للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمون والعالم

الولايات «غير المتحدة» الأمريكية

معالم على طريق السقوط

عبد العزيز كامل

عندما سقط الاتحاد السوفييتي السابق لم يكن أحد يتوقع أن يحدث ذلك بمثل

هذه السرعة. صحيح أن سقوطه كان محتماً ولو بعد حين بحكم النظر في دورات

التاريخ ومصائر الأمم المسيَّرة حسب السنن الإلهية، إلا أن النظر البشري للمحللين

والمراقبين تقاصر عن استشراف الموعد المحتوم الذي كان أقرب مما يظنون.

نحن اليوم أمام حالة مشابهة في الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث تتتابع

الشواهد الدالة على أن تلك (الإمبراطورية) الآخذة في الصعود الأحادي، إنما هي

في الوقت ذاته تقترب جداً من أعلى درجات السلَّم التي تسلم كل درجة منها إلى ما

بعدها حتى لا يعود بعد ذلك مجال إلا للعودة؛ فالذي يرقى مرتقىً أياً كان في هذه

الدنيا، لا بد أن ينزل منه ولو بعد حين. فالنزول حتمي وفق سنن الله لكل ما علا

في الأرض، وهذا ما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: «حق على

الله ألا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه» [١] . والإشكال هنا ليس في حتمية النزول،

ولكن في كيفيته؛ فقد يكون سقوطاً مدوياً سريعاً، وقد يكون هبوطاً تدريجياً بطيئاً،

وقد يكون دحرجة وانحطاطاً يدق الأعناق ويحطم العظام.

الولايات المتحدة ستسقط حتماً - إن شاء الله -؛ فكهذا تقول السُنن، وهكذا

تنبئ الأحداث، وهكذا تقول وقائع السياسات التي تنتهجها الولايات المتحدة في

العقود الأخيرة؛ حيث نراها تسلك الدرب نفسه الذي سارت عليه ثم خرجت به

إمبراطوريات سابقة من خارطة المجد والعلياء.

قد يقول قائل: وأين أنت من الكلمة المشهورة: «دولة الظلم ساعة، ودولة

العدل إلى قيام الساعة» ؟ ! [٢] وأين نحن من كلام ابن تيمية - رحمه الله -

وغيره أن الله يؤيد الدولة العادلة ولو كانت كافرة، ويعاقب الدولة الظالمة ولو كانت

مسلمة؟ أليست الولايات المتحدة مثالاً لإقامة العدل بين رعاياها؟ أوَ ليس النظام

الأمريكي هو النظام الأمثل في عالم اليوم لضمان حقوق الإنسان، وعدالة القضاء،

ونزاهة التمثيل والشراكة الشعبية في الحكم؟ !

نقول: نعم! قد يكون أكثر هذا صحيحاً عن العدالة الأمريكية الداخلية، ولكن

أين العدالة الأمريكية الخارجية؟ ! إن العدل قيمة لا تقبل التجزئة؛ فمن العدل أن

يُلتزم العدل في كل شيء.

أما عدالة الأمريكيين (الظالمة) خارج الولايات المتحدة فإن أكثر من يُصْلَى

بنارها هم العرب والمسلمون الذين يتبرع الأمريكيون ببغضهم ومضاعفة الكراهية

لهم، حتى إن استطلاعاً أجراه معهد (جالوب) للإحصاء أثبت أن أكثر شعوب

الأرض التي يكرهها الأمريكيون هم الباكستانيون والعراقيون والصينيون! ! إننا

نفهم أن يكره الأمريكيون العراقيين لارتباط العراق في ذاكرتهم الجمعية بصدَّام،

ونفهم أن يكرهوا الصينيين؛ لأن الصينيين في اعتقادهم الديني هم قوم يأجوج

ومأجوج، أما غير المفهوم فهو بغضهم للباكستانيين؛ مع أن الشعب الباكستاني

معروف بأنه شعب مسالم! ! وعلى أية حال فنحن لا نعرف شعوباً أبغض إلى

الأمريكان من الشعوب العربية بعامة والإسلامية بخاصة؛ ودليل ذلك أن الكونجرس

الأمريكي الصادق في تمثيله لإرادة الشعب الأمريكي ورغباته، والذي ينوب عنه

في كل ما يتخذ من مواقف؛ قد درج منذ عقود طويلة على انتهاج سياسة عدائية

تجاه العرب والمسلمين، وكانت المساندة البلهاء، والمحبة العمياء للدولة اليهودية -

تاريخياً - هي التعبير الواضح عن (عدالة) نواب الشعب الأمريكي وشيوخه تجاه

أهم قضية تهم المسلمين وهي القضية الفلسطينية.

وهذه بعض بطاقات المحبة الأمريكية لقضيتنا العربية والإسلامية:

- في عام ١٩٥١م أقر الكونجرس أول مساعدة لـ (إسرائيل) ، وكانت

بمبلغ ٦٥ مليون دولار لاستيعاب الناجين من المحرقة النازية، ولتوطين المهاجرين

اليهود، وقد أدت هذه (المساعدة) إلى زيادة عدد اليهود في الأرض المغتصبة في

ثلاث سنوات من ٦٥٠ ألفاً إلى مليون و ٢٥٠ ألف نسمة.

- وفي عام ١٩٥٥م طالب عدد كبير من أعضاء الكونجرس - تبلغ نسبتهم

ثلث الأعضاء - الرئيس الأسبق (أيزنهاور) أن ترفع أمريكا الحظر عن بيع

الأسلحة لـ (إسرائيل) .

- وفي عام ١٩٦٥م، أعد أعضاء الكونجرس الأمريكي تشريعاً يتصدى

للمقاطعة العربية لـ (إسرائيل) .

- وفي عام ١٩٧٠م عارض ٦٠ عضواً في مجلس الشيوخ، و ٢٨٠ عضواً

في مجلس النواب مبادرة (روجرز) وزير الخارجية الأمريكية الأسبق التي كانت

تدعو لبدء مفاوضات سلام بين العرب و (إسرائيل) .

- وفي عام ١٩٧٣م، صوَّت ٧١ عضواً في مجلس الشيوخ، و ٢٩٦ عضواً

في مجلس النواب لإعطاء دولة اليهود منحة طارئة بمبلغ ٢. ٣ مليار لمواجهة

أعباء حرب أكتوبر.

- وفي أواخر السبعينيات صوَّت ٧٦ عضواً في مجلس الكونجرس، و ٢٨٨

في مجلس النواب لحرمان الاتحاد السوفييتي السابق من أي أفضلية تجارية مع

الولايات المتحدة ما لم يسمح بهجرة اليهود السوفييت إلى (إسرائيل) ، وقد أثمر

هذا الضغط على الاتحاد السوفييتي ما أريد منه، فبلغ عدد المهاجرين منذ ذلك

الوقت وحتى الآن أكثر من مليون مهاجر.

- وفي عام ١٩٨٠م صوَّت الكونجرس لإعطاء (إسرائيل) مساعدات

وقروضاً بمبلغ ٩. ٤ مليار دولار، إضافة إلى ثلاثة مليارات من الدولارات على

سبيل أنها هبة مقطوعة.

- وفي عام ١٩٨٣م، وبعد أن صدرت مذكرة التفاهم الأمريكي التي اعتبرت

(إسرائيل) حليفاً استراتيجياً للولايات المتحدة - دعا الكونجرس إلى توسيع نطاق

هذه المذكرة لتشمل الاشتراك مع الإسرائيليين في تصنيع الصواريخ المضادة

للصواريخ.

- وفي عام ١٩٨٥م صوَّت الكونجرس بغالبية ساحقة على اتفاق (التجارة

الحرة) بين الولايات المتحدة و (إسرائيل) ، وكان هذا أول اتفاق من نوعه بين

أمريكا وبلد آخر.

- وفي عام ١٩٨٧م، رفض الكونجرس الأمريكي قرار الجمعية العامة للأمم

المتحدة الداعي إلى اعتبار الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية، وفي العام نفسه

أصدر الكونجرس قراراً بتخصيص اعتمادات مالية لـ (إسرائيل) لكي تطور

صاروخاً إسرائيلياً خاصاً بها، وهو الصاروخ (آرو) ، بالتعاون مع الولايات

المتحدة.

- وفي عام ١٩٩١م، وافق الكونجرس الأمريكي علي إعطاء إسرائيل ٦٦٠

مليون دولار معونة طارئة؛ لمواجهة خطر الصواريخ العراقية التي أطلقت عليها

أثناء حرب الخليج.

- وفي عام ١٩٩٢م، وافق الكونجرس على الطلب الذي كان قد تقدم به

رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق (إسحاق شامير) لإعطاء (إسرائيل) ضمانات

قروض بمبلغ عشرة مليار دولار لإسكان ٦٠٠ ألف مهاجر يهودي وإثيوبي تدفقوا

على (إسرائيل) بعد تفكك الاتحاد السوفييتي.

- وفي عام ١٩٩٣م، استجابت الإدارة الأمريكية لضغوط من الكونجرس

لتأسيس لجنة ثنائية بين أمريكا و (إسرائيل) لتطوير القاعدة التكنولوجية في القرن

الحادي والعشرين.

- وفي عام ١٩٩٥م، أصدر الكونجرس مشروع قانون بنقل السفارة

الأمريكية من تل أبيب إلى القدس في موعد أقصاه مايو ١٩٩٩م إلا إذا اقتضت

مصلحة الأمن القومي الأمريكي [٣] تأجيله، وهو الموعد الذي كان مضروباً لانتهاء

الفترة الانتقالية لعملية السلام على المسار الفلسطيني الإسرائيلي بموجب اتفاقية

أوسلو.

- في عام ١٩٩٦م، وبعد عقد المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب [٤] في شرم

الشيخ أصدر الكونجرس قراراً بإعطاء (إسرائيل) مبلغ مليون دولار مقدمة

لمساعدات في برنامج إسرائيل: (الإرهاب في الشرق الأوسط) .

- وفي عام ١٩٩٨م، احتفل الكونجرس الأمريكي رسمياً بمناسبة مرور

خمسين عاماً على إنشاء دولة (إسرائيل) .

- وفي عام ١٩٩٩م، جدد الكونجرس الأمريكي التأكيد على القرار الملزم

للرئيس الأمريكي بنقل السفارة الأمريكية إلى (القدس) بدلاً من (تل أبيب) .

- وفي سبتمبر ٢٠٠٠م أعلن في الولايات المتحدة أن الكونجرس يعد مشروع

قانون ضد اعتراف الحكومة بدولة فلسطينية.

- وفي أكتوبر ٢٠٠٠م حمَّل أعضاء الكونجرس الفلسطينيين مسؤولية

(العنف) الذي اندلع بعد (زيارة) شارون للمسجد الأقصى.

قد يقال إن هذه المواقف مجرد تعبير عن (صداقة) تربط بين شعبين تصل

بينهما وشائج الآصرة الدينية المستمرة تقليدياً وتاريخياً أحدهما من الشعب الضال

المحتار، والآخر وهو شعب المغضوب عليهم «المختار» ، ولا علاقة لهذه

الروابط الحميمية بالمشاعر العدائية تجاه العرب والمسلمين!

وهنا تأتي الحقائق من الجهة الأخرى، لتثبت أن الأمر ليس مجرد تعامل

أمريكي (نزيه) مع الصديقة (إسرائيل) ، بقدر ما هو انعكاس لروح العداوة

العميقة ضد الشعوب العربية والإسلامية، وإنه الظلم المركب الذي ترتكبه دولة

العدالة والحرية و ... وحقوق الإنسان، ضد العدالة والحرية وحقوق الإنسان، وإلا؛

فماذا يعني سكوت الأمريكيين، حكومة وشعباً على هلاك ستمائة ألف طفل عراقي

من جراء الحصار الظالم المستمر منذ عشر سنوات؟ وماذا يعني إقرار الأمريكيين

وإصرار حكوماتهم على فرض العقوبات الاقتصادية على ثماني دول، منها ست

إسلامية وعربية تشملها تلك العقوبات وهي: أفغانستان، والسودان، والعراق،

وليبيا، وأخيراً باكستان، وإيران!

إن تلك العقوبات لا تتضرر منها الحكومات - كما هو معروف - بقدر ما

تتضرر منها الشعوب، ومما يبعث على الاشمئزاز أن تكون الحجة الأمريكية

الجاهزة لتسويغ ذلك الظلم الواقع على الشعوب أن حكوماتها تشجع على

(الإرهاب) ؛ أما دولة المسالمة والسماحة (إسرائيل) فلم تشفع لها مذابح دير

ياسين، ولا صابرا وشاتيلا، ولا قانا، ولا غيرها في أن تُدرَج ولو لحظة في

قائمة الدول الراعية للإرهاب! بل لم يُدِنْها عند الأمريكيين (الأحرار) تشريد

أربعة ملايين فلسطيني خارج فلسطين، وإذلال ثلاثة ملايين داخلها.

لكل ما سبق - وغيره كثير - نقول: نعم! ستسقط إمبراطورية الظلم التي

أسست من أول يوم على الظلم الذي أوقعه مؤسسوها على الشعوب التي أبادها

الأنجلو ساكسون، وضنوا عليها بمجرد حق الحياة في القارة الأمريكية منذ قرنين

ونصف!

ولكن.. أتسقط أمريكا في قاع التفكك كما سقط الاتحاد السوفييتي إلى غير

بديل قوي، أم تتحول إلى كيان آخر بعد سقوطها تحت قيادة اليهود؟ كِلا الأمرين

وارد، ولكن الاحتمال الثاني أقرب، ولقد أبانت تداعيات الانتخابات الأمريكية

الأخيرة أن اليهود يتهيؤون لهذه المرحلة، مرحلة تسلم السلطة في أمريكا.

إن من المقولات الدارجة بين الناس أن: «من أعان ظالماً سُلِّط عليه» ،

ولقد تسبب اليهود في الولايات المتحدة في تمريغ كرامة أمريكا - إن كان لها

كرامة - في الوحل؛ فبعد أن تفرج العالم على الفضائح المتلفزة للرجل الأول في

أمريكا (بيل كلينتون) على مدى الأعوام السابقة؛ بسبب العاهرة اليهودية (مونيكا

لوينسكي) ، ها هو ذا العالم يقف مشدوهاً وهو يتفرج أسبوعاً بعد أسبوع إلى ما

يقارب الشهر [٥] على ديمقراطية الأمريكيين (المثالية) التي تحولت إلى أمثولة

تترنح آيلة للسقوط بعد أن كثرت الاتهامات بين الحزبين الرئيسيين بالتزوير

والخداع والسرقات الانتخابية التي لم تحسم التهم فيها إلا عن طريق القضاء. فلأول

مرة منذ الحرب الأهلية الأمريكية عام (١٨٦١ - ١٨٦٥م) [٦] ، ينقسم الشعب

الأمريكي هذا الانقسام الحاد ليس بسبب العبيد هذه المرة؛ ولكن بسبب الأسياد أو

الرؤساء، ولأول مرة يتحدث كثير من المحللين والمراقبين بجدية عن احتمالات

تعرض الولايات المتحدة لأزمات دستورية حقيقية، وربما نزاعات أهلية أو

انقسامات شعبية تهدد وحدة الولايات المتحدة حاضراً أو مستقبلاً.

لقد انطلقت تلك الأزمة التي ستكون علامة فارقة في التاريخ الأمريكي من

بقعة صغيرة جداً من الدولة الأمريكية الكبيرة جداً، إنها إقليم (بالم بيتش) الواقع

في ولاية فلوريدا، ذلك الإقليم الذي تسكنه غالبية يهودية من المسنين الأثرياء، وقد

قلب هذا الإقليم الطاولة في وجه المرشح الجمهوري (جورج بوش) الابن،

انتصاراً لـ (ألبرت أرنولد جور) المرشح الديمقراطي، أو بالأدق لصالح

السيناتور (جوزيف ليبرمان) ، هذا (اليوسف) غير الصدِّيق، الذي أراد اليهود

أن يجعلوه على خزائن الأرض في أعظم دولة على الأرض.

إن المعركة التي أدارها (آل جور) بعناد ضد منافسه (بوش) هي في أحد

وجوهها معركة لاستشراف مستقبل قيادة اليهود للولايات المتحدة، وإمكانية أن

يتسلل يهوديٌّ - حاضراً أو مستقبلاً - إلى منصب الزعامة لأكبر قوة في العالم.

لقد أثبتت تلك المعركة - بغض النظر عن نتيجتها - أن نصف الشعب الأمريكي لم

يستنكف عن التصويت الحر، والاختيار (الواعي) ليهودي أرثوذكسي متدين لكي

يكون رئيساً محتملاً للولايات المتحدة إذا ما غاب (آل جور) أو غُيِّب. ولم يجد

الأمريكيون النصارى غضاضة في أن يكون الرجل المتباهي دائماً بيهوديته وتدينه

رئيساً لدولتهم. إن وصول الأمريكيين إلى هذه المرحلة من المهانة الدينية أمام من

يعدونهم (قتلة المسيح) لم يأت مصادفة ولا دفعة واحدة، وإنما سُيِّروا فيه ضمن

مسلسل التخدير الديني الذي يقوم عليه دجالو (الصهيونية والمسيحية) الذين يرون

في اليهود رغم كل جرائمهم أمة جديرة بالسيادة وبالقيادة ما داموا سيصبحون

يوماً من أتباع المسيح. مرت وجوه يهودية كثيرة على أخطر كراسي

المسؤولية الأمريكية في وزارات الدفاع والخارجية والأمن القومي والزراعة

وغيرها في عهد كلينتون، حتى إذا ما أنس الأمريكيون بوجوه يهودية قبيحة مثل

وجوه كوهين، وأولبرايت وصمويل برجل، ودينيس روس، وغيرهم، أطل

عليهم وجه آخر أقبح، ولكنهم لم يلحظوا قبحه، ولم يستغربوا قدومه وتقديمه لنفسه

بأنه نائب المنقذ، الجاهز دوماً ليكون هو المنقذ إذا ما غاب من أنابه أو غُيِّب. إذن

نجحت التجربة، وجربت (البروفة) سواء كان فارق الأصوات بين بوش وآل

جور خمسمائة أو خمسين ألفاً؛ فالمهم أن الأمريكيين قد قبلوا بقدوم الزعامة اليهودية

الخالصة، وما على اليهود إلا أن يستعدوا من الآن لتسلم الزمام.

لم ينس ليبرمان - وهو يحارب بصحبة آل جور لركوب كرسي الزعامة

الأمريكية - أن يرسل رسالة جوهرية للزعامة الإسرائيلية وللشعب الإسرائيلي

أيضاً، يذكِّرهم فيها أنه على العهد (القديم طبعاً) ؛ فقد تعهد في إحدى خطبه

الانتخابية في (٢٦/٩/٢٠٠٠م) بأنه سيدعم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس حال

استقرار الأوضاع الأمريكية بعد ظهور نتائج الانتخابات، وقال: «أنا وآل جور

نعتقد أن القدس هي عاصمة إسرائيل، ويتوجب نقل السفارة الأمريكية إليها،

ونأمل أن يتحقق هذا قريباً، كجزء من اتفاقية سلام نهائية بين إسرائيل

والفلسطينيين» .

إن تجربة (آل جور - ليبرمان) قابلة للتكرار؛ فما دام المال اليهودي الذي

تشترى به الأصوات؛ بل تشترى به المناصب موجوداً فسيظل يهود أمريكا ويهود

(إسرائيل) ويهود العالم يحلمون بسقوط أمريكا.. سقوطها في أيديهم. لكن لا بد

قبل ذلك من الفراغ من تبديد وحدة أمريكا وتحويلها من ولايات متحدة خلفها

زعاماتها النصرانية، إلى ولايات غير متحدة لتنقض عليها وسط فوضى الاختلاف

زعامة يهودية تلمودية توراتية، متسنمة ظهر (الفيل) الجمهوري الكسول، أو

(الحمار) الديمقراطي الغبي، وليتواصل إلى منتهى التاريخ ذلك التحالف غير

المقدس وغير المنطقي بين أمتَي الغواية لإغواء بقية البشر.

حقاً «إن المغضوب عليهم اليهود، وإن الضالين النصارى» [٧] .


(١) أخرجه البخاري، ح/ ٢٨٧٢.
(٢) هذه العبارة قالها بطريرك القدس لما رأى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- قادماً بكل التواضع لفتح القدس وانظر: الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل، ١/٢٥٧.
(٣) الذي يُعد الأمن القومي الإسرائيلي جزءاً مهما منه.
(٤) عقد هذا المؤتمر بعد تعرض (إسرائيل) لعدد من العمليات الاستشهادية التي نفذتها منظمة حماس.
(٥) في وقت كتابة هذا المقال، ٤/٩/١٤٢١هـ - ٣٠/١١/٢٠٠٠م.
(٦) انقسم الأمريكيون في هذه الحرب إلى معسكرين في الشمال والجنوب، بسبب الاختلاف على إلغاء الرق الذي كانت تقوم عليه مصالح الجنوبيين، وخسر الشماليون في تلك الحرب التي استمرت أربع سنوات ٣٦٠ ألف جندي من أصل مليوني جندي شاركوا في أعمال القتال، أما الجنوبيون فقد بلغت خسارتهم حوالي ٢٥٠ ألف من الجنود، وهم يمثلون ثلث عدد مقاتليهم.
(٧) حديث أخرجه أحمد في المسند (٤/٣٧٨) ، الترمذي، كتاب التفسير، سورة الفاتحة.