للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنتدى

[هل أوضح الدعاة وأدركت أمتنا؟]

د. مهدي قاضي

يجب أن تدرك الأمة أن دعم المسلمين الذين يتعرضون للمذابح والتشريد

بالمساعدات المالية والدعاء على الرغم من أهميته ووجوبه والحاجة إليه وضرورة

المبادرة إليه إلا أنه في الحقيقة حل وقتي وجزئي لا يوقف المآسي ولا يحلها تماماً؛

وإن انتهت مأساة فستظهر أخرى؛ لأن الداء الحقيقي مستمر وهو ضعف الأمة

وذلها وهوانها وعجزها عن حماية أبنائها. والذي يحدث نتيجة بُعد الأمة عن

الالتزام التام بأوامر ربها. قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عن ابن

عمر: «إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم

الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا يرفعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم» أخرجه أحمد

وأبو داود والطبراني. وقال أيضاً في الحديث الحسن عن ثوبان: «يوشك أن

تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة إلى قصعتها. قالوا: قلنا: يا

رسول الله! أمن قلة نحن يومئذ؟ قال: أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل»

الحديث ... أخرجه أحمد وأبو داود.

ومذابح أمتنا ومآسيها في العصر الحديث مستمرة منذ عشرات السنين منها ما

عرفناه ومنها ما لم نعرفه، ويجب أن يشعر المسلمون أنهم مسؤولون عن استمرار

مآسي الأمة من هذا الجانب؛ لأنهم بتقصيرهم واستمرارهم في الذنوب وتركهم الجد

في الدعوة إلى الله والإصلاح يكونون سبباً في ضعف الأمة، ومن ثم يكونون سبباً

في عجز الأمة عن حماية أبنائها؛ ووضع حل جذري لهذه المآسي وبذلك يكونون -

بتقصيرهم - من أسباب استمرار مذابح المسلمين.

وما يحز في النفس أكثر هو أن الكثير من الخطباء والمحاضرين والكتاب

والشعراء والدعاة عموماً لا يقومون في خطبهم ودعائهم وتوجيهاتهم عند الحديث

عن مآسي المسلمين بتذكير الناس بهذا الجانب الهام بالشكل الواضح والكافي

والمؤثر الذي يشعر كل فرد مسلم بمسؤوليته هو في نفسه في تحقيق هذا الواجب؛

مع أن هذا - كما ذكر سابقاً - هو الحل الحقيقي الجذري للمآسي.

وبغض النظر عن أنه الحل الأهم فإنها فرصة للدعاة لتذكير الناس بالعودة إلى

الله من هذا الجانب؛ وهذا من قبيل المفهوم التربوي (التربية بالأحداث) . ومن

الخسارة ألا تستغل هذه الفرصة لتذكير الناس بالهدف الحقيقي الذي تطمح إليه الأمة

وهو عودة المسلمين إلى الالتزام التام بدينهم والذي به - بإذن الله - يتحقق للأمة

نصرها وتمكينها في الأرض.

وبعبارة أخرى نقول للدعاة بأنه يجب علينا ألا نعالج الأعراض فقط وننسى

المرض الحقيقي للأمة حتى ولو كانت الأعراض شديدة وحادة في بعض الأحيان.

يا أمة الحق إن الجرح متسع ... فهل تُرى من نزيف الجرح نعتبر؟

ماذا سوى عودة لله صادقة ... عسى تغير هذي الحال والصور!

إن الحل لمآسي أمتنا يمكن تلخيصه في كلمتين: (عودة، ودعوة) .

أي عودة كل فرد في الأمة إلى تطبيق الدين والالتزام التام بأوامره، ودعوته

غيره إلى ذلك.

ويا ليت أن تصبح هاتان الكلمتان شعاراً لطريق الحل لإنقاذ أمتنا، وأن تكون

رمزاً تتذاكر الأمة به لكي لا تنسى ذلك، ولكي تسرع للطريق الحقيقي الموصل

للنجاة والعزة والكرامة.