للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خواطر في الدعوة

[الفرصة المتاحة]

محمد العبدة

إن ما يحدث على الساحة العالمية هذه الأيام شيء يحتاج إلى وقفة تأمل وتدبر، فموجة المطالبة بالحريات الديمقراطية في الحكم تجتاح أعتى الدول دكتاتورية

وقبضة حديدية، أمريكا الجنوبية ترجع شيئاً فشيئاً إلى طريق الانتخابات، الدول

الشيوعية وعلى رأسها روسيا تقوم فيها المظاهرات مطالبة بإعادة الاعتبار للشعوب

المقهورة، هل كان أحد يتوقع أن تقوم مظاهرة في موسكو؟ ! والروس هم الذين

سحقوا الشعوب التي طالبت بشيء من الحرية، وما يحدث في الصين أعجب، لقد

تظاهر المسلمون أيضاً يطالبون بحقوقهم، رغم أن العسكر رجعوا إلى عادتهم

القديمة في قمع هذا الاتجاه.

لقد أفلست الشيوعية ومن قبلها الرأسمالية رغم أن الغرب يحاول الآن استغلال

هذا الانهيار في الجانب الشيوعي ليقول للناس: إن البديل هو الليبرالية الرأسمالية، ولكن فعلهم هذا كمن يحاول تجميل وجه قبيح، أو إرجاع الشباب إلى عجوز

شمطاء، فالغرب وإن كان فيه بقية من قوة وحيوية سيتشبث بها وينفخ في نفوس

أهله النزعة الاستعمارية المتأصلة، إلا أن الخلل والانحطاط في الحضارة الغربية

باد واضح للعيان، إذن ما هو البديل العقائدي أو الفكري الذي يطرح نفسه في هذه

الأيام؟ .

إن الإنسان لا يستطيع العيش في فراغ، لابد من شيء يملأ جوانحه، لابد أن

يعبد شيئاً ما، وأصدق الأسماء على الإنسان كما قال رسول الله -صلى الله عليه

وسلم-: «حارث وهمام» فلا بد له من هم يشغله، وليس هناك سوى الإسلام.

وإذا كانت اليابان سترث الغرب اقتصادياً ومالياً، كما يتوقع بعض كتاب

الغرب المعاصرين، فإنها لا تستطيع أن تملأ الفراغ، اليابان لا تملك فكراً متميزاً

تقدمه للناس.

فهل يعي المسلمون خطورة مكانهم ومكانتهم ودورهم المهيأ لهم؟ وهل

يستطيع المسلمون إعطاء صورة صادقة عن هذا الدين مما يجعل بعض النفوس

التي أراد الله لها الهداية أن تقبل على الإسلام؟ إن الأخلاق الإسلامية العالية،

واتحاد الكلمة ووضوح الفكر، من أكبر الأسباب التي تؤثر في هؤلاء الناس، إنها

فرصة متاحة لنشر الدعوة، وتوعية المسلمين الذين كانوا مقهورين تحت الحكم

الروسي أو الصيني، وتوعية الجاليات الإسلامية في كل مكان.

وإذا كان الجهاد من أساسيات الدعوة، فإذا انعقدت سوقه وفتح بابه فهو من

أسباب إظهار قوة الإسلام وعظمته والتبشير به فكذلك إذا أتاح السلام في بعض

المناطق فرصة للدعوة فيجب أن تستثمر وتستغل كما حدث في صلح الحديبية حيث

أعطيت فرصة كبيرة للمسلمين في التنقل وجلب أنصار جدد، إن الفرص كثيرة،

والمهم هو أن يهتبلها المسلمون في الوقت المناسب.