريا: هي أكبر دول أفريقيا السوداء: فهي ذات طاقات بشرية

ومعدنية ولها موقع جغرافي استراتيجي وحساس؛ مما جعلها محل اهتمام القوى

الغربية، ولما تملكه من مميزات يسهل عليها التأثير على الدول المجاورة لها مثل

(النيجر) و (الكاميرون) و (بنين) و (تشاد) و (غانا) وغيرها، ويشمل هذا التأثير

الأمور الاقتصادية والسياسية والدينية والفكرية.

يبلغ عدد سكان (نيجيريا) حالياً أكثر من مئة مليون نسمة، ويشكل المسلمون

حوالي ٧٠% من عدد السكان، وفيها قبائل كثيرة جداً يصل عددها إلى أكثر من

مئتين كلها متباينة اللغات واللهجات، وأكبر قبائل الإسلام هي (الهوسا) و (الفلاني)

و (كانوري) في شمال (نيجيريا) و (يوروبا) في الجنوب.

و (نيجيريا) دولة بترولية، وعلاوة على ذلك فهي غنية بمعادن هائلة قلما

يوجد مثلها مجتمعة في دولة واحدة؛ ففيها الذهب، والفضة، واليورانيوم، والفحم

الحجري، والنحاس، والحديد، وغير ذلك [٦] ، وفيها أيضاً أراضٍ واسعة صالحة

للزراعة وتربية المواشي.

ولكن كل هذه الطاقات الطبيعية تكاد تكون مهدورة؛ إذ لم يستغل منها إلا

القليل جداً، فلا تزال الدولة تعاني من المشاكل الاقتصادية، وتتصاعد الديون

الدولية عليها، ويعيش أغلبية الناس في فقر مدقع بجانب طبقة قليلة تتقلب في ثروة

قارونية وترف فاحش، وتستغل الهيئات التنصيرية العالمية هذا الوضع السيئ

لاصطياد ضعفاء النفوس وتنصيرهم.

المسلمون ودستور الدولة: إن دستور الدولة عبارة عن خليط من النظام

الإنجليزي الموروث والنظام الديمقراطي الغربي، وظلت العلمانية القاعدة الأساسية

التي تقوم عليها الدولة. نعم توجد محاكم إسلامية في الولايات الشمالية تحكم في

دائرة الأحوال الشخصية، ولكن هذا ولما فيه من بعض تحريفات وقيود لا يشفي

غليل المسلمين.

الصراع العنيف بين الكفار والمسلمين: منذ أن ضمت المناطق الشمالية

والغربية والشرقية في سنة ١٩١٤م، لتكوِّن دولة (نيجيريا) ، عرف الناس أن

الخطأ الفظيع الفاحش قد ارتكب؛ فهي مناطق بينها اختلاف ومباينة في الدين

واللغات والتقاليد والتاريخ والطموحات، وقد فقدت الدولة المصطنعة كل شروط

ومقومات الوحدة والاستقرار، أو ما يسميها (ابن خلدون) بالعصبية؛ فالمنطقة

الشمالية تعتز بمجدها الإسلامي وتتطلع لإعادة ذلك، والمنطقة الجنوبية (ما عدا

مناطق اليورباة المسلمة) ترحب بالنفوذ النصراني؛ فشتان ما بينهما، وكان هذا

سبباً لحدوث صراعات مريرة بين الكفار والمسلمين كادت أن تقضي على كيان

الدولة؛ ففي سنة ١٩٦٦م، قام بعض (الإيبو) بانقلاب عسكري أدى إلى قتل عدد

من القادة المسلمين، منهم رئيس الوزراء الحاج (أبو بكر تفاوا بليوا) ، والحاج

(أحمد بلو) حفيد الشيخ (عثمان بن فودي) ، وكان الحاج (أحمد بلو) قبل ذلك قد أثار

غضب الدول الغربية ودولة الصهاينة بجولاته الدعوية ومساندته الظاهرة لقضايا

الإسلام، ثم زاد على ذلك قولته المشهورة لما سئل عن العلاقة مع إسرائيل: (ليس

في قاموسي ولا في خريطتي لإسرائيل وجود) ، فقتلوه بعد ذلك، قتلهم الله.

الحرب الأهلية (١٩٦٦م ١٩٧٠م) : ثم ولجت الدولة في حرب أهلية دامية

بسبب إعلان (الإيبو) انفصالهم عن (نيجيريا) وإقامة دولة (بيافرا النصرانية

الانفصالية) ، فأخفقت تلك المحاولة وأرغموا على البقاء في (نيجيريا) ، ولكن لا

تزال فكرة الانفصال واردة لديهم، ففي سنة ١٩٩٢م، قام بعضهم بمحاولة غير

ناجحة لانقلاب عسكري، وكان من القرار المتفق عليه لديهم هو إخراج الولايات

الشمالية المسلمة من دولة (نيجيريا) ، ومع هذا فقد شاء الله أن يكون لبعض (الإيبو)

نصيب من الإسلام، فهناك الآن عدد منهم يُقْبِلون على الإسلام مع أن الجهود التي

يبذلها المسلمون في دعوتهم قليلة جداً. إن هناك الآن أقلية مسلمة من (الإيبو)

ونشاهد المساجد في بعض قرى ومدن تلك الفئة؛ إذ يوجد مسجد كبير ومدرسة

إسلامية في (أغبور) ، ومسجد جامع في الجامعة النيجيرية بـ (إنسوكا) ومركز

إسلامي تابع لرابطة العالم الإسلامي في (آبيكبو) (كلها في وسط الإيبو (، وهناك

حاجة إلى دراسة واعية لاحتياجات الدعوة في تلك المنطقة حتى تتم للعمل الإسلامي

أهدافه.

أخطار الفتن الطائفية: لقد اتخذ النصارى أسلوب إثارة الفتن الطائفية بقصد

الاستئصال العرقي للمسلمين، ومن ذلك ما قامت به بعض قبائل الأقلية النصرانية

في الولايات الشمالية المسلمة من قتل المسلمين وتحريق بيوتهم ومساجدهم وتخريب

حقولهم، حدث هذا في (زانجون كاتف) (Zangon Kataf) سنة ١٩٩٠م ثم في

سنة ١٩٩٤م. وفي ١٩٩٥م هاجم الكفار الكتفيون المسلمين يوم الجمعة وهم

يصلون فقتّلوهم تقتيلاً؛ حتى إن المرأة الحامل بقروا بطنها واستخرجوا الجنين ثم

ضربوا برأسه الحائط.

وقد قام النصارى بمثل هذا أيضاً عدة مرات في (تفاوا بليوا) Tafawa

Balewa، وفي (كافنشان) Kafancan، وفي (تيجنو وادوجو) Tigno

Wadugu وقع ألف من المسلمين ضحايا أثناء هذه الأعمال الإجرامية التي قام بها

النصارى، وفي كل مرة تحدث هذه المذابح تقوم أجهزة الإعلام بعملية تشويه

للحقائق تزويراً للأمور وتبرئة للنصارى.

وأجهزة الإعلام عندنا يسيطر عليها النصارى، وإن وجدت مسلماً في جهاز

إعلاميٍّ مّا، ألفيته غير واع لواقعه ولا جاداً في دينه إلا قليلاً ممن عصمهم الله

وهداهم.

ومما يزيد الأسف أن رجال الأمن الموكلين بمكافحة الشغب أغلبهم من

النصارى؛ فهم يزيدون النار تأججاً، ويُنزلون الويلات بالمسلمين، ويساعدون

إخوانهم النصارى خفية وجهراً، وهذا من نتائج تفريط المسلمين؛ إذ تمكن

النصارى من الوصول إلى المراكز الحساسة في الدولة بينما أهمل المسلمون العمل

الجاد الموجه نحو تحقيق العزة للإسلام والمسلمين.

والحال على هذا المنوال في كل الجوانب؛ فالنصارى هم أصحاب الشركات

الكبيرة، وهم المتسلطون على الأعمال التجارية المهمة، وهم أصحاب المهارات

العلمية والمهنية، في حين تجد أكثر المسلمين في أعمال تجارية تافهة مثل بيع

القصب والكعك إضافة إلى مهن يدوية لا تحتاج إلى علم ولا مهارة مثل إصلاح

الأحذية والحلاقة، ولا ننكر وجود عدد من المسلمين أصحاب ثروات طائلة

وأصحاب مهارات علمية ومهنية، غير أن عددهم لا يتناسب والأغلبية الكبيرة

للمسلمين في الدولة، ومع هذا فلو أحسن المسلمون استغلال الثروات التي في أيديهم

والطاقات التي لديهم لتحسنت أحوالهم إلى حد كبير، ولكنهم نائمون ويحتاجون إلى

من يوقظهم ويحركهم؛ فإذا تحركوا فإن إفريقيا بأجمعها ستتحرك بإذن الله معهم،

ولعل هذا هو السر الذي أدركه أعداء الإسلام، فركزوا أكبر جهودهم التضليلية على

دولة (نيجيريا) فقد أصبحت (نيجيريا) معملاً لكل التجارب الأجنبية المشبوهة ومن

هذا القبيل: فإن في مدينة (كانو) حالياً فقط أكثر من عشر جمعيات عالمية غير

حكومية كلها تروِّج فكرة تحديد النسل وقضية حقوق الطفل والمرأة، وهناك هيئة

UNICEF التي تسعى إلى تعديل مناهج المدارس الإسلامية الأهلية وخلاوي

تحفيظ القرآن بحجة تحسين الوضع الاقتصادي لخريجي هذه المدارس؛ فإن لم

ينتبه المسلمون ويعملوا لتأهيل إخوانهم وتعليمهم في شتى التخصصات العلمية

والعملية فستكون هذه هي القاضية التي تكسر ذلك الحاجز الذي حال دون تنصير

المسلمين، نسأل الله السلامة والعافية.


(١) المد الإسلامي في أفريقيا، عباس محمد جلال، المختار الإسلامي للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، ١٣٩٨هـ.
(٢) ابن فودي، عبد الله، تزيين الورقات، (مخطوط) .
(٣) نجم الإخوان، عثمان فودي، مكتبة دار إحياء الكتب العربية، بدون تاريخ، ص ١٠٤.
(٤) الدعوة الإسلامية في غرب أفريقيا وقيام دولة الفولاني، حسن عيسى عبد الظاهر.
(٥) Sulaim, ibragim; The Islamic State and the challenge of history, Mansell pub Ltd , New York, ١٩٨٧PP ٧٤-٨٨.
(٦) انظر: اقتصاديات العالم الإسلامي، محمود شاكر، مؤسسة الرسالة، ط٤، ١٤٠٤هـ،
ص ١٠٠، ص ١٠٢، ١١٣، ١٦١، ١٨١.