للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نص شعري

[معاذ الله ما كانوا أباة!]

مروان كُجُك

أَضَاعُونَا أَضَاعُوا نِصْفَ قَرْنٍ ... مِنَ الأَيَّامِ قَدْ ذَهَبَتْ هَبَاءَا

وَلَمْ يَرْعَوْا لَنَا حَقّاً صِغَاراً ... وَقَدْ سَدُّوا الْمَسَالِكَ وَالْفَضَاءَا

وَحَالُوا بَيْنَنَا وَاللُّعْبَ حَتَّى ... غَدَوْنَا لا نُطِيقُ لَهُمْ بَقَاءَا

وَقَالُوا سَوْفَ نُبْرِئُ كُلَّ جُرْحٍ ... زَمِينٍ أَعْسَرَ الدُّنْيَا شِفَاءَا

وَهَذِي الأَرْضُ نَزْرَعُهَا انْتِصَاراً ... عَلَى قَوْمٍ يُصَافُونَا الْعَدَاءَا

وَنُرْسِي فِي جَوَانِبِهَا حُصُوناً ... تَقِينَا مَكْرَ أَكْثَرِهِمْ دَهَاءَا

وَنَقْتَلِعُ الْيَهُودَ وَمَا بَنَوْهُ ... مِنَ التَّخْرِيصِ بَدْءًا وَانْتِهَاءَا

وَنَغْسِلُ عَارَ فُرْقَتِنَا وَنُنْشِي ... لأُمَّتِنَا الْخَوَارِقَ وَالْعَلاءَا

* * *

مَعَاذَ اللهِ مَا كَانُوا أُبَاةً ... وَلا عَرَفُوا الْكَرَامَةَ وَالإبَاءَا

أَذَاعُوا بَيْنَنَا شَرًّا وَبِيلاً ... وَكَانَ الْيُسْرُ عِنْدَهُمُ عَنَاءَا

وَكَانَ النَّصْرُ مِزْمَاراً وَطَبْلاً ... وَرَاقِصَةً غَدَوْا مِنْهَا إمَاءَا

أَطَالُوا اللُّعْبَ بِالأرْقَامِ حَتَّى ... غَدَتْ صِفْراً وَحَاصِلُهَا خَوَاءَا

وَأَلْقَوْا بَيْنَنَا خُلْفاً وَقَالُوا: ... دُعَاةُ مَحَبَّةٍ أَلِفاً وَيَاءَا

وَعَاثُوا بِالْحِمَى سَلْباً وَنَهْباً ... وَمَا حَفِظُوا لأُمَّتِهِمْ وَلاءَا

وَكَانَ كَبِيرُهُمْ أَشْقَى رِهَاناً ... وَأَسْوَأَ طَالِعاً وَأَمَرَّ دَاءَا

تَمَادَى فِي الأَذِيَّةِ لا يُبَالِي ... وَأَمْعَنَ فِي الْخَدِيعَةِ كَيْفَ شَاءَا

وَلَمْ يَعْبَأْ بِمَا فَعَلَتْ يَهُودٌ ... وَمَا عَرَفَ الصِّيَانَةَ وَالْحَيَاءَا

يُوَرِّي بِالنِّضَالِ بِغَيْرِ سَيْفٍ ... وَيَكْذِبُ أَهْلَهُ صُبْحاً مَسَاءَا

عَلَيْنَا كَبْشُ أَكْبَاشِ اللَّيَالِي ... وَحِينَ الْبَأْسِ يَلْتَمُّ اخْتِفَاءَا

وَيَصْطَنِعُ التَّأنُّقَ والْمَعَالِي ... وَيُطْلِقُ فِي الْفَضَا وَعْداً هُراءَا:

غَداً نَلْقَى الْعَدُوَّ إذَا أَرَدْنَا ... وَلَوْ شِئْنَا نُؤَجِّلُهُ مِرَاءَا

وَيَوْمَ نُرِيدُ نَمْلَؤُهَا ضِرَاماً ... سَعِيراً عَاصِفاً مَحْضاً وَبَاءَا

وَلَوْ شِئْنَا لأَسْكَنَّا عِدَانَا ... قِرَابَ سُيُوفِنَا فَغَدَوْا هَبَاءَا

نُطَاعِنُهُمْ إذَا ضُمِنَ انْتِصارٌ ... لَنَا أَوْ قِيلَ قَدْ صَدَقُوا النِّدَاءَا

* * *

فَيَا للهِ كَمْ سَالَتْ دِماءٌ! ... وَيَا للهِ كَمْ بَاعُوا دِمَاءَا!

وَيَا للهِ كَمْ غُصَّتْ سُجُونٌ ... بِأَطْهَارٍ بِلا ذَنْبٍ تَرَاءى!

سِوَى الإعلانِ أَنَّ الْمَجْدَ صِرْفاً ... لأُمَّتِنَا بِهَذَا الدِّينِ جَاءَا

فَلَمْ يَحْمِلْهُ خَوَّارٌ سَفِيفٌ ... وَلا خَلْفٌ إذَا وَعَدَ اسْتَقَاءَا

فَإنَّ اللهَ يَنْصُرُ نَاصِرِيهِ ... عَلَى أَعْدَائِهِ كُلاًّ سَوَاءَا

وَمَهْمَا قِيلَ إنَّ النَّصْرَ سَيْفٌ ... وَإنَّ النُّجْحَ أَنْ تَطَأَ الْفَضَاءَا

فَإنَّ اللهَ يُنْبِئُ عَابِدِيهِ ... بِأَنَّ النَّصْرَ يَنْزِلُ كَيْفَ شَاءَا

* * *

أَضَاعُونَا وَفِي الإيعَادِ كَانُوا ... لَنَا صُدُقاً وَلِلأَعْدَا صَفَاءَا

أَقَامُوا بَيْنَهُمْ عَهْداً وَثِيقاً ... وَوَعْدُهُمُ لَنَا كَانَ افْتِراءَا

فِلَسْطِينَ التِّجَارَةِ قَدْ دُهِينَا ... وَحِيفَ بِحَقِّ أَكْثَرِنَا بَلاءَا

وَلَمْ يَسلَمْ لَنَا إرْبٌ وَصِرْنَا ... أُسَارَى الذُّلِّ يَحْزِمُنَا احْتِوَاءَا

وَبَاتَتْ سِيرَةُ الْعُرْبَانِ عَاراً ... عَلَى الأَعْرابِ نَبْعاً وَانْتِمَاءَا

وَذَاكَ بِأنَّهُمْ صَرَفُوا قُلُوباً ... عَنِ التَّوْحِيدِ وَاخْتَارُوا الْجَفَاءَا

فَهَذَا نَحْوَ شَرْقٍ قَدْ تَوَلَّى ... وَذَاكَ لِقَيْصَرٍ حَمَلَ اللِّوَاءَا

يَسُوسُ لَهُ خُيُولَ الْقَهْر فِينَا ... وَيَنْتَظِرُ الْعَطِيَّةَ وَالإنَاءَا

وَبِتْنَا لا نَرَى فِي الدَّارِ إلا ... ظلاماً دَامِساً مَلأَ الْفَضَاءَا

وَمَا تُلْقِيهِ أَمرِيكَا عَظِيماً ... يُسامِي الْحَقَّ أَوْ يَعْلُو السَّمَاءَا

فَيَا مُلْقُونَ أُمَّتَهُمْ بِنَارٍ ... لَقَدْ صِرْتُمْ لِجَذْوَتِهَا شِوَاءَا

أَمَا تَدْرُونَ أَنَّ النَّارَ تَأْتِي ... عَلَى مَنْ كَانَ أَضْرَمَهَا غَبَاءَا؟

* * *

سَيَبْقَى الْحَقُّ حَقّاً، واللَّيَالِي ... سَيَرْحَلُ وَفْدُهَا وَنَرَى الْبَهَاءَا

نِضَالُ الْحُرِّ صِدْقُ الْعَزْمِ طُهْراً ... وَلَوْ لَمْ يَمْتَلِكْ ذَهَباً وَشَاءَا

وَمَهْمَا قِيلَ قَدْ ضَاقَتْ دُرُوبٌ ... بِسَالِكِهَا، أَوِ اعْتَلَّتْ هَوَاءَا

وَسِيمَ النَّاسُ خَسْفاً وَالْمَبَادِي ... غَدَتْ حِكْراً لِشَارِحِهَا امْتِرَاءَا

فَسَوْفَ يَعُودُ لِلدُّنْيَا حَدِيثٌ ... عَنِ الْحَقِّ الْيَقِينِ وَلَوْ تَنَاءَى

وَسَوْفَ تَعُودُ أَسْرَابُ الأَمَانِي ... إلَى جَنَّاتِهَا زُهْراً وِضَاءَا

سِرَاعاً حُرَّةً مِنْ كُلِّ قَيْدٍ ... سِوَى مَا زَادَ عُصْبَتَهَا اهْتِدَاءَا

وَيَوْمَ النَّصْرِ لا تَبْغِي دِماءً ... وَلا أَعْرَاضَ مَنْ قَتَلُوا النِّسَاءَا

فَإنَّ الْعَفْوَ صِنْوُ النَّصْرِ قَدْراً ... وَأَنْبَلُ خُطَّةً وَأَثَرُّ مَاءَا

سَلُوا الطُّلَقَاءَ يَوْمَ الفَتْحِ لَمَّا ... أَزَاحَ رَسُولُنَا عَنْهُمْ عَنَاءَا

سَلُوا الأَيَّامَ هَلْ شَهِدَتْ كَرِيماً ... يَرَى لِعدُوِّهِ هَذَا الْبَرَاءَا

فَكَانَ الْفَتحُ أَعْظَمَها انْتِصَاراً ... وَكانَ الْعَفْوُ أَنْبَلَهَا عَطَاءَا