للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصفحة الأخيرة

أين القدرات الفكرية؟ !

هناك أمر ملحوظ بوضوح شديد، وهو عزوف أهل العلم والفكر عن مهمتهم

التي لا يستطيع أن يقوم بها غيرهم، وهي التوعية والقيام بأمر التبيين، وبكلمة

مختصرة: النزول من الأبراج العاجية، والانخراط يبن الناس، وقيادتهم وتبني

مشكلاتهم، والإحساس بشعورهم، ومعالجة قضاياهم.

إن الذي يجعل أهل العلم يحجمون عن ذلك أمور هي في ظاهرها حجج قد

تكون مقبولة، ولكنها في حقيقتها ليست إلا حججاً مصطنعة تأخذ أكثر من نصيبها

من الاعتبار، وتتخذ تكأة للضعف والنكوص والانسحاب من الواقع.

إن كثيراً من أهل الفكر يتعللون بفقدان الحرية، أو ضيق الوقت، أو

بالاستغراق في مهام أخرى ...

صحيح أن هناك موانع وعوائق في مجال النشر والكتابة، ولكن المؤمن

المصمم الكيس الفطن لا يعدم وسيلة يوصل بها أفكاره، إذا صح العزم وخلصت

النية، وكثير من الناس يفهمون الحرية فهماً مجتزأ كأن يتصوروا السماح لهم بسب

هذا وتجريح ذاك؛ دون أن يكلفوا أنفسهم ضرب المثل للعمل الإيجابي والجهد

المثمر وكيفية أن ننجز أمراً مهما كان صغيراً، ودون أن ننجرف في الإثارة

والغليان ولا نحقق شيئاً.

وكذلك مسألة ضيق الوقت، فلو نظر الشاكون من ضيق الوقت إلى كثير من

الأعمال التي تضيق بها أوقاتهم لوجدوها لا تستحق أن يشغل الإنسان بها وقته،

ولأزالوا من طريق العمل المثمر المبني على خطط مرسومة يُحاسَبُ عيها، فيثاب

ويكافأ من نفذها في وقتها، ويعاقب ويقصي من قصر في تنفيذها.

نزولاً إلى الساحة؛ فالساحة فارغة، واهتماماً بالأجيال الإسلامية؛ فالأجيال

متعطشة وتركاً للكسل والترهل والاستنامة إلى الفتن والشهوات، فهي مرتع وبيل لم

تجن منه الأمة الإسلامية إلا السير إلى الوراء، وسعياً في ركاب العلم النافع الذي

يبني ولا يهدم، وبعداً عن أساليب الإثارة فهي مضيعة للوقت، ومجال تتسلل منه

الفتن بشتى أنواعها،

ولمْ أر في عيوب الناس عيباً ... كنقص القادرين على التمام