للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جنوب السودان

بين خياري الوحدة والانفصال

يوناس بول دي منيال

الأمين العالم للرابطة الإسلامية لجنوب السودان

يظن كثير من الناس أن جنوب السودان تغلب فيه الطوائف النصرانية منذ

القدم، وهذا ظن خاطئ؛ فالجنوب السوداني لم تكن فيه حتى العام ١٨٩٨م ديانات

إلا الإسلام والوثنية، وهذا التاريخ هو تاريخ الاحتلال البريطاني لمصر والسودان

الذي جاء بعد النهاية المأساوية للثورة المهدية في (كررى وأم دبيكرات) .

فالجنوب لم يشهد حركة تبشيرية منظمة قبل الاحتلال الإنجليزي والوجود

المصري، وكذلك لم يشهد حركة دعوية نشطة قبل أو بعد الاحتلال، على الرغم

من أنه كان هناك أفراد من بعض القبائل الرئيسة الجنوبية قد اعتنقوا الإسلام،

وخاصة أثناء الحركة المهدية، وكثير من هؤلاء أكرهوا على الإسلام في الحقيقة،

وكان لذلك أثره على نظرة مواطن الجنوب للإسلام؛ حيث ارتبط في أذهانهم بعنف

الثورة المهدية، وارتبط كذلك بحملات الرق التي حفرتها في ذاكرتهم الخلفيات

التاريخية.

دور الغرب في مشكلة جنوب السودان:

لقد خضع السودان لحكم ثنائي بين مصر وإنجلترا بعد الاحتلال، وثُبّت هذا

الوضع بتوقيع اتفاقية بين البلدين بواسطة المندوب البريطاني (اللورد كرومر) ،

ووزير الخارجية المصري آنذاك بطرس غالي (الجد) ، وقد وُقّعتْ تلك الاتفاقية في

يناير ١٨٩٩م، وبعدها شرع الإنجليز في بذر بذور الفتنة في السودان بممارسة

سياسة، (فرّق تسد) التي بمقتضاها تم تقسيم السودان إلى مناطق إدارية منعزلة

بعضها عن بعض، بما في ذلك الجنوب. فلما بدأ القرن العشرون، (١٩٠٠م) بدأ

المستعمر في رسم سياسات خاصة بالجنوب، كانت مدعاة لإثارة الريبة؛ فقد فتحت

الأبواب على مصاريعها أمام حركات التنصير الأجنبية التي تمثلها جمعيات من

أوروبا وأمريكا، وبرز ذلك جيداً في العام ١٩٠٢م، ولكن هناك مشكلة نشأت بعد

الممارسات التنصيرية في أنحاء الجنوب السوداني الواسع، وتلك المشكلة هي

الاختلافات بين توجهات تلك الجمعيات التي تديرها كنائس متنافسة، وأحياناً

متنازعة. ولحل تلك المشكلة قسم المستعمر أرض الجنوب إلى مناطق نفوذ بين تلك

الجمعيات أو بين تلك الكنائس، وقد زادت هذه الأحوال أوضاع الجنوب سوءاً؛ إذ

إنها كرست التفكك والتشرذم بين أبناء الجنوب، بل بين أبناء القبيلة الواحدة؛ حيث

كانت القبيلة الواحدة كثيراً ما تتنازعها حركات وجمعيات شتى، حتى إن البطن من

القبيلة كان يمكن أن تقسم الوصاية عليه بين كنيستين! فمثلاً: قبيلة (الشلك) أسند

بعضها إلى إشراف كنائس الكاثوليك، بينما أسند البعض الآخر إلى كنائس

البروتستانت. ولا شك أن الجنوبيين كانوا في حاجة شديدة إلى النشاط التنصيري،

لا لقناعتهم بجدارة الشرك الصليبي في أن يحل محل الشرك الوثني، ولكن

لافتقارهم الشديد إلى ما تقدمه تلك الحركات التنصيرية من خدمات تعليمية وصحية

واجتماعية. يضاف إلى هذا أن الحكومة البريطانية كانت تدعم تلك الحركات بالمال

والحماية الأمنية. وباختصار، وبعبارة أخرى: كان الوثنيون الجنوبيون يدخلون

النصرانية لا على أنها بوابة للآخرة، ولكن على أنها نافذة إلى الدنيا التي كانوا

يعانون الحرمان من أبسط مظاهرها.

وماذا عن المسلمين؟

لقد كان في الجنوب مسلمون كما سبق أن قلنا ولكن هؤلاء امتنعوا عن قبول

عطايا المنصرين؛ لأنهم كانوا يعلمون بأنها مشروطة بشرط باهظ؛ وهو: التنصّر!

لهذا أحجم المسلمون حتى عن إدخال أبنائهم المدارس التنصيرية، ومن ثم

تفشت الأمية في أوساطهم، ومَنْ قَبِلَ منهم أن يستفيد من خدمات المنصرين؛ كان

أمره يؤول في النهاية إلى الانسلاخ عن الإسلام، أو الذوبان في شخصية الأعداء،

وكان من مصلحة المستعمر أيضاً أن يرسخ القبلية، حتى تكون عائقاً أمام قبول

الإسلام، وقد خطا المستعمرون في سبيل ذلك الكثير من الخطا الماكرة التي كانت

تصوغ الحاضر لصالح حفظ المستقبل ... وهذا المستقبل هو حاضر السودان الآن!

ومن تلك الخطوات الماكرة: تشجيع وترسيخ العادات القبلية، وخاصة

التحاكم إلى أعراف القبيلة دون غيرها، وتشجيع اللغات واللهجات القبلية لقطع

الطريق أمام انتشار اللغة العربية، وفي الوقت نفسه كانت سلطات الاحتلال تبذل

جهودها في سبيل تشجيع اللغة الإنجليزية في موازاة محاربة وتشويه كل ما يمت

إلى العربية والعروبة بصلة، سواء كان بالهجوم على اللغة العربية تارة، أو الزي

العربي، والعادات العربية تارة أخرى. كل هذا فضلاً عن الهجوم على الإسلام

الذي حرصوا على أن يصوروه على أنه دين عربي!

وقد عمّق كل هذا الشعور بين الجنوبيين بالنفور من أي شيء يأتي من جهة

العرب، فما الحال إذا كان هذا الآتي هو الدين والعقيدة؟ !

لقد عملوا أيضاً على إخلاء الجنوب من العناصر الشمالية المسلمة، ولو كانت

غير عربية، فمسلمو غرب إفريقيا مثلاً؛ لم يكن يسمح لهم بالبقاء في الجنوب

السوداني، في الوقت الذي كان المستعمر يشجع بقاء اليونانيين والنصارى

السوريين وغيرهم، حتى الأعمال التجارية؛ كان الإنجليز يضيّقون فيها على

التجار المسلمين، حتى لا يتأثر الوثنيون بمعاملتهم فيدخلوا في الإسلام. والأعجب

من هذا وذاك، أنه حتى الكنائس التي كانت لها صلة باللغة العربية مثل الكنيسة

الشرقية والقبطية كانوا لا يسمحون لها بأن تزاول نشاطاً في الجنوب. ولهذا فإن

مثل تلك الكنائس التي تدعو إلى النصرانية باللغة العربية لا يُرى لها وجود في

الجنوب السوداني إلى اليوم، في حين أن لها نشاطاً في المناطق الشمالية.

ولم يكن هدف المستعمر الإنجليزي من وراء تلك الخطوات محاربة الإسلام

والعروبة فقط، بل كان يهدف أيضاً إلى فصل الجنوب؛ ليكون تابعاً لمستعمراته

الأخرى في شرق إفريقيا، وخاصة يوغندا وكينيا، لتضمن تلك المناطق مجتمعة

لإنجلترا مخزوناً استراتيجياً للموارد الطبيعية؛ ولكن ذلك الهدف الأخير لم ينجح،

وتعرقل المشروع الإنجليزي المتطلع إلى اقتطاع مستعمرة كبرى من إفريقيا خاضعة

له بشكل مباشر.

وبرزت مظاهر هذا الإخفاق في تفاقم ظهور المشكلة بين الشمال المنتمي إلى

الإسلام والعروبة، وبين الجنوب الزنجي الباحث عن هوية بديلة للوثنية. لقد أوجد

المستعمر الفجوات ووسعها بين الشمال والجنوب، وانتجت سياساته ثقافة تقوم على

المضادة بينهما، والمضادة بين الإسلام والمسيحية، والعروبة ضد الإفريقية. وظل

الأمر على هذا في ظل تسلط الكنائس المتباينة، ومع استمرار تلك الفرقة والشقاق،

نشأ صراع بين الجنوب والشمال، ليس بسبب الاختلاف في الدين فحسب؛ ولكن

بسبب الاختلاف العرقي الذي أزكى المستعمرون ناره، حتى لم يكن الشعور بالنفور

مقصوراً على المنصّرين أو الوثنيين، بل تعمقت الجروح عند المسلمين الجنوبيين

أنفسهم، وتفجرت أحداث دامية في الجنوب عام ١٩٥٥م أي قبل الاستقلال

بتحريض من الكنائس ووجدت حركة تمرد شديدة، واللافت للنظر هنا أن القيادات

السياسية لهذا التمرد كانوا من المسلمين الجنوبيين، وليسوا من النصارى!

واختارت الحكومة في عهد الفريق عبود الحسم العسكري سبيلاً للتخلص من

التمرد دون أن تتفهم دوافعه الحقيقية، مما زاد المشكلة تعقيداً وعمقاً، وجردت

حملات عسكرية إلى الجنوب، كان العسكر لا يفرقون فيها بين المواطن المسالم

والمتمرد، مما اضطر الكثيرين للانضمام لقوى التمرد، ليس على سبيل القناعة بها، ولكن هرباً ودفاعاً عن النفس والممتلكات. وهاجر كثير من الجنوبيين إلى دول

الجوار. واستغلت الكنائس الأجنبية التنصيرية الفرصة فنظمت معسكرات لمن

أدخلتهم في النصرانية، وأخذت تعد شرائح من المتمردين إعداداً قوياً، بإلحاق

عناصر منهم بالمدارس والجامعات، وإعداد عناصر أخرى إعداداً عسكرياً، وعندما

شعر أرباب الكنائس أن الأمور تسير حسب مرئياتهم، سعوا إلى إبرام اتفاقية بشأن

الجنوب، وهي اتفاقية (أديس أبابا) عام ١٩٧٢م التي أبرمت تحت رعاية

إمبراطور إثيوبيا السابق (هيلاسلاسي) . وكانت أطراف الاتفاقية هي: مجلس

الكنائس العالمي، ومجلس كنائس إفريقيا، ومجلس الكنائس السوداني، ولم تحضر

أي جهة إسلامية!

لقد تطور الأمر بعد ذلك عبر سنوات طويلة، حتى آل إلى الحال الراهنة

التي يقف فيها الجنوب الزنجي المُنصّر مقاتلاً ضد الشمال العربي الإسلامي،

وتشكل ما يُسمى بالجيش الشعبي لتحرير السودان، وسعى الغرب من خلال وسائله

المتعددة لدعم حركة التمرد بالمال والعتاد والتدريب والمعلومات بصورة مباشرة،

وسخرت عواصم بعض الدول وكذلك التجمعات الإقليمية لعمل سيناريوهات لسلام

مزعوم، وتم إقناع النيجيريين بدخول (لعبة السلام) وأجريت عملية دعاية إعلامية

دولية مجانية لإبراز قضية الجنوب، والمناداة بدولة مستقلة عاصمتها (جوبا) وعقد

الاجتماعات والمؤتمرات في أكثر العواصم الإفريقية بخصوص تلك القضية؛

لإعطائها دفعاً واستمراراً من القوى الصليبية في العالم، ولا ننسى هنا زيارة (البابا)

يوحنا بولس الثاني، الذي قام بزيارة إلى السودان، وقد حث فيها الجنوبيين على

الثبات في طلب الحرية!

لقد ألقى الغرب بثقله، وعلى مستوى عالٍ جداً في القضية، حتى إن رئيساً

سابقاً لأكبر دولة في العالم وهو الرئيس الأسبق (جيمي كارتر) قام بزيارة خاصة

للسودان من أجل بحث موضوع الجنوب، وتكررت الزيارات من المسؤولين

الغربيين، وكان آخرها الزيارة التي قامت بها (مادلين أولبرايت) وزيرة الخارجية

الأمريكية لدول جوار جنوب السودان.

ولا تستهدف هذه التحركات النشطة والمستمرة، سوى زعزعة استقرار

الإسلام في السودان كله، وليس في الجنوب فحسب. إنهم يتحركون بدعوى حماية

النصارى في الجنوب، مع أن الإحصاءات الكنسية نفسها تقول إن ١٧% فقط من

السكان من النصارى في حين أن نسبة المسلمين تصل ١٨%، أما البقية (٦٥%)

فهم لا يزالون وثنيين على حسب إحصاءات عام ١٩٨٢م.

دور الحكومات السودانية المتعاقبة في مشكلة السودان:

كان جيش الاحتلال البريطاني جسماً غريباً عن السودان، غريباً بلغته وثقافته

وفكره وسياساته ومنهاجه في الحكم، وبهذه الغرابة فرض على المجتمع السوداني

سياسات ومرئيات لا تراعي طبيعة هذا المجتمع وتكويناته.

وقد اجتمعت الأسباب لدى الشعب السوداني كله لمقاومة هذا الاحتلال، حتى

تم ذلك بإنهائه وإعلان الاستقلال عام ١٩٥٦م.

لكن المؤسف حقاً، أن أغلب الحكومات المسماة بالوطنية، منذ الاستقلال،

قامت بالدور الذي كان يقوم به الاستعمار؛ فبعد خروجه انتهجت تلك الحكومات

سياسته نفسها، وحاولت فرض وجهات نظرها ومشاريعها بالقوة على جنوب البلاد، دونما اعتبار لواقع التنوع العرقي والقبلي، وكانت سياسة فرض العروبة والإسلام

مثالاً صارخاً على التعسف في الإصلاح. لا شك أنه كانت هناك جهود إصلاحية،

ولكن سياسات التحيز كانت تفسد ثمرة تلك الإصلاحات، والسبب في ذلك أن النخبة

الحاكمة في السودان كانت تنتمي على الدوام إلى مناطق بعينها خاصة من الشمال

فكان الجنوبيون ينظرون إليهم على أنهم متعالون مستكبرون. وانبنى على ذلك

شعور مستقر لديهم بأن الإسلام دين للعرب، ودين يفرض بالقوة، وأنه حتى

المسلمون الجنوبيون ما هم إلا عملاء لهؤلاء العرب والمسلمين الشماليين.

ولم تكن السياسات الخرقاء مع الجنوب حكراً على الجوانب الدينية

والاجتماعية؛ بل امتدت إلى الجوانب الاقتصادية؛ فالنخبة الحاكمة في السودان

ظلت حريصة على السيطرة على مقدرات البلاد الاقتصادية؛ بحيث لا تسمح لأحد

من الجنوبيين بالشراكة في المسؤولية الاقتصادية مهما كانت كفاءته العلمية والعملية؛ وحتى لو كان من المسلمين.

أما المؤسسات السيادية في الدولة، مثل وزارات الخارجية والدفاع وقيادة

الجيش.. إلخ، فكلها حكر على الشماليين، وهم وإن كانوا يسمحون بتبادل

المشاركة في إدارة الولايات بين أبناء الجنوب والشمال على مستوى المحافظين فإن

مناصب وزارة الاقتصاد ووزارة المالية، لا يمكن أن تخرج عن المنتمين إلى أبناء

الشمال، ومما يذكر أيضاً على سبيل الأسى والأسف أن النخب الحاكمة في

الخرطوم، كانت طوال تاريخ السودان الحديث لا تعرف مفهوماً للعدالة ولا تطبيقاً

لشعاراتها، فقط كانت الشعارات للاستهلاك المحلي والدعاية.

لقد كان الظلم والجور هو سيد الموقف في الغالب الأعم من تصرفات

الشماليين تجاه الجنوبيين بدوافع عنصرية، مما أدى في النهاية إلى تجذر

الاختلافات وتشعبها، حتى ازدادت هذه الظاهرة وتضاعفت، خاصة بعد النمو

المطرد في المستوى الثقافي والفكري والسياسي في المجتمع السوداني، بما أصبح

معه السكوت على ذلك الغبن من الأمور المستحيلة.

الجنوبيون بين خياري الوحدة والانفصال:

لا تعدو الوحدة القائمة الآن بين شطري السودان أن تكون وحدة جغرافية

سياسية، أما الوحدة بمعنى الالتحام والتكامل، فإنها لم تر النور بعد، وإن كان

المستقبل يبشر بقيامها، خاصة بعد زوال كثير من العقبات.

إلا أن هناك عقبة كؤوداً لا زالت تحول بين السودانيين وبين تحقق حُلم

الوحدة بمعناها المقبول، وهذه العقبة هي العقلية التي لا تزال تتحكم في سياسات

البلاد. قد يستغرب بعض الناس إذا قلنا إن هناك تياراً قوياً داخل الحكومة الحالية

يؤيد الانفصال، ولا نذيع سراً إذا قلنا إن هناك رموزاً بارزة أصبحت تدعو الآن

علناً إلى الانفصال، بل وتفاوض على ذلك! وهي تتفق مع أصحاب دعوات

الانفصال في الجنوب من حيث المبدأ، وإن كانت تختلف في الحدود الفاصلة بين

شطري سودان المستقبل!

إن هؤلاء يسوّغون دعوتهم بأن تكاليف الوحدة أو بالأحرى الحرب من أجل

الوحدة باهظة، وكذلك السلام بما يترتب عليه من مسؤوليات أو برامج باهظة

التكاليف أيضاً. وعلى هذا فالحل الوحيد في نظرهم هو الانفصال؛ لأن النزاع

سيظل قائماً ومستمراً بسبب الاختلاف على الأراضي والحدود.

إن هؤلاء الداعين إلى الانفصال في دهاليز الحكم السوداني القائم، يتناسون

أن الانفصال سيكون في صالح من يعملون لإقامة دولة في الجنوب فقط؛ فلهم

وحدهم ستكون الثمرة، ولن يحدث ما يراهن عليه الواهمون من أن حرباً أهلية

ستقوم بين قبائل الجنوب؛ فدعاة الانفصال في الشمال يتجاهلون أن وراء الجنوبيين

الانفصاليين من يعمل لتنظيم وتوحيد جهودهم على أسس عنصرية ضد الشمال.

لكننا نقول: إنه وعلى رغم المرارات التاريخية والمعاصرة التي عاناها

السودانيون الجنوبيون، فليس من مصلحة الشمال ولا الجنوب الانفصال، بل

الواجب درس معادلة للتعايش والتعاون والتكامل. والبداية لا بد أن تأتي من النخبة

الحاكمة؛ فهي مطالبة بتغيير نظرتها للجنوبيين حتى لا تتهدد وحدة السودان؛ فهذه

الوحدة ظلت مهددة منذ الاستقلال وحتى اليوم، ولا ينبغي الاتكال على الادعاء بأن

هذه الوحدة قائمة؛ لأنها في الحقيقة ليست قائمة إلا على مفهوم الأرض، وهذا ليس

كافياً، بل لا بد من سعي السودانيين جميعاً لإكمال الوحدة الحقيقية من خلال برنامج

حكم اتحادي يتفق عليه جميع أهل السودان دون وصاية أو تدخل من قبل نخبة

معينة؛ فهذا أفضل ضمان مستقبلي للصيغة الحضارية التي ندعو إليها في سودان

المستقبل.

والله الموفق