للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

متابعات

[القومية العربية النسوية تعقد مؤتمرها العولمي الأول]

وائل عبد الغني

عقد في القاهرة من (١٨ - ٢٠) نوفمبر (تشرين الثاني) من العام

(٢٠٠٠م) «مؤتمر قمة المرأة العربية والإعلام» الذي يعد الأول من نوعه على

مستوى الرعاية والتمثيل.

فقد تم المؤتمر تحت رعاية جامعة الدول العربية، وبمشاركة «المؤتمر

القومي للمرأة» بمصر، وبتمويل من «مؤسسة الحريري» بلبنان.

شارك في المؤتمر ١٩ دولة عربية (جميع أعضاء الجامعة ما عدا السعودية

والجزائر وقطر) ، ترأَّس تسعة وفود منها من يُسَمَّيْن «السيدات الأُوليات» في

بلادهن، إلى جانب تمثيل عالٍ لباقي الوفود، إضافة إلى ٤٠٠ شخصية نسائية

عربية، وعدد كبير من المنظمات النسائية وبحضور ممثلين عن:

- الصندوق العربي للتنمية، وعنه الدكتورة ميرفت بدوي نائبة رئيس

الصندوق.

- منظمة اليونيسيف، وعنها الدكتورة فاطمة خفاجة مديرة برامج المرأة في

المنظمة.

- دولة إيرلندا، وعنها ماري هاينيغن وزيرة الدولة.

- الأمم المتحدة، وعنها الدكتورة ليلى تكلا، كبيرة مستشارين، وإنجيلا

كينج مساعدة السكرتير العام.

- صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة، وعنه الدكتورة هيفاء أبو غزالة،

المديرة الإقليمية.

- منظمة الأسكوا (اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا) ، وعنها

الدكتورة مريم العوضي، نائبة الرئيس الإقليمي.

- دولة اليونان، وعنها السفيرة ميرو كيسو جلو.

إلى جانب ممثلين عن اتحاد البرلمانات العربية والمنظمات والصناديق العربية

الأخرى.

وقد أتى هذا المؤتمر بعد شهرين فقط من فعاليات المؤتمر الاستثنائي للألفية

الثانية بالأمم المتحدة.

وبعد خمسة أشهر من عقد مؤتمر بكين + ٥ للمرأة في الأمم المتحدة أيضاً،

والذي وقَّعَت على وثيقته جميع الدول فيما يسمى باتفاقية إلغاء جميع أشكال التمييز

ضد المرأة.

وبعد سنة من مؤتمر البرلمانيات العربية الذي عقد في بيروت، وأعلن عن

اعتبار سنة ٢٠٠٠م عاماً للمرأة العربية.

وبعد ثلاثة عشر شهراً من مؤتمر القاهرة للمرأة والاحتفال بمرور المئوية

الأولى لقاسم أمين.

ولعل هذا يوضح بعض الخطوات البادية التي سبقت هذا المؤتمر والتي كان

منها بالطبع تأسيس هياكل نسائية رسمية (مؤتمر اتحاد جمعيات وزارة) للمرأة

داخل الدول العربية. وقد جاء هذا المؤتمر استجابة رسمية من حكومات الدول

العربية لتفعيل القرارات الدولية التي أصبحت ملزمة وتشكل مرجعية لسن القوانين

والتشريعات في كافة الدول، وقد حددت مهلة لإتمام التطبيق بحلول ٢٠٠٥م.

وقد حمل المؤتمر شعار «تحديات الحاضر، وآفاق المستقبل» للخروج بـ

«ميثاق شرف إعلامي» .

وقد استضاف المؤتمر شخصيات ذات باع طويل في العمل النسوي والعمالة

لمصلحة المشروع التغريبي بمراحله المختلفة والتي آخرها العولمة لوضع

استراتيجية أو أجندة عمل من أجل تفعيل دور المرأة العربية على النحو المرسوم

لها من قبل الأمم المتحدة والمنظمات المنبثقة عنها والمكملة لها ضمن هيكلة كاملة

لسيطرة كونية.

ومن هنا يأتي دور الحكومات لتأسيس شرعية الاتفاقيات الدولية عبر الأطر

القانونية والإعلامية والثقافية والاقتصادية والتعليمية والسياسية بوصفها حركة

وسيطة تسبقها الحركات النسوية بنداءاتها العالية لإلغاء ما بين الأقواس «أي

استثناءات الدول الإسلامية وتحفظاتها على بعض بنود الاتفاقيات؛ وبهذا تبرز

الجهود الحكومية لتمثل قناة محركة لتدفق تلك الحركات من جهة وإعلاناً لرسمية

كثير مما تنادي به المنظمات غير الحكومية الحقوقية النسوية وشرعيته.

وقد ناقش المؤتمر عدة قضايا أبرزها:

- انعكاسات الإرث الثقافي على دور المرأة العربية.

- سبل مشاركة المرأة في اتخاذ القرار السياسي.

- سبل تعزيز عمل المنظمات غير الحكومية المتخصصة فيما يُزعَم من دعم

المرأة من خلال محاور المؤتمر: الثقافية، الإعلامية، السياسية، القانونية،

الاقتصادية، الاجتماعية.

أيام المؤتمر:

افتُتح المؤتمر في قاعة المؤتمرات الكبرى بالقاهرة صباح السبت ١٨/١١/

٢٠٠٠م بكلمة زوجة الرئيس المصري سوزان مبارك قالت فيها:» هذا المؤتمر

هو بداية جديدة لحركة نسائية عربية شاملة تقوم في ظروف جديدة، ومن هنا فإن

أحد أهدافه الأساسية هو وضع خطة عمل لتنظيم وتنشيط العمل النسائي العربي

خلال عام ٢٠٠١م الذي اختير ليكون عام المرأة العربية.

كما إنه من المهم الخروج من مؤتمرنا هذا ببرنامج عمل قومي للسنوات

المقبلة آخذين في الاعتبار خصوصية كل قطر والظروف المميزة لكل دولة والتنوع

الذي نعتز به في الشخصية الوطنية لكل شعب من شعوب أمتنا العربية «.

ثم تلت ذلك كلمة الدكتور عصمت عبد المجيد الأمين العام للجامعة العربية،

وتناول فيها قضية القدس والقضية الفلسطينية، وأشار إلى كون المؤتمر مبادرة

ستمكن المرأة من إبراز مشاركتها في قضايا أمتها!

ثم جاءت كلمة بهية الحريري ممثلة الممول (مؤسسة الحريري) ، ثم كلمات

زوجات الرؤساء والملوك الحاضرات.

وجاءت الكلمات مزيجاً من الحماس والثورة الرامية إلى تغيير الأوضاع،

والإشادة بما تم إحرازه على طريق تفعيل دور المرأة ولو كان قليلاً مع الحرص

على إلقاء بصيص من ضوء على تجربة المرأة في كل قُطْر وهي العبارة التي

حرص الجميع عليها، حفاظاً على الخصوصية وربما للتغلب على أي حرج متوقع

إبان الخوض في شؤون المرأة، وحرصت المتحدثات على صبغ كلماتهن بصبغة

سياسية دون تفاصيل أو التطرق لقضايا يمكن أن تفتح باب الخلاف، وقد كانت

الاستثارتان الوحيدتان كويتية وعراقية؛ حيث خاضت رئيستا الوفدين في المشكلة

العراقية الكويتية حيث تكلمت الأولى عن الأسرى والمفقودين من جهة، وتكلمت

الثانية عن ضحايا الحصار العراقيين من جهة أخرى.

وأشارت الأميرة المغربية لالا مريم إلى دور والدها وأخيها في تحرير المرأة

المغربية التي أصبحت اليوم ذات حضور بارز في جميع الميادين السياسية،

والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، وممثلة في الحكومة والبرلمان والقضاء

وكافة المؤسسات الإنتاجية، وإقامة وزارة خاصة بأوضاع المرأة مؤخراً مهمتها

تفعيل السياسة الوطنية في هذا المجال ضمن خطة تنمية ديمقراطية شاملة في

المغرب ترتكز على أصالة الإسلام الذي جعل من النساء شقائق للرجال في الحقوق

والواجبات! وأن نجاح أي مشروع مجتمعي رهن بممارسة المرأة لمواطنتها الكاملة،

ودعت الأميرة لإنشاء صندوق للتضامن مع المرأة العربية.

وقالت سبيكة بنت إبراهيم الخليفة زوجة أمير البحرين: إن حكومة بلادها

تعمل جاهدة على تمويل الإنجازات التعليمية والاجتماعية والحضارية لمسيرة المرأة

إلى مكاسب سياسية في منطقة الخليج كله.

وذكرت أنه في ظل النهج التقدمي الذي تنتهجه حكومتها دخلت المرأة

البحرينية المتعلمة والمنتجة مجلس الشورى في البلاد، كما تولت محامية بحرينية

منصب أول سفيرة للبحرين في باريس.

ودعت رئيسة وفد سلطنة عُمان إلى وضع استراتيجية شاملة لتفعيل دور

المرأة وتحقيق ذاتها. أما عن المرأة العمانية فقالت إنها تحظى باهتمام أكثر من ذي

قبل؛ حيث تشارك حالياً في مختلف أوجه النشاط السياسي والاجتماعي والفكري

وغيرها من مناحي الحياة، وقالت: إن المجتمع العماني وضع التشريعات

والقوانين التي تسوي بين الرجل والمرأة في التعليم وفي الأنشطة المختلفة باعتبارها

فرداً في المجتمع مما أتاح لها الفرصة لاحتلال مكانة مرموقة ومتقدمة في المجتمع،

وأشادت بالدور الذي تقوم به المنظمات غير الحكومية في خدمة القضايا المختلفة

التي قد تجاوز دور المؤسسات الحكومية.

وقالت سعاد بكور رئيسة الوفد السوري وعضوة مجلس الشعب: إن مشاركة

وحضور سيدات في مكان وضع القرار في الوطن العربي يتيح فرصة كبيرة

لإنجاح عملية إدماج المرأة في عملية التنمية، وأكدت على أهمية الفهم المنطقي

للدين الإسلامي؛ حيث إن الموروثات الثقافية والمفاهيم العربية التقليدية فيما يتعلق

بالمرأة دخيلة على الدين الإسلامي.

وقالت بهية الحريري عضوة البرلمان اللبناني وأخت رفيق الحريري وممثلة

مؤسسة الحريري: إن المؤتمر لحظة صناعة التاريخ والتحكم بمساراته. وبينما

استمرت الجلسة الافتتاحية ساعتين ١٢ - ٢ ظهراً أعلن عن تنظيم الأمانة العامة

للمجلس القومي للمرأة بمصر مؤتمراً فنياً على هامش المؤتمر.

ثم تناولت الضيفات طعام الغداء في دعوة رسمية، وفي المساء شارك

الحضور في حفلة خيرية فنية كبيرة دارت بين رقص وغناء وتحف ومشغولات

وتبرعات لصالح المرأة الفلسطينية!

اليوم الثاني:

يعد اليوم الثاني هو العمود الفقري للمؤتمر؛ إذ تركزت فيه الكلمات

المتخصصة، وقد شهد ستة محاور ساخنة على جلستين؛ ففي الجلسة الصباحية

نوقشت أربعة محاور متنوعة هي:

أولاً: المحور الثقافي: قدم فيه الدكتور جابر عصفور توصيفاً للمشكلات

الثقافية التي يشهدها الواقع الثقافي للمرأة العربية، فتحدث حول ثلاث ملاحظات:

أ - أنه لا يمكن فصل ثقافة المرأة عن ثقافة الرجل، ومن ثم ثقافة المجتمع

ككل، ومن ثم فإن مواجهة المشكلات الثقافية للمرأة لا تنفصل عن مواجهة بقية

المشكلات الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية.

ب - أنه لا يمكن فصل الأوضاع الثقافية في أي قطر عربي عن بقية الأقطار.

ج - أنه لم يعد ممكناً الحديث عن ثقافة عربية للمرأة بمعزل عن ثقافة العالم

المعاصر.

لاحظ معي أن مؤدى هذه الحتمية الثلاثية التي أوردها الدكتور عصفور هو

أن فكر العولمة لا مناص عنه لكل الأمة العربية ليس لثقافة المرأة فقط بل والرجل

كذلك.

ثم حدد المتحدث سبع مشكلات ثقافية تعانيها المرأة العربية المعاصرة وهي:

١- الميراث الثقافي التقليدي الجامد الذي نزل بالمرأة إلى أسفل الدرجات كي

يعلي من شأن الرجل.

٢ - غياب الحرية السياسية بمعنى أو أكثر في الأقطار العربية بدرجات

متفاوتة.

٣ - تصاعد تأثير المجموعات الاجتماعية الضاغطة الموازية لسلطة الدولة

المدنية والمناقضة لها في الوقت نفسه وخاصة مجموعات التطرف الديني التي

تعادي حرية الفكر والإبداع، وتناهض كل ممارسة اجتماعية تتعلق بالمرأة.

٤ - لا تزال الأنظمة التعليمية في بعض مجالاتها على الأقل تكرس التمييز

بين الرجل والمرأة، ولذا تحتاج مناهج التعليم أن تنير الطريق على كل المستويات.

٥ - ما تقوم به المرأة نفسها من إعادة إنتاج الثقافة التي تقوم بقمعها والتقليل

من شأنها.

٦ - ما يعتبر الثقافة السائدة نتاج موروث اجتماعي ذكوري، وهو موروث

كما يزعم الدكتور لا يزال يفرض التمييز بين الرجل والمرأة في المكانة الاجتماعية،

وهو ما يؤدي إلى الحد من ترقي المرأة ووصولها إلى أعلى المناصب ولا يقبل

فتح أبواب وظائف بعينها أمام النساء؛ وذلك إلى جانب القيود الاجتماعية

المفروضة على إبداع المرأة ونتاجها الفكري في معظم البلدان العربية؛ ولذا فإن

نسبة المبدعات من النساء أو المشتغلات بالفكر أقل بكثير من نسبة النساء.

٧ - التحدي العالمي الذي يتمثل في ثورة الاتصالات التي أحالت العالم إلى

قرية كونية.

ودعا الدكتور عصفور في بحثه إلى صياغة رؤية ثقافية جذرية شاملة متكاملة

لاستكمال مهام تحرير المرأة فكرياً واجتماعياً وثقافياً وسياسياً.

ثانياً: المحور الإعلامي: تحدثت الدكتورة عواطف عبد الرحمن، عن المرأة

العربية والإعلام؛ فأكدت أن المشاركة النسائية في الصحافة العربية كانت أسبق من

كل الميادين، ودعت إلى تغيير السياسات السائدة، والتي تقوم على أساس التمييز

بين الجنسين وتُنمِّط صورة المرأة في إطار استهلاكي، وتقصر صورة الاهتمام

على الحضريات والشخصيات العامة، ونادت بتعديل التشريعات القانونية في مجال

الأسرة والعمل على تطبيقها فعلياً؛ لتكفل للمرأة فرصاً متكافئة بكل المستويات

والتدريب، إلى جانب تغيير صورة المرأة في مناهج التعليم وفي البرامج الإعلامية

والكتابات الصحفية بما يحقق التوازن بين مسؤوليتها وإنجازاتها الفعلية داخل

المنزل وخارجه.

- إيجاد مؤسسات معاونة تساهم في حمل مسؤولية تربية الأطفال وإدارة

شؤون الأسرة مثل الحضانات ودور المسنين والمطاعم والمغاسل العامة ... إلخ!

- ضرورة إدارة الأعمال المنزلية للمرأة ضمن عائد الإنتاج القومي.

- ضرورة التزام القيادات العربية بمراعاة الوظيفة الاجتماعية والثقافية

للإعلام وأدواره الحيوية في تشكيل الوعي الصحيح عن الواقع المجتمعي بكل ما

لديه من موروثات ثقافية وتحديات اجتماعية وطموحات إنسانية عادلة.

ثالثاً: المحور السياسي: طرحت فيه الدكتورة ليلى تكلا إطار موقف المرأة

العربية في المجال السياسي في نقطتين:

الأولى: المفاهيم الخاطئة التي تحد من مشاركة المرأة في صنع القرار

السياسي.

الثانية: موقف المرأة إزاء القضايا السياسية، وخاصة تلك التي يمر بها

الوطن العربي في هذه الفترة العصيبة.

ففي مواجهة التحدي الأول فإن ما تحتاجه هو ليس فقط تحرير المرأة ولكنه

أيضاً تحرير عقل الرجل من أفكار رجعية ضيقة بالية عن المرأة وقدراتها،

والسبيل الوحيد أن تعمل المرأة بكفاءة وتثبت قدراتها، وأن تنبذ السلبية، وتعمل

على المشاركة في مسيرة تقوم على العطاء وأداء الواجبات بقدر ما تقوم على

المطالبة بالحقوق.

وبالنسبة للتحدي الثاني فقد دعت إلى:

- أن تطالب المرأة العربية وبإصرار بالاعتراف بدولة فلسطين المستقلة ذات

السيادة الكاملة وعاصمتها القدس الشرقية.

- مطالبة المجتمع الدولي بمؤسساته وأجهزته بالإصرار على إنهاء العنف

الذي يمارس ضد شعب فلسطين الأعزل الذي يهدف إلى الحياة حراً في سلام على

أرض وطنه العربي الذي سلب منه.

- دعم المرأة الفلسطينية من أجل تحرر وطنها وكرامته.

- إنهاء العقوبات الموقعة على ليبيا والسودان، ورفع الحصار والمعاناة عن

شعب العراق، ووقف القصف الجوي وحملات التفتيش التي لا تسعى إلا إلى

تحطيم قدرات العراق وإمكاناته.

- مناشدة العالم الإسلامي والعالم المسيحي للعمل على حماية المقدسات الدينية

التي يحترمها المسيحيون والمسلمون على حد سواء والتي أصبحت مهددة بالهدم

والتغيير مع ما في ذلك من ضياع التراث وإهدار التاريخ وانتهاك لكافة المواثيق.

- التأكد من ضرورة محاكمة مرتكبي جرائم الحرب» الإسرائيلية «في

فلسطين وسيناء وجنوب لبنان، وإلزام» إسرائيل «بدفع التعويضات لضحايا

الاعتداءات اللاإنسانية على المدنيين وأسرى الحرب.

- مناشدة لجان حقوق الإنسان الدولية والإقليمية، وإيفاد مراقبين يرصدون

الموقف الذي تردى بسبب إهدار إسرائيل كافة حقوق الإنسان بكل وسائل القهر

والدمار.

رابعاً: المحور القانوني: تحدثت حميدة العريف عن الموقف القانوني وحقوق

المرأة في ظل الاتفاقيات الدولية والقوانين الوضعية، وطرحت في ورقة العمل التي

ألقتها في المؤتمر، أنه بفضل التحولات التي تسود عالمنا المعاصر أخذ الاهتمام

بشؤون المرأة العربية يزداد بعد أن تحررت من وضعها المهمش واسترجعت

كرامتها وبدأت مشاركتها في الحياة الميدانية والسياسية ترتفع، وانفتحت الآفاق

أمامها داخل الأسرة والمجتمع، وتم تشكيل الصيغ الدستورية والتشريعية للتركيز

على حقوق المرأة في جميع المجالات، وعن حق المرأة العربية في العمل وشغلها

جميع المناصب أكدت حميدة العريف أن التشريع الإسلامي قد ساوى بين الجميع

نساءً ورجالاً في الحقوق والواجبات، وكفل للمرأة حقها في التعليم وحقها في العمل،

كما صدَّقت أغلبية الدول العربية على الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال

التمييز ضد المرأة، وتمت صياغة الحقوق السياسية للمرأة ضمن الدساتير

والتشريعات الوطنية على أن تكفل الدولة لها جميع الفرص التي تتيح لها المساهمة

الفعالة الكاملة في الحياة السياسية وإزالة القيود التي تمنع تطورها ومشاركتها في

بناء المجتمع، وأبرز هذه الحقوق: حق الاقتراع والانتخاب والترشيح، حق تقلد

المناصب العليا ومباشرة الوظائف العامة، حق المشاركة في الأحزاب وفي العمل

الاجتماعي؛ لكن وبالرغم من هذه المساواة على الصعيد القانوني بين المرأة

والرجل في الحقوق السياسية فإن المشاركة الفعلية للمرأة في العمل السياسي لم تزل

محدودة لا سيما في بعض المجتمعات العربية.

وفي الجلسة المسائية: وفي المحور الاقتصادي: تحدثت الدكتورة ميساء سالم

الشامي عن حجم المشاركة الاقتصادية للمرأة العربية، فأكدت أنها تتفاوت من دولة

عربية إلى أخرى وفقاً لنظام الدولة وانتشار التعليم ومدى حصول المرأة على

حقوقها والموروثات التي تحكم الحياة في هذه الدول، وقدمت مجموعة من

المقترحات والتوصيات لمواجهة التحديات المتعلقة بمساهمة المرأة العربية في

الأنشطة الثقافية لخصتها في:

- حشد قوى الأسرة التربوية والثقافية ومؤسسات العمل وأجهزة الاتصال

الجماهيرية من أجل تكوين وعي حول المرأة وأدوارها وإمكاناتها.

- توفير الظروف المجتمعية التي تيسر المشاركة الكاملة للمرأة في جميع

المجالات من خلال دراستها وتطور مهارتها.

- إعداد وتأهيل الكوادر النسائية المتخصصة، والمشاركة في مجال التخطيط

الاقتصادي والاجتماعي.

- وضع السياسات والبرامج لتشجيع المرأة على دخول مختلف أنواع العمل

التي تستلزمها الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية حاضراً ومستقبلاً.

- تحديث التشريعات والقوانين بحيث تتضمن مساواة المرأة بالرجل في

حقوق العمل، والمساواة في الأجر وفي فرص الترقي.

خامساً: المحور الاجتماعي: وتحدثت فيه الدكتورة مريم العوضي، عن

محاور التنمية الاجتماعية المتعلقة بالنهوض بالمرأة وتمكينها؛ فأكدت أن المعطيات

السائدة حالياً في المجتمعات العربية بلغت حداً ومستوى يقضيان بإطلاق طاقات

المرأة وقدراتها لتصبح شريكاً كاملاً للرجل في بناء عالم جديد متوازن، وطالبت أن

تعيد القمة النظر في أولويات خطة العمل العربية والمحاور الثلاثة لبرنامج العمل

العربي الموحد: (الفقر المشاركة السياسية الأسرة) .

وقد جاءت التعقيبات من الحاضرات مزيجاً من الانسجام والآمال والشكاوى

وبعض الاعتراض:

* قد تساءلت سالمة شعبان رئيسة الوفد الليبي عن مدى صحة أن المرأة

تعيش واقعاً صحياً أهو صحيح أم ذلك محض وهم؟ وعلاقة الأفكار المطروحة من

قبل» حركات التحرر النسائي «في العالم العربي ومدى ارتباطها بالأفكار الغربية

والرؤى الغربية التي بهرت مجتمعاتنا العربية؟

* شارت الدكتورة حورية مجاهد من مصر إلى أن التشريعات الجديدة مثل

قانون الأحوال الشخصية وإقرار حق الخلع وكذلك حذف المادة التي تنص على

تولي الذكور فقط لمنصب العمدة، وكذلك كانت مصر من الرائدت في مجال توقيع

الاتفاقات الخاصة بالمرأة والطفل.

وأكدت على ضرورة تخصيص مقاعد للمرأة وقائمة نسبية للمرأة في البرلمان

مثل الدول الاسكندنافية مما يعد حلاً عملياً وغير تقليدي لتحقيق مساواة المرأة

بالرجل في هذا المجال.

* ما الدكتورة سامية الساعاتي، أستاذ علم الاجتماع في جامعة عين شمس،

فقد قالت في كلمتها: إن تغيير النظرة للمرأة لا تأتي إلا بتحول المرأة إلى الإنتاج،

وأن تكون محترمة في ذاتها، ولا تذوب في الرجل! يجب أن تعيش في ذاتها

ولذاتها، وتكسب من عملها؛ ومن هنا يمكن أن تتغير النظرة للمرأة من خاضعة

للرجل إلى مشاركة معه في العمل والإنتاج.

* نجيلا كينج مساعد سكرتير عام الأمم المتحدة لشؤون المرأة أيدت استعداد

الأمم المتحدة للمساهمة في تفعيل توصيات المؤتمر؛ وإن كانت لم تتلق بعدُ طلباً

رسمياً بذلك.

* أكدت المتحدثة باسم الوفد اللبناني أن المرأة اللبنانية تحقق لها من خلال

المجلس التشريعي المساواة التامة في الدستور، واستكملت في التسعينيات في

الحقوق المدنية والتجارية، وأصبحت المرأة اللبنانية تتمتع بالأهلية الكاملة غير

المنقوصة.

* ثار تعقيب فريدة إبراهيم القاضية بالمحكمة العليا السودانية وممثلة الوفد

اعتراضات من جانب القاعة والمنصة؛ حيث هاجمت بنود اتفاقية إنهاء أشكال

التمييز ضد المرأة (سيداو Cedow) واعتبرتها ضد الشريعة الإسلامية وضد

قوانين بعض الدول العربية، وذكرت أن التحفظات التي أبدتها الدول العربية غير

مقبولة وغير معترف بها، وقالت: إن هذه الدول عليها تغيير قوانينها طبقاً للاتفاقية

وأنها ملزمة.

اعترض الوفد التونسي واللبناني وطلبا إيقاف المتحدثة التي تخطت الوقت

المخصص للكلمة واعترض على مضمون الكلمة أيضاً، واعترضت المنصة بأن

المتحدثة لم تتوخ الدقة في كلمتها بالإضافة إلى أنها حولت الموضوع إلى محاضرة

سياسية وتشريعية وليست تعقيباً! !

* لدكتورة فاطمة خفاجة، مديرة برامج المرأة في منظمة اليونيسيف قالت:

إن المؤتمر يحكي أن هناك إرادة سياسية تدفع قضية المرأة إلى الإمام، وأعربت

عن أملها بأن يخرج هذا المؤتمر باستراتيجية للنهوض بالمرأة العربية، وخاصة أن

هذا المؤتمر يضم القيادات العربية النسائية البارزة، وأوضحت أن المشاكل

والظروف التي نعاني منها تجمعنا أكثر مما تفرقنا، وقالت: أتمنى أن يتخذ المؤتمر

خطوات إيجابية، وأن تشكل لجنة لأخذ التوصيات لترجمتها إلى خطوات عملية،

وأن تمثل الجمعيات الأهلية في هذا الجانب، وأن تكون هناك آلية تجمع بين

الجانب الحكومي والأهلي في وضع هذه الاستراتيجية.

على هامش المؤتمر:

ورغم تهافت ما طرح في المؤتمر إلا أنه يمثل عنصر تشويش خطير على

قطاع عريض من المجتمعات؛ لأن معنى الدعم السياسي والاعتراف الرسمي

والمعالجة الإعلامية يضفي صفة الشرعية ليس فقط على ما تقوم به مثل تلك

المؤسسات النسوية وإنما أيضاً على مقررات بكين، وبكين + ٥ التي وقَّعَت عليها

جميع الدول، ويكون الدور الرسمي هو تطبيق تلك المقررات في الفترة من الآن

وحتى حلول ٢٠٠٥م. ويكون دور المؤسسات النسوية أبعد من ذلك بالسعي إلى

إلغاء ما بين الأقواس أي الاستثناءات التي اشترطتها الدول الإسلامية من الاتفاقيات

مراعاة للخصوصيات المختلفة للمجتمعات.

ومن الواضح أن نهاية الطريق الطويل الذي تحدثت عنه إحدى الملقيات هو

الوصول إلى ثورة نسوية Feminism وما بعد النسوية Post Feminism

والتي تتخطى كل الحدود اللغوية والعقدية بل حتى ثقافة» الجندر «لتضفي

الأنثوية على كل شيء، كل شيء حتى ما يجب تنزيهه عن ذلك سبحانه وتعالى

وقد تم صياغة الإنجيل صياغة أنثوية في هذا الإطار، ذلك بعض الشر القادم أعاذنا

الله منه.

ملاحظات:

- شهد اليوم الثاني تعقيباً واسعاً لأعضاء الوفود حتى شكل ظاهرة أقلقت

الجهات المنظمة للمؤتمر.

- وقد غادر القاهرة في اليوم الثاني الملكة رانيا (الأردن) وليلى بن علي

(تونس) .

- لم تلق كل من رئيسات وفود البحرين وجيبوتي وجزر القمر كلماتهن

واقتصرن على توزيعها على أعضاء المؤتمر.

- أبدى بعض الكتاب ملاحظة على إدخال المفهوم النسوي في باب السياسة

ضمن مفهوم الحكم العائلي، تلك الحمى التي أصابت المنطقة العربية والتي بدأت

بمشاركة الأبناء في الحكم تمهيداً لانتقال السلطة إليهم بمباركة أمريكية وترحيب

عربي.

ولعل هذا يطرح فكرة الهرم الماسوني وتوطيد أركانه.

- لوحظ أن الدول المشاركة تمثل ترتيباً تنازلياً من حيث قضايا المرأة تقف

تونس ولبنان في مقدمتها.

ثم تأتي مصر والمغرب والأردن وسوريا والسلطة الفلسطينية، وتليها

العراق واليمن وعمان والإمارات والبحرين والكويت، ثم بقية الدول؛ ومن هنا

أظهرت عدة أطراف أهمية تبادل الخبرات؛ إلى جانب افتراض جابر عصفور

وحدة الثقافة العربية أي إزالة الخصوصية القطرية ضمن الإطار العربي أولاً.

- بعد انقضاء المؤتمر بيومين صدر قرار في ٢٢/١١/٢٠٠٠م من كوفي

عنان بتعيين ميرفت التلاوي أمينة المجلس القومي للمرأة بمصر وإحدى أبرز

المشرفات على المؤتمر في منصب السكرتير التنفيذي للجنة الاقتصادية والاجتماعية

لغرب آسيا (أسكوا) برتبة وكيل الأمين العام للأمم المتحدة من أول يناير ٢٠٠١م.

* اليوم الثالث: عقدت الجلسة الختامية:

- بدأت الجلسة بكلمة للدكتور عصمت عبد المجيد تضمنت توصيات المؤتمر

التي عرفت بـ» إعلان القاهرة «.

ثم ألقت سوزان مبارك كلمتها في ختام الجلسة واختتم المؤتمر بذلك.

إلا أن منال يونس رئيسة وفد العراق ورئيسة الاتحاد النسائي العراقي أبدت

تحفظها على البيان وأسلوب وضعه وتحيزه بدلاً من انسحاب الوفد.