للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنتدى

[لماذا التقاعس؟ !]

صالح بن محمد

في خضم الأحداث وكثرة الجراحات والدماء النازفة في جسد الأمة، ومع

التحديات العلمانية والكفرية الإلحادية لتجفيف المنابع وبخاصة عقيدة الولاء والبراء

في قلب المسلم، وإزاغته عن دينه ومنهجه وعقيدته ولغته؛ نجد في هذه الأجواء

من أبناء الإسلام ومن أهل الدعوة وأصحاب الصحوة: من رفع يده عن العمل

الدعوي واكتفى بنواحه على الإسلام وأهله وندب الحظ بحد زعمه وآخرون منهم

يعملون ولكن بخطى ثقيلة وخطوات بطيئة ليأسه من الإصلاح العام الشامل، وقليل

هم أولئك الدعاة العاملون الصادقون المخلصون الجادون الواثقون بنصر الله وتمكينه

لأهل دينه في الأرض.

فلماذا كل هذا التراجع والتقاعس والضعف والهوان؟ ! ألم يقل الله تعالى:

[وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ] (آل عمران: ١٣٩) ثم إن من سنن الله الثابتة

في هذا الكون: [وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً] (الأحزاب: ٦٢) هي التمكين

والنصر والغلبة لعباده المؤمنين: [وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ

يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ] (الأنبياء: ١٠٥) فالتمكين حاصل لا محالة؛ ولكن ما

دورنا في رفع كلمة الله ونصرتها؟ !

إن من المتحتم على المسلم وسط هذه الأجواء: الصبر والمصابرة، والجد

والعمل، والدعوة الصادقة إلى الله، والدلالة على سبيله بجميع الوسائل والتقنيات

العصرية، والاستقامة على الدين. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله واصفاً

حال أولئك: «وكثير من الناس إذا رأى المنكر أو تغير كثير من أحوال الإسلام

جزع وكلَّ وناح كما ينوح أهل المصائب، وهو منهي عن هذا، بل هو مأمور

بالصبر والتوكل والثبات على دين الإسلام، وأن يؤمن بأن الله مع الذين اتقوا

والذين هم محسنون، وأن العاقبة للتقوى، وأن ما يصيبه فهو بذنبه؛ فليصبر إن

وعد الله حق ويستغفر لذنبه، وليسبح بحمد ربه بالعشي والإبكار» .

[الفتاوى، ١٨/٢٩٣]

وهمسة أخيرة في أذن كل مصلح وداعية وعامل: [فَمَن يَعْمَلْ مِنَ

الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ] (الأنبياء: ٩٤) . فلماذا

التقاعس؟ ! فقد مضى عهد النوم! !