للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قل موتوا بغيظكم]

حكمت الحريري

ذكر ياقوت الحموي في كتاب (معجم البلدان) قصة تتعلق بموقف عمر بن

عبد العزيز من جامع دمشق الذي بني في عهد الوليد بن عبد الملك، فقال: (لما

ولي عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- قال: إني أرى في أموال مسجد دمشق

كثرة، فقد أُنفقت في غير حقها، فأنا مستدرك ما استدركت منها فردت إلى بيت

المال، أنزع هذا الرخام والفسيفساء، وأنزع هذه السلاسل وأصير بدلها حبالاً،

فاشتد على أهل دمشق، حتى وردت عشرة رجال من ملك الروم إلى دمشق فسألوا

أن يؤذن لهم في دخول المسجد، فأذن لهم أن يدخلوا من باب البريد، فوكل بهم

رجلاً يعرف لغتهم ويسمع كلامهم وينهي قولهم إلى عمر من حيث لا يعلمون،

فمروا في الصحن حتى استقبلوا القبلة فرفعوا رؤوسهم إلى المسجد، فنكس رئيسهم

رأسه واصفر لونه، فقالوا له في ذلك، فقال: إنا كنا معاشر أهل رومية نتحدث أن

بقاء العرب قليل، فلما رأيت ما بنوا علمتُ أن لهم مدة لابد أن يبلغوها، فلما أخبر

عمر بن عبد العزيز بذلك قال: إني أرى مسجدكم هذا غيظاً على الكفار، وترك ما

همّ به) .

تلك هي القلوب الخفاقة المتعلقة بربها -عز وجل- والتي عزفت عن الركون

إلى الدنيا وشهوات النفس، وارتفعت فوق الإحن، ولم تعرقلها السلبيات، فتجد أن

مواقف أولئك الرجال عزة لدين الله، متمثلة لقول بارئها وواعية له: [أَذِلَّةٍ عَلَى

المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ] وغيظاً لأعداء الله [لِيَغِيظَ بِهِمُ الكُفَّارَ] .

والذي جعلني أتذكر قصة عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- وموقفه ذاك: نظرة كبار المؤرخين والمفكرين من أعداء الإسلام وموقفهم من الحركات ...

الإسلامية المجددة منها خاصة، والتي تعمل على تجديد معالم الدين وإعادة الروح

الإسلامية الخالصة الحقيقية إلى أبناء الأمة الإسلامية، تلك الحركات التي لم تقبل

الانقياد للأفكار الغربية الملحدة، ولم تخضع وتنكسر للحاقدين على الإسلام.

وسأذكر فيما يلي موقف بعض الحاقدين على تلك الحركات المجددة لدين

الإسلام، فيصفها بصورة مشوهة، ويظهر التحامل وعدم الرضا منها.

وصدق الله -عز وجل-: [ولَن تَرْضَى عَنكَ اليَهُودُ ولا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ

مِلَّتَهُمْ] وقوله-عز وجل-: [ولا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إنِ

اسْتَطَاعُوا] .

وأول المواقف التي أريد التعرض لها والحديث عنها: لأحد مشاهير

المؤرخين الأوربيين " أرنولد توينبى " وذلك في محاضرتين ألقاهما ما بين عامي

١٩٤٧-١٩٥٢، وقد ترجمهما الدكتور نبيل صبحي الطويل إلى اللغة العربية في

كتيب بعنوان " الإسلام والغرب والمستقبل "، وطبع للمرة الأولى عام ١٣٨٩ هـ

١٩٦٩م.

تحدث توينبى في محاضرته الأولى عن بداية العلاقة بين الإسلام والغرب،

وذكر أنها بدأت في القرن السابع الميلادي، حينما حرر المسلمون سلسلة من الدول

الشرقية من سيطرة الرومان، من سورية شرقاً إلى أسبانيا غرباً، بعد أن كانت

تحت الحكم الروماني مدة ألف عام تقريباً. واستمر الفتح الإسلامي حتى شمل جميع

بلاد الهند، وانتشر أيضاً في أندونيسيا والصين شرقاً، وفي أفريقيا الاستوائية

جنوباً، وكل ما تبقى من العالم المسيحي الشرقي في آسيا الوسطى، وجنوب شرقي

أوروبا خضع في القرنين الرابع عشر والخامس عشر لحكم المسلمين العثمانيين،

وبقي علم الهلال يرفرف فوق السواحل الشرقية لبحر الإدرياتيك حتى عام ١٩١٢،

وبعد أن فشل الأتراك للمرة الثانية في حصار فيينا عام ١٦٨٣ بدأ الهجوم الغربي

المعاكس على العالم الإسلامي.

ولم يكن هذا الهجوم رداً مباشراً مماثلاً للغزو الصليبي، بل كان تطويقاً

للإسلام عن طريق السيطرة على المحيطات، ونجح الغرب في عقد الحبل حول

عنق الإسلام في أواخر القرن السادس عشر، ولم يتم الخناق إلا في القرن التاسع

عشر. [الإسلام والغرب والمستقبل: ١٦-١٨] .

وفي هذه الفترة الزمنية: أدرك العثمانيون أنهم بحاجة إلى التقنية الغربية،

أي: بعد فشلهم بمائة سنة من حصار فيينا خاصة في المجال العسكري، وكان

مصطفى كمال واحداً من الضباط الذين تشربوا الأفكار الغربية حينما كانوا يتعلمون

الفنون الحربية الغربية، وكان هدف هذا العسكري هو التغريب الكامل لتركيا

وفرض برنامجه على الناس بقوة القانون، فتحرير المرأة وإزالة الدين الإسلامي

وفرض الأحرف اللاتينية بدل الأبجدية العربية كل ذلك شرِّع بقوانين ما بين

(١٩٢٢-١٩٢٨) (ص ٢٥) .

ثم يقول: (من المؤكد أن الشعب التركي بوحي من أتاتورك قد خدم العالم

الإسلامي كله! ! ! عندما حاول حل المسألة الغربية المشتركة باقتباسه الحياة

الغربية الحديثة كلها بدون أية تحفظات والقومية الغربية جزء منها) (ص ٢٩) .

هذا هو ملخص المحاضرة الأولى لتوينبي:

ولكن ... إنه لمنطق عجيب أن يدعي توينبي بأن مصطفى كمال أتاتورك خدم

العالم الإسلامي! !

أية خدمة هي التي يقول عنها توينبي قبل قليل، إن أتاتورك أزال الدين

الإسلامي! ! وحرر المرأة! ! وذلك يعني بأنه أخرجها من سترها وحشمتها سافرة

عارية، وأصبحت سلعة رخيصة كما هي حال المرأة في الغرب.

وأية خدمة قام بها مصطفى كمال بتغيير الحروف العربية ووضع بدلها

الحروف اللاتينية! !

ولكن العجب ينقضي عندما يعلم المسلم: أن هذا هو منطق الحاقدين على

الإسلام وأهله، خدمته هي القضاء عليه! والكلام لا يحتاج إلى طول تعليق.

وأما المحاضرة الثانية والتي عنوانها: (الإسلام والغرب والمستقبل) فلا أريد

التعرض لكل ما ذكره توينبي فيها، بل أكتفي بالتركيز على موضع الشاهد من

القصة التي أوردتها في البداية.

بعد غزو الغرب للعالم الإسلامي، فإنه انقسم إلى قسمين شأنه في ذلك شأن

كل المجتمعات المغلوبة التي تواجه مجتمعاً آخر متحضراً، وفي هذا يقول توينبي

كما هو في النص المترجم: (كلما واجه مجتمع متحضر مثل هذا الموقف - أي:

الغزو - أمام مجتمع متفوق آخر نجد طريقين لا ثالث لهما للرد على هذا التحدي

فريق أصبح متمسكاً متحمساً متعصباً (ZEALOT) وفريق ثاني أصبح مقلداً

متكيفاً (HERODION) ، ويعرض توينبي الفريق الأول (المتحمس) بأنه الإنسان

الذي يتهرب من الشيء المجهول ويلجأ للشيء العادي المتعارف عليه. ويذكر أن

ممثلي هذا الطريق - المتحمس - في العالم الإسلامي المعاصر: (هم تلك الحركات السلفية أمثال السنوسية في شمال أفريقيا، والوهابية في أواسط شبه جزيرة العرب) .

ويعتبر أن من الخصائص الملحوظة عند هؤلاء المتحمسين هي أن معاقلهم

تقع في مناطق مجدبة قليلة السكان، بعيدة عن الطرق الرئيسية الموصلة إلى العالم

الحديث.

ثم يذكر أيضاً من الأمثلة على المتحمسين في العالم الإسلامي: الإمام (يحيى

حميد الدين) في صنعاء، ومن الأمثلة على المقلدين التي يذكرها توينبي: محمد

على باشا - في مصر، ومصطفى كمال أتاتورك.

وكما ذكرت فيما سبق من حرصي على نقل مقاطع مترجمة حرفياً من أقوال

توينبي ليكون القارئ على بينة من نظرة الحقد التي ينظرها الصليبيون إلى العالم

الإسلامي، وما تخفي صدورهم أكبر تجاه الحركات الإسلامية الأصيلة، حيث

يصفها بالتعصب والتحمس وعدم استعمال العقل والتفكير ...

وفي حالة حصول المواجهة بين الغرب وأولئك المتحمسين المتعصبين على

حد تعبيره يقول: (ولكن المتحمس المسلح ببندقية أوتوماتيكية لم يعد ذلك المتحمس

المتصوف التقي، لأنه باستعماله لأسلحة الغرب قد وطئ أرضاً دنسة، ولاشك أنه

إذا فكر في الأمر -وقليلاً ما يفعل ذلك لأن سلوكه في الأساس غريزي غير

عقلاني- يقول في نفسه: لن أتعدى الحدود التي وصلتها في تعاملي مع الغرب) .

وفي مقطع آخر يقارن توينبي بين المقلدين والمتحمسين، فيتحامل على

المتحمسين ويلمز بهم وينتقصهم، فيقول: (والواقع أن حركة المقلدين المسلمين

هي أكثر فعالية وتأثيراً من حركة المتحمسين ... لهذا يلجأ المتحمس إلى الماضي

كالنعامة التي تحاول وأد رأسها في الرمال لتختبئ من ملاحقيها، أما المقلد فيواجه

الحاضر بشجاعة، ويحاول اكتشاف المستقبل، فالمتحمس تسيره الغريزة، والمقلد

يسيره العقل) .

ثم تعرض مرة أخرى إلى الحديث عن الثورة التي حصلت في تركيا- أي:

في عهد مصطفى كمال-، وأن ثورته لم تقتصر على تغيير الدستور، فيقول: "

قامت الجمهورية التركية الوليدة بخلع المدافع عن الدين الإسلامي - الخليفة -،

وألغت منصبه، وجردت رجال الدين المسلمين، وحلت منظماتهم، وأزالت

الحجاب عن رأس المرأة واستنكرت كل ما يرمز إليه الحجاب، وأجبرت الرجال

على ارتداء القبعات التي تمنع لابسيها من أداء شعائر الصلاة الإسلامية التقليدية ...

وكنست الشريعة الإسلامية بأكملها ".

كل هذه الأعمال التي قام بها مصطفى كمال تعتبر إصلاحية، وخدمة للعالم

الإسلامي في نظر توينبي! ! ومهما حصل من أخطاء في طريقة التنفيذ فلهم

عذرهم المقبول حسب رأيه، وفي محاولة تبريره لتلك الجرائم يقول توينبي: (ولقد

قامت ثورة المقلدين الأتراك بهذه الروح فواجهت عقبات ضخمة ومعاكسات شديدة،

حتى أن أي مراقب متفائل يضع في حسابه احتمالات قيام أخطاء فاحشة بل حتى

جرائم، ويرجو للثورة النجاح في القيام بأعبائها الهائلة) .

ومن الشعوب التي يعتبرها أيضاً من المتحمسين المتعصبين: قبائل الباتان

التي قامت ضد الطاغوت الذي كان يحكم أفغانستان الملك (أمان الله) ، ثم يتحدث

عن نوعية الاصطدامات التي تقع بين المتحمسين من المسلمين والمقلدين الذين

ينتسبون للإسلام ظاهراً ويعادونه خفية وباطناً، بل ربما تنكروا للإسلام ظاهراً

وباطناً، يقول: (ويمكن أن نلاحظ في سياق بحثنا أن أي اصطدام وقع ويقع بين

المتحمسين وأبناء جلدتهم من المقلدين المسلمين، يلقى المتحمسون فيه عناء شديداً،

ويعاملهم المقلدون معاملة قاسية لا يتجاسر الغربيون على القيام بها، فالغربيون

يعذبون المتحمسين بالسياط، أما المقلدون المسلمون فيعذبونهم بالعقارب) .

والأمر الذي يخشاه توينبي ويحذر من عودته هو الوحدة الإسلامية وعودة

الإسلام إلى الساحة مرة أخرى كما كان عليه من قبل ليلعب دوره الرئيسي في

القضاء على الفساد الناتج عن امتداد الغزو الغربي الذي يرافقه التفرقة العنصرية،

والاختلال الطبقي وغيرها من مفاسد الحضارة الغربية، وفي ذلك يقول توينبي:

(أما في المستقبل البعيد: فيمكن التكهن باحتمال قيام الإسلام بالإسهام في أوجه جديدة للدين، وهذه الاحتمالات المتعددة تتوقف على الوجهة السعيدة التي سيتمخض عنها

وضع الإنسانية الحاضر) (ص ٦٨) .

ثم يقول: (صحيح أن هذه الإمكانية المدمرة للإسلام لا تظهر الآن حتمية

الوقوع؛ لأن الكلمة المؤثرة (الوحدة الإسلامية) .. بدأت مؤخراً تفقد سيطرتها التي

كانت على عقول المسلمين) ، ثم يقول: (فحركة الوحدة الإسلامية نفسانياً هي

الدعوة المثلى التي تسري في عروق المسلمين المتحمسين أمثال الوهابيين

والسنوسيين، إلا أن هذا الاستعداد النفسي للوحدة يصطدم بعقوبات تكنيكية)

٦٨) .

ثم يعبر عن خشيته من عودة الوحدة الإسلامية بعبارات واضحة جلية، وهذا

ما يختم به محاضرته فيقول: (صحيح أن الوحدة الإسلامية نائمة، ولكن يجب أن

نضع في حسابنا أن النائم قد يستيقظ، إذا ثارت البروليتاريا العالمية للعالم المتغرب

ضد السيطرة الغربية، ونادت بزعامة معادية للغرب، فقد يكون لهذا العداء نتائج

نفسانية لا حصر لها في إيقاظ الروح النضالية للإسلام، حتى ولو أنها نامت نومة

أهل الكهف، إذ يمكن لهذا النداء أن يوقظ أصداء التاريخ البطولي للإسلام.

هناك مناسبتان تاريخيتان كان الإسلام فيهما رمز سمو المجتمع الشرقي في

انتصاره على الدخيل الغربي، ففي عهد الخلفاء الراشدين بعد الرسول -صلى الله

عليه وسلم-: (حرر الإسلام سورية ومصر من السيطرة اليونانية التي أثقلت

كاهلهما مدة ألف عام تقريباً) ، وفي عهد (نورالدين) و (صلاح الدين) و ... (المماليك) : احتفظ الإسلام بقلعته أمام هجمات الصليبيين والمغول، فإذا سبب

الوضع الدولي الآن حرباً عنصرية، يمكن للإسلام أن يتحرك ليلعب دوره التاريخي

مرة أخرى، وأرجو ألا يتحقق ذلك (ص ٧٣) .

أخي القارئ الكريم: هذا هو كلام المؤرخ الأوربي الشهير الذي يُعتبر أسوة

لأبناء جلدته ومن شاكلهم في الحقد على هذا الدين وعلى تلك الحركات الأصيلة،

وهذه الكلمات التي يختم بها محاضرته: (أرجو ألا يتحقق ذلك) ! ! يرجو ألا تعود

الوحدة الإسلامية؛ لتقف الأمة في مكانها الرائد، ولتقوم بدورها المطلوب في إنقاذ

الشعوب وتحريرها من سيطرة الطواغيت والأنظمة الجاهلية بكل مسمياتها،

وإعادتها إلى نظام توحيد الألوهية الذي دعت إليه جميع الرسل، وتنفيذ قول الله -

عز وجل-: [إنِ الحُكْمُ إلاَّ لِلَّهِ] .

إن مما يغيظ الحاقدين على الإسلام ويثير حنقهم: تلك الحركات التي يتهمها

بالتعصب والحماس ... الوهابية والسنوسية وقبائل الباتان، تلك الحركات التي

يحكم توينبي بأن نهايتها الموت المحقق والفناء الكامل، لأنها تواجه الحضارة

الغربية.

ولقد خيب الله تعالى ظن توينبي وأمثاله؛ إذ ظنوا أنهم سيقضون على

الأصوات التي ارتفعت تنادي بالعودة إلى شرع الله والأيادي التي حملت السلام

لتذود عن دين الله.

ظن أن ما فعله محمد علي باشا بإشارة من الإنكليز والفرنسيين في ضرب

الحركة الوهابية في عقر دارها، ظن أنها ستنتهي إلى الأبد، وهيهات له ذلك، فلقد

تأثر بأفكار محمد بن عبد الوهاب معظم الحركات الإسلامية في شرق العالم وغربه.

وظن أن ما فعله الملك (أمان الله) مع قبائل الباتان في قيامه ضدهم وتعاونه

مع الانكليز للقضاء عليهم في أفغانستان ظن أنهم قد قضي عليهم وانتهوا، فكيف لو

اطلع توينبي ورأي ما يحدث بأفغانستان على أيدي من يصفهم بالمتعصبين

المتحمسين، من مواجهتهم لأظلم وأشرس وأشد طواغيت الأرض من الشيوعيين،

لقد أرغم هؤلاء المتحمسون أنف الروس والشيوعيين وأذاقوهم كؤوس المنون

وبالرغم من كل ما تعده من مكر الليل والنهار.

ونسأل الله أن يجعل كيد الخائنين في نحورهم، فما كان الروس يتوقعون أن

تحدث لهم مثل هذه المذلة باحتلالهم لأفغانستان، الذي كانوا يظنونه: أن احتلال

أفغانستان كسب مهم لروسيا وخطوة عملية بضمهم أفغانستان للإمبراطورية

الشيوعية، وذلك لكثرة خيرات أفغانستان وثرواتها، ولكن (رُب حتف امرئ فيما

تمناه) .

إنني أهيب بالمخلصين من دعاة الإسلام وحملة رايته بشتى أصنافهم، شيباً

وشباباً، علماء وطلاب علم، وأدعوهم إلى أن يتمثلوا موقف الخليفة الراشد مجدد

القرن الأول عمر بن العزيز -رضي الله عنه- في كل ما يغيظ أعداء الله وأعداء

هذا الدين [١] .

فلنقوِّ ونؤازر كل ما يغيظ أعداء الله وأعداء رسوله -صلى الله عليه وسلم-،

وبذلك ننال رضى الله تعالى، ونحقق معنى الموالاة لأولياء الله والبراءة من أعداء

الله، وبذلك يتحقق قول الله -عز وجل-: [لا يَتَّخِذِ المُؤْمِنُونَ الكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن

دُونِ المُؤْمِنِينَ] ، وقوله تعالى: [لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ

مَنْ حَادَّ اللَّهَ ورَسُولَهُ] ، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أوثق عرى

الإيمان الحب في الله والبغض في الله) ، ثم لينطلق لسان المؤمن بربه وسنة نبيه -

عليه الصلاة والسلام- بعد قراءة هذا المقال بقول الله تعالى: [قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ

إنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ] .


(١) انظر مجلة البيان العدد الثالث، حيث ورد كلام مفصل عن التجديد في عهد عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه-.