للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ندوات ومحاضرات

ندوة حول المستقبل الاقتصادي

في ظل العولمة ... نكون أو لا نكون

شعار ... متى نرفعه اقتصادياً؟

(٢ - ٢)

إعداد: وائل عبد الغني

البيان: وقفنا في الحلقة الماضية مع ضيوفنا الكرام على مفهوم العولمة،

ورأينا حجم التناقض في الفكرة وحجم الإشكاليات في التطبيق، وتعرفنا على القوى

التي تحرك العولمة لتنفرد بالعالم، كما تعرفنا على الآليات التي تدار بها العولمة

لتحقق أهدافها، وتوقفنا على هذا الخطر الذي بات يتهددنا نحن تحديدًا وربما يتهدد

غيرنا أيضًا، وهنا نواصل الحديث حول مفردات المشكلة في عالمنا الإسلامي

محاولين استشراف الحل.

ونرحب بضيوفنا الأكارم.. وقرائنا الأعزاء؛ ولنبدأ بسؤال ربما يثور في

نفس كل غيور وهو: لماذا حقق هؤلاء كل هذه الإنجازات المادية في بلادهم ولم

نحقق نحن أيّاً من ذلك، رغم الفارق بين المنهجين؟ نستمع للدكتور عبد الحميد:

د. عبد الحميد الغزالي:

السبب واضح؛ وهو أن الرأسمالي عندما يطبق الرأسمالية على مستوى الفرد

يقيم هذه الرأسمالية رغم ما فيها من مثالب، وبذلك تتفق قناعاته مع تطبيقه.

أما في العالم الإسلامي فنجد أن الفرد في داخله حقيقة العقيدة الإسلامية، لكنه

يرى الأنظمة أشياء بعيدة تمامًا عما يعتقده!

هذا الانفصام وهذه الازدواجية كانا من أهم أسباب الأداء المتدني في الإنتاجية

على مستوى الفرد والمجتمع، ومن هنا يأتي التخلف الاقتصادي والاجتماعي؛ لأننا

إذا طبقنا المعايير الاقتصادية سنجد أن دول العالم الإسلامي كلها متخلفة، وبشهادة

المنظمات الدولية، بما في ذلك مجموعة الدول ذات الرساميل النفطية؛ لأن المسألة

ليست ثراءاً ماديًا وإنما الأمر يقاس بمدى مساهمة القطاعات السلعية بالذات في

الناتج القومي، وبالذات.. الصناعة التحويلية. أو بمعنى آخر: مدى قدرة المجتمع

على إنتاج ما يحتاج إليه أبناؤه من سلع وخدمات. ووفقًا لهذا المعيار فإن العالم

الإسلامي كله يقع ضمن العالم المتخلف المسمى بالنامي.

البيان: ولكن مقاييس التخلف يمكن التلاعب فيها سلبًا أو إيجابًا حسب الزاوية

والوجهة التي ينطلق منها الباحث. ألا ترى أن الأمر يحتاج إلى ضوابط موضوعية

أكثر تحديدًا للقياس؟

د. عبد الحميد الغزالي:

مقاييس التخلف تطورت اليوم عن ذي قبل، وأصبحت أكثر موضوعية؛

لأنها أصبحت تستبعد أثر الأسعار وتضيف أبعادًا أخرى مثل المشاركة السياسية

ومستوى الحالة الصحية.

والتخلف هو عبارة عن حالة الانخفاض النسبي في مستوى النشاط الاقتصادي

لمجتمع من المجتمعات.

لكن عندما نتحدث عن التخلف في العالم الإسلامي فلا بد من إضافة أبعاد

أخرى يمكنها أن تصوب النظرة للقياس وذلك لضبط المعنى المراد من اللفظ

بوصفها وحدة للقياس. ومن هذه الزاوية يمكن أن أضيف تعريفين منضبطين

للتخلف الاقتصادي:

الأول: إذا وجدت مجتمعًا من المجتمعات الإنسانيَّة فيه مقهور سياسيًا ومستغَلٌّ

اقتصاديًا أي فقد شرطي العدالة والحرية فنحن أمام مجتمع متخلف!

الثاني: إذا وجدت مقاصد الشريعة الإسلامية الضرورية وهي: حفظ الدين،

والعقل، والنفس، والمال، والنسل مغيبة فثق أنك أمام مجتمع متخلف مهما أوتي

المجتمع من موارد مادية وبشرية ومالية.

والعالم الإسلامي يعيش هذه الحالة، وينطبق عليه كِلا التعريفين رغم ما حباه

الله من امكانيات بشرية ومادية.

د. رفعت العوضي:

تكملةً لكلام الدكتور عبد الحميد: علينا أن نفرق بين ما يملكه العالم الإسلامي

من موارد اقتصادية ضخمة والتي تعد قوة كامنة وبين ما ينتجه العالم الإسلامي..

الأرقام في هذا المجال تمثل صدمة كبيرة إذا ما قيست بالعالم من حولنا.

فالعالم الإسلامي كما تقول الأرقام مكون من ٥٦ دولة، وعدد سكانه ٢. ١

مليار نسمة، ويبلغ إجمالي إنتاجه المحلي حوالي ٧٣٥ مليار دولار سنويًا. وفي

المقابل نجد أن الولايات المتحدة بتعدادها البالغ ٢٦٥ مليون نسمة (خمس سكان

العالم الإسلامي) تنتج وحدها ٦. ٦ تريليون دولار سنويًا (أي حوالي ٩ أضعاف

إنتاج العالم الإسلامي بمجموعه!) أما اليابان (والتي يقدر سكانها بعُشر سكان

العالم الإسلامي) فيبلغ إجماليي إنتاجها ٦، ٤ تريليون (أي حوالي ٦ أمثال

إنتاجنا) .

وإذا ما قارنا الصادرات نجد أنها في العالم الإسلامي ٢٨١ مليار دولار في

مقابل ٥١٣ مليار (الضعف) بالنسبة للولايات المتحدة و ٩. ٣ تريليون دولار

(١٤ ضعف) لليابان!

إذن ونحن نتحدث عن العالم الإسلامي ومشاكله والمزايا التي يمكنه الحصول

عليها، علينا أن ندرك أننا لسنا أمام عالم واحد بل أمام ٥٦ دولة، ٥٦ سوقًا، ٥٦

مفاوضًا، ٥٦ قراراً، هذا التفكك هو أحد أخطر أبعاد قضية التخلف والتبعية التي

يحياها عالمنا الإسلامي!

د. عبد الحميد الغزالي:

التجارة البينية بين دول العالم الإسلامي الذي نريد له أن يكون حاضراً

ومنافسًا قويًا في ظل العولمة لم تتعد ٨% وفي بعض الأرقام المتفائلة ١٠% من

إجمالي حجم التجارة الخارجية للعالم الإسلامي، وهذه قضية لها أبعادها الاقتصادية

والسياسية والنفسية والمنهجية.

أما إذا نظرنا إلى هيكل الإنتاج فنجده عبارة عن مواد خام وبعض السلع رديئة

التصنيع، أو التي لا ترقى للمستوى العالمي، ومن ثم فإن قدرتنا التنافسية محدودة

للغاية، ولهذا فنحن في أسوأ وضع؛ والسبب أننا لم نستغل مواردنا استغلالاً

صحيحًا. نحن لدينا العقول المبدعة، ونملك رأس المال، والموارد لدينا متاحة،

كل عناصر الإنتاج متوفرة بحمد الله، ولكن السر يكمن في الإرادة: إرادة التقدم..

إرادة التنفيذ.. إرادة التنافس.. إرادة الوحدة.. والإرادة مسألة نفسية ترجع إلى

الإنسان.

د. رفعت العوضي:

باستقراء الأحداث التي تجري في عالمنا الإسلامي نجد أن هناك سقفًا

مفروضًا على العالم الإسلامي، ولا يُسمح له بتجاوزه.. قد يخفى وقد يبدو أحيانًا.

والعالم الإسلامي رغم التكتلات محروم من أن يكون له كيان كبير في ظل

العولمة، ومنظمة المؤتمر الإسلامي إذا ما اعتبرناها جامعة إسلامية لا تعدو أن

تكون هيئة شرفية استشارية ولدت في ظل ظروف خاصة.. ولم يُرَدْ لها البروز

على ساحة القرار.

في ظل العولمة زاد التفرق بين الدول الإسلامية. وأذكر أن الدكتور عبد

الحميد قد قال في إحدى محاضراته: إن حصاد العولمة كان ٢١ حربًا في العالم

الإسلامي وحده! وضَرْبُ النماذج الإسلامية الناجحة من دول النمور الآسيوية

مؤشر على هذا الأمر خاصة أنه سمح للدول غير الإسلامية باستعادة كيانها ثانية.

العولمة ضربت العالم الإسلامي في أمر آخر هو السلع الاستراتيجية كالبترول

وغيره.

حتى الصلاحيات التي كانت تتمتع بها بعض الدول الإسلامية داخل المنظمات

الدولية ضعفت جدًا في ظل العولمة.

صندوق النقد قبل العولمة كان مختلفًا تمامًا عما هو عليه الآن.

منظمة التجارة لم تكن كما تبدو اليوم.

معظم محاولات الاندماج أو التكامل التي كانت تمثل حلمًا في العالم الإسلامي

جُمّدت؛ لأنها كانت تفتقد الرؤية الصحيحة في إيجاد الحلول.

د. عبد الحميد الغزالي:

الأنظمة لدينا بين مغيَّب ومغرَّب مع ما نملكه من مقدرات ومقومات للتنمية

الناجحة.

ولهذا يمكن القول بأنه لو لم يكن هناك تغييب وتغريب للعقل المسلم على كافة

الأصعدة لما كان هذا حالنا أبدًا.

ولأننا كذلك فلا نعتمد على الإنسان لدينا، ونتصور أن حل مشاكلنا الإنمائية

وغيرها في الاعتماد على الخارج.

أليس أبشع ما تصاب به أمة أن تعتمد في ضروراتها على أعدائها سواء في

السلاح أو الغذاء أو التقنيات التي لا تتمشى مع خصائص عناصرنا الإنتاجية،

حتى نظل تابعين للغرب، وبذلك نبقى مهمشين في صناعات غير ذات جدوى،

ونسير وفق مشاريع تسليم المفتاح؟

ولأننا أيضًا نعتمد على القروض والمعونات، فهذه التي تعد استعمارًا أبشع

من استعمار القرن التاسع عشر؛ لأن القروض من أكبر معوقات التنمية؛ فهي

توقعنا في كبرى الكبائر، ولسنا في حاجة إلى قروض! لدينا فائض يزيد عن ٨٠٠

مليار دولار ودائع في البنوك الغربية؛ بينما نحن مدينون لهم وبأسعار فائدة ربوية؛

وقد بلغ إجمالي الفوائد أضعاف أصل الدَّيْن!

البيان: عندما طُرح مشروع مارشال بعد الحرب الأوربية الثانية لتمويل

الدول التي خرجت منها من الحرب لدفعها نحو التنمية وفق الشروط الأمريكية

وافقت فرنسا وإنجلترا على هذه الشروط، ورفضت كل من اليابان وألمانيا

المشروع وفضلتا الاعتماد على الذات، ولنا أن نقارن بين النتيجتين حتى في العالم

الغربي ذاته واليوم يسير صندوق النقد على نفس الخطا في تكبيل محاولات

النهوض وإعاقتها.

د. عبد الحميد الغزالي:

اليابان استطاعت من خلال عملية تنميتها أن تستخلص فائضًا من النشاط

الزراعي لا يمكن استخلاصه، ومولت به مشاريعها الإنمائية والصناعية؛ ولذلك

نجحت لأنها اعتمدت على سواعد أبنائها وعلى التخطيط الداخلي دون أي تدخل

أجنبي حتى حدثت الطفرة.

د. عبد الرحمن يسري:

المشكلة من وجهة نظري تكمن في أن العالم الإسلامي يئن معظمه تحت

سيطرة حكومات علمانية تابعة للعالم الغربي.. هذه الحكومات قد ارتبطت

بالاقتصاديات العالمية بلا أية ضوابط أو فهم لاتجاهاتها أو مضامينها، والتي قد لا

يكون من ورائها مكاسب على الإطلاق، بل ربما خسائر محققه خاصة إذا احتكمنا

إلى المعايير الإسلامية الصحيحة.

البيان: ولهذا يجيء رد فعلها على الأحداث العالمية والإقليمية ضعيفًا

وبصورة مؤسفة ومخزية، فضلاً عن أنها قنعت بمجرد ردود الأفعال ولم تشارك

في صنع اللعبة بما يخدم مصالح الأمة.

أ. يوسف كمال:

النظرة المصلحية البحتة إلى الحلول لا توصل إلى نهاية الطريق، وإنما

التبصر والتمسك بالطريق مهما كانت العقبات هو الذي يوصل، ولذلك لا بد من

تصحيح المنطلقات أولاً.

الرسول صلى الله عليه وسلم حينما ذهب إلى الطائف وعرض الإسلام على

أهلها عرضوا عليه أن يقيموا جبهة قومية.. فقالوا: «ننصرك على أن يكون لنا

الأمر من بعدك» ! ولكن هذا لا يتفق مع طبيعة المنهج، والمعادلة هكذا لا تصلح

ولا بد من إرادة الآخرة أولاً حتى ننتصر، ولهذا كان رده عليه الصلاة والسلام:

«الملك لله يضعه كيف يشاء» .

أما الأنصار فقالوا: «ننصرك على ماذا؟ ! .. قال:» الجنة «!

قالوا:» ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل «.

ولما صحت المنطلقات كان النتاج سريعًا وناضجًا، فلم تمض سنوات على

هذه الصفقة الرابحة حتى سقطت فارس والروم على يد هذه العصبة التي وضعت

بصمتها على كل شيء في الدنيا.

لهذا فإن إدخال الإسلام في القضية يضع الأمور في نصابها؛ لأنه يعتبر

الإنسان هو أساس التقدم، والتخلف يمثل ظاهرة هوية أساسها الإنسان، والإنسان

يتغير، ولا يثبت في نفسه غير العقيدة التي تشكل مسار حياته.

فإما أن يكون ديناميكيًا أو استاتيكيًا.. ذا تطلعات أو إمعة. ونحن حين ننظر

إلى الكتابات التي تعالج مسألة العولمة على سبيل المثال نجد أن الثقافة الغربية قد

تسللت إليها دون انتباه لذلك؛ لغياب طعم العقيدة عنها، حتى في كتابات إخواننا

الذين يتحدثون عن الإسلام، نجد مزيدًا من التهميش المرجعي في مقابل مزيد من

الاقتباسات عن الغرب.

لا عيب في أن نستفيد من تجاربهم لكن دون الافتتان عن منطلقاتنا أو الافتئات

على ثوابتنا؛ لأن ذلك هو عين الهزيمة.

والعقيدة هنا هي المرتكز وهي السلاح الاستراتيجي الذي لا يملكه غيرنا؛

لأننا نريد الآخرة وهم يريدون الدنيا.

هذه العقيدة لها مضمونها في إيقاظ الإنسان وإحياء الإرادة لديه، وهي وحدها

التي تملك أن توجه الإنسان المسلم وتبين له هدفه الصحيح.

الغرب يدرك ذلك تمامًا؛ ولهذا يقول ماسنيون:» استطعنا أن نحول العالم

الإسلامي تحويلاً كبيرًا عن طريق إحداث انحرافة طفيفة في أول طريقه «كما لو

حدث ذلك في قضبان القطار فإن الانحراف بزاوية ضيقة جدًا في الابتداء كفيل أن

يبعده عن الهدف كلما سار على الطريق؛ وقد كان هذا بإدخاله في نظام حياة يختلف

عن نظام الإسلام؛ ولهذا يقول:» الخطر الوحيد الذي يواجهنا أن يعرف المسلمون

عقيدتهم؛ لأن هذا يشعل الإسلام في قلوبهم «.

ولهذا فإن المسلم لن ينتصر في أي معركة إلا حين يعلن عن موقفه، نحن لا

نطلب المستحيل، على الأقل أن يعرف الإسلام فكراً لا يشوه ولا يحرف ولا يخلط

بغيره.

ثم نحن مع التيسير على قدر الطاقات لكن بشرط أن نسير في الطريق

الصحيح هذا الطريق عليه منارات واضحة تهدي السائر عليه.. حتى وإن قابله

جبل واستدار حوله فإنه سرعان ما يرى المنارة التي ترده إلى الجادة، ولهذا لو

عرفنا ديننا حق المعرفة فستأتي الحركة؛ والحركة فيها النصر بإذن الله تعالى.

د. عبد الرحمن يسري:

تصحيح المنطلقات هي الخطوة الأولى على طريق الحل، والوعي الإسلامي

وحده هو الذي يجعلنا أكثر انتباهًا للمخاطر المحدقة بنا؛ لأن الوعي الرأسمالي لا

يثير أي شكوك بالنسبة للأساليب التي تنتهجها قوى العولمة للهيمنة على العالم، بل

يضفي عليها هالة من القداسة بحيث يصعب معها التنبه إلى خطئها أو خطرها.

والمسلم ليس بالإمعة الذي يسير في ركاب الآخرين ولا يدري إلى أين يقاد،

وحتى لا نكون كذلك علينا أن نتجاوز عقلية المنهزم ومرحلة التلقي السلبي وسياسة

ردود الأفعال المجردة، لنصل إلى مرحلة الفعل.

لدينا آمال كبيرة، ومن يدرس تجارب النهوض في العصر الحديث سواء في

ألمانيا واليابان بعد الحرب أو حتى في دول النمور الأسيوية يدرك أن الأمل ما زال

كبيرًا إن عدنا بإسلامنا إلى المعترك؛ وحينها لن نبدأ من الصفر وإنما ننظر فيما

فعلناه أولاً ونصححه ثم نبني عليه ثانيًا، وعلينا انتهاز الفرص، ولدينا مؤسسات

قائمة نبحث كيف نستفيد منها.

ننظر في حاجاتنا الفعلية، وننظر في كيفية تلبيتها داخليًا بالنسبة لنا..

الاعتماد على النفس ربما كان قاسيًا في أول الطريق لكنه لن يكون بقسوة خضوعنا

للغير سواء كان عولمة أو غيرها.

د. عبد الحميد الغزالي:

تكميلاً لكلام الزميلين العزيزين.. فإن النظرة الإسلامية للإنسان تعيد الاعتبار

إلى رأس المال البشري، وهو رأس المال الحقيقي؛ لأن الإنسان هو القيمة الأرفع

والأكثر أثرًا في عملية التنمية والإنسان الفاهم لدينه المستوعب لتغيرات عصره هو

الإنسان القادر على النهوض الحقيقي في مواجهة أي خطر مهما كان وبأقل

الإمكانات.

ولهذا فإن الاستثمار في هذا المجال استثمار استراتيجي وقائم على الإسلام،

وإذا لم نستطع ترتيب بيتنا من الداخل قبل أن تطغى علينا العولمة بآلياتها ومفاهيمها

وتطبيقاتها فلا أرى أملاً.

معظم الدول الإسلامية على مدى نصف قرن جربت استراتيجيات عديدة..

النمو المتوازن.. النمو غير المتوازن.. استراتيجية الدفعة القوية.. استراتيجية

البعد الأدنى الحساس.. استراتيجية التغلغل.. استراتيجية الحاجات الأساسية..

استراتيجية الصناعات الثقيلة.. استراتيجية الطلب النهائي.. استراتيجية الانطلاق

والنمو.. إلى آخر هذه الاستراتيجيات، وكانت النتيجة بشهادة المنظمات الدولية

المتخصصة: مزيدًا من التخلف ومزيداً من معاناة الإنسان، والسبب في ذلك هو

أننا أهملنا العنصر الأساس وهو الإنسان.

د. عبد الرحمن يسري:

من الموضوعية أن نعترف أن الآثار السلبية للعولمة ستكون شديدة الخطورة،

ومن ثم فإن الأمر يلح علينا لتدبر أمورنا تجاهها بسياسة اقتصادية حكيمة

واجتهادات عميقة ترمي إلى تحقيق مصالح الأمة في إطار القواعد الشرعية الأصلية،

وتقدم حلولاً لما يجدُّ من مشكلات.

ولا نعني أن تكون الحلول سهلة المنال، ولربما كانت موجعة، فالجراحة قد

تكون صعبة ولكنها وسيلة الشفاء إن شاءه الله تعالى ولأن العولمة ليس لها سابقة في

التاريخ ولا يستطيع أحد أن يقول: إن لديه سياسات اقتصادية جاهزة لمواجهتها،

ولكن الإسلام معين لا ينضب وعلينا الاجتهاد.

البيان: ولكن الاجتهاد قضيةً ومفهوماً قد جمد في حقبة سابقة، وهو اليوم

يتعرض للون من التحريف في مضمونه وفحواه.. نحن نؤكد على هذا الواجب

ولكن المشكلة في: من؟ وكيف؟

أ. يوسف كمال:

الاجتهاد واجب الطليعة المؤمنة من العلماء المتخصصين كلٌ في مجاله، بأن

تكشف عن حكم الله تعالى في قضايا العصر، وتعيد الأمة إلى مسارها بعد توضيح

المعالم؛ لأن الشرع محكم ومن رحمة الله بنا وإحكامه لدينه أن الآية من القرآن

يمكن أن تقيم نظامًا اجتماعيًا وسياسيًا واقتصاديًا، وهنا نحتاج إلى اجتهاد هذه

الطليعة لاستنباط ذلك.

نحن لسنا ضد الدراسات المتخصصة المتعمقة، ولكن عندما يتحدث العالم

المسلم عن العولمة لا نريده أن يتحدث بمنطق العالم الثالث.. وإنما بمنطق: قال

الله، وقال الرسول.. من منطلق الاتباع والأسوة والطاعة.

هذا هو مفرق الطريق!

نحن اليوم ونحن نواجه العولمة لا بد أن نضع كل شيء في نصابه، ولا

يمكن أن تكون المواجهة في مجال واحد! المواجهة في كل المجالات. ولهذا لا بد

من مشروع حضاري شامل يستوعب كل طاقات الأمة ويوحد بينها. إن ما ذكر عن

جمود في العالم الإسلامي وتخلف سببه الأساس هو جهود الإنسان من داخله!

على سبيل المثال: السوق العربية المشتركة وهي هدف مقدم مطروح منذ عام

١٩٥٦م وقبل السوق الأوربية التي طرحت عام ١٩٥٧م؛ وها هي السوق الأوربية

تجاوزت اليوم مرحلة السوق إلى مرحلة الوحدة، ونحن ما زلنا نقول: منطقة حرة

أو اتحاد جمركي أو سوق مشتركة..!

د. عبد الحميد الغزالي:

هنا أمر يجدر الإشارة إليه، ولا أحب أن يضيع في زحمة كلامنا.. وهو أن

العولمة بصورتها الراهنة ليست قدرًا وليست شرًا محضًا، وإنما هي واقع جديد

يُصنَع، ولا بد أن نتعايش معه بعقيدة المسلم وذكاء المسلم وحزم المسلم وحسمه.

نحن مع العولمة إذا ما كانت تعني التفاعل الحيوي بين شعوب الأرض..

نحن مع حرية التجارة، وحرية الانتقال التي تعني حريتنا أيضًا في كل ذلك؛

وحين نملك القرار سنملك التأثير.

ولهذا أقول: إن العولمة الصحيحة بضاعتنا ويجب أن ترد إلينا لكن من

منظورنا الإسلامي، لكن لن نستطيع أن ندخل تنافس العولمة ومعتركها المفروض

علينا إلا بتربية إسلامية صحيحة وتطبيق إسلامي في الاقتصاد وفي السياسة في

الاجتماع وفي الثقافة.. وبدون هذا التطبيق لن نكون قادرين على مواجهة العولمة.

نحن جربنا الاشتراكية فكنا مستهلكي شعارات، وجربنا الرأسمالية فكنا مستهلكي

سلع.. فلماذا لا نجرب الإسلام لننفتح على العالم من دائرة التأثير لا التأثر.

نحن أصحاب الانفتاح الحقيقي ولا يوجد انفتاح في أي عقيدة سماوية أو

أرضية مثل الانفتاح في الإسلام؛ فالحكمة ضالة المؤمن والأصل في الأشياء

الإباحة، ولهذا فإن انفتاحنا على العالم سيكون له إسهامه في الحضارة.

وأود أن أشدد على ضرورة توحُّد الدول الإسلامية تجاه هذه الظاهرة، وأن

نضع أيدينا في أيدي بقية الدول النامية للحصول على نصيب عادل من التجارة

الدولية والعلاقات الاقتصادية الدولية. فلقد رفعت الدول النامية دول السبع والسبعين

في أوائل الستينيات شعار» التجارة وليست المساعدة Tsade Not Aid «؛

وذلك لأن المساعدة كانت على عكس المأمول عبئًا على التنمية وليست عاملاً

مساعدًا لأحداثها. والآن ترفع الدول النامية شعار» عدالة التجارة وليس حرية

التجارة «بمعنى أن حرية التجارة باعتبارها جزءاً من ظاهرة العولمة يتعين ألا

تكون لصالح دولة واحدة أو حفنة قليلة من الدول المتقدمة.

د. رفعت العوضي:

العالم كله اليوم يتطلع إلى حل جديد وهو الذي يُعبَّر عنه بالطريق الثالث؛

لأن الشيوعية سقطت بالفعل، والرأسمالية في عولميتها تعيش أزمة خانقة رغم أن

عمرها قصير وهو تسع سنوات لم يعدُ عمر طفل في المرحلة الابتدائية؛ هذا

الطريق الثالث تكلَّم عنه كلينتون وتوني بلير وجاك شيراك ...

الإسلام يقدم أكفأ نموذج للطريق الثالث، ولو أننا جمعنا ما كتب عن هذا

الطريق الثالث لوجدنا كأنهم يحومون حول الإسلام، وهذا يجعلنا نقول: على العالم

الإسلامي أن يقدم الإسلام باعتباره الطريق الثالث الذي يبحث عنه العالم كله.

سنُسأل أمام الله تعالى إذا لم ننتهز الفرصة ونقدم الإسلام للعالم على أنه

الطريق الثالث المنقذ؛ لأن الحرية المطلقة سببت الكوارث. والإسلام وحده هو

الذي يقدم الحلول والضوابط في هذا المجال، والإسلام وحده هو الذي يربط التنمية

بالتوزيع والعدالة الاجتماعية. الإسلام يقنن دور الدولة في الاقتصاد ولا نبالغ إذا

قلنا: إن الإسلام هو سبيل النمو الذي يحتاجه العالم.

د. عبد الحميد الغزالي:

بعد سقوط الاشتراكية وتبني جورباتشوف البروستريكا التي أراد من خلالها

أن يبحث عن طريق غير الرأسمالية؛ لأنه أعلم بمشاكلها، أرسل وفدًا إلى مصر

ليدرس النظام الإسلامي للاستفادة منه، وشُكِّلت لجانٌ في مركز الاقتصاد الإسلامي

التابع لجامعة الأزهر من المتخصصين، وعكفت هذه اللجان على صياغة برنامج

متكامل للنظام الإسلامي في شكل بنود وفقرات قدمنا فيه نظامًا اقتصاديًا تشغيليًا يبدأ

بفلسفة النظام والعمل والأجور ونظام الملكية المتعددة، الاستهلاك والاستثمار

والادخار والشركات وصيغ الاستثمار والسياسة النقدية والسياسة المالية.. إلى آخر

كل مكونات النظام الاقتصادي الفاعل..

وعندما قُدم هذا النظام للوفد تساءل رئيسه الوزير (بافلوف) : كيف يكون

لديكم مثل هذا النظام وأنتم على هذه المسألة من التخلف؟ ! وأسندت أمانة المؤتمر

الرد إليَّ، وكان ردي:» لأننا بعيدون تمامًا عن هذا النظام «.

ولكن توالت أحداث تفكك الاتحاد السوفييتي، ولم تُعطَ القيادة الروسية

الفرصة للاستفادة من هذا المشروع الذي أصر الوفد الروسي على مناقشته تفصيلاً

في جولة ثانية في موسكو.. إلا أن الجولة المقترحة لم تتم بسبب هذه الأحداث.

البيان: هل يمكننا ونحن في إطار الحديث عن المشروع الحضاري بصفة

عامة أن نطرح تصورًا له في ظل مخاطر العولمة؟

أ. يوسف كمال:

إذا كنا نتحدث عن مواجهة فالمواجهة تحتاج بداية إلى إرادة، ولا إرادة بدون

عقيدة؛ لأننا إذا نظرنا على سبيل المثال إلى الفجوة التقنية بيننا وبين الغرب والتي

تتسع وتتسع فسنصاب باليأس؛ لأننا في حاجة إلى تكوينات رأسمالية وهي بدورها

تتطلب فائض مدخرات كبير، وهذا الفائض يحتاج إلى زيادة الدخل وإلى ضغط

الإنفاق! ومستحيل أن نصبح كروسيا؛ لأن الإنسان الروسي هو الذي هدم روسيا

بسلبياته وعدم حرصه على مصلحة بلده.

إذن لا بد من عامل ذاتي يدفع الإنسان نحو مضاعفة عمله وضغط نفقاته؛

بحيث يكون على استعداد دائم لبذل أكثر مما هو مطلوب منه.

ليس شيء سوى العقيدة يصنع مثل هذه المعجزة، إذن العقيدة هنا يمكن أن

تحدث الطفرة؛ لأنها تربي الفرد على المسؤولية في إطار جماعي وتحميه من

الهزيمة النفسية والفكرية.

ثم تأتي بعد ذلك الشريعة لتضع له الضوابط العملية والتطبيقية التي توجه

جهوده التوجيه الأمثل.

د. عبد الرحمن يسري:

لماذا لا يرفع المسلمون شعارًا واحدًا يوحد بينهم كما يرفع غيرهم من الشعوب

الشعارات؟ الثورة الشيوعية رفعت من قبلُ شعار:» يا عمال العالم اتحدوا «

والأمريكيون رفعوا شعار:» بالله نثق «، والفرنسيون رفعوا شعار:» حرية

إخاء مساواة «والمسلمون يملكون الشعار الذي يوحد بينهم وهو كلمة الشهادة التي

نرددها صباح مساء هذه الكلمة تمثل شعارًا حقيقياً للإسلام عقيدةً وفكرةً ونظاماً،

ويمكن من خلال توظيف مفهومها أن تستعيد الأمة ما فقدته حتى في ظل طغيان

العولمة.

البيان: لكن كيف نترجم هذا الشعار إلى واقع حضاري عمومًا، واقتصادي

خصوصًا؟

د. عبد الحميد الغزالي:

إذا تكلمنا عن المشروع الحضاري فلا بد أن ينقلنا هذا للحديث عن الثوابت

التي ينبغي أن نحتكم إليها ونحن نواجه العولمة:

أولى هذه الثوابت: أن يكون مدخل التعامل عقديًا؛ لأننا إذا فقدنا المقياس

ونقطة الانطلاق فستصبح الأمور كلها نسبية تقبل التسويغ واحتمال وجهات النظر

المختلفة، أما إذا احتكمنا إلى العقيدة وانطلقنا منها فسوف يكون سعينا مطردًا بنّاءاً،

ويكفي أننا نملك حينئذ المعية الإلهية.

وثانيها: أن تكون المصلحة الاقتصادية لأمتنا وأوطاننا هي المحرك الأساس

لعملنا، وهذا لا يكون إلا بإرساء حرية الإنسان وإشراكه في العمل؛ فلا تهدر طاقة

ولا تزيف إرادة، وإلا أحس الإنسان بالغربة، وهذا شعور قاتل لكل مبادرة..

ولكل عمل جاد.

ثالثها: سياساتنا الاقتصادية التي لا بد أن تنبع من خططنا المبنية على

مصالحنا، أما خطط صندوق النقد والبنك الدولي فينبغي ألا تكون ملزمة.

رابعها: أن تكون حلولنا استراتيجية، بأن ننظر إلى عملية التنمية نظرة غير

تقليدية، بأن نستفيد من فترات السماح المتاحة لاتفاقيات التجارة، وهي ما بين ٥

١٠ سنوات، ويمكن أن تُمد عن طريق التفاوض حتى نقف على أرجلنا وهكذا..

د. عبد الرحمن يسري:

يمكن من خلال هذه الثوابت التي طرحها الدكتور عبد الحميد أن نطرح

تصورًا لدور الدولة في الإسلام خاصة في مثل هذه الظروف، هذا الدور يتمثل في

عدة واجبات يمليها الشرع على الدولة، هذه الواجبات كانت موجودة منذ عهد النبي

صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين رضوان الله عليهم جميعًا ويمكن لنا أن

نطرحها بإيجاز:

١- واجبها نحو بناء الفرد المسلم الذي يعد العنصر الأهم في التنمية وفي

المواجهة، وذلك عن طريق تربية الناس وتوعيتهم بواجباتهم وحقوقهم الشرعية،

وضرورة تماسكهم قطريًا وعالميًا، وهذا يستدعي زيادة الإنفاق على التربية

والتوعية الإسلامية في جميع المستويات التعليمية، وإحياء دور المسجد، وإعداد

المناهج اللائقة بذلك.

٢ - واجبها في إيجاد الكفاءات، وهو ما يمثل فروض الكفايات عن طريق

وضع خطة تعليمية مركزية تتضمن برنامجًا زمنيًا تفصيلياً يبدأ بمحو الأمية، ويمتد

للتوفيق بين برامج التعليم والتدريب وبين احتياجات سوق العمل حاضرًا ومستقبلاً،

والارتقاء بالبحث العلمي من خلال توفير التقنيات الحديثة والعمالية، والتشجيع

على البحث والإبداع والابتكار.

٣ - واجبها نحو المال باعتباره قيمة إسلامية لها دورها العقدي والاقتصادي

والاجتماعي، وهذه المسألة تمثل نقطة ارتكاز تفصل بين النظرة الإسلامية والنظرة

المادية عمومًا، فتقوم بوظيفتها المالية من جمع الزكاة والصدقات والعشور وغيره

وتصرفها في وجوهها حتى لا يكون المال دُولة بين الأغنياء كما تريد العولمة.

٤ - واجبها نحو ضمان استقرار النشاط الاقتصادي الحقيقي بالإشراف على

أسواق رؤوس الأموال وتنظيمها، وتنظيم تدفق رؤوس الأموال، وضمان الالتزام

بالأحكام الشرعية واتخاذ الإجراءات الحاسمة لمنع الإخلال بالقواعد الشرعية.

٥ - تنظيم الانتفاع بالموارد كالموارد المائية وأراضي الرعي والغابات

والصحراء لصالح أبناء المجتمع وضبط عمليات التملك بما يضعف النفوذ الأجنبي.

٦ - الابتكار في تشجيع الاستثمار؛ وعلى سبيل المثال من خلال المعاملة

التفضيلية للشركات الأجنبية التي تسهم إسهامًا فعليًا في التنمية الحقيقية.

٧ - ضبط التعامل مع الأسواق الأخرى من خلال مراقبة الواردات لضمان

عدم مخالفتها للشريعة الإسلامية، وأخذ العشور وإدارة التجارة الخارجية بما يحقق

المصالح، وعلى هذا الغرار تكون واجبات الدولة التي يمكن أن تتطور وفق هذه

الواجبات بآليات أحدث.

د. رفعت العوضي:

التطورات الراهنة تفرض على الدولة مزيدًا من أدوار الحماية وإدارة الإنماء

بطريقة ذكية وفاعلة تعتمد فيها على البحث العلمي والدراسة والتخطيط الجاد..

وقيام الدولة بهذه الأدوار يقلل كثيرًا من الخسائر التي يمكن أن تتعرض لها في ظل

العولمة.. وعلى سبيل المثال:

- الاتفاقيات الدولية الملزمة كاتفاقية تحرير التجارة تحتاج إلى دراسة متأنية

ومتخصصة تتيح لنا معرفة عناصر القوة والضعف والثغرات في هذه الاتفاقية، كي

تتمكن الدولة من توسيع مجال المناورة وتفسير هذه المواد بما يخدم مصالحها.

- تحتاج الدولة بدلاً من أن تغري الاستثمارات الأجنبية بالقدوم أن تنتهج

سياسات تعيد الثقة بالاقتصاديات المحلية، بما يشجع الاستثمارات المهاجرة إلى

الخارج على العودة إلى بلادها مرة أخرى.

- حماية الصناعات الناشئة من المنافسة الأجنبية وسياسات الإغراق من خلال

فرض لون من القيود الجديدة التي تعتمد على المواصفات في الحيلولة من دخول

الصناعات المنافسة.

- توجيه الدراسات الجامعية والأكاديمية الشرعية والمتخصصة إلى حل

مشكلات الانفتاح والتحرير والبورصة بحلول عملية.

- تطوير القدرة التنافسية لصناعاتنا من خلال دعمها عن طريق الدراسات أو

مساعدتها في فتح أسواق جديدة أمامها.

هذه الأدوار مجرد أمثلة على ما يمكن أن تفعله الدولة الآن.

أ. يوسف كمال:

السياسة الحمائية لها بُعْدٌ شرعي مهم يتمثل في تطبيق الشريعة؛ لأنه لا قيمة

لوضع سياسات لحماية الصناعات دون حماية البنية التحتية التي يمتد إليها التمويل

الأجنبي ليتلاعب بها، وأمامنا تجارب معاصرة تخلت فيها الحكومات عن الحماية

الشرعية المتمثلة في تحريم الربا الواقع في عمليات الإقراض، وتحريم المقامرات

التي تجري في البورصات، فكانت النتيجة أن أُتيَ الاقتصاد من حيث لم يحتسبوا

والله قد ضمن لنا العصمة في التمسك بحبله؛ فلماذا النكوص؟ !

د. رفعت العوضي:

مسألة التكامل الإسلامي، وكيف يمكن للدول الإسلامية اليوم أن تكمل في

إطار هذا التكامل.

في ظل الظروف الراهنة ليس بمقدور أي دولة إسلامية أن تخرج عن

الإجماع العولمي الذي تمليه الدول السبع الكبار عبر المؤسسات والمنظمات الدولية،

ومن ثم فإن المتنفس أمام الدول الإسلامية يبدأ عبر الساحة الإسلامية ذات الامتداد

الجغرافي والاستراتيجي والسكاني والمادي بدءًا بالتكامل وانتهاءاً بالتوحد عبر

سياسات منضبطة ومحكمة.

لأن المنظومة العولمية آخذة بالتطور عبر القرارات والاتفاقات والتكتلات

والاندماجات بشكل يملي على العالم الإسلامي سرعة المبادرة قبل أن يفلت الزمام.

العالم الإسلامي يمتلك مخزونًا جبارًا من رؤوس الأموال ومن الثروات الحيوية

والمعدنية بالإضافة إلى التلاحم الجغرافي والتكامل في الموارد، ولهذا لو قامت

تجارة فعلية بين العالم الإسلامي لأمكننا الاستغناء عن العالم الخارجي على الأقل في

الاحتياجات الاستراتيجية.

وهنا يبرز دور مؤسسات التكامل سواء على مستوى الإطار الإسلامي العام

كمنظمة المؤتمر الإسلامي، أو حتى على المستوى الإقليمي كالاتحاد المغاربي،

ومجلس التعاون الخليجي، أو اتحاد جمهوريات وسط آسيا الإسلامية، أو على

المستوى الوظيفي كمجموعة الثمانية الإسلامية؛ لكن المثير للعجب أن دور هذه

المؤسسات لم يزل مقصورًا على الدور الاستشاري ولا يحمل أي صورة من الإلزام.

لدينا كذلك مؤسسات متخصصة كاتحاد الغرف التجارية والصناعية الإسلامية،

والبنك الإسلامي للتنمية ولدينا مؤسسات أخرى في الإطار العربي، لكن هذه

المؤسسات لم تقم بدورها المرسوم والمراد لها، والأسباب معروف أكثرها، وإذا ما

أرادت الدول الإسلامية لنفسها بعض المتنفَّس من ضغط العولمة فعليها أن تُفعِّل

العلاقات البينية والتكاملية لمواجهة آثار الهيمنة الخارجية.

أما على مستوى رؤوس الأموال فلدينا فرص استثمار ممتازة، ويسيل لها

لعاب المستثمر الأجنبي داخل المجال الإسلامي من آسيا الوسطى وحتى الأطلنطي

تحتاج إلى رؤوس أموال وخبرة كافية لاستغلال المقدرات الموجودة.

عبد الحميد الغزالي:

لا بد أن يكون هناك نظرة استراتيجية لموارد العالم الإسلامي وإمكانياته من

خلال التخصص وتقسيم العمل، بتوزيع الأدوار، ومن هنا فعلاً نستطيع إقامة تكتل،

وحتى لا نكون حالمين علينا أن نبدأ بأدنى ما يمكن قبوله.. وهو أن ننظر فيما

ينتج العالم الإسلامي فيتم التبادل فيه بدلاً من استيراده من العالم الخارجي.

ثم من خلال التخطيط الاستراتيجي يمكن تنمية بعض الصناعات الاستراتيجية

وحل إشكالات التطور التقني بتنظيم حقوق الملكية الفكرية على مستوى العالم

الإسلامي للاستفادة من عقولنا الإسلامية التي نهدرها بينما تنمو إذا ما احتضنها

الغرب.

العالم الإسلامي كذلك يحتاج إلى دليل تنمية حقيقي، ودليل استثمار على

مستوى العالم الإسلامي يتم تداوله بين رجال الأعمال المسلمين، ويحتاج كذلك إلى

بنوك معلومات، ومجموعات استشارية إسلامية تقدم دراسات وافية عن جدوى

الاستثمار وعوائده ومزاياه على نطاق العالم الإسلامي.

ونحتاج إلى دوريات متخصصة في هذا المجال تقدم الدراسات الإنمائية من

المنظور الإسلامي؛ وهذه المؤسسات تحتاج إلى دعم الحكومات ومؤسسات التكامل

تمامًا كما تدعم الأنشطة الوضعية.

أ. يوسف كمال:

هناك عدة تساؤلات تطرح نفسها على الحوار:

لماذا لا توجد كيانات كبرى قوية فاعلة على مستوى العالم الإسلامي مع توفر

الإمكانات والدواعي؟ !

ولماذا لا توجد شركات إسلامية دولية النشاط مع توفر الإمكانات والدواعي؟

ولماذا لا يوجد ابتكارات واختراعات في الدول الإسلامية مثلما يوجد في

الغرب؟ هل العيب في العقول، أم في النظم؟

ثم لماذا تتفوق العقلية المسلمة في الخارج بصورة تدعو إلى العجب؟ !

انعدام الإرادة السياسية أو ضعفها وتبعيتها لدينا هو السبب في جل ما أصابنا،

ما زلنا نرفع شعارات للاستهلاك دون تطبيق؛ لأننا غير جادين في ذلك!

السوق العربية المشتركة.. التكامل الإسلامي.. حتى على مستوى التكامل

الثنائي أو الثلاثي بين الدول.. الاتفاقيات الثنائية لم تصمد أمام أول ريح للخلافات

السياسية!

ما زال للنظرة القطرية الدور الأخطر في سياساتنا فلا رؤى مشتركة، ولا

سياسات مشتركة.

وإذا أضفنا إلى ذلك التأثر بطابور المستفيدين بالعولمة اليوم في سن

التشريعات وفرض السياسات واتخاذ القرارات.

ولهذا أقول: إنه ما من حل إلا من خلال تحرير الإرادة، والإرادة لا يحررها

سوى العقيدة التي تبني الفرد وتبني المجتمع وتصحح المنطلقات والمعايير.

د. رفعت العوضي:

الدول الإسلامية تستورد أكثر من نصف غذائها من العالم الخارجي؛ مع أنها

لم تستغل سوى أقل من ٤٠% من المساحات الصالحة للزراعة. وبنظرة

استراتيجية نتساءل: لماذا لا نزرع هذه الأراضي بفوائض أموالنا المعطلة في

البنوك الغربية والتي تربو على ٨٠٠ مليار دولار في أقل تقدير؟ عندنا الأيدي

العاملة الرخيصة، والأراضي الصالحة للزراعة، ولدينا في السودان وحدها

مساحات يمكن أن تكفي العالم الإسلامي من الغذاء، ولدينا مساحات شاسعة في

الجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى والقوقاز؛ وكازاخستان وحدها فيها ١١٧

مليون فدان صالحة للزراعة!

العالم الإسلامي ما زال يتمتع ببعض الميزة النسبية في مجال الزراعة؛ فعلينا

أن نطور هذه الميزة رأسيًا وأفقيًا.

وفي مجال الصناعة يمكن الاستفادة من الخبرات التي تكونت في ماليزيا

وإندونيسيا ومصر وباكستان في هذا المجال لتوسيع قاعدتنا الصناعية، وأيضًا

يجب علينا الاستفادة من العنصر البشري المتميز في الجمهوريات الإسلامية في

آسيا الوسطى والقوقاز. العالم يسعى لجذب هؤلاء العلماء، وعالمنا الإسلامي

غائب كلية عن ذلك. وفي هؤلاء علماء في الذرة ولا بد أن يُخَطَّط للاستفادة منهم.

حتى الآن ما زال أمامنا الكثير؛ لكن بمرور الوقت تتضاءل أمامنا الفرص

وربما تضيع.

د. عبد الرحمن يسري:

لا شك أن الحرص على مصلحة بلادنا يدفع نحو ابتكار حلول عملية ونحن

راضون بأقل القليل، لن نقول وحدة اقتصادية كما فعلت أوروبا، أو منطقة تجارة

حرة كما هو الحال في أمريكا الشمالية، ومع أن هذا يندرج ضمن الواجبات

الشرعية، لكنا نقنع بالحد الأدنى من التنسيق بين السياسات من خلال النظر في

السوق الإنتاجية وما ينتج فيها وإعطائه الأولوية والابتكار في أساليب التعامل،

حتى لو عدنا إلى أسلوب المقايضة بعيدًا عن العملة الصعبة بالاستناد إلى قيم ثابتة

من الدينار الإسلامي (وحدة النقد المشتركة) حتى نتحرر بعض الشيء من قيود

التعامل بالعملة الصعبة والآليات الدولية المفروضة.

هذا لا يعني رفض الارتباط الإنتاجي بالعالم على إطلاقه ولكن يعني على

سبيل التأكيد عدم التسليم بهذا الارتباط قبل فهم مضمونه واتجاهه أو التعرف على

مكاسبه: من أين؟ ولمن؟

د. رفعت العوضي:

أود أن أشير أيضًا إلى أهمية دور المؤسسات العلمية والمؤتمرات العلمية

المتخصصة على مستوى العالم الإسلامي في تقديم حلول مؤسسية لإشكالات ثورة

الاتصالات والمعلومات وكيفية الإفادة من الانترنت التي أصبحت متاحة للجميع لكن

دون آليات وضوابط تضمن حسن الاستفادة.

ومن ثم توفير مراكز معلومات قادرة على خدمة اتخاذ القرار والإشراف

والمراقبة. هل تتصور أن جامعة هارفارد لديها مركز عن البنوك الإسلامية، بينما

لا يوجد مثله في أي جامعة على مستوى العالم الإسلامي؟ !

وهذا يعني أن المعلومة لدينا إما مضللة أو مشوشة.. أو سطحية إذا ما

اعتمدنا على امكانياتنا التي لم تزل دون المستوى.

كما نطرح لوناً آخر من التفعيل وهو كيفية الإفادة من البحوث العلمية المقدمة

لنيل الدرجات العلمية في جامعاتنا؛ فبين هذه البحوث عدد كبير يمكن أن يفيد في

هذا الجانب، ولنا أن نتصور أيضًا حجم الفائدة إذا ما قامت مؤسسة إسلامية على

مستوى العالم الإسلامي لرعاية الباحثين وتشجيعهم على البحث في هذا المجال عن

طريق المسابقات البحثية أو شراء الأبحاث التي تقدِّم إضافة في هذا المجال.

إلى جانب هذا إيجاد مؤسسات للتدريب ورفع مستويات الأداء واكتساب

الخبرات بمعايير شرعية وموضوعية.

ومؤسسات أخرى لتصميم المشاريع النموذجية التي تضمن أداءاً متميزاً من

جهة العائد والتكاليف والضوابط الشرعية والعمل على انتشارها.

ومؤسسات كذلك تعمل على استيعاب التقنيات وتطويرها بل والابتكار

أيضًا..

قد تكون برامج التطوير أكبر كلفة في المدى القصير لكن مردودها وتكاليفها لا

تقارن على المستوى الاستراتيجي.

وفي هذا الصدد أشير إلى أن التكامل الاقتصادي بين الدول الإسلامية إذا

تحقق فسوف يمثل وعاءاً ملائمًا لرعاية التقدم التكنولوجي.

إن الدول الإسلامية إذا اجتمعت فسوف تتوافر العناصر اللازمة للتقدم العلمي:

العناصر البشرية المتوافرة في بعض الدول الإسلامية، ورؤوس الأموال،

ومراكز البحوث العلمية.

د. عبد الحميد الغزالي:

المشروع الحضاري الإسلامي له منظومة تائية مكونة من تسع كلمات

تستوعب في مجملها وتفصيلها ما يمكن أن تتناوله أي خطة للتطوير وتزيد.

هذه التائية تتمثل في: التوحيد.. التحديث.. التنمية.. التقنية.. التكافل..

التكامل.. التعاون.. التغيير.. التوحد.

فالتوحيد.. هو المدخل؛ لأن (لا إله إلا الله) سنة حياة.. توحيد الشعائر

والشرائع، والذي أجمله الحق سبحانه في قوله: [إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ]

(الفاتحة: ٥) ؛ وبهذا المدخل تتحقق خلوصية العبادة لله تبارك وتعالى وتتحقق

حرية الإنسان صانع التقدم؛ لأن صنع الرجال يصنع معه كل شيء، كما قال علي

بن أبي طالب رضي الله عنه:» مجتمع المنتجين المتقين حقًا «.

وثانيها: التحديث: الذي يبدأ بتحديث العقل قبل الأشياء.. وتحديث العقل

فريضة بدأ بمشروع» اقرأ «.. ونحن نعيش عصر المعرفة.

وثالثها: عنصر التنمية: والإسلام جاء لإعمار الأرض وتنميتها وفق المفهوم

الشامل للتنمية؛ والذي يشمل التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

ورابعها: التقنية: ونحن مأمورون أن نأخذ بأحدث ما أنتجه العقل البشري

من مستجدات وابتكارات ما لم تخالف نصًا أو تهدر أصلاً؛ لأن الحكمة ضالة

المؤمن لكن التقنية ليست سلعًا تستورد، وإنما مادة تطور وفقًا لنظام تعليمي

مستوعب قائم على خصوصياتنا.

وخامسها: عنصر التكافل: وهو جزء أصيل لهذا المشروع، وما حُرِّم الربا

وفرضت الزكاة إلا من أجل التكافل والتكاتف بين أفراد المجتمع.

سادسها: التكامل: وهو مهم جدًا بين أفراد المجتمع الواحد وبين المجتمعات

الإسلامية تكوينًا للوحدة، ونحن كما قلنا: نملك مقومات هذا التكامل ماديًا ومعنويًا.

وسابعها: التعاون: وأعني به التعاون مع الآخر بعد الاعتماد على الذات،

وبشرط أن يقوم هذا التعاون على النِّدِّية وليس على التبعية.

وثامنها: التخطيط والذي يعني الاستخدام الأمثل والأكفأ لما لدينا من إمكانات

مادية وبشرية ومالية تحقيقًا للحياة الطيبة الكريمة لكل إنسان يعيش في كنف النظام

الإسلامي.

وتاسعها: التوحد: على أساس وحدة العقيدة ووحدة الأمة ووحدة المصلحة.

الاتحاد الأوربي تبعنا في فكرة السوق المشتركة لكنه سبقنا وتخلفنا نحن؛ لأنه

صحح منطلقه وفقًا لرؤيته وملك قراره وعرف مصلحته ووصل الآن إلى وحدة

سياسية واحدة، وعملة واحدة.

أ. يوسف كمال:

العولمة ليست معنى جديدًا على البشرية؛ فقد سبقت هذه العولمة عولمات

أخرى، وقد قدم لنا القرآن النموذج الإسلامي للعولمة بصورته المشرقة في ذي

القرنين الذي مكَّن الله له في الأرض من مشارقها إلى مغاربها، وآتاه من كل شيء

سببًا، فأتيحت له إمكانيات ضخمة [فَأَتْبَعَ سَبَباً] (الكهف: ٨٥) فأضاف إلى

هذه الأسباب أسبابًا فكرية وعملية.. وأخذ بالأسباب.. لم يطبق المعايير المزدوجة

وإنما طبق المنهج الإسلامي، ولخصه في: [وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ

جَزَاءً الحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً] (الكهف: ٨٨) ، فأقام المنهج في

جنبات الأرض، وعمل على تحرير المستضعفين في كل شبر منها.. هذا هو

النظام العالمي الذي يبشر به الإسلام ممثلاً في ذي القرنين.. وقد ذكر المفسرون أن

ما فعله عند مغرب الشمس فعله عند مطلعها.

[حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْماً لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً *

قَالُوا يَا ذَا القَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً

عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَداًّ] (الكهف: ٩٣-٩٤) وكان رده: [قَالَ مَا مَكَّنِّي

فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً] (الكهف: ٩٥) لم يقل:

فعلت أو أفعل أو أمرت، وإنما تواضع لله مع ما وهبه من قوة.

وهنا قمة التقنية [آتُونِي زُبَرَ الحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا

حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً] (الكهف: ٩٦) فخلط الحديد

بالنحاس ليكون أقوى.. وبعد أن انتهت المهمة قال: [هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي]

(الكهف: ٩٨) ولم يقل: من إنجازاتي.

هذا أساس العولمة في الإسلام وهذا الذي يراد من الإنسان أن يفعله بالدنيا،

فليس الهدف فقط إقامة عمران مادي؛ لأنه كله سيعود [دَكَّاءَ] (الكهف: ٩٨) .

أما العولمات الأخرى فهي التي قال الله عنها: [قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالأَخْسَرِينَ

أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً *

أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ] (الكهف: ١٠٣-١٠٥) .

وحبطت أي: انتفخت، ونحن نرى الحضارة تشبه الجسم المتورم! لا وزن

لها في ميزان الله [فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَزْناً] (الكهف: ١٠٥) .