للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دراسات في الشريعة والعقيدة

الإصلاح التشريعي في مصر من التأصيل المتعثر إلى الجموح العلماني

ثم عودة التأصيل نماذج النجاح والإخفاق

(٤)

عبد العزيز بن محمد القاسم [*]

[email protected]

أشار الكاتب في الحلقة السابقة إلى أن أول انحراف منظم عن الشريعة في

مصر كان تحكيم المماليك لبعض قوانين التتار، وأومأ إلى أن تاريخ الحملة

الفرنسية على مصر يكشف عن تعرُّف نابليون على جوانب من أحكام الشريعة

الإسلامية، ودرس علماء الحملة الفرنسيون الشريعة ضمن مكونات الثقافة المصرية

الإسلامية وأدركوا أنهم أمام ثروة عظيمة. ومن ذلك اعتبار بعض المؤرخين

الفرنسيين أن التركة الأساسية هي تركة علمية أيديولوجية. ويتابع الكاتب في هذه

الحلقة الحديث عن الإصلاح التشريعي.

- البيان -

ازدواج مؤسسات التعليم وأثره على جهود مواجهة التشريع الوضعي:

مؤسسات التعليم من أهم عوامل تشكيل البنية التحتية للتغيرات الثقافية بما

فيها المجال التشريعي، وهذه المؤسسات هي التي أسهمت في تكوين شرائح

المثقفين الذين قادوا الرأي العام، وتمكنوا من التأثير في مسار الحركة الاجتماعية

ومؤسسات المجتمع والدولة؛ فقد كان التعليم في مصر منذ عهد محمد علي يقود إلى

تكوين قطاعين تعليميين: أحدهما: متقدم لكنه منفصل عن العلوم الشرعية،

ويستلهم العلوم الحديثة وهو قطاع المدارس الأميرية التي كان خريجوها يشتغلون

في مؤسسات الدولة، وقد تم ابتعاث كثير منهم إلى مؤسسات التعليم الحديثة في

أوروبا، والآخر: هو قطاع التعليم الديني الذي لم يهتم محمد علي وخلفاؤه بتطوير

مؤسساته وعلى رأسها الأزهر، كما عانى هذا القطاع من الجمود الفقهي أمام

الحاجات الفقهية القائمة؛ فعلى سبيل المثال لما طلب الخديوي إسماعيل من العلماء

تدوين صيغة شرعية من الفقه الإسلامي يواجه بها الضغط الأوروبي لتطبيق القانون

تنازع العلماء وردوا طلبه، فاتجه إلى ما يوافق هواه، فأمر بترجمة القانون

الفرنسي ليصدر بعد سنوات قليلة، وبذلك التقدم في المدارس الحديثة والجمود

والإهمال في التعليم الديني ازدادت قطاعات التحديث، وانتشرت العلمانية،

وهيمنت على الحياة الفكرية، وانزوت المؤسسة الدينية واضمحل تأثيرها الذي

عرفت به في الحياة العامة؛ فقد: «استطاعت الطبقة الجديدة أن تنتزع القيادة

الفكرية وساهمت بالنصيب الأكبر في قضايا التغيير الاجتماعي في أواخر القرن

التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وفي تحرير المرأة والحياة النيابية» [١] .

ولمجرد المقارنة؛ فخلال ثلاثة أرباع قرن من ١٨٧٨م إلى سنة ١٩٥٣م

تولى الوزارة في مصر ٢٩٨ وزيراً من كل الأجناس التركية والشركسية

والأوروبية والمصرية، كان منهم فقط أربعة أزاهرة منهم علي عبد الرازق،

ومصطفى عبد الرازق اللذان جاءت بهما ليبراليتهما، ومدة بقاء زميليهما لم تتجاوز

عشرة أشهر رغم أن وزارتهم ذات صفة دينية خالصة وهي وزارة الأوقاف، وبذلك

يتبين كيف انفرد رجال التعليم الحديث بقيادة أَزمَّة المؤسسات مع ما يُعْوزهم من

معرفة لأصول الشريعة وبخاصة في مجالات العدل والتعليم الحقوقي. وقد كان

يؤسس لذلك ويدعمه انبهار بالغرب لدى خريجي المدارس الأجنبية؛ ويصف ذلك

أحد المؤرخين بقوله: «ثم الحماس للغرب حماساً يبلغ في خريجي المدارس

الأجنبية والمعاهد الخارجية حدَّ فَقْدِ الوعي القومي، ويضطرب فيما عداهم بين

الارتفاع والهبوط، ولكنه يشرك هؤلاء وأولئك في التشويق لهذا الغرب والاقتداء به

وتقديس ما يصدر عنه تقديس عبدة الأصنام أصنامهم» [٢] ، وقد تعزز ذلك باتجاه

القوى المستعمرة إلى إقصاء العلماء وعزلهم. يقول المستشار طارق البشري عن

نفوذ خريجي المدارس المدنية وعلاقته بنفوذ المستعمر: «وهو نفوذ يطمئن إلى

فاعليته واستقراره بقدر ما يضمن هيمنته على العقول؛ ويبدو صواب الملاحظة

التي أشار إليها الباحث أنس مصطفى كامل عن أن الدور العروبي الذي لعبته النخبة

المثقفة في اتجاهها المعادي لما أسماه كان يحقق القدر الكثير من الرضاء للسلطة

الاستعمارية الأوروبية التي تحبذ العلمنة..» [٣] .

توالي التأسيس لمشروعات تغريب التشريع والأخلاق:

لم يكن التغريب التشريعي هدفاً معرفياً في فجر النهضة؛ إذ لم تتجه الدولة

والمثقفون إلى التشريع الوضعي رغبة في تحصيل علم لم يكن متاحاً، بل تظهر

النصوص التاريخية أن الاتجاه الغالب بعكس ذلك؛ فقد كان محمد علي في أوائل

القرن التاسع عشر مستمسكاً بالشريعة، وحين اقتبس القانون التجاري اقتبس

صيغته العثمانية، وحين أراد وضع تقنين مدني توجه إلى الشريعة، فكلف المفتي

الشيخ محمد الجزائرلي أن يضع قانوناً مدنياً على مثال قانون نابليون يُقتبس من

الشريعة الإسلامية، غير متقيد بمذهب معين، وقد بذل الشيخ جهداً كبيراً لإنجاز

المشروع؛ إلا أن الظروف الدولية أجهضت المشروع [٤] ، ويحكي لنا محمد رشيد

رضا الحوار الذي دار بين الخديوي إسماعيل والشيخ رفاعة طهطاوي؛ حيث طلب

الخديوي من رفاعة كتابة قانون مدني مستمد من الشريعة، فتخوف رفاعة من

شيوخ الأزهر واعتذر عن ذلك. وفي سنة ١٨٨٢م ١٣٠٠هـ كما ورد في مذكرة

حسين باشا ناظر الحقانية (وزارة العدل) لمجلس النظار: «تراءى للحكومة

وضع قانون مطابق للشريعة الغراء، وأحيل عمله على سعادة قدري باشا، وتشكل

قمسيون آخر لترتيب المجال.. وإذا قيل لا بد من أن يكون القانون المدني مطابقاً

للشريعة فربما يقال من باب أوْلى أن يلزم أن يكون بالجنايات وسير المرافعات

يكون على مقتضى الشريعة» [٥] ؛ فمرجعية الشريعة واضحة في تلك الفترة.

ونلاحظ بوجه خاص أولوية مرجعية الشريعة في الجنايات، وهي معيار

أساسي في النظام الأخلاقي، كما نلاحظ مرجعية الشريعة في كتابات علي مبارك

أحد العائدين من البعثة التعليمية في فرنسا وبخاصة المسامرة الثالثة عشرة حين

يتحدث عن رفض الحجاب مستشرق إنجليزي في القصة.

ونلاحظ أن التحول عن المرجعية الإسلامية إلى العلمانية وفصل الدين عن

التشريع يبدأ مع النصارى الشاميين: بطرس البستاني، وجورجي زيدان،

وشبلي شميل، وأنطون فرح، وغيرهم، وروجت تلك الآراء في الصحافة اللبنانية

المصرية مثل المقتطف والهلال، فتبنى هذا الاتجاه بناء النظام الأخلاقي على أسس

العلم التجريبي وأنه: «لا تستمد الشرائع السليمة إلا من العلوم الإنسانية

الصحيحة» [٦] ، وقد أسس شبلي شميل التحول إلى مرجعية العلوم الإنسانية متأثراً

بالداروينية التي تبناها وبشَّر بها في معناها الاجتماعي بوجه خاص، وسانده في

ذلك فرح أنطون، وقد كان تصريحهما بالدعوة إلى فصل التشريع والحكم عن الدين

سبباً للمعارك التي نشبت بينهما وبين الشيخين محمد عبده ومحمد رشيد رضا

وقطعت العلاقات بينهم، وكان الشيخان وقبلهما الشيخ جمال الدين الأفغاني هم الذين

تزعموا حركة تأصيل واسعة لبناء المرجعية العليا في المجتمع على أساس الوحي؛

فقد وقف جمال الدين ضد منكري الدين، واعتنى بالبرهنة على أن الدين دعامة

أساسية للبناء الاجتماعي والعمراني، وأن الماديين المنكرين للألوهية والبعث

يفضي قولهم إلى: «تقويض أركان المدنية وإلى نسف بناء الإنسانية وتذريته في

ذيول السافيات، وإلى الرجوع بالإنسان إلى مرتبة الحيوانية العجماء.. كما أنه

ليس غريباً في مقابل ذلك أن يؤدي الاعتقاد الديني إلى الارتقاء بالمدنية وبنظام

الجمعية الإنسانية، وإلى تحصيل أكبر قدر من السعادة المجتمعية.. وبالتمدن إلى

ذرى الكمال العقلي والنفسي [٧] ، فكانت دعوات أنطون فرح العلمانية، كما يقول

ألبرت حوراني قد طعنت:» معتقدات محمد عبده في الصميم « [٨] ، فنافح محمد

عبده عن تأسيس الدولة على الشريعة، وكان يقول:» إن العقل وحده لا يستقل

بالوصول إلى ما فيه سعادة الأمم بدون مرشد إلهي.. كذلك الدين هو حاسة عامة

لكشف ما يشتبه على العقل من وسائل السعادات « [٩] ، وكان يرى أن:» فصل

الدين عن الدولة ليس غير مرغوب فيه فحسب بل هو مستحيل « [١٠] ، ثم يستنتج

محمد عبده اختلال وظيفة تلك القوانين ليقرر بحجج مدنية:» أن القوانين

المستوردة من أوروبا ليست على الإطلاق قوانين حقيقية؛ إذ لا أحد يفهمها، وإذن

لا يمكنه أن يحترمها أو يخضع لها، ومن هنا أوشكت مصر أن تصبح بلداً من دون

قوانين « [١١] ، إن هذا النوع من الجدل يبين المعارضة العميقة التي قام بها زعماء

الإصلاح ضد نقل تأسيس أصول التشريع من الوحي إلى العقل الأوروبي.

وقد حدثت تطورات أخرى دفعت بعملية تأسيس تغريب التشريع إلى منتهاها،

وكان ذلك من نتائج الحرب العالمية الأولى وهزيمة دول المحور بما فيهم الدولة

العثمانية، وتمكين الاتحاديين، وعلى رأس تلك التطورات إلغاء الخلافة. وكان

لإلغائها صدى مدوياً في العالم الإسلامي؛ إذ لأول مرة تخلو بلاد المسلمين من

منصب الخلافة وهو الرمز الكبير لوحدة الأمة، فأصدر المجلس الوطني التركي

سنة ١٩٢٥م رسالة بعنوان:» الإسلام وسلطة الأمة «دفاعاً عن إلغاء الخلافة،

وتبنت الرسالة مفهوم فصل الدين عن الدولة، وأن هذا المنصب هو الذي أضعف

الدولة لتركيزه السلطات بيد الخليفة، وفي السنة نفسها أصدر محمد بركات الله

كتاباً عنوانه: (الخلافة) يدعو فيه إلى تحويل منصب الخلافة إلى رمز ديني

ينحصر في تعيين الأئمة وإمارة الحج ونحوها، أما في سنة ١٩٢٥م؛ فقد وقعت

المفاجأة، فأصدر هذه المرة شيخ أزهري وهو علي عبد الرازق كتابه: (الإسلام

وأصول الحكم) يدَّعي فيه انفصال خطط الدنيا عن الدين أي فصل الدولة عن الدين،

وأن الحكم والقضاء متروك لحكم العقل، فأسس بذلك لفصل التشريع عن سلطة

الدين، وقدم المشروعية التي كانت عمليات التشريع الوضعي تفتقر إليها، فأدى

ذلك إلى حملة مضادة قوية من الردود، كما أدت إلى محاكمته وفصله من الأزهر،

وقد ردَّ عليه كبار العلماء كالشيخ محمد بن عاشور، والشيخ محمد بخيت المطيعي،

وغيرهما.

وفي جانب آخر من أعمال التأسيس لفصل التشريع عن الدين تأتي كتابات

التشكيك في أصول الشريعة؛ فرسالة منصور فهمي المقدمة إلى جامعة باريس في

العشرينات جاءت عن حالة المرأة في التقاليد الإسلامية، وأساء فيها الأدب مع مقام

النبوة، فنشرت الصحافة المصرية مقتطفات منها أدت إلى ردود فعل كبيرة، وفي

سنة ١٩٢٢م أعلن محمود عزمي متابعاً أستاذه الفرنسي لامبير أن الفائدة الربوية

هي أصل كل نمو اقتصادي، وأطلق على البند الدستوري الذي ينص على أن دين

الدولة الإسلام اسم:» البند المشؤوم « [١٢] ، وفي سنة ١٩٢٦م نشر طه حسين

كتابه: (في الشعر الجاهلي) مستخدماً منهج النقد التاريخي في دراسة النصوص

بما فيها آيات من القرآن الكريم، وفي العام نفسه كتب إسماعيل مظهر يدعو إلى

نفض العقلية الغيبية المخلوطة بشيء من العلم التي تميزت بها الحضارة الإسلامية

وإلى إحلال العقلية العلمية الأوروبية محلها دون تقريب وتوفيق.

وفي سنة ١٩٣٧م أصدر طه حسين كتابه: (مستقبل الثقافة في مصر) ،

وكانت نظرته للتشريع مرتبطة بمعاهدة سنة ١٩٣٦م مع بريطانيا، وأن مصر

بموجب المعاهدة تلتزم التزاماً بأنها ستسير:» سيرة الأوروبيين في الحكم والإدارة

والتشريع « [١٣] ، فكان في مشروعه مبشراً بالتبعية المطلقة التي وصفها بقوله:

» علينا أن نسير سيرة الأوروبيين ونسلك طريقهم لنكون لهم أنداداً، ولنكون لهم

شركاء في الحضارة خيرها وشرها، حلوها ومرها، وما يحب منها وما يكره، وما

يحمد منها وما يعاب « [١٤] .

حركة التأسيس التغريبية ورجع الصدى:

استعرضنا نماذج من أعمال التأسيس لفصل التشريع عن الوحي؛ فما علاقة

تلك الاتجاهات التأسيسية بالبيئة المصرية؟ هل أنبتت أرض مصر تلك

الاتجاهات؟ وبصيغة أخرى: هل كانت حركة التأسيس ثمرة واعية لاجتهاد

موضوعي يلائم البيئة التي نبتت فيها تلك الحركات التأسيسية؟ أم كانت صدى

لحركات فكرية أوجدتها ظروف مختلفة؟

إن تتبع تاريخ التحديث بما فيه التحديث التشريعي يظهر أن العوامل الباعثة

على التحديث ترتبط بثلاثة محاور رئيسة:

أولها: ضعف فاعلية الوسائل المحلية، وقد اكتشف الضعف من خلال

الاحتكاك بالنماذج الأوروبية والهزائم العسكرية أمام الجيوش الغربية، إضافة إلى

النقد الذاتي الذي يتحدث عنه العلماء في مواضعه [١٥] .

ثانيها: رؤية النماذج الأوروبية وكفاءتها العملية في المجالات السياسية

والتقنية.

ثالثها: تطور مفهوم التمدن الغربي نتيجة للعاملين السابقين، وتطلع النخب

الحاكمة والمثقفة لتحقيق نهضة مدنية تتناسب مع مقدرة الأمة وإمكاناتها.

وكان تأثير هذه العوامل يغلب تأثير الاكتشاف الذاتي ونشوء رؤية حضارية

مستقلة يكتشفها المثقف العربي بأدواته المستقلة، وقد نتج عن ذلك استقطاب ثلاثي

الأطراف:

فالتيار الأول: يدعو للمحافظة والتمسك بالواقع تمسكاً بالمكتسبات الراهنة، وعلى

رأس هذا التيار النخبة الحاكمة وأتباعها من المثقفين والعلماء، وكان منهم من

تخوف من التغيير خشية الابتداع أو التعلق بالكفار أو التخلي عن الشرع.

والتيار الثاني: يدعو إلى التغريب المطلق، وقد برز هذا التيار في أواخر القرن

التاسع عشر حين دشنه النصارى العرب داعين إلى تقليد العلمانية المطلقة.

أما التيار الثالث: فهو الداعي إلى التمسك بالوحي والاستفادة من علوم الغرب

ومؤسساتهم، وكان هذا التيار قلة لم يُقدَّر لها النضوج إلا في وقت متأخر؛ فبرز

في المجال العربي مع الشيخ جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، ومحمد رشيد

رضا، وقد أخطأ بعضهم في بعض اجتهاداته لكنهم هم التيار الذي أسس للجمع بين

الدين والتفاعل مع المدنية الحديثة.

ففي فجر التحديث مع عهد محمد علي نلحظ تحديثاً مبنياً على الحاجة فعلاً

ويضعف فيه التقليد المطلق؛ لكن تلك المرحلة سقطت في أخطاء قاتلة خاصة فيما

يتعلق بتحطيم مؤسسات المجتمع، وتأسيس الحديث بشكل مواز للقديم في التعليم

والاقتصاد؛ فلم يتحقق نجاح الحديث وتحطم القديم. وفي هذا العهد نلاحظ التمسك

بالمرجعية الإسلامية بوجوه عديدة؛ ويظهر ذلك جلياً في كتابات أمثال رفاعة

طهطاوي وإن أخطأ في تقريبه وتجاوز الأصول الشرعية عند التأصيل للحديث،

وقد كان واعياً بخطر أخلاق فرنسا ويحذر منه؛ فقد كان:» يشعر بأنها خطر

خلقي؛ فالفرنسيون لا يعتقدون إلا بالعقل البشري. نعم يشتمل دستورهم على مبدأ

العدل؛ إلا أن هذا المبدأ يختلف كثيراً عن أحكام الشريعة الإلهية « [١٦] .

ومن هنا نلحظ أن تقليد الغرب لم يكن عن متابعة عقائدية بقدر ما نتج عن

الحاجة إلى التطبيقات العملية. وقد امتد هذا العهد إلى الثلث الأخير من القرن

التاسع عشر مع شبلي شميل وأنطون فرح.

فما علاقة تلك التحولات التأسيسية بحركة الفكر الأوروبي وتحولاته؟ وهل

كان تقليد المفكرين للغرب يستند إلى آلية نقدية فاعلة؟ وهل تخلفت عقلية التقليد

عن متابعة تطورات العقل الأوروبي الذي تستنسخ منه المنهجيات والأفكار؟ أم أن

الاستنساخ بما فيه التشريعي والأخلاقي قد مورس بآلية تفتقد المقدرة النقدية

البنائية؟ سأحاول تقريب ذلك بما يتسع له المقام من خلال تقديم عرض موجز

لتطورات الفكر الأوروبي في تلك المرحلة وتراجعاته بل وإخفاقاته، وسنلاحظ

تمسك مفكري النهضة العربية التغريبيين في ذلك العهد بالمذاهب والمفاهيم التي

انهارت وخلفت وراءها الدمار الشامل في الحربين العالميتين، ولم تظهر تحولات

الفكر الأوروبي الجديد في الثقافة العربية بما فيها مجالات التشريع والأخلاق إلا بعد

عقود.

تحولات أصول الأخلاق والتشريعات الأوروبية واهتزاز مثالية الغرب:

تحدثنا في موضع سابق عن تحولات الفكر الأوروبي في مجال الأخلاق

والتشريع، واتجاهها لتأسيس هذه الحقول تأسيساً وضعياً في محاولة لمحاكاة

التطورات في مجال العلم التطبيقي، ونستكمل مؤشرات التدهور في ميدان التأسيس

للأخلاق الوضعية؛ ففي النصف الثاني من القرن التاسع عشر حققت التطورية

الداروينية صيتاً عريضاً أغرى بتعميم نموذجها في المجال الأخلاقي والاجتماعي؛

فإذا كانت العلاقات قائمة على الصراع والمنافسة كما تقرر الداروينية الاجتماعية فلا

بد أن تتراجع الأخلاق باعتبارها قيماً عليا موجهة للنظام الاجتماعي ليصبح الصراع

والمنافسة القيمة العليا، وقد ألهمت هذه النظرية الفكر والسلوك الأوروبيين؛

فالماركسية وصراع الطبقات مصبوغتان بالمفهوم التطوري للداروينية، وقد تحولت

تلك المفاهيم إلى واقع مؤثر في العلاقات الاجتماعية الأوروبية:» فالروح

الداروينية القائلة بأن الصراع والمنافسة والقوة هي قوانين الحياة كانت المنبع

الرئيس لأقوال رجال السياسة وأفعالهم.. والرأي العام كان في معظم الأحيان نزاعاً

إلى الحرب « [١٧] ، وكانت التطورية الاجتماعية إضافة حيوية إلى الروح

الأوروبية لتنزع الإنسان من قيم الدين، و:» أصبح مصطلح (المذهب الإنساني

العلمي) شائعاً ومألوفاً بسبب الإكثار من استعماله، وكان هذا المصطلح يعني أن

ثمة إمكانية للارتفاع بالجنس البشري إلى ذرى جديدة بواسطة العلم وحده؛ كما

جاهر أيضاً بعدائه الشديد للدين التقليدي، ولكنِ الكثيرون رأوا أن زحف العلم يهدد

البشرية بتجريدها من إنسانيتها « [١٨] .

مستمر ذلك إلى أن تفجرت الحرب العالمية الأولى، وخلَّفت وراءها دماراً

هائلاً؛ فالقتلى والجرحى زاد عددهم عن الثلاثين مليوناً. وكان من آثارها الثقافية

في العالم العربي فقدان أوروبا بريقها، وتهاوي قوتها التي امتلكتها بسبب (فضائلها

المطلقة) التي عرفها بها العرب، ففقدت:» قوتها الاستهوائية التي كانت تتمتع

بها منذ زمن طويل بفضل قوتها وفضائلها السامية الكامنة أو المعتقد أنها كامنة وراء

تلك القوة؛ فمنظر أوروبا تتمزق وفرنسا تنهار فجأة قد أثار الشكوك حول تلك القوة

وتلك الفضائل؛ فمن يدري فقد تكون أوروبا لا تملك بالحقيقة سر السعادة الدائمة.

وفي الواقع كانت تلك الشكوك في محلها إلى حد ما؛ فوضع أوروبا قد تغير

بالفعل « [١٩] ، وبدأ تراجع الهيمنة الأوروبية المطلقة على المنطقة، وفي

العشرينات من القرن العشرين، وهي من ذرى الاستلاب الاستغرابي في العالم

العربي صدرت دعوات فصل الدين عن الدولة ونقد الوحي وقيمه، انتشرت في

أوروبا المحطمة بعد الحرب موجه عارمة من الإحباط والتشاؤم، فشاعت الكتابة

التشاؤمية عن الغرب وحضارته تحت وطأة الحرب ونتائجها البشعة

مثل كتابات (أرنولد توينبي) ، و (شبنقلر) ، و (وليم انج) وغيرهم.

وتزامن ذلك مع تحولات معرفية أخرى؛ فقد ازدهرت في هذه الفترة

(الوضعية المنطقية) ليقول بعض رموزها بأن:» القضايا التي أشغلت الفلاسفة

وعلماء اللاهوت والأخلاق فيما مضى كقضايا الله والحرية والروح والغاية

والأخلاق.. إنما كان الخوض فيها هدراً للوقت ومضيعة للجهد « [٢٠] ، ويعلق

(سترومبرج) على هذه المدرسة بأن لنا:» أن نتصور مدى شدة الصدمة التي

نزلت بعلماء الدين؛ فهؤلاء تعوَّدوا فيما مضى على رؤية البعض يقوم بتغليط

آرائهم؛ لكن لم يسبق لهم أبداً أن سمعوا أياً من الناس يقول لهم بأنهم في جميع

مواعظهم وأبحاثهم لا يقولون أي شيء بتاتاً «.

والعلاقة بين الوضعية المنطقية وقضايا التشريع وثيقة؛ فإذا كانت القيم

والأخلاق قضايا لا تعني شيئاً في موازين العقل العلمي، والعالم قد هجر الدين

الكنسي ليتحول إلى الدين والأخلاق العلمية؛ فإننا إذن أمام إعلان انهيار مروع

لأسس الأخلاق والتشريع. يقول (سترمبورج) :» والحق أننا إذا طبقنا المذهب

الوضعي على الأخلاق؛ فإننا سنكون بذلك قد نسفنا أسس القيم جميعاً.. فقولنا مثلاً:

إننا نعتقد بأن الزنا خطأ أو خطيئة. هو من حيث قيمته الأخلاقية تماماً كقولنا:

«أنا لا أستسيغ مذاق الحمص أو الفول. وهكذا وجدت الآن فلاسفة أكاديميين جدداً

يقولون لنا إن الفكر المنطقي عاجز عن تقديم أي وازع للسلوك» ، ويترتب على

مقولات الوضعية المنطقية تحطيم كل معنى سام للأخلاق؛ ويواصل سترومبرج

مبيناً أن: «مساواة الأذواق الأخلاقية بأنواع أخرى من الذوق الشخصي قد تكون

دعوة صريحة إلى الفجور الأخلاقي؛ فاختياري مثلاً لسلوكي وفقاً للفلسفة الجديدة

يتساوى من حيث القيمة مع اختياري لربطة العنق؛ فهذا مرهون بذوقي

الشخصي» [٢١] .

وفي الفترة نفسها حدث تطور علمي كانت له آثاره الفلسفية المدوية نقلت

الثورة من مجال الأخلاق والفلسفة إلى ميدان العلوم، فزلزلت حصون العلم وهو

وسيلة اليقين الباقية، كان ذلك مع (إينشتاين) والنسبية والفيزياء الحديثة فلم:

«تقف الثورة هيابة أمام أسوار العلوم التقليدية وقوانينها، بل اقتحمتها ونسفت

خلال العشرينيات من هذا القرن قواعدها واليقين بها، وغدت الفيزياء الحديثة

تتصدر أخبار الصحف والإذاعات» ؛ فما آثار هذه الثورة

العلمية؟ لقد وصف شيئاً من ذلك (جوزيف وود كراتش) في كتابه: (المزاج

الحديث) بقوله: «لقد بلغ تغلغل الشك في نفوسنا حداً أصبح من المستحيل معه

على الإيمان أن يطرده من عقولنا ويحل محله؛ فآخر يقين بالعلم قد تناثر وهوى» ،

ويعلق عليه (سترومبرج) بأن: «منجزات أينشتاين و (بلانك) و (هيسنبرغ)

في ميدان العلم كانت كشفاً عن حقائق جديدة رائعة؛ لكن هؤلاء العلماء بدوا في

نظر الجماهير هدامين لحقيقة لم يكن يأتيها الباطل.. وهكذا بدت دائرة الشك، ثم

اكتملت عندما اتضح أنه حتى العلم قد وجد أن الكون غامض ومستغلق أمام الإدراك

والفهم؛ وبذلك أصبح مبدأ اللايقين بمثابة الاكتشاف الصاعق الذي حققه ذلك العقد

من القرن العشرين» [٢٢] .

وبذلك تحطم تأليه العلم، وأوجد ذلك حيرة ميزت تلك الفترة، وأدت إلى

تنشيط وانتشار عدد من الظواهر الثقافية المرتبطة بتدهور طموحات تأسيس

الأخلاق وضعياً، مثل:

أولاً: نشوء ظاهرة العودة إلى الدين؛ فقد «نشأت العودة إلى حظيرة الدين

عن انهيار الاعتقاد الليبرالي بالتقدم الدنيوي» ، ويأتي مأزق هذا الاتجاه مع

أساطير المسيحية؛ فالعودة إلى الدين لم تكن متفقة مع اللاهوت المسيحي: «لأنها

رفضت جميع الأساطير الواردة في الكتاب المقدس» ، واستجابة لأزمة إرساء القيم

اعتبر: «ما ورد في العهدين القديم والجديد صحيحاً من حيث رمزيته لا من حيث

حرفيته» [٢٣] .

ثانياً: انتشار الوجودية وهي فلسفة طورت لتعلن محدودية العقل ولتعيد

تأسيس السلوك الإنساني على الاختيار بعيداً عن المذهبيات الوضعية التي يؤمن بها

الإنسان.

ثالثاً: ظاهرة أدب اللامعقول؛ إذ صور فلاسفة وأدباء اللامعقول حال القارة

خاصة في أجزائها اللاتينية في الثلاثينيات، وحكوا المناخ النفسي والفكري بطريقة

فريدة متأثرين بويلات الحروب والاضطرابات والرعب ومعسكرات الاعتقال

والمدن المحروقة المدمرة، وقد بدا لهم العالَم كأنه عالَم من الكوابيس، وقد صور

ذلك (فرانز كافكا) في كتابيه: (المحاكمة) و (القلعة) ، ويصف ذلك الواقع

(سترومبرج) بقوله: «فالعالم الذي عاش فيه ذلك الإنسان المنكود كان عالماً رهيباً

مجرداً من كل معاني الإنسانية ومفاهيمها، عالماً ركب الجنون ساسته، ووجه

اللامعقول قادته.. ولا ريب أن القضية الرئيسية بالنسبة إلى ذلك الإنسان كانت

قضية القيم» [٢٤] ، وكان ذلك الانهيار من آثار المذاهب الوضعية التي حاولت

تأسيس أخلاق الإنسان وقيمه بأدوات ومناهج العلوم التطبيقية، وبعض المفاهيم

السائدة في القارة التي غذتها الثقافة الجديدة كالتعظيم المتطرف للقوميات على حساب

القيم والأخلاق.. يقول (جبرائيل مارسيل) : «فذاك الخراب المادي لم يكن في

الحقيقة سوى ظاهرة مأساوية للخراب الذي نزل بالأخلاق» [٢٥] ، وقد أدى دمار

الحرب إلى زعزعة التطورية الاجتماعية كمفهوم يفسر حركة المجتمعات باتجاه

حتمي بل صارت: «التطورية بدعة قديمة في أوائل القرن العشرين» [٢٦] .

رابعاً: ظاهرة المعاناة من غياب المعنى ليكشف هشاشة أصول التشريع

الوضعي وغاياته؛ فالغاية والمعنى التي تفتقر إليها الحياة في المجال الأوروبي

تحولت بشكل واضح إلى معضلة فلسفية يحاول العقل الأوروبي معالجتها؛ فالإنسان

يعاني: «أزمة رئيسية تتمثل في شعوره بالحاجة الماسة إلى قيم تعطي حياته

مفهوماً ومعنى» [٢٧] ولم تكن المذهبيات الوضعية لتقدم هذا المعنى؛ فما الذي

يقدمه؟ «مما لا شك فيه أن المنبع الوحيد الذي يستطيع أن يستمد منه قيمه إنما هو

الإيمان الديني بأوسع معانيه» [٢٨] لكن ألا تقدم فضائل السلوك الاجتماعية هذا

المعنى؟ كالكفاح دفاعاً عن العدل الاجتماعي والمساواة؛ يجيب (سترومبرج) عن

ذلك بالنفي؛ لأن: «الأسئلة اللحوحة لا تزال تطالعنا قائلة: الحرية من أجل

ماذا؟ ومستوى عال من المعيشة من أجل أية غاية؟ وهل يمكن للحرية والمساواة

والديموقراطية أن تكون غايات في ذاتها، أم أنها وسائل توفر للإنسان المقدرة على

بلوغ بعض أهداف الحياة وقيمها؟ وإذا كانت الحال هي هذه أفلا يفضي بنا عندئذ

تجسيد الحرية والمساواة والديموقراطية بدون بلوغ أهداف الحياة وقيمها إلى مادية

خسيسة تبني مجتمعاً موفور الثراء واسع الرخاء لكنه يكون مع ذلك مجتمعاً سوقياً

وصحراء روحية من ضواحٍ نشهدها اليوم في الولايات المتحدة الأمريكية» [٢٩] .

وقد ظهرت تيارات في حقول معرفية غربية عديدة تقوم على استكشاف

الحضارات الأخرى ليس في تراث المسلمين فحسب بل حتى في الحضارات

البدائية، ووسع ذلك بحوث الأنثرولوجيا بحثاً عن المعنى واستكشافاً لمكمن الخلل

في الحضارة الغربية، كتب البروفيسور (إلياد) يقول: «إن الحضارة الغربية

ولا سيما ثقافتها ستكون مهددة بالعقم والتدهور إذا احتقرت أو أهملت الحوار مع

الحضارات الأخرى.. وأن هذه المواجهة بيننا وبين تلك الشعوب ستساعدنا على

فهم أنفسنا.. إن بعض التطورات الحديثة التي طرأت على الفكر الغربي قد أعدت

الغرب للقيام بهذه المهمة» [٣٠] ، ويتحدث (ترومبرج) عن احتمال دخول

الحضارة الغربية من خلال حوارها مع الحضارات في عالم من التوفيق بين

المعتقدات، وأن مثل ذلك الحوار: «قد يسفر عن اكتشاف الغرب لجوهر شخصيته

وتحديد معالم هذا الجوهر تحديداً دقيقاً؛ فهذا الحوار قد يوقظ الحضارة الغربية من

غفوتها، وينقذها من شكيتها المنهكة» [٣١] .

وقد أدت تلك التوترات إلى انبعاث ظواهر ثقافية قد تبدو غريبة على روح

الحضارة واتجاهها، ومن أهم تلك الظواهر حركات الإحياء الديني، «والحق أن

كلتا الحربين العالميتين قد أنعشتا الاهتمام بالدين.. ولا خلاف على أن الصحوة

الدينية هذه لتمثل حركة على أعلى درجة من الأهمية والمغزى» [٣٢] ، بل «إن

الإنسان لم يشعر أبداً طوال تاريخه بحاجته إلى الدين شعوره بها اليوم» [٣٣] ،

وكان ذلك من عوامل انبعاث الأصولية الإنجيلية لتملأ الفراغ الروحي الذي أوجدته

الديانة الوضعية.

وإذا قارنا هذه التطورات بما نزع إليه مفكرو عصر النهضة من آمال التحول

إلى الفصل الشامل بين الدين والعلمانية، والتحول إلى نوع من البروتستانتية في

الثقافة العربية تؤسس الأخلاق والتشريع وضعياً، أو كما عبر أنطون فرح بأن:

«لا تستمد الشرائع السليمة إلا من العلوم الإنسانية الصحيحة» [٣٤] ، يتبين لنا

كم كانت المسافة بين المقدرة النقدية العربية وبين المقدرة النقدية في المجال

الأوروبي نفسه بل سنستنتج أن الروح النقدية الحقيقية في التعامل مع معطيات

النهضة الغربية لم تتقدم إلا مع الإسلاميين التجديديين وعلى رأسهم زعماء

الإصلاح الإسلامي في أقطار مختلفة، وقد استكمل جهودهم وأصلح عوجها من

جاء بعدهم وحررها مما وقعت فيه من تأويل وتنازل تحت ضغط التيارات

الجذرية كعلمانية نصارى الشام ومقلديهم كلطفي السيد وطه حسين وغيرهما، وقد

امتد تراث التجديد واستلهام النماذج الحديثة بعد إخضاعها لأصول الوحي وصالح

قيم المجتمع مع كتابات المصلحين والباحثين الإسلاميين وغيرهم ممن تأثر

بمناهجهم، وكتبوا مؤلفاتهم في وضع أسس التفاعل مع الحضارة المعاصرة تنظيراً

وتطبيقاً، وعرض أصول النظم الإسلامية في مجالات الحضارة ونقدها والمجتمع

والاقتصاد والسياسة والقانون والتربية والعلوم الاجتماعية، وتحول بعضها

إلى واقع الممارسة كالمصرفية الإسلامية، ومنهجية نقد فلسفة العلوم المعاصرة،

ونقد أصول التشريع الوضعي وتطبيقاته المخالفة لأصول الشريعة، وأصول صياغة

النظم والقوانين من الشريعة، وسأتناول ما يتصل بالمجال التشريعي في الحلقة

القادمة بإذن الله تعالى.

والله الموفق.


(*) قاض سابق، ومستشار شرعي حالياً
(١) دراسات في تاريخ العرب، مرجع سابق، ص ٤٤٨.
(٢) أصول المسألة المصرية، صبحي وحيدة، القاهرة مطبعة مصر، ١٩٥٠م، ص ٢١٩.
(٣) البشري، ص ٢٨٨، وأحال إلى: اغتراب النخبة الثقافية العربية، أنس مصطفى كامل.
(٤) الخلفية الفكرية والتشريعية والاجتماعية لاستبعاد تطبيق الشريعة، محمد كمال إمام، بحث منشور في مجلة المسلم المعاصر، عدد ٥٨، ص ٦٧.
(٥) الخلفية الفكرية، مرجع سابق، ص ٦٨.
(٦) الفكر العربي في عصر النهضة، ألبرت حوراني، ص ٢٥٦.
(٧) أسس التقدم عند مفكري الإسلام، فهمي جدعان، دار الشروق للنشر، عمان، ١٩٨٨م،
ص ٢٠٠- ٢٠١.
(٨) تاريخ الفكر العربي، ص ٢٦٠.
(٩) رسالة التوحيد، محمد عبده، ص ١٢٩.
(١٠) تاريخ الفكر العربي، ص ٢٦٤.
(١١) المرجع السابق، ص ١٤٦.
(١٢) أسس التقدم، ص ٣٤٦.
(١٣) مستقبل الثقافة ١/٦٣.
(١٤) المرجع السابق، ١/ ٤١ ٤٢.
(١٥) انظر: مثلاً زغل العلم، للذهبي ينتقد فيه أرباب العلوم الشرعية نقداً مجملاً، وفي مؤلفات الجويني وابن عبد السلام، وابن تيمية، وابن القيم، والشاطبي جهود نقدية ضخمة للأداء الفقهي والقضائي وفي السياسة الشرعية، يستخلص من مجملها منهاج إصلاحي ضخم لم يقدر له التفعيل إلا في العصر الحديث، ولم يستكمل استكشافه، وإن بلغ مراحل متقدمة.
(١٦) تاريخ الفكر العربي، ص ٩٢.
(١٧) تاريخ الفكر الأوروبي الحديث، رونالد سترومبرج، تعريب أحمد الشيباني، ط دار القارئ، ١٤١٥هـ، ص ٥٦٠.
(١٨) المرجع السابق، ص ٦٠٥- ٦٠٦.
(١٩) تاريخ الفكر العربي، ص ٣٥٢.
(٢٠) تاريخ الفكر الأوروبي، ص ٦٠٣.
(٢١) المرجع السابق، ص ٦٠٢ ٦٠٣.
(٢٢) المرجع السابق، ص ٥٦٥ ٥٦٦.
(٢٣) المرجع السابق، ص ٥٦٠ ٥٦١.
(٢٤) المرجع السابق، ص ٦٠٧.
(٢٥) المرجع السابق، ص ٦٢٢.
(٢٦) موسوعة العلوم الاجتماعية، ميشيل مان، تعريب عادل مختار الهواري وزميله، ط مكتبة الفلاح، بيروت، ١٤١٤هـ، ص ٢٤١.
(٢٧) تاريخ الفكر الأوروبي، ص ٦٥٢.
(٢٨) المرجع السابق والصفحة نفسها.
(٢٩) تاريخ الفكر الأوروبي ٦٥٢- ٦٥٣، وقد ظل فقدان المعنى هاجساً فلسفياً يحيط بروح الحضارة الغربية حيث تجد أثره فيما لا يحصى من منجزاتها ونظمها؛ انظر مثلاً في قطاع الأعمال
وهو ما يبدو أبعد النظم عن المجال الديني فقد تقدمت فيه البحوث الداعية إلى تسوية معضلة غياب المعنى والغاية السامية؛ فستيفن كوفي أحد أشهر الكتاب المعاصرين يعالج بوضوح هذه المشكلة وأثرها على الأداء الإداري والإبداعي ويصرح باستمداد المعنى من الدين، فيقول: «نجد أن هذه المبادئ تنبع من الدين» إدارة الأولويات ٧١، ويحاول أن يقدم لها معنى شمولياً يستوعب الحضارات الأخرى.
(٣٠) المرجع السابق، ص ٦٦١.
(٣١) المرجع السابق، ص ٦٦٢.
(٣٢) تاريخ الفكر الأوروبي، ص ٦٥٣.
(٣٣) المرجع السابق، ص ٦٥٨.
(٣٤) الفكر العربي في عصر النهضة، ألبرت حوراني، ص ٢٥٦.