للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدث في زنجبار

إذا أردت بطاقة للعبور إلى الشهرة، أو لتسلم منصب مهم، فالأمر لا يحتاج

إلى مؤهلات كثيرة ومعقدة، كل ما هو مطلوب أن تقف على منصة في اجتماع عام

لحزب أو منظمة وتهاجم الإسلام، أو شيئاً من تعاليمه، وعندها ستصبح نجماً

شهيرا، وبطلاً مكافحاً، ومناضلاً وطنياً، ولكن ضد مَنْ؟ ليس ضد الإسلام طبعاً! ولكن ضد الرجعية والتخلف وعدم مسايرة التطور وروح العصر.... إلى آخر ما

في جعبة مهاجمي الإسلام والمسلمين بالهجوم على شرعه ومبادئه.

هذا ما حصل في تانزانيا المؤلفة من اتحاد ما كان يعرف بـ (تانجنيقا

وزنجبار) . فقد وقفت عضوة في الاتحاد النسائي الذي هو منظمة تابعة للحزب لحاكم في البلاد: حزب السفاح نيريري الذي لازال له تأثير كبير في مجرى الحياة هناك على الرغم من أنه ليس الرئيس الفعلي للدولة - وقفت لتكيل التهم والهجوم على الشريعة الإسلامية، وطالبت بإزالة كل ما يمت إلى هذه الشريعة بصلة من قوانين، وخاصة قضية تعدد الزوجات.

ولدى معرفة المسلمين بهذا الهجوم المشين على دينهم وعلى عقيدتهم أعلنوا

احتجاجهم على ذلك، والنتيجة المنتظرة معروفة، كما يحصل في كل أرض

إسلامية للمسلم عندما يعبر عن رفضه للتهجم على دينه بأي وسيلة، تتدخل قوات

الأمن لا بخراطيم الماء والقنابل الدخانية بل بالذخيرة الحية، فيسقط القتلى

والجرحى، وعندما لا تستطيع الأجهزة الرسمية نفى سقوط القتلى تقلل عددهم إلى

الحدود الدنيا: قتيل أو قتيلان وبضعة (!) جرحى.

ومن جهة أخرى: فقد أقالت وزارة التربية أربعة مدرسين زعمت أنهم

متورطون في مؤامرات سياسية للتحريض على العصيان وبث الفوضى في

المدارس، وقد ورد بمرسوم لوزارة التربية أنه سيعاد تعيين الموظفين المعنيين في

وقت لاحق في وظائف أخرى.

وقد كان من جملة الاتهامات لهؤلاء تشويههم لسياسة البلاد وتورطهم في

أعمال تخريبية. ووجهت إنذارات إلى مدرسين آخرين ومسؤولين في وزارة

التربية بجزيرة (بامبا) أقيلوا من أعمالهم بانتظار مزيد من التحقيقات.

والقضية في زنجبار ليست هي تهجم " آني " على دين أهل البلاد، بل هي

أبعد من ذلك، وجذورها تعود إلى (الاتحاد بالإكراه) الذي حصل للجزيرة مع البر

الإفريقي، نتيجة للقصف بالقنابل، والمذابح الجماعية التي قام بها الكاثوليكي

المتعصب جوليوس نيريري وأنصاره ضد أهل البلاد ذوي الأغلبية العربية

الإسلامية.

وفي ظل هذا الاتحاد بين جهتين غير متكافئتين تراجعت أهمية الجزيرة التي

كانت مركزاً اقتصادياً كبير الأهمية في شرق أفريقيا، وغدت مكاناً مهملاً حين

جردتها القوى الصليبية من تأثيرها، وهي ماضية لتجريدها حتى من وجهها

وهويتها.