للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خاطرة سريعة

[نحو أدب هادف]

طاهر عبد الله الثقفي

ها نحن الآن في العصر الحديث، عصر المدنية المغلقة على أبنائها، عصر

الجمال الصناعي بشتى أصنافه، عصر الشعر المبتذل غالباً، والمتكلف أحياناً.

وهذا هو واقعنا للأسف.... فماذا نفعل؟

إذا أردنا أن نزيح هذا الكابوس عن أفكارنا وأحاسيسنا فيجب علينا أن نبدأ

بأنفسنا.. ثم بالجيل الصاعد من أبنائنا. إنّ تذوّق الأدب الراقي يصقل الموهبة،

ويربي الذوق، وتشفّ له النفس وترقّ، ويتفتح الذهن على عالمٍ واسعٍ من الخيال.

إنّ التذوق الأدبي من الدعائم الراسية لبناء الشخصية التي نبحث عنها ونسعى

لإيجادها في مجتمعاتنا؛ فهو مصدر متميزٌ لإرساء القيم النبيلة في أعماق الشخصية

بحكم طبيعته وارتباطه بها.

وقد نعجز عن الإحاطة بما للأدب الراقي من مردودات للفرد والمجتمع. فلنا

أسوة بعلمائنا ومفكرينا وعظماء تاريخنا الإسلامي؛ حيث كان الأدب من أساسات

تعليمهم عبر حياتهم العلمية؛ ففسروا القرآن الكريم خير تفسير، وفهموا الأحاديث

الشريفة أحسن فهم، وقدموا لنا العلم في أساليب رصينةٍ عميقةٍ جميلة.

فلماذا نزهد اليوم في بناء الذوق الأدبي لدى هذه الأجيال المتطلعة للمستقبل

ونحن بحاجةٍ إلى تلك الشخصية الإسلامية القوية؟ لماذا؛ ونحن نعلم ما بهذا الجيل

من عوزٍ إلى القيم الإيجابية الصادقة؛ والفكر الواسع المتأمل، والعين الفاحصة

المدققة؟

يجب ألا يُسمح للمتلاعبين بالأدب والمرتزقة والفوضويين أن يفسدوا ذوق هذا

الجيل الذي نتطلع إليه بكل أمانينا ليحمل الهموم الإسلامية، ويعمل دائماً للخير

والصلاح.

إنّ الأدب الذي ندرّسه لأبنائنا ليس صافياً خالصاً، وإنما هو خليطٌ من تاريخ

الأدب والتراجم والنقد والأدب، سواءً في التعليم العام أو الجامعات.. فإذا أردنا أن

نصل إلى تذوقٍ أدبي يغوص في أعماق النص الأدبي ويكتشف جمالياته ويقدر ما

فيه من درر وجواهر، فعلينا أن ندرّس الأدب على أنه علمٌ وفنٌ مستقلان عن

التاريخ والتراجم والنقد الأدبي؛ فبعد اختيار ما رقى وطهر من النصوص الأدبية

ندرس لغتها وبلاغتها، وفلسفة النص واختصاصاته كنصّ يحمل رسالةً يجب أن

تُقرأ.

فإن فعلنا فسوف نخرج بقرّاء وكتاب للأدب الجميل الهادف لنشر الوعي

الإسلامي الصحيح. وإلا فإن الأدب سيبقى حبراً على ورق ... وسيفقد طاقاتٍ

بشرية نحن بحاجة ماسةٍ إليها.