للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنتدى

[المرأة المسلمة وشموخ الأمة]

غازي المهر

لم تحظ المرأة العربية في الجاهلية الأولى بأدنى قيمة، بل كانت مجرد متاع

تُباع وتُشترى، حقوقها مهضومة وكرامتها مهدَرة حتى جاء الإسلام فأشرق نوره

على البشرية جمعاء، فلانت قُلوب العرب وازدانت عقولهم بنوره، وانزاحت عن

عيونهم ظلمة الجاهلية، فحفظوا كرامتهم بحفاظهم على كرامة المرأة العربية حين

أحسنوا إليها، ودفعوا إليها حقوقها؛ وحينئذٍ قامت المرأة المسلمة بإنشاء جيل صالح

قام ببناء الحضارة الإسلامية الزاهرة.

حين تلتزم المرأة بالإسلام دين الأخلاق والفضيلة فإنها تستمد منه كل أسباب

العفاف والكرامة؛ فهي إن كانت أختاً شرّفت أخاها، وإن كانت ابنة وقد أحسن

الأب تربيتها تكن له ستراً من النار، وإن كانت زوجة فهي نصف الحياة، والمسلم

لا يكتمل دينه إلا بالزوجة الصالحة التقية، وإن كانت أماً فهي نعم الأم المربية

الفاضلة وعليها عبء كبير في تنشئة الجيل القادم، فإن نجحت في تربيته التربية

الإسلامية فقد سادت الأمة وعظُم شأنها وإلا فقد هوت في وادي الضياع.

وحين تخرج المرأة من بيتها سافرة متبرجة تسقط من أعين الرجال وهي

تحسب أنها أعجبتهم إذ تثير فيهم الشهوات الحيوانية، فكيف تقبل الحرة بهذا؟!

وأية كرامة تسعى إليها بخروجها؟! وكيف ستقوم بتربية أبنائها؟! ومتى؟! وهو

الأنموذج السيئ القابع في أوحال الفجور، وهم بلا شك مقلدوها ومنها يرضعون

العقوق والعصيان والأخلاق المنحلة والشذوذ.

العجب كل العجب من فتاة تدين بالإسلام وتؤدي الصلاة وتصوم رمضان

ولكنها تخرج سافرة متبرجة منكرة قوله تعالى: [وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ

أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فَرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا] (النور: ٣١) ،

وقوله عليه الصلاة والسلام: «صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط

كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات

رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يُرحن ريحها، وإنَّ ريحها لتوجد

من مسيرة كذا وكذا» [١] ، وفتاة مثل هذه أقرب إلى النفاق ولا تعي من الصلاة

والصوم شيئاً.

تلهث المرأة في مجتمعاتنا العربية للحاق بركب المرأة الغربية، فتسارع في

تقليدها الأعمى: في لباسها وخروجها للعمل ومخالطتها للرجال بشتى الوسائل،

وهي تظنّ أنها بلغت الحرية التي حُرمت منها في الإسلام، وقد أصاب هذا التقليد

عين المرأة وعقلها بالغشاوة، فلم تعد ترى ما حلّ بالمرأة الغربية من ذل وهوان

وانحلال، وأنها باتت في قيود الرذيلة والفجور.

وإذا نظرنا إلى حجة بعض النساء اللواتي يخرجن للعمل لأدركنا أنها تريد

التقليد الأعمى، فهي تخرج للعمل بذريعة مساعدة الزوج، فأين ثمار تلك المساعدة

وهي تنفق كل ما تحصل عليه على الأزياء وأدوات الزينة؛ لتظهر أنيقة جميلة في

أعين زميلاتها وزملائها في العمل؟ وعلاوة على ذلك فهي تُلقي أبناءها في مهب

الضياع حين تتركهم بين يدي خادمة أجنبية لا تحسن التربية.

تملك المرأة بإسلامها وعفتها مصير الأمة ورفعتها وشموخها وحفظ مكانتها بين

الأمم؛ فأية مكانة أسمى من تلك المكانة التي تسعى إليها في ظل الإسلام؟ فرفقاً

أيتها المرأة بنفسك ومجتمعك الذي تهدمت أركانه؛ فالمجتمع لا ينجو إلا بك؛ فمتى

تُدركين ذلك؟!


(١) رواه مسلم، ح/ ٣٩٧١.