للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قضايا دعوية

مع القرآن

دعوة أهل الكتاب إلى كلمة سواء

د. صلاح عبد الفتاح الخالدي

تنتشر في هذه الأيام «مؤتمرات» عديدة، هنا وهناك، لما يسمى بوحدة

الأديان، ويحضر هذه المؤتمرات مندوبون عن مختلف الأديان المنتشرة في العالم،

سواء كانت أدياناً ذات أصل سماوي، أو أدياناً أرضية، كالبوذية والهندوسية،

ويشارك في هذه المؤتمرات حاخامات يمثلون الديانة اليهودية، وقساوسة يمثلون

الديانة النصرانية، كما يشارك فيها «مشايخ» رسميون يمثلون الإسلام. وتُعدُّ في هذه المؤتمرات أوراق عديدة، من قِبَلِ يهود أو نصارى أو مسلمين أو

آخرين، وتُلقى محاضرات عديدة، وتعقد ندوات كثيرة، يؤكد المتحدثون فيها على

«الأمور» المشتركة بين الديانات، ويطالبون بالتعاون والتنسيق بين أصحابها

لتحقيق أهداف مشتركة للمشاركين والمتحدثين.

بعض ما يجري في مؤتمرات الأديان:

ويقدم ممثلو كل دين أنفسهم للمؤتمرين أنهم على حق وصواب، وأن دينهم

الذي يدينون به دين صحيح مقبول عند الله، وأن أتباعه مؤمنون موحدون، وهم

خالدون في الجنة في الآخرة، سواء كان ذلك الدين يهودية أو نصرانية أو هندوسية

أو بوذية، أو قاديانية أو غير ذلك.

ويتعامل المؤتمرون في هذه المؤتمرات مع «الإسلام» كما يتعاملون مع أي

دين آخر على قدم المساواة، ويقولون: الإسلام حق وصواب، واليهودية حق

وصواب، والنصرانية حق وصواب! ! !

ويوافق «المشايخ» المشاركون في هذه المؤتمرات على هذه الطروحات

والأفكار، ويعلنون اعتراف الإسلام باليهودية والنصرانية، وأن هاتين الديانتين

صحيحتان ربانيتان، وأن أتباعهما مؤمنون موحدون، وأنهم على صواب، وأنهم

من أصحاب الجنة، وأنهم جميعاً «أبناء إبراهيم» عليه السلام!

ويستشهد هؤلاء «المشايخ» وغيرهم من المسلمين المتحدثين في هذه

المؤتمرات بآيات من القرآن، وبأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، في

الحديث عن التوراة والإنجيل، والحديث عن موسى وعيسى وغيرهما عليهم

الصلاة والسلام، والثناء على مؤمني أهل الكتاب من اليهود والنصارى! !

مشاركة بعض المسلمين فيها بسذاجة أو خبث:

وبدايةً نقرر أن هذه المؤتمرات العالمية حول وحدة الأديان، وتعاون أتباعها

لتحقيق السلام ومواجهة الإرهاب مؤتمرات مشبوهة يعدها ويرتب لها خبثاء ماكرون

من اليهود والماسونيين والصليبيين لتحقيق أهداف اليهودية العالمية في السيطرة

على العالم، واستغفال الآخرين وخداعهم.

وليست المشكلة عند الذين يرتبون لهذه المؤتمرات من اليهود والماسونيين؛

فإنهم يحققون أهدافهم الشيطانية منها، وهم يخدمون شياطينهم ومخططاتهم في ذلك؛

ولكن المشكلة عندنا هي في أولئك «المشايخ» والكتاب والمفكرين المسلمين من

ذوي الأسماء اللامعة، والمراكز العالية الذين يشاركون في هذه المؤتمرات،

ويسمعون كلام ممثلي الأديان الأخرى، ويوافقونهم عليه، ويقبلون أن يتعاملوا مع

الإسلام كما يتعاملون مع اليهودية والنصرانية على قدم المساواة والاعتراف! !

إنهم يشاركون في هذه المؤتمرات بسذاجة وغفلة وبلاهة، وبعضهم يعرف

حقيقة أهداف القائمين عليها، ويوافقهم عليها، ويشارك فيها بخبث وسوء نية!

والكلام الذي يقدمه هؤلاء المشايخ في المؤتمرات كلام باطل، وفهمهم للآيات

والأحاديث التي يقدمونها خاطئ، وهم يحرفون معانيها، ويخرجون بها لتكون

شاهدة لأهداف المؤتمرات الخبيثة!

وعندما تناقش هؤلاء المشايخ والمفكرين المسلمين في أفكارهم، وتنتقدهم في

مشاركاتهم يحتجون بآيات من القرآن، وفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم،

ويقولون: أليست آيات القرآن تدعونا إلى مجادلة أهل الكتاب ومحاورتهم؟ ألم

يوجه القرآن الدعوة إلى أهل الكتاب؟ ألم يحاور رسول الله صلى الله عليه وسلم

أهل الكتاب؟

نقول لهم: نعم! لقد دعا القرآن إلى مجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن،

ولقد دعا القرآن أهل الكتاب إلى كلمة سواء، ولقد حاور رسول الله صلى الله عليه

وسلم أهل الكتاب، ودعاهم إلى اتباع الحق والدخول في الإسلام!

لكن أين هذا مما أنتم تشاركون فيه وتدعون إليه؟ شتان!

الرسول صلى الله عليه وسلم يطبق دعوة القرآن إلى كلمة سواء:

الدعوة الموجهة إلى أهل الكتاب للتفكير في كلمة سواء، دعوة قرآنية صريحة، لكنها دعوة لها شروط، لا بد من تحققها وإلا فقدت الدعوة معناها وهدفها، وكان القرآن دقيقاً في تحديد شروط الدعوة وأهدافها! !

قال الله عز وجل: [قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ

إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا

فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ] (آل عمران: ٦٤)

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من طبق مفهوم هذه الآية، والتزم

بشروطها عندما وجه الدعوة إلى أهل الكتاب، وبلَّغهم الإسلام، وأقام عليهم الحجة:

في صيف السنة السابعة من الهجرة وبعد صلح الحديبية وجَّه رسول الله صلى

الله عليه وسلم الدعوة إلى حاكم أقوى دولة نصرانية وأكبرها «هرقل» زعيم

الروم، وسجَّل في كتابه له هذه الآية، وطالبه بالدخول في الإسلام، وحمَّل رسولُ

الله صلى الله عليه وسلم كتابه الصحابيَّ «دحية بن خليفة الكلبي» رضي الله عنه

وكلفه بالذهاب إلى هرقل وتبليغه الدعوة!

عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إلى

هرقل كتاباً جاء فيه:

«بسم الله الرحمن الرحيم

من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم. سلام على من اتبع الهدى.

أما بعد:

فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت

فإن عليك إثم الأريسيين.. و [قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ

أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن

تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ] (آل عمران: ٦٤) » [١] .

ولما وصلت الدعوة إلى هرقل أوشك أن يستجيب لها ويسلم، لكنه آثر ملكه

وسلطانه فرفضها، وقد ذكر الإمام البخاري تفاصيل الحوار بينه وبين أبي سفيان

حول ذلك. وذكرنا تفاصيل قصة هذا الكتاب الموجه لهرقل وماذا نتج عنه، في

كتابنا «الرسول المبلِّغ صلى الله عليه وسلم» [٢] .

حقائق من كتاب الرسول إلى هرقل:

ومن الواضح في نص كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هرقل أنه لا

ينظر لدين هرقل النصراني على أنه «مساوٍ» للإسلام في الحق والصحة كما

يفعل المشاركون في مؤتمرات الأديان وإنما اعتبر أن الإسلام وحده هو الحق

والصواب، وأن النصرانية دين باطل منسوخ مردود، ولذلك لا بد أن يتخلى عنه

أصحابه، ويتبعوا الإسلام.

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صريحاً في دعوة هرقل إلى الدخول في

الإسلام: «أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم» .

فإن لبى هرقل الدعوة ودخل في الإسلام فإن الله يؤتيه أجره مرتين وليس مرة

واحدة: مرة لإيمانه بعيسى ابن مريم عليه السلام، ومرة لإيمانه بمحمد رسول الله

صلى الله عليه وسلم.

وإن لبَّى الدعوة ودخل في الإسلام فإن شعبه وأتباعه سيتبعونه ويدخلون في

الإسلام، وبذلك سيأجره الله على إسلامهم، من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً.

أما إن رفض الدعوة للدخول في الإسلام، وأصر على البقاء على

«نصرانيته» فسيكون ضالاً كافراً خاسراً، وسيحمل إثم «الأريسيين» من

شعبه وقومه، لأنه بكفره يكون قد صدهم عن الدخول في الإسلام!

والأريسيون هم الرومان من أتباع «آريوس» الذي كان موحداً لله، ويرى

أن عيسى عليه السلام هو عبد الله ورسوله، وليس ابناً لله، فحاربه وحارب أتباعَه

الرهبانُ الذين ألَّهوا عيسى عليه السلام!

حقائق قرآنية من الدعوة إلى كلمة سواء:

وعندما نمعن النظر في الآية موضوع الكلام، فإننا نأخذ منها ما يلي:

-[قُلْ] (آل عمران: ٦٤) : هي «قل التلقينية» فالله هو الذي يلقن

رسوله صلى الله عليه وسلم هذا الكلام، ويأمره أن يقول هذا القول لأهل الكتاب،

فالله هو الذي يوجه الدعوة إلى أهل الكتاب للدخول في الإسلام، والله هو الذي يحدد

الشروط الضرورية لهذه الدعوة، وهذا معناه أن هذا الموضوع موضوع رباني،

وليس اجتهاداً بشرياً خاضعاً لأهواء البشر، أو متأثراً بأهوائهم وتقلباتهم!

- هذا الأمر [قُلْ] (آل عمران: ٦٤) ليس موجهاً للرسول صلى الله

عليه وسلم وحده، وإنما يتعداه ليشمل كل مسلم من بعده، قادر على محاورة أهل

الكتاب، ودعوتهم إلى الإيمان؛ لأنه من المعلوم أن خطاب الرسول صلى الله عليه

وسلم في القرآن خطاب لأمته، ما لم يقم دليل على تخصيص به.

-[يَا أَهْلَ الكِتَابِ] (آل عمران: ٦٤) : المراد بأهل الكتاب في القرآن

اليهود والنصارى فقط، وهذا المصطلح وقف عليهم.

-[أَهْلَ الكِتَابِ] (آل عمران: ٦٤) لأن الله أنزل لكل طائفة منهم

كتاباً؛ حيث أنزل التوراة على موسى عليه السلام وأمر بني إسرائيل باتباعها،

وأنزل الإنجيل على عيسى عليه السلام وأمر النصارى باتباعه.

ولكن اليهود لم يتبعوا كتاب الله التوراة، وإنما حرفوها وبدلوها فنسخها الله،

والنصارى لم يتبعوا كتاب الله الإنجيل، وإنما حرفوه وبدلوه، فنسخه الله، ووصف

الفريقين بالكفر في آيات صريحة في القرآن، منها قوله تعالى: [لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ

كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ البَيِّنَةُ] (البينة: ١) .

المسلم يوجه الدعوة ويضع الخطة:

-[تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ] (آل عمران: ٦٤) : يطلب

رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب من اليهود والنصارى أن يأتوا

إليه، للاتفاق على [كَلِمَةٍ سَوَاءٍ] (آل عمران: ٦٤) بينه وبينهم.

وكونه هو الذي يوجه لهم الدعوة: [تَعَالَوْا] (آل عمران: ٦٤) يدل على

أنه هو صاحب الأمر والنهي، وأنه هو الذي يقرر ويوجه ويخطط، وأنه هو الذي

يضع الأهداف ويحدد الشروط والمواصفات، وأن اليهود والنصارى مدعوون

للمشاركة والمجادلة والحوار، والالتزام بخطة صاحب الدعوة وبرنامجه.

وهذا من صلاحية رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه هو الذي على حق،

ورسالته حق، ودينه حق، ودعوته حق، وهم على باطل، ولا بد أن يحاورهم

ليقيم عليهم الحجة، ويتخلوا عما هم عليه من باطل، ويتبعوا ما معه من حق.

وهذا ليس خاصاً برسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما ينسحب على كل

إمامٍ سلطانٍ للمسلمين من بعده، وكل عالم أو مفكر أو داعية من بعده!

فالأصل أن تصدر الدعوة إلى أهل الكتاب من المسلمين، وأن يضع برنامج

المؤتمر المسلمون، وأن يعد الكلمات والمحاضرات المسلمون، بهدف الحوار

والنقاش، وتقديم الإسلام الحق لأهل الكتاب! وهذا مفقود في مؤتمرات الأديان

المشبوهة! !

والكلمة السواء هي الكلمة المستوية العادلة، ولن تكون مستوية عادلة إلا إذا

انطلقت من الحق، والتزمت بالحق، وكان هدفها بيان الحق والاحتجاج له

والبرهنة عليه، ونقد الباطل وتزييفه.

شروط قرآنية ثلاثة للكلمة السواء:

وقد فسرت الآية الكلمة السواء المقصودة من الدعوة تفسيراً محدداً، وذلك في

قولها: [أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ

اللَّهِ ... ] (آل عمران: ٦٤) .

الهدف من المؤتمرات الحوارية مع أهل الكتاب الالتزام بشروط ثلاثة،

والخروج بنتائج ثلاثة:

الأول: [أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ] (آل عمران: ٦٤) : عبادة الله وحده، وعدم

عبادة مخلوق غيره، وهذا غير موجود عند اليهود والنصارى؛ فهم يزعمون أنهم

يعبدون الله، ولكنهم يعبدون معه غيره من أحبارهم ورهبانهم.

الثاني: [وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً] (آل عمران: ٦٤) عدم الإشراك بالله،

وعدم تأليه غيره من المخلوقين، وهذا موجود عند اليهود والنصارى؛ فاليهود

يقولون: عزير ابن الله، والنصارى يقولون: المسيح ابن الله، ويعبدون آلهة ثلاثة، يسمونها: «الأقانيم» الثلاثة الأب والابن والروح القدس وهذا شرك منهم بالله.

الثالث: [وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ] (آل عمران: ٦٤) :

عدم الاعتراف بالربوبية لغير الله، وعدم قبول تشريع غير الله، وهذا غير

موجود عند اليهود والنصارى؛ فهم يزعمون إيمانهم بالله رب العالمين، لكنهم مع

ذلك يتخذون أرباباً غيره من أحبارهم ورهبانهم. وأخبرنا الله عن ذلك بقوله تعالى:

[اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ

لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ] (التوبة: ٣١) .

المسلمون وحدهم هم الذين: لا يعبدون إلا الله، ولا يشركون به شيئاً، ولا

يتخذ بعضهم بعضاً أرباباً من دون الله.

نتيجة المؤتمرات: الجهر بالإسلام وكفر غير المسلمين:

وهدف مؤتمرات الحوار مع أهل الكتاب التي ينبغي أن يُعِدَّ لها المسلمون

أنفسُهم تخلي اليهود والنصارى عن الشرك بالله وتأليه غير الله أو ربوبيته، وعبادة

الله وحده، ولن يكون هذا إلا بتخليهم عن دينهم المحرف الباطل المنسوخ،

والدخول في الإسلام، وشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله صلى الله

عليه وسلم.

[فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ] (آل عمران: ٦٤) : تُقدِّم هذه

الجملة من الآية الحل الصحيح للمسلمين المشاركين في مؤتمرات الحوار مع أهل

الكتاب، فإن رفض أهل الكتاب قبول الأمور السابقة التوحيدية، وتولوا عن الحق،

وأعرضوا عن الدعوة، وأصروا على يهوديتهم ونصرانيتهم فعلى المسلمين أن

يكونوا صريحين معهم، وأن يخاطبوهم قائلين: [اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ]

(آل عمران: ٦٤) .

إنهم يجهرون بإسلامهم معتزين، وهذا معناه أنهم وحدهم المسلمون، وأن

اليهود والنصارى ليسوا مسلمين، ومن ثَمَّ ليسوا موحدين لله، وليسوا على حق،

وإنما هم كافرون، ومتبعون للباطل.

هذا هو توجيه القرآن للمسلمين عندما يدعون أهل الكتاب إلى [كَلِمَةٍ

سَوَاءٍ] (آل عمران: ٦٤) ، وهكذا فلتكن مشاركة المفكرين المسلمين في

مؤتمرات الأديان، فإن لم تكن المشاركة هكذا على أساس توجيهات القرآن فلا

تجوز، لأن المشاركين المسلمين حينئذ يكونون شهود زور! ! !


(١) رواه البخاري، ح/ ٧، ومسلم، ح/ ١٧٧٣.
(٢) الرسول المبلغ صلى الله عليه وسلم، ص ٩١ ١٥١.