للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في دائرة الضوء

[بين التوراة كتاب الله والتوراة اليهودية المحرفة]

د. صلاح عبد الفتاح الخالدي

الإيمان بكتب الله التي أنزلها على رسله ركن من أركان الإيمان الستة، ولا

يتحقق هذا الإيمان إلا بالإيمان بالكتب؛ حيث يؤمن كل مؤمن من المسلمين أن الله

أنزل كتباً على رسله، وجعل هذه الكتب نوراً وهدى للناس.

ويجب على المؤمن أن يؤمن بالكتب التي ذكرها الله في القرآن، وأخبرنا أنه

أنزلها على رسله، وهذا إيمان «تفصيلي» بالكتب.

يجب على المؤمن أن يؤمن أن الله أنزل التوراة على موسى، وأنزل الزبور

على داود، وأنزل الإنجيل على عيسى، وأنزل القرآن على محمد عليهم الصلاة

والسلام.

هما توراتان اثنتان:

من أنكر نزول التوراة على موسى - عليه السلام - فهو كافر في حكم الإسلام،

مخلد في نار جهنم، ومن أنكر نزول الزبور على داود - عليه السلام - فهو كافر،

ومن أنكر نزول الإنجيل على عيسى - عليه السلام - فهو كافر.

لكن أي توراة تلك التي نؤمن بها؟ وأي زبور وإنجيل نؤمن بهما؟ إنها

ليست التوراة الموجودة الآن بين أيدي اليهود، والتي أدخلوها ضمن ما يسمونه:

«العهد القديم» ! ! وليس هو الزبور الذي جعله اليهود أحد أسفار العهد القديم،

وسموه «مزامير داود» ! ! وليس هو الإنجيل الموجود بين أيدي النصارى الآن،

والذي يسمونه: «العهد الجديد» ! ! وهو أربعة أناجيل منسوبة (للوقا وبطرس

ومتى ويوحنا) .

إذن: هما توراتان وزبوران وإنجيلان! يجب أن نؤمن بأحدهما أنه كتاب الله،

ومن أنكر ذلك فقد كفر، بينما يجب أن نؤمن أن الثاني الموجود الآن ليس كتاب

الله، وإنما هو محرف مبدل، وهو من ثم منسوخ ملغى، ومن أنكر ذلك فقد كفر!!

ولنفصل القول قليلاً في هذه المسألة المهمة.

إنزال التوراة على موسى:

أنزل الله التوراة على موسى - عليه السلام - ألواحاً نازلة من السماء، وذلك

عندما خرج موسى - عليه السلام - ببني إسرائيل من مصر، وبعدما أغرق الله

فرعون وجنوده؛ فلما كان موسى - عليه السلام - مع بني إسرائيل في سيناء

واعده الله أن يأتي إلى جبل الطور، فغادر موسى - عليه السلام - بني إسرائيل،

واستخلف عليهم أخاه هارون - عليه السلام -؛ لأنه سيغيب عنهم أربعين يوماً،

وبعد انقضاء الأربعين يوماً كلَّم الله موسى على جبل الطور تكليماً، وأنزل عليه

التوراة مكتوبة على الألواح، وأمره أن يأخذها إلى قومه بني إسرائيل، ليلتزموا

بها، وينفذوا ما فيها.

قال - تعالى -: [وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ

أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ

المُفْسِدِينَ * وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن

تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ

جَعَلَهُ دَكاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ المُؤْمِنِينَ *

قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ

الشَّاكِرِينَ * وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا

بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا] (الأعراف: ١٤٢-١٤٥) .

والتوراة الربانية التي أنزلها الله على موسى - عليه السلام - نور وهدى

وضياء ورحمة، وفرقان وحق؛ لأنها كتاب الله وشرعه وكلامه وحكمه.

من صفات التوراة في آيات القرآن:

وقد أثنت آيات القرآن على التوراة أحسن الثناء:

قال تعالى: [وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْراً لِّلْمُتَّقِينَ *

الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ] (الأنبياء: ٤٨-٤٩) .

التوراة في هاتين الآيتين موصوفة بأنها فرقان وضياء وذكر للعالمين، وهي

هكذا لأنها كلام الله، وكل كلام الله النازل في كتبه على رسله هو ضياء وذكر

للعالمين، سواء كان توراة أو زبوراً أو إنجيلاً أو قرآناً! !

وقال - تعالى -: [قُلْ مَنْ أَنزَلَ الكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى

لِّلنَّاسِ] (الأنعام: ٩١) . التوراة نور وهدى للناس، والمراد بالناس هنا بنو

إسرائيل، وليس الناس جميعاً؛ لأن رسالة موسى - عليه السلام - خاصة ببني

إسرائيل، وليست للعالمين؛ فمن المعلوم أن كل رسول كان يُبعث إلى قومه،

ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم هو وحده المبعوث إلى الناس كافة.

وقال تعالى: [إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ

أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ

شُهَدَاءَ] (المائدة: ٤٤) .

وأمر الله المؤمنين أن يؤمنوا بهذه التوراة الربانية الصادقة، بهذه الصفات

الإيجابية الهادية، ضمن إيمانهم بكتب الله الأخرى التي أنزلها على رسله؛ وذلك

في قوله - تعالى -: [قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ

وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ

مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ] (البقرة: ١٣٦) .

هذه التوراة جعلها الله تشريعاً وهداية لبني إسرائيل، وضمنها مجموعة من

الأحكام التشريعية لهم.

وقد أخبرنا الله في القرآن عن بعض ما حرم الله على بني إسرائيل كما في

قوله - تعالى -: [وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ البَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا

عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم

بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ] (الأنعام: ١٤٦) .

وكما في قوله - تعالى - خطاباً لليهود: [وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ

دِمَاءَكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ] (البقرة: ٨٤) .

هذه هي التوراة التي أنزلها الله على موسى - عليه السلام -، نؤمن أنها

كتاب من كتب الله، كتاب عقيدة وشريعة وأخلاق وتوجيه، كتاب نور وهدى

ورحمة وضياء وفرقان، روح وشفاء، ومن لم يؤمن بذلك فقد نقض ركناً من

أركان الإيمان كما قررنا.

الأحبار لم يحملوا التوراة فكانوا كالحمار:

لكن ماذا حصل لهذه التوراة النازلة على موسى عليه السلام؟

كلف الله اليهود - أحباراً وشعباً - العمل بالتوراة، والمحافظة عليها،

وأوجب عليهم حفظها وعدم تضييعها أو التفريط فيها.

قال - تعالى -: [وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم

بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ] (البقرة: ٦٣) .

وقال - تعالى -: [يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ

وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ] (المائدة: ٤٤) .

ومعنى [اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ] (المائدة: ٤٤) أوجب الله على

الربانيين والأحبار حفظ كتاب الله إليهم التوراة، ونهاهم عن تضييعه والتفريط فيه؛

فالله «أوكل» إلى الأحبار حفظ التوراة، ولم يتكفل - سبحانه - بحفظ التوراة كما

تكفل بحفظ القرآن. وذلك في قوله - تعالى -: [إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ

لَحَافِظُونَ] (الحجر: ٩) .

فالله - تعالى - حكيم في طلبه من الأحبار حفظ التوراة، مع علمه أنهم لن

يحفظوها، وأنهم سيضيعونها ويحرفونها، وذلك ليقيم عليهم الحجة، ويُحذر

المسلمين كي لا يفعلوا فعلهم، وليس للمسلمين الانحراف الجذري الذي يصيب

أحبار اليهود قبل أن يصيب أتباعهم من الشعب! !

كلف الله اليهود حفظ التوراة فضيعوها، وحمَّلهم التوراة فلم يحملوها، ولم

ينفذوا ما فيها من أحكام وتشريعات، ولذلك شبههم الله بالحمار الذي يحمل على

ظهره أسفار الكتب، قال - تعالى -: [مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا

كَمَثَلِ الحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ القَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ

الظَّالِمِينَ] (الجمعة: ٥) .

الأحبار يحرفون التوراة:

لو طبق أحبار اليهود ما في التوراة، وقاموا بالتكاليف والواجبات التي فيها

لكانوا علماء ربانيين صالحين؛ ولكنهم بانحرافهم عنها صاروا «حميراً» يحملونها

بدون انتفاع بها، كما تحمل الحمير أسفار الكتب على ظهرها، مع عدم انتفاعهم

بها! !

ولم يكتف الأحبار بتضييع التوراة - وهذا بحد ذاته جريمة عظمى - وإنما

أقدموا على جريمة أعظم وأبشع، وهي «تحريف» التوراة، وإحداث التغيير

والتبديل فيها، ومزج كلام الله الذي فيها بكلامهم هم!

الأحبار إذن حرفوا التوراة، وكتبوها بأيديهم، وأدخلوا فيها كلامهم، وزعموا

أن هذا الكتاب الجديد هو كتاب الله، وأن هذا الكلام المختلط الممزوج هو كله كلام

الله! وأسموا هذا الخليط: «العهد القديم» ، وزعموا أنه هو «الكتاب المقدس»

الذي أنزله الله على موسى - عليه السلام - وغيره من أنبيائهم!

آيات صريحة في تحريف اليهود للتوراة:

وقد أخبرنا الله في آيات القرآن عن تحريف اليهود للتوراة، وذمهم ووبخهم

وأوقع بهم غضبه ولعنته، وأعلن كفرهم وخلودهم في نار جهنم.

ومن الآيات الصريحة التي تقرر ذلك قوله - تعالى -: [أَفَتَطْمَعُونَ أَن

يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ

يَعْلَمُونَ] (البقرة: ٧٥) .

ومنها قوله - تعالى -: [فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا

مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناًّ قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ]

(البقرة: ٧٩) .

ومنها قوله -تعالى -: [مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ

وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَياًّ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ]

(النساء: ٤٦) .

ومنها قوله - تعالى -: [فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً

يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظاًّ مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ] (المائدة: ١٣) .

ومنها قوله - تعالى -: [يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي

الكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ

سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا

فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً]

(المائدة: ٤١) .

ومنها قوله - تعالى -: [وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ

مِنَ الكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ

وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ] (آل عمران: ٧٨) .

هذه ست آيات صريحة من القرآن تقرر تحريف اليهود للتوراة؛ وهذا معناه

أن التوراة الموجودة بين أيدي اليهود محرفة أصابها الكثير من التغيير والتبديل

والتزوير، وهي المسماة الآن بأسفار العهد القديم من الكتاب المقدس.

التوفيق بين إيماننا بالتوراة الربانية وكفرنا بالتوراة المحرفة:

وهذا معناه أن «العهد القديم» الذي يؤمن به اليهود، ويزعمون أنه كلام الله،

ليس هو كلام الله، وليس هو التوراة التي أنزلها الله على موسى - عليه السلام -،

وإنما هو بعض كلام الله النازل على موسى وغيره من أنبياء بني إسرائيل -

عليهم الصلاة والسلام -، وأضاف أحبار اليهود إلى هذا البعض «الكثير» من

كلامهم وآرائهم، ومزاعمهم وأكاذيبهم وافتراءاتهم وأساطيرهم، وقالوا: هذا من

كتاب الله إلينا. وما هو من كتاب الله إليهم، وقالوا: هذا كله من عند الله. وما هو

من عند الله.

والخلاصة:

أنه كما يجب علينا أن نؤمن أن التوراة هي كتاب الله النازل على موسى -

عليه السلام - فإنه يجب أن نؤمن أن اليهود أضاعوا هذه التوراة، وأقدموا على

تحريفها وتبديلها، ومن ثَمَّ نسخَها الله، ويجب أن نؤمن أن التوراة الموجودة الآن

بين أيدي اليهود محرفة مبدلة، وليست كلام الله، ولا كتاب الله، وأنها مليئة

بالأكاذيب، والأباطيل، وأنه لا يجوز الإيمان بها؛ لأن البديل عنها هو القرآن

الكريم، الصحيح الثابت المحفوظ، الباقي حتى قيام الساعة.