للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمون والعالم

بعد خمسين عاماً..

حلف الناتو. . والبحث عن أعداء

د. يوسف الصغير

كانت التحالفات وسيلة أساسية لحفظ التوازن بين القوى؛ فحتى المجتمعات

القبلية نجد أن التوازن فيها يتحقق غالباً بشبكة من التحالفات وبقدر ما تكون هذه

التحالفات سبباً للاستقرار فإنها تكون بالمثل عاملاً في توسيع رقعة الصراعات عند

حدوثها. ويمكن اعتبار الحروب الصليبية نموذجاً لما تؤدي إلية التحالفات؛ فقد

كانت كل حملة قائمة على أساس تحالف يجمع بعض زعماء أوروبا وملوكها الذين

اتفقت كلمتهم على عداوة المسلمين وإن تنافسوا وتصارعوا على المكاسب والنفوذ،

وكانت القوى الأوروبية تعيش حالة مستمرة من الصراع والحروب القائمة بين قوى

متحالفة دائمة التغير مع ثبات مبدأ التكاتف ضد أي قوة تريد السيطرة على القارة.

ومن الأمثلة على ذلك اتحاد دول أوروبا ضد نابليون عندما فكر في السيطرة

على أوروبا وقد اجتمعت عليه روسيا والنمسا والولايات الألمانية وأسبانيا وبريطانيا

حتى تمت هزيمته؛ ولكن عندما توحدت الولايات الألمانية بقيادة بروسيا وتحالفت

مع الإمبراطورية النمساوية المجرية اجتمعت فرنسا مع بريطانيا وشكلت مع روسيا

تحالفاً مضاداً كان سبباً في قيام الحرب العالمية الأولى؛ فقد كانت الشرارة تنافساً

بين صربيا والنمسا تطور إلى حرب بين البلدين على إثر اغتيال ولي عهد النمسا،

وكان تدخل روسيا لمصلحة صربيا وإعلانها التعبئة لإظهار جدية موقفها، ولم يكن

يدور في خلدهم أن الألمان حلفاء النمسا سيحذون حذوهم في إعلان التعبئة التي

تعني في العرف العسكري الألماني الحرب، مما أدى إلى حرب عامة ذهب

ضحيتها ملايين البشر، وقد نجح الألمان في إخراج روسيا من الحرب عن طريق

تهريب لينين إلى داخل روسيا ودعم الثورة على القيصر، وفي المقابل نجحت

بريطانيا في جر أمريكا نحو الحرب؛ وقد أصيب الرئيس الأمريكي بخيبة أمل

بسبب أساليب السياسيين الأوروبيين وخاصة في بريطانيا وفرنسا؛ مما أدى إلى

عودة أمريكا إلى تغليب سياسة الانعزال عن العالم القديم، وقد أدت سياسات

بريطانيا وفرنسا مع ألمانيا بعد الحرب الأولى إلى وضع بذور الحرب العالمية

الثانية.

ومن الغرائب أن منطقة البلقان كان لها مرة أخرى دورٌ كبير في سير الحرب؛ حيث إنه حتى في بداية الحرب كان الاتحاد السوفييتي أقرب إلى ألمانيا لدرجة

أنهما اشتركا في اجتياح بولندا وتقاسماها في بداية الحرب، ولكن غزو الألمان

للبلقان أغرى هتلر بنصر سهل على الروس، وكان لدخول الروس مرغمين في

الحرب العالمية الثانية أبلغ الأثر في هزيمة الألمان من جهة، وفي تردي الأوضاع

الدولية في النصف الثاني في القرن العشرين من جهة أخرى.

إن انعدام الثقة بين الغرب (بريطانيا وأمريكا) وحليفهم المؤقت (الاتحاد

السوفييتي) قد أدى إلى امتداد الحرب وتطاولها، وكانت الاجتماعات الدورية بين

(ستالين) من جهة و (روزفلت وتشرشل) من جهة أخرى تتم لتنسيق المواقف

والهجمات الاستراتيجية.

ولكن أوضاع ما بعد الحرب كانت تلقي بظلالها على الجميع؛ وكما هو معلوم

فقد تم تقاسم النفوذ في العالم أثناء هذه الاجتماعات سواءً في يالطا أو طهران. نعم

لقد تم تقاسم أوروبا، وتم تقسيم فييتنام وكوريا، بل وتم تقاسم ألمانيا وعلمائها بين

الحلفاء.

لقد خرجت الولايات المتحدة من الحرب العالمية الثانية وهي تحس أنها الدولة

العظمى الأولى؛ فقد كان اقتصادها الهائل سليماً لم يمس، بينما تعرضت الدول

المشاركة الأخرى للخراب بالإضافة إلى أنها الدولة الوحيدة التي تملك السلاح

المرعب الجديد ألا وهو السلاح الذري، ولكن ما هي إلا سنوات قليلة حتى نجح

الاتحاد السوفييتي في أول تفجير نووي له؛ وعندها دخل العالم في مرحلة جديدة

تقابل فيها معسكران يتصارعان بصورة مستمرة ولكنها غير مباشرة، وكانت

الحرب مستعرة في أنحاء العالم وساخنة يغذيها الطرفان؛ ولكن الحرب في أوروبا

كانت باردة يجمع بينهما ما يسمى بتوازن الرعب.

إنشاء حلف شمال الأطلسي:

في اليوم الرابع من (نيسان) إبريل ١٩٤٩م تم التوقيع في مكتب الرئيس

الأمريكي (ترومان) على وثيقة إعلان حلف شمال الأطلسي (الناتو) وكان الهدف

المعلن هو حماية أوروبا من التوسع الشيوعي وكان هذا الحلف يمثل للولايات

المتحدة الحلقة الرئيسة في سياسة محاصرة الشيوعية التي سيطرت على وسط

وجنوب أوروبا والصين وبدأت تزحف على جنوب شرق آسيا. وإذا كانت الحرب

الكورية عاملاً مهما في تخفيف التسلط الأمريكي على اليابان فإن إنشاء حلف

الأطلسي كان له دور رئيس في إعادة الاعتبار لألمانيا الغربية والسماح لها ببناء

جيشها، حيث كانت مع أمريكا أكبر المشاركين في القوات البرية.

لقد كان مجال عمل حلف الأطلسي يقتصر على أوروبا ولذلك لم يكن له دور

في الحرب الكورية أو حرب فييتنام وأيضاً لم يشارك في العدوان الثلاثي على

مصر مع بريطانيا وفرنسا، وخرجت فرنسا من الجزائر ولم يَلُمْ أحد الحلف لعدم

وقوفه مع فرنسا. لقد كان هاجس الحلف هو كيفية التصدي لأي هجوم على أوروبا

من قِبَلِ الروس الذين لم يحسوا بالحاجة لتكوين حلف؛ لأنهم يسيطرون بصورة

مباشرة عن طريق الأحزاب الشيوعية العميلة لهم والخاضعة مباشرة للمخابرات

السوفييتية الـ (كي. جي. بي) ، ولكن أحداث المجر نبهت الروس لأهمية حلف

مماثل لمواجهة الأطلسي فأنشؤوه وأسموه: (حلف وارسو) وأعلن عنه في

١٤/٥/ ١٩٥٥م أي بعد أكثر من خمس سنوات من إعلان قيام حلف الناتو.

دور الحلف في أوروبا:

كما أسلفنا فإن توازن الرعب كان مسيطراً على أوروبا، وكان حلف الناتو

قائماً أساساً على القوة الأمريكية، وكانت القيادات العسكرية العليا حكراً على

الأمريكيين مما أدى إلى انسحاب فرنسا أيام (ديجول) من الجانب العسكري في

الحلف فترة من الزمن، أما في الجانب الآخر فإن الروس يهيمنون بالمثل على

حلف وارسو، وقد حاولت المجر التحرر من النفوذ الروسي، إلا أن الثورة

المجرية سُحقت ووقف حلف الأطلسي موقف المشجع المتفرج، وكان دك بودابست

كذلك رسالة روسية لكل دولة تفكر في الخروج من الفلك الروسي، وقد تكرر دخول

الروس بمشاركة رمزية في حلف وارسو لدولة متمردة أخرى هي تشيكوسلوفاكيا،

ولكن براغ لم تقاوم لخوفها من مصير بوادبست.

إن المعسكرين المتقابلين لم يستوعبا الدول الأوروبية؛ فقد امتنعت بعض

الدول عن الدخول لأسباب مختلفة؛ فمثلاً: دولة مثل سويسرا انتهجت سياسة الحياد

في أوروبا مثلها في ذلك مثل السويد، أما يوغسلافيا فإن نظامها وإن كان شيوعياً

فقد كان (تيتو) يخشى من سيطرة (ستالين) الذي كان يخشى تحوُّله نحو الغرب؛

ولهذا رضى (ستالين) من (تيتو) أن تكون العلاقات جيدة في الميادين العسكرية

والاقتصادية مع استقلال يوغسلافيا السياسي.

لقد تحولت أوروبا إلى معسكر حربي هائل مع سباق في التسلح مقترن به

نشاط تجسسي متبادل بين الطرفين، ولكن مع كل هذا لم تطلق رصاصة واحدة مع

وجود المعسكرين المتكافئين ولكن الأمور انقلبت رأساً على عقب مع سقوط حلف

وارسو وانفرط عقد الشيوعية؛ فأصبح لزاماً على حلف الناتو أن يغير في أهدافه

حتى يبقى على قيد الحياة؛ فما هي الأدوار الجديدة؟ وماذا يتوقع من الحلف في

المرحلة القادمة؟

الحلف بعد خمسين عاماً:

في أجواء احتفالية تم التوقيع على تعديل مهمات الحلف لتتناسب مع الأوضاع

في القرن الحادي والعشرين، وسنحاول إلقاء الضوء على أهم النقاط الواردة في

البيان الختامي لاجتماع الحلف بمناسبة مرور خمسين عاماً على إنشائه.

إن أهم النقاط هي: توسيع مجال الحلف، ليقوم بإدارة الأزمات في أي مكان

في العالم؛ ويعني هذا: البقاء في حالة استعداد أمام كل حالة على حدة للمساهمة

بفعالية في تفادي النزاعات والالتزام الناشط في إدارة الأزمات بما فيها الالتزام

بعمليات رد على هذه الأزمات، أما القضية الأخرى المهمة فهي السماح لمنظمة

الأمن والدفاع الأوروبية بالاستفادة من أصول الحلف في عمليات لا تشارك فيها

الولايات المتحدة وهاتان النقطتان تبرزان التناقضات داخل الحلف.

ولعل الشرح يبرز حجم الخلاف داخل الحلف، ففي حين يصرح الأمين العام

للحلف (خافيير سولانا) بأن الدور الجديد المناط بالحلف الأطلسي لا يعني جعله

شرطي العالم؛ فإن الرئيس الأمريكي يقول إنه لا يعتقد أن توسيع نطاق عمل

الحلف مسألة جغرافية بالضرورة؛ فهناك أشياء تحدث في أوروبا أو دول غير

أعضاء في الناتو يمكن أن تؤثر سلباً على أمن حلف الأطلسي وسنتعامل معها،

وأضاف أن الوثيقة الجديدة ستدعم أمن أوروبا وحريتها عن طريق زيادة قدرتها

على التعامل مع الصراعات الجارية خارج حدودنا وحماية مواطنينا من خطر

الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل، وتعميق الشراكة مع الدول الأخرى، ومساعدة

الأعضاء الجدد على دخول حلف الأطلسي. وكما قال مسؤولون أمريكيون فإن

القرار بتوسيع نطاق عمل الناتو إلى أي مكان في العالم يعني أن الحلف يمكن أن

يتدخل في نزاعات في شمال إفريقيا أو الشرق الأوسط إذا تراضى الأعضاء على

أن هناك مسألة تؤثر على أمنهم.

لقد بلغ توسع برنامج الناتو المسمى بالتعاون والشراكة من أجل السلام إلى

أذربيجان وجورجيا وكازاخستان وقرغيزيا وأوزبكستان وتركمانستان مع ما

يصاحبها من قواعد عسكرية ومناورات مشتركة على حدود روسيا والصين، أضف

إلى ذلك أن السياسة الأمريكية في مقاومة الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل التي تعتبر

من أهداف الحلف الرئيسة ستُدْخل أمريكا في مغامرات وعمليات استعراضية لا يعلم

نتائجها إلا الله، وهذه نقطة خلاف رئيسة بين أعضاء الحلف. وقد أصرت فرنسا

على ربط هذه العمليات بالأمم المتحدة وألحت أمريكا على تهميش دور المنظمة

الدولية.

أما النقطة الأساسية الأخرى فهي محاولة أوروبا الانفلات من الهيمنة

الأمريكية وذلك بالنص على أهلية منظمة الأمن والدفاع الأوروبية المنبثقة من

الاتحاد الأوروبي، وهذا يعني خروج الولايات المتحدة وتركيا، وقد عارضت

تركيا هذه النقطة دون جدوى؛ حيث إن عملية المقايضة تمت بين الدول الأوروبية

وأمريكا على إقرار أمرين هما باختصار: مشاركة أوروبا في مغامرات أمريكا حول

العالم، وسماح أمريكا لأوروبا بالاستفادة من أصول الحلف وأغلبها أمريكية في

عمليات خاصة بها.

إن هذا الحل التوفيقي يحمل في ثناياه بذور الصراع بين الحلفاء، وينذر

الضعفاء حول العالم بأوخم العواقب، فماذا يمكن أن يحصل عندما يسيطر على

العالم قوة عسكرية جبارة ومتفوقة ولكن لها أكثر من رأس؟ ولا يخفى أن حلف

الأطلسي تسيطر أمريكا على قيادته مع مساعدة لصيقة من بريطانيا. أما الدول

المستاءة من الدور الأمريكي في الحلف فهي المسيطرة على منظمة الأمن والدفاع

الأوروبية وهما ألمانيا وفرنسا. إن ما يجري في البلقان اليوم يوحي بما يمكن أن

يحصل في أماكن أخرى. ولهذا، فمن الضروري التدقيق في الأحداث الجارية

اليوم ومحاولة استكشاف ملابساتها.

من البوسنة إلى كوسوفا:

لقد كانت أحداث البوسنة شاهداً على عجز أوروبا وعدم قدرتها على الحركة

نظراً لتضارب مصالحها وارتباطاتها؛ فقد كانت فرنسا وبريطانيا تقفان بلا حياء مع

الصرب في مشروع صربيا الكبرى، أما ألمانيا فقد كان همها هو الحفاظ على

مصالح حلفائها الكروات وتأمينها، وكانت الأمم المتحدة مشاركة في جريمة تصفية

المسلمين بعرقلة وصول السلاح إليهم، وقد تطورت الأحداث بصورة لا تتلاءم مع

مصالح الغرب؛ فقد أصبحت البوسنة قضية إسلامية، وبدأت طلائع المجاهدين

بالمشاركة الفعالة في مواجهة الصرب الذين بدأ الميزان العسكري يميل لغير

صالحهم في آخر مراحل الحرب، وكان تدخل أمريكا ضرورياً لمنع الانهيار

الصربي في البوسنة والحفاظ على التوازن، فتم فرض اتفاق (دايتون) الذي يحفظ

للصرب المناطق التي احتلوها ويميِّع الثقل الإسلامي بجعله جزءاً من اتحاد مع

الكروات، والأهم من ذلك أن البوسنة تحولت إلى مركز للوجود الأمريكي وموطئ

قدم لهم، وكانت أهم مهمة أمريكية هي إبعاد المجاهدين عن البوسنة بل وفرض

إبعاد بعض القادة المسلمين البوسنويين بتهمة أن لهم علاقات مع بعض الدول

الإسلامية.

أما من ناحية كوسوفا فإن التدخل الأمريكي بدأ مبكراً لاستباق أي تطور غير

مرغوب فيه؛ فقد كان موقف الصرب كالعادة يعميه التعصب؛ بحيث يؤدي حتماً

إلى صراع عسكري سيتحول إلى بؤرة جهاد إذا لم تحل القضية بسرعة، ولهذا فقد

عملت أمريكا على الضغط الشديد على الجانبين من أجل عقد اتفاق (رانبويه) بحيث

تبقى كوسوفا جزءاً من صربيا مع تمتعهما بالحكم الذاتي، بالإضافة إلى تواجد

قوات أطلسية للحفاظ على الأمن، أي إقامة بوسنة أخرى مع اختلاف بسيط؛ حيت

إن كوسوفا ستبقى - فقط - جزءاً من صربيا ولكن يسيطر عليها حلف الأطلسي.

لقد رفض الصرب الاتفاق ولم يأخذوا تهديدات الأطلسي على محمل الجد،

وفاتهم أن صربيا هي الدولة الوحيدة في أوروبا التي تتحالف مع روسيا وهي

الوحيدة في المنطقة التي لا يوجد فيها تواجد عسكري للأطلسي، وأن إكمال حصار

روسيا واستقرار الأوضاع في البلقان يقتضي وجود نظام موالٍ للغرب في بلغراد مع

إعطاء بعض الحقوق للأغلبية الألبانية في كوسوفا.

إن الغريب في الأحداث أن العمليات العسكرية الجارية تتلخص في قيام الحلف

بهجمات جوية لتدمير البنى الأساسية في صربيا وكوسوفا بينما يقوم الجيش

الصربي بعملية تهجير قسري لأعداد كبيرة من الألبان في كوسوفا مع نهب بيوتهم

وإحراقها لمنعهم من العودة. لقد قام الصرب بتكرار أعمالهم الوحشية من إعدامات

جماعية وعمليات اغتصاب منظمة، وكرر الغرب منع السلاح عن المسلمين مع أن

تكاليف تسليح المسلمين في كوسوفا بحيث يقومون هم بطرد الصرب لا تساوي

تكاليف ضربة جوية واحدة، ولكن يبدو أن الحل النهائي قائم على إخضاع الصرب

للغرب وتخفيض نسبة المسلمين إلى الصرب في الإقليم إلى ٣: ١ بدلاً من ١٠:

١ مما يسمح باستمرار النفوذ الصربي في الإقليم واضطرار المسلمين للرضى بحكم

ذاتي، أما اللاجئون فإن عودتهم كلهم أمر مستبعد؛ والدليل أن أغلب اللاجئين في

البوسنة لم يسمح لهم بالعودة حتى الآن إلى بيوتهم وقراهم مع أن اتفاقية السلام

تنص على ذلك!

مستقبل الحلف:

إن مستقبل الحلف مرهون بمدى التنسيق وبمدى تفهم كل طرف لمصالح

الآخر، والذي أراه أن أمريكا بعد أن نزعت عنها غطاء الأمم المتحدة ومجلس

الأمن تريد العمل تحت مظلة أخرى هي حلف الأطلسي، أما إدخال حماية

المواطنين ومواجهة الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل في مجال عمل الحلف فسيؤدي

إلى جر الحلف إلى لائحة طويلة من القضايا التي تهم أمريكا وإليك بعضها على

سبيل المثال:

١ - قضية كوريا الشمالية وتجريدها من سلاح التدمير الشامل وهي قضية

حية قد يتورط فيها الحلف مع ملاحظة حساسية الوضع الشديد نظراً للموقف

الصيني.

٢ - المشاريع النووية وبرنامج الصواريخ الإيراني وهو موضوع يهم أمريكا

وإسرائيل، فهل يوافق الحلف على جره لهذه القضية؟

٣ - إمكانية التدخل في مصر بناءً على قانون حفظ الأقليات الأمريكي

ومناهضة الاضطهاد الديني المزعوم للأقباط.

٤ - تحويل عملية حصار العراق من عملية أمريكية بريطانية إلى عملية

أطلسية.

٥ - إدارة الأحداث في شمال إفريقيا، وهل ستكون من نصيب الأطلسي

(أمريكا) أم منظمة في الأمن والدفاع الأوروبية (فرنسا) ؟

٦ - هل ستسمح أمريكا لأوروبا بالتدخل عند حدوث أي اضطراب في منطقة

نفوذها الخاصة في أمريكا الجنوبية؟

٧ - كيف يتم التعامل مع الصين؟

٨ - ما هو دور الصراع الاقتصادي بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة

في تحديد مستقبل الحلف؟

٩ - هل تستمر سياسة حصار روسيا، أم تتغلب سياسة أوروبا في التعاون

مع روسيا؟ وكيف يكون الوضع بعد سقوط (يلتسن) ؟

إن أخطر ما يجري اليوم هو أن الحلف الذي بقي خمسين عاماً ساكناً بدأ أول

عملياته بعد انتهاء الخطر الذي أنشئ من أجله الحلف؛ وهو الآن كما هو واضح

وفي ظل الأهداف المطاطة والواسعة يبحث عن الأعداء في طول العالم وعرضه.

وإذا كانت العمليات لا تكلف سوى بضع مليارات يتم استردادها سريعاً فإن

القيادات العسكرية لن تُفوِّت الفرصة تلو الفرصة في البحث عن مسوِّغات لعمليات

تزيد من مخصصاتهم، وتبعد عنهم شبح شح الموارد وتخفيض الأعداد، ولا ننسى

أن كلينتون عندما طلب من الكونجرس ٦ مليارات من الدولارات تمت الموافقة على

ضعفها، ومما يحزن الإنسان أن الأمة الإسلامية غائبة عن الأحداث، ونرجو من

الله أن يلطف بنا، فهل ستكون البلدان الإسلامية ميدان التجارب الجديدة للأسلحة

الجديدة لدى الحلف بدعوى مواجهة الإرهاب أو منع انتشار أسلحة الدمار الشامل؟ !