للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنتدى

[من آداب الجهاد]

عبد العزيز عبد الله الويلي

تأمل النهي النبوي قبل أن تلتحم الصفوف ويتقابل الجيشان؛ فقد قال-صلى

الله عليه وسلم-: (لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية) . قال الإمام النووي

رحمه الله: (إنما نهى عن تمني لقاء العدو لما فيه من صورة الإعجاب والاتكال

على النفس، والوثوق بالقوة، وهو نوع بغي، وقد ضمن الله تعالى لمن بُغي عليه

أن ينصره ولأنه يتضمن قلة الاهتمام بالعدو واحتقاره، وهذا ينافي الاحتياط والحزم، وتأوّله بعضهم: النهي عن التمني في أمر خاص وهو إذا شك في المصلحة فيه

وحصل ضرر؛ وإلا فالقتال كله فضيلة وطاعة، والصحيح الأول؛ ولهذا تممه -

صلى الله عليه وسلم- بقوله: (واسألوا الله العافية) وسؤال الله العافية من الألفاظ

العامة لدفع المكروهات في البدن والباطن في الدين والدنيا والآخرة) . وهذا ضابط

أول من السّنّة، ثم ضابط ثانٍ وهو قُبيل الغزو وأثناءه، ونصوص السّنّة في هذا

كثيرة ومستفيضة، فمن ذلك أنه -صلى الله عليه وسلم- يوصي قائد الجيش بقوله:

(فإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال ... ) ، وهي الإسلام،

الجزية، الحرب. وقوله -صلى الله عليه وسلم- لمن أراد الخروج للجهاد والغزو:

(اغزُوا باسم الله، في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلّوا ولا تغدروا

ولا تمثّلوا ولا تقتلوا وليداً) . ثم يأتي الضابط الثالث وهو ما بعد الحرب في قسمة

الغنائم ومعاملة الأسرى، وقد تحدثت سورة الأنفال في بدايتها عن الأول، وأما

الثاني فقد قال الله تعالى: [يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إن يَعْلَمِ اللَّهُ

فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ]

[الأنفال: ٧٠] وقال: (استوصوا بالأسارى خيراً) .