للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمون والعالم

[السلاح النووي الصهيوني]

تهديد مستمر ولكن!

باسل يوسف النيرب

عن مصدر رسمي أمريكي:

لدى العدو الصهيوني أسلحة أكثر تطوراً مما هو في أمريكا.

التعاون النووي بين اليهود والهندوس منذ أكثر من عقدين من الزمان.

كشف الجاسوس الصيهوني بولارد أن هناك أهدافاً عربية تجسستْ واشنطن

عليها لصالح تل أبيب.

مدخل:

تعود بدايات الاهتمام الإسرائيلي بالتسلح النووي إلى عام ١٩٤٨م، حين

هاجر إلى إسرائيل علماء من الدول الأوروبية، وكان على رأسهم أرنست دييد

بيرجمان الذي أصبح فيما بعد مدير لجنة الطاقة النووية الإسرائيلية، وبعد ثلاثة

أشهر من قيام إسرائيل أصبحت مؤسسة الطاقة الذرية حقيقة واقعة تشرف عليها

وزارة الدفاع فرع البحث والتخطيط لاكتشاف مصادر اليورانيوم في صحراء النقب

بدأت أنشطة البحث والتطوير في معهد وايزمن لاستخراج اليورانيوم من خامات

الفوسفات، وأقامت وحدة لإنتاج الماء الثقيل، وكان لفرنسا اليد العليا في تطوير

قدرات إسرائيل النووية بعد أن ساهم عملاء إسرائيل من اليهود الشرقيين في شمال

إفريقيا بتزويد فرنسا بمعلومات هامة عن مستعمراتها في تلك المناطق، وأدت

حرب السويس ١٩٥٦م، إلى زيادة علاقات التعاون بين البلدين مما سهل على

إسرائيل الطلب من الجانب الفرنسي تزويدهم بالمعلومات عن المفاعلات النووية

غير أن الذي دفع إسرائيل إلى هذا الطلب الموقف الكندي من الهند، ومساعدتها

على بناء مفاعل نووي متوسط، وفي الوقت نفسه كان شمعون بيريز الذي أوجد

فكرة السلاح النووي في إسرائيل مساعداً لرئيس الوزراء دييد بن غوريون ووزيراً

للدفاع، وقام مع العالم النووي بيرجمان بمقابلة أعضاء لجنة الطاقة النووية الفرنسية، وتم التفاهم على أن تقوم فرنسا بتقديم مفاعل نووي لـ إسرائيل في أيلول ١٩٦٧م.

مع انتهاء حرب السويس عقد اجتماع سري بين وزيرة الخارجية غولدا مائير

وشمعون بيريز، وبين وزير الخارجية ووزير الدفاع الفرنسي كريستيان بينو،

وموريس بورجيه مانوري، وقد تم الاتفاق في النهاية على أن تدعم فرنسا المشروع

النووي الإسرائيلي من خلال تطويرِ رادعٍ نووي.

ساعد الاقترابَ الفرنسي الإسرائيلي ابتعادُ فرنسا عن حلف شمال الأطلسي في

عام ١٩٦٠م مما ساهم في بناء مفاعل ديمونا وحيازة إسرائيل تقنيةَ السلاح النووي

والإمكانات والمواد اللازمة حتى أصبحت إسرائيل خلال مدة بسيطة قوة نووية في

الشرق الأوسط [١]

بُني المفاعل سراً تحت الأرض في ديمونا بصحراء النقب، وبناه المقاولون

الذين بنوا مفاعل ماركول الفرنسي، ثم قامت إسرائيل بشراء الماء الثقيل من

النرويج التي باعتها ٢٠ طناً سنة ١٩٥٩م، ومع وضوح النوايا الإسرائيلية وخاصة

أن منطقة النقب كانت تعج بالعلماء والمهندسين، ورغم معرفة وكالة الاستخبارات

الأمريكية أن هذا البناء عبارة عن مفاعل نووي مع ذلك كله ادعت إسرائيل بأن

البناء عبارة عن مصنع تسليح ومصنع مغنسيوم.

وفي عام ١٩٥٦م حذر عالمان أمريكيان (أ. رابي وجيروم ويستل) الحكومة

الإسرائيلية من قيامها بتطوير أسلحتها النووية؛ لأن ذلك سيكون خطراً شاملاً تضع

إسرائيل نفسها فيه إذا اتخذت أية خطوات نحو إنتاج أسلحة نووية في منطقة الشرق

الأوسط.

وأما الضغوطات التي وجهتها حكومة ديغول لإيقاف بناء المفاعل في ديمونا؛

فقد أدَّتْ إلى تعهد إسرائيل بعدم إنتاج أسلحة نووية، إلا أن العمل في الإنتاج

النووي استمر؛ ولكن مع الرفض الإسرائيلي لأي مراقبة على المفاعلات النووية

ولتحسين صورة إسرائيل أمام العالم قبلت الحكومة الإسرائيلية التفتيش على الأسلحة

النووية من قِبَلِ الولايات المتحدة فقط، وشمل التفتيش المباني التي فوق الأرض،

وبدأ التفتيش في عام ١٩٦٢م، واستمر لخمس سنوات فقط.

انتهى العمل من بناء منشآت ديمونا النووية بين عامي ١٩٦٤ ١٩٦٥م،

وتؤكد الدلائل أن إسرائيل امتلكت أول قنبلة نووية في نهاية عام ١٩٦٦، وكان

لديها قنبلتان ذريتان عند اندلاع حرب ١٩٦٧، وعند نشوب حرب ١٩٧٣م، كان

لديها عشرون رأساً نووياً مركَّبة على صواريخ يريجو ١ [٢] .

يعرف عن منطقة ديمونا أنها منطقة شديدة الصرامة من الناحية الأمنية؛

فقد أسقطت أجهزة الدفاع المحيطة بمنطقة المفاعل طائرة ميراج إسرائيلية؛ لأنها

حلَّقت خطأً فوق المنطقة عام ١٩٦٧م.

لم يكن السلاح النووي الإسرائيلي بعيداً عن حرب ١٩٧٣م، فقد تناولت

الكتابات العربية حجم العمليات العسكرية عند العرب والقوة النووية الإسرائيلية،

وأكد بعض الباحثين مخاوف العرب لو أن جيوشهم قامت بمهاجمة صلب دولة

إسرائيل، فإنها ستدمر ترسانتها النووية؛ مما أسهم في وضع أهداف محددة للعرب.

هذا وقد أشارت مجلة التايم الأمريكية إلى الاستخدام الإسرائيلي للسلاح

النووي في ١٢ إبريل ١٩٧٦م في تقرير بعنوان: (كيف حصلت إسرائيل على

السلاح النووي؟) جاء فيه إن إسرائيل وخلال الأيام الأولى من الحرب أعدت

أسلحتها النووية (١٣) قنبلة من طراز ناجازاكي حُملت على قاذفات إف وبعض

الصواريخ أرض أرض للاستخدام الفعلي، ولكن موشي ديان وفي مذكراته نفى

بشدة أن هذا قد حدث.

وتشير معظم المصادر تقريباً إلى أنه في مساء ٨ أكتوبر وخلال اجتماع عقده

مجلس الوزراء الإسرائيلي عقب عودة وزير الدفاع الإسرائيلي من جولة على

جبهات القتال أن التأهب تم مساء يوم ٧ أكتوبر لظروف خاصة باحتمالات تطور

القتال على الجبهة المصرية، وتقرر أن تستخدم إسرائيل أسلحتها النووية في إطار

حرب محدودة وليست فقط أسلحة ملاذ أخير.

ومن الاحتمالات التي أخذها القادة العسكريون الإسرائيليون بعين الاعتبار

احتمال تعرض الجيش الإسرائيلي للإبادة على إحدى جبهات القتال، على افتراض

أن إسرائيل كانت تعلم أنه ليس من أهداف الحرب الدخول إلى عمقها، ولكنَّ التهديد

النووي جاء لوقف تقدم العرب.

وفي هذا السياق لا بد من التأكيد على أن إسرائيل لم تضع في حساباتها

استخدام السلاح النووي في الحرب؛ لأن حدود الحرب لم تتجاوز خط حرب

١٩٦٧م، وربما كان الهدف الضغط واستعجال وصول المساعدات الأمريكية التي

تأخرت بسبب سرعة الضربة العسكرية؛ ولكن السلاح النووي الإسرائيلي لم يكن

بعيداً عن حرب السادس من أكتوبر ١٩٧٣م على أية حال.

الكشف عن السلاح:

اللافت للنظر في موضوع السلاح النووي الإسرائيلي أن إسرائيل لم تنفِ ولم

تؤكد امتلاكها للسلاح النووي، كما أنها لم توقع اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية، وحتى عام ١٩٨٦م نشرت صحيفة الصنداي تايمز البريطانية بعض الصور التي

زودها بها عالم الذرة الإسرائيلي مردخاي فانانو للمفاعل النووي الإسرائيلي تحت

الأرض، ونظراً لحجم المعلومات التي كشفتها الصحيفة فقد توصل الخبراء إلى أن

المفاعل ينتج سنوياً ٨٨ رطلاً من البلوتونيوم، إضافة إلى أن إسرائيل تمتلك ما بين

١٥٠-٢٠٠ قنبلة نووية، وأن طاقة المفاعل زيدت من ٢٦ ميغاوات إلى ١٥٠

ميغاوات، كما قوبل الكشف عن السلاح النووي الإسرائيلي بصمت الولايات

المتحدة الأمريكية التي كانت ضد امتلاك أسلحة الدمار الشامل لكل من الهند وكوريا

الشمالية وباكستان، مع العلم أن المخابرات المركزية الأمريكية تملك الأدلة على

امتلاك إسرائيل للسلاح النووي.

(حظيت الأسلحة النووية الإسرائيلية بالمظلة الأمريكية، ويسجل موقف

الرئيس كندي الذي خطب بعد تفجير الاتحاد السوييتي قنبلة نووية مبيناً حجم

الأخطار التي قد تتسبب في العالم من خلال انتشار الأسلحة النووية الآن؛ فإن عدد

الدول التي ستملك هذا السلاح عام ١٩٧٠م قد يصل إلى عشر دول، وفي عام

١٩٧٥م ما بين ١٥ إلى ٢٠ دولة؛ وهذا أكبر خطر يواجه العالم [٣] .

إن مبدأ الازدواجية في التعامل مع هذا الموضوع والكيل بمكيالين ساعد

إسرائيل على البقاء خارج دائرة الرقابة؛ فقد صرح مساعد وزير الخارجية

الأمريكي الأسبق ريتشارد مورفي أنه لن يكون هناك سلام في الشرق الأوسط ما لم

تتم السيطرة على أسلحة الدمار الشامل في المنطقة، وفي مقدمتها الأسلحة النووية

الإسرائيلية، ويندرج هذا التصريح في إطار المجاملة؛ فكل الشواهد تشير إلى

الموقف الأمريكي والدولي المتراخي إزاء الأسلحة النووية الإسرائيلية، ويمكن

مشاهدة الإخفاق في السياسة الخارجية الأمريكية من خلال الموقف العربي إبان

المؤتمر الاقتصادي الرابع لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المنعقد في قطر

يوم ١٨/١١/١٩٩٧م، بعد إخفاق الولايات المتحدة في الضغط على إسرائيل لقبول

التفتيش على الأسلحة النووية.

وهناك شاهد آخر على سياسة الازدواجية هو الموقف الأمريكي من ضرب

المفاعل النووي العراقي ١٩٨١م، والموقف الأمريكي بإصدار قرار ٦٧٨ الذي منح

لجنة خاصة من الأمم المتحدة مراقبة قدرات العراق النووية والكيمياوية والبيولوجية

والبالستية؛ مع أن العراق عضو في معاهدة عدم الانتشار النووي، وأصدرت

الولايات المتحدة وبالتعاون مع مجلس الأمن تصريحاً يتضمن أن انتشار أسلحة

تدمير شامل يشكل تهديداً للسلام والأمن الدولي، مما سمح هذا النص بإعطاء

الشرعية على استخدام القوة وتطبيقها على الفصل السابع من ميثاق هيئة الأمم

المتحدة، وفي الوقت نفسه طالب الرئيس الأمريكي جورج بوش أن يكون مجلس

الأمن هو الطرف الرئيس والأساس لعدم الانتشار النووي ويكون في الوقت نفسه

مركز القرار لتقديم العون مباشرة إلى كل بلد عضو في معاهدة عدم الانتشار النووي.

كما صرح الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش في هذا المجال أن الولايات

المتحدة في موقف ضعيف؛ فعلق بعد التفجيرات النووية التي أجرتها الهند أن

الولايات المتحدة في موقف ضعيف نظراً لرفض واشنطن تقليص ترساناتها النووية

إضافة إلى أنه من الصعب أن نقول للهند ألا تمتلك أسلحة نووية، نحن نحتفظ بنحو

٨٠٠٠ سلاح نووي، ونحن غير مستعدين لخفضها.

لعب شمعون بيريز دوراً كبيراً في بناء المفاعل النووي الإسرائيلي وتطويره، وقد أنشأ جهازاً اسمه «لاكام» أي: مكتب الارتباط العلمي خُصِّص لشراء ما

يحتاجه العلماء وبأي وسيلة، كما أوجد ملحقين علميين في السفارات الإسرائيلية

المنتشرة في دول العالم وفي أواخر الثمانينات قام عدد كبير من العلماء الإسرائيليين

العاملين في البرامج النووية الإسرائيلية التابعة لمعاهد ومراكز التخنيون وناحال

سوريك وديمونا بزيارة مختبرات لوس ألاموس وليفومور الأمريكية، واستطاعوا

جمع المعلومات الخاصة بعمليات الانشطار الإلكترومغناطيسية التي استخدموها فيما

بعد بتخصيب اليورانيوم.

كما أن رئيس مجموعة علماء الكيمياء الكهربائي الإسرائيلي أمضى ستة

أسابيع في مختبر لوس ألاموس بهدف الاطلاع وإجراء البحوث في هذا المجال،

ثم عاد يطبق خبراته في عملية تصنيع اليورانيوم كما أمضى العالم الإسرائيلي يهوذا

باتروم وهو أحد مصممي القنبلة النووية الإسرائيلية أمضى خلال الفترة ١٩٨٥-

١٩٩٠م مدة ٥٧ أسبوعاً في مختبرات لوس ألاموس، ورافقته زوجته إيليا، وهي

المسؤولة عن تطوير الصاروخ بريجو، ويعتقد أن بانزون والعالم الإسرائيلي يهوذا

غاني تمكنا من الوصول إلى حواسيب كرادي التي تُجري آلاف الملايين للعمليات

الحسابية المعقدة والهامة جداً في التقنية النووية بالإضافة إلى تصميم مفجرات

السلاح النووي والتأثيرات في التفجيرات النووية أما إيليا فقامت بأبحاث عن

هدرجة السوائل في الأنابيب وشراء بعض الأجهزة من حواسيب كونتام ١١١ وهي

من الحواسيب المتقدمة، ومع نهاية عام ١٩٩٢م كانت إسرائيل تمتلك ٢٠٠ قنبلة

نووية [٤] .

جاء في تقرير صادر عن معهد دراسة التحليل الدفاعي الأمريكي في إبريل

١٩٨٧م، أن لدى إسرائيل بعض الأسلحة الأكثر تطوراً من مثيلها في الولايات

المتحدة، إضافة إلى أن قدرة مركز سوريك على دعم الدفاع الاستراتيجي والتقنيات

النووية توازي تقريباً قدرات المراكز الأمريكية، وأن الإسرائيليين يقومون بتطوير

مجموعة من الرموز والقواعد ستمكنهم من صنع قنبلة هيدروجينية.

المفاعل حالياً وما أثير حوله مؤخراً:

نشرت الصحف الإسرائيلية طلباً تقدم به النائب العربي في الكنيست

الإسرائيلي عبد الوهاب دراوشة لعقد مؤتمر دولي عاجل، لبحث موضوع كارثة قد

تصيب المفاعل النووي الإسرائيلي من جراء مرور ٣٥ عاماً على إنشاء المفاعل

دون رقابة دورية وصيانة، وثبت أن المفاعل يعاني من اهتراء وتشقق، وقد أكد

ذلك علماء إسرائيليون ضمن برنامج بثه التلفزيون الإسرائيلي أعربوا فيه عن

تخوفهم من زلزال قد يضرب المنطقة ويؤدي إلى تسرب الإشعاعات النووية وكانت

إيران تقدمت بطلب إلى الهيئة الدولية للطاقة النووية لإخضاع المفاعل للمراقبة

خاصة أن موقعه قريب من الأخدود السوري - الإفريقي، وأن حدوث زلازل في

المنطقة بقوة ٦ درجات قد يؤدي إلى تسرب إشعاعي من المفاعل.

يعتبر مفاعل ديمونا من النوع الحراري، ويتكون من: قلب المفاعل - وهو

الجزء الذي توجد فيه قضبان الوقود النووي - والمهدئ وهو من الجرافيت،

وعاكس النترونات - وهي من مادة توضع حول الوقود لمنع هروب النترونات إلى

خارج قلب المفاعل - ويبلغ عدد قطع الجرانيت الموجودة في المفاعل ١٤٩٠٢

قطعة، وهي من الأجزاء المهمة في المفاعل، والتي تشيخ وتعرض المفاعل

للكوارث.

يقوم نظام التبريد الموجود في المفاعل على سحب الحرارة الناتجة عن

انشطار داخل قلب المفاعل باستمرار ليحافظ على درجة حرارة ثابتة بقلب المفاعل، وقد يتم عن طريق تمرير المادة المبردة إلى داخل قلب المفاعل؛ فيكتسب الطاقة

الحرارية من الوقود، ويتم استخدام هذه الحرارة في توليد البخار مباشرة إلى قلب

المفاعل أو عن طريق مبادلات حرارية مصممة لهذا الغرض، ويستخدم الماء الثقيل

في تبريد المفاعل، أما الطاقة الممتصة فتستخدم في إدارة التوربينات، وقضبان

التحكم وهي للتحكم في معدل التفاعل الانشطاري وفي قدرة التفاعل؛ وذلك عن

طريق امتصاص النترونات بواسطة قضبان من مادة الكاديوم أو البورون، ويتم

التحكم من خلال إدخال القضبان وإخراجها كلياً أو جزئياً إلى قلب المفاعل.

يحيط بقلب المفاعل درع من الصلب يعمل وعاءًا لاحتواء المفاعل ودوائر

التبريد فيه، إضافة إلى درع خرساني يحيط بالمفاعل من جميع جوانبه بسمك

مترين ليتحمل كل الكوارث المحتملة، ولمنع نفاذ الإشعاعات الذرية إلى الوسط

الخارجي.

مفاعل ناحال سوريك:

يقع هذا المفاعل بالقرب من البحر الأبيض المتوسط، وقد أنشئ عام ١٩٦٠م، ويعمل بالوقود وهو مزيج من اليورانيوم والكربون، ويبرد بالماء العادي، وتبلغ

طاقاته التزويدية من ١- ٥ ميغاواط الهدف المعلن من المفاعل هو تحضير النظائر

المشعة بطرق آمنة وتطوير البحث في هذا المجال، كما استعمل المفاعل لاكتساب

الخبرات العلمية وخصوصاً في مجال فصل اليورانيوم وتنقيته من الوقود المحترق

باستخدام المذيبات العضوية أو المبادلات الأيونية.

تقوم المفاعلات النووية الإسرائيلية بتحلية مياه البحر، وقد أقيمت محطات

لهذا الغرض، إضافة إلى أن الإسرائيليين طوروا وحدات لتحلية مياه البحر بطاقة

عشرة ملايين جالون يومياً، وقد جرى بناء أول محطة طاقة نووية في النقب إضافة

إلى خطط لبناء أربعة محطات نووية أخرى ستكون جاهزة مع نهاية القرن الحالي،

ويذهب رئيس الجمعية النووية الإسرائيلية شمعون يفتاح إلى أن لدى إسرائيل من

الكوادر العلمية والفنية ما يؤهلها لبناء قرابة ٦٠% من المفاعل.

استخدمت التقنيات النووية في مجالات التعقيم وعمليات الحفر الهيدروجينية

وتلوين الماس، وقد أُسست شركة سورفان التي تركز نشاطاتها في تطوير

التطبيقات بالأشعة المؤينة، التي نجحت في إنتاج أشعة أليكس للتحكم في تدفق

السوائل بالجسم، وجهاز فليكس بلو للتحكم في تدفق السوائل لأوقات وبكميات

محددة سلفاً، كما تستخدم الشركة ساعاتها الإلكترونية وجهاز أشعة كوبالت ٦٠ الذي

يعد من أحدث الأجهزة في العالم لإنتاج أشعة غاما، وتستخدم هذه الأجهزة في تعقيم

البلاستيك، والأدوات الطبية، ومواد التضميد، وزجاجات بلاستيك للأدوية،

وآلات فحص، وأدوات جراحة، وملاءات المستشفيات، وملابس غرف العمليات.

الذرائع الإسرائيلية:

في مناخ السلم الذي يدور الحديث عنه منذ توقيع اتفاق أوسلو وتوقيع معاهدة

السلام الأردنية الإسرائيلية واتفاق طابا ثم انعقاد بعض المباحثات على الجانب

السوري صرح شمعون بيريز في كانون الأول ١٩٩٥م، قائلاً إن إسرائيل مستعدة

للتخلي عن الخيار النووي بعد إحلال سلام شامل في الشرق الأوسط، فإن أعطونا

السلام فسوف نتخلى عن ذلك الخيار، وإن الدولة العبرية مستعدة للمشاركة في

عملية نزع السلاح في الشرق الأوسط بعد مرور سنتين على إحلال سلام شامل مع

الدول العربية شرط أن يطبق هذا القرار على إيران.

وفي هذا السياق لا بد من ذكر ما نشر في صحيفة الأندبنت البريطانية

وبصدر الصفحة الأولى التي تضمنت مواقع انتشار أكثر من مائة صاروخ إسرائيلي

موجه نحو الدول العربية، وجاء في التعليق على الخارطة أن إسرائيل تمارس

الضغوط على إدارة الرئيس بيل كلينتون لتمارس الضغط على موسكو لوقف

مساعداتها لكل من الدول العربية، وإيران إن الخيار النووي الإسرائيلي - كما

يزعم شمعون بيريز - ذريعة للوصول إلى السلام، وليس إلى ما وصلت إليه

هيروشيما.

فطالما أن الخيار النووي الإسرائيلي خيار دائم في كافة الحروب فإن التسلح

النووي الإسرائيلي يهدف إلى ردع الهجمات التقليدية وغير التقليدية التي من الممكن

أن تقوم بها الدول العربية وغير العربية، كما هي محاولة سباق الضربات النووية

قبل أي هجوم قد تتعرض له إسرائيل، لتشكل هذه الضربات محاولات إجهاض أي

هجوم نووي محتمل، كما أن الهدف الإسرائيلي هو للاستخدام ضد الحرب النووية، ويبقى خيار شمشون الانتحاري وارداً على طاولة البحث في المؤسسة العسكرية

الإسرائيلية.

العلاقات الإسرائيلية مع الهند:

تتناول التقارير الإعلامية العلاقات الإسرائيلية الهندية في مجال التسليح

النووي؛ فالتعاون قائم منذ أكثر من عقدين من الزمن، وتم خلال هذه الفترة تبادل

الخبراء النوويين بين البلدين.

نشرت صحيفة الواشنطن بوست تقريراً عن التعاون العسكري بين البلدين،

أشار إلى أن برهاما تشاليني البروفيسور والباحث في معهد نيودلهي كتب أن الهند

وإسرائيل تقيمان تعاوناً في قضايا الدفاع وخاصة في الموضوع التقني الذي عُبِّر عنه

بزيارة قائد الجيش الهندي إلى إسرائيل وتبادل الخبراء [٥] .

من الناحية الرسمية الهندية والإسرائيلية فإن هناك مصلحة مشتركة لإقامة

تعاون عسكري بين البلدين حسب النموذج التركي الإسرائيلي الذي بات يغير

موازين القوى في منطقة الشرق الأوسط.

فالتعاطف الهندي مع إسرائيل ليس وليد هذه الأيام، بل الهند سمحت للخبراء

الإسرائيليين بالعمل في أراضيها وإن كانت معظم الصفقات التي تمت كانت تتسرب

أنباؤها من مصادر إعلامية غير إسرائيلية أو هندية؛ فهذا الصمت والتكتم عن

العلاقات بين البلدين يدل على مدى الحساسية الكبيرة التي تغطي الموضوع

وبخاصة في المجال الأمني؛ علاوة على مشاريع بناء سفن حربية ودورية من نوع

ديورا وسوبر ديورا وتزويدها بطائرات بدون طيار من نوع هارفي التي تتحطم

داخل أهداف إشعاعية مثل أجهزة الرادار، وبيع الهند صاروخ براك)

ومجال آخر للتعاون والتشجيع كان في زيارة رئيس الأركان الهندي الجنرال

فوردفار كاش صليك الذي زار إسرائيل ضيفاً على الجيش الإسرائيلي، وتجول في

مواقع الصناعات الأمنية مبدياً اهتمامه بتحسين الطائرات الحربية والطائرات

بدون طيار واستخدام أشعة الليزر، إضافة إلى ابتياع أجهزة اتصال إسرائيلية تبلغ

قيمتها ١٠٠ مليون دولار، وتحسين دبابات تي ٧٢.

وقد قفز حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى ٦٥٠ مليون دولار خلال

السنوات الخمس الأخيرة، ولم يشمل هذا الرقم الصادرات الأمنية.

الهند داخلياً وكما أسلفت هي مع إقامة علاقات وتعاون أمن مع إسرائيل؛

فرئيس الحزب الوطني كريشنا أدفاني أكد خلال جولاته الانتخابية أن حزبه سيكون

على استعداد للتعاون مع إسرائيل في مجال السلاح النووي، وكان قد زار إسرائيل

بعد إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين في آذار ١٩٩٢م وهو واحد من الشخصيات

البارزة الثلاث كوزير الداخلية وقوى الأمن ورئيس الحكومة والجدير بالذكر أن ما

يحدد خطاب الحكومة الهندية هو وزير الداخلية ورئيس الحكومة.

وقد نشرت الواشنطن تايمز تقريراً للبروفيسور تشاليني عن العلاقات الهندية

الإسرائيلية أكد فيه على أن العلاقات بقيت سرية حسب طلب الهند التي تعد ثاني

أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان المسلمين، وأكثر من مليون هندي يعملون

في العالم العربي، إضافة إلى أن إيران ودول الخليج العربي هما المزودان

الوحيدان للهند بالنفط.

العلاقات مع جنوب إفريقيا:

كشفت المصادر الصحفية الإسرائيلية أن إسرائيل ساعدت جنوب إفريقيا على

تطوير سلاحها النووي في بداية الثمانينات؛ وكانت الصحف الإسرائيلية قد أجرت

مقابلة مع وزير الخارجية وقائد هيئة الأركان لقوات جنوب إفريقيا بين عامي

١٩٨٠-١٩٨٥م، إضافة إلى أن جنوب إفريقيا أجرت تجربتها النووية الأولى عام

١٩٧٩م جنوب المحيط الأطلسي في جزر الأمير إدوارد، واعترفت بأن إسرائيل

اشترت من جنوب إفريقيا ٥٥٠ طناً من اليورانيوم.

ألقت رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بنظير بوتو خطاباً أمام البرلمان في

مايو ١٩٩١م، أكدت فيه أن ياسر عرفات كشف لها بأن إسرائيل تخطط لتدمير

المنشآت النووية الباكستانية، وبعد شهر من ذلك اختطفت جماعة إسلامية باكستانية

إسرائيليين كانوا يتنزهون في كشمير.

اعتمدت الصحف الباكستانية على مجموعة من التقارير الأجنبية، كما وصل

تحذير إلى السلاح الجوي الباكستاني من احتمال قيام الطيران الإسرائيلي بضرب

المفاعل النووي؛ ولذلك نقلت القيادة العامة مباشرة طائرات إلى قاعدة سرور في

كراتشي، مما دل على أن عملية النقل عبارة عن رسالة إلى الهند، وسيكون الرد

بضرب المفاعل النووي الهندي في قاعدة بومباي الهندية، وفي الوقت نفسه أكدت

الصحف الباكستانية أن الولايات المتحدة وراء تسريب الإشاعة.

أمراض الشيخوخة:

كشف صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية وجود ترسانة نووية إسرائيلية

مخزَّنة في كفار زاخاريا مع بعض الرؤوس الحربية تطلق من صواريخ أريحا ٢،

وكشفت مصادر المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أن نظام التوجيه لصواريخ أريحا ٢

يحتوي على تصورات لبعض الأهداف والمراكز السكانية والصناعية في كل من

ليبيا، سوريا، العراق، إيران، وحقول النفط في المملكة العربية السعودية

ومدينتي الظهران والرياض، وكان الجاسوس جوثان بولارد قد كشف أن الكثير من

الأهداف في الدول العربية تجسست عليها واشنطن لصالح تل أبيب [٦] .

إن العمر الافتراضي للمفاعل النووي حوالي ١٥ سنة، ويجري بعد ذلك

تجديدٌ لمعظم أجزاء المفاعل، ويتم التأكد من صلاحية الجسم الخرساني المحيط

بالمفاعل والتفتيش على قطع الجرافيت وسلامتها واستبدال التالف منها، عدا

قياسات دورية لمستوى الإشعاع في المنطقة في الجو والبحر وتحت سطح الأرض.

وفي ضوء معلومات كشفتها الصحف العبرية عن حجم امتلاك إسرائيل

للسلاح النووي؛ فقد أوردت صحيفة يديعوت أحرونوت بعض المطالب لإيقاف

العمل في مفاعل ديمونا خاصة أن عمره الآن حوالي ٣٥ عاماً، وطالبت بإخضاعه

للتفتيش من قِبَلِ الهيئة الدولية للطاقة النووية للتأكد من سلامته، وهو الأمر

المرفوض إسرائيلياً.

ومع ذلك يبدو خطر تعرض المفاعل إلى الدمار وارداً خاصة بعد أن عمل تلك

الفترة وفي طاقته القصوى والشاهد في ذلك حجم الترسانة النووية الإسرائيلية؛ فقد

يصل مدى تأثر المنطقة من جراء الانفجار أو التشقق إلى دائرة نصف قطرها ٥٠

كم تصيب الإنسان والحيوان والنبات بشكل مباشر أما التأثيرات الضارة على البيئة

والناتجة عن الإشعاعات فتصل إلى دائرة نصف قطرها ١٠٠ كم؛ إذ تتلوث المياه

الجوفية والبحار والأراضي؛ وهذا حسب اتجاهات الرياح.

لقد أصيبت سياسة الغموض النووية الإسرائيلية بالانكسار، وخاصة بعد أن

كشف مردخاي فانانو صوراً لمواقع ديمونا، وتؤكد تقارير معهد جافي للدراسات

الاستراتيجية في إسرائيل أن ما كشف عنه فانانو أضر بسياسة إسرائيل النووية

بنسبة ٨٠%، وإذا كشف عن ٢٠% الباقية فسيعرض المعونة التي تحصل عليها

إسرائيل من الولايات المتحدة ومقدارها ثلاثة بلايين دولار سنوياً للخطر، وربما

تضر بالجهود التي تحول دون امتلاك العرب وإيران للقنبلة النووية.

ويؤكد عضو الشؤون الخارجية في الكنيست الإسرائيلي أنه كلما ازددتَ

غموضاً كلما كانت قدرتك على الردع أفضل، وعندما تزداد الضغوط على الزعماء

الإسرائيليين فإنهم يكررون مقولة صيغت بدقة وهي أن إسرائيل ليست أول من

أدخل السلاح النووي إلى المنطقة؛ فما زال الموضوع النووي عند الإسرائيليين

محاطاً بهالة من الغموض، ولغزاً لم تفك عقده؛ فبواسطة هذه الأسلحة حصلت

إسرائيل على التفوق النوعي.

وفي المقابل زادت احتمالات الانفجار في المنطقة بعد تصاعد الحديث مجدداً

عن القدرات النووية الإسرائيلية، كما أن الخوف الإسرائيلي من القنبلة الإسلامية

والتقارب العربي الإيراني يشكلان عاملاً آخر من جملة المخاوف الإسرائيلية التي

تشكل تهديداً لهم، فضلاً عن الوعد الإلهي بتدميرهم على يد الفئة المسلمة التي ما

زالت إسرائيل تخشاها إلى الآن؛ بل وتحرض أعداء الصحوة ضدهم.


(١) جريدة الأردن، ١٣/٧/١٩٩٨م، أين العرب من الاستراتيجية النووية، العدد (١١٨) .
(٢) جريدة الدستور، الملف النووي في العالم، ١٨/٦/١٩٩٨م.
(٣) جريدة الدستور، المرجع السابق.
(٤) نزار الريس، العلم والتكنولوجيا في إسرائيل دليل إسرائيل، مؤسسة الدراسات الفلسطينية،
ص (٢٣٢) .
(٥) جريدة هآرتس ٤/٦/١٩٩٨، أمنون برزيلاني، العلاقات العسكرية والأمنية بين إسرائيل والهند
لم تتجاوز بعد إطار العهود والتعهدات.
(٦) جريدة الأردن، المرجع السابق.