للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ملفات

حقوق الإنسان بين الحق والباطل

[حقوق الإنسان في المنظور الغربي]

علاء الدين صبحي [*]

مدخل:

يظل ملف حقوق الإنسان في معظم دول العالم منتقَداً بصورة مستمرة من قِبلَ

المنظمات والجماعات التي أناطت نفسها بمهمة الدفاع عن حقوق الإنسان. إلا أنه

من اللافت للنظر أن ملف حقوق الإنسان في دول العالم الإسلامي يبقى دوماً الأكثر

عرضة للانتقاد اللاذع من قِبَل هذه المنظمات والجماعات.

المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان:

إن احترام حقوق الإنسان وصيانتها واجب على كل ذي ضمير؛ فدونها

يصبح الإنسان غير آمن على نفسه. لكن يجب أن يتفق الجميع أولاً على ما هو

المقصود بمفهوم حقوق الإنسان؟ ومن ثم العمل على حمايتها وصيانتها.

وقبل أن نبحث موضوع حقوق الإنسان بصورة وافية لا بد أولاً من التعرف

على المنظمات العاملة في هذا المجال، وما تستند عليه في عملها.

على الرغم من وجود بعض المنظمات والجماعات العاملة في مجال حقوق

الإنسان منطلقة من بلدان العالم الإسلامي أو تعمل برؤية إسلامية؛ إلا أننا نجد أن

أثرها غير كبير ولا فاعل على المستوى الدولي، وتبقى المنظمات الغربية العاملة

في هذا المجال الأكثر انتشاراً والأوفر تمويلاً.

وبينما تتعدد هذه المنظمات في الغرب إلا أن أكبر منظمتين هما: (منظمة

العفو الدولية) ومقرها في لندن ولديها فروع في عدد من دول العالم، و (منظمة

مراقبة حقوق الإنسان) الأمريكية المنشأ والمقر.

وتقوم هذه المنظمات بنشر البحوث التي تجريها على مستوى دولي، وتنجح

في معظم الأحيان في استمالة الرأي العام في مختلف دول العالم إلى جانبها، وتقوم

بتعبئة الرأي العام في كل دولة للضغط على حكوماتهم للإصغاء لما تراه هذه

المنظمات انتهاكاً لحقوق الإنسان. وقد أشار استطلاع للرأي أجري مؤخراً إلى أن

عامة مواطني الدول الغربية يثقون بالمنظمات غير الحكومية - ومن ضمنها

منظمات حقوق الإنسان - أكثر مما يثقون بحكوماتهم.

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:

وعلى الرغم من ترديد منظمات حقوق الإنسان المستمر لاحترامها للعقائد

والأديان المختلفة وأنها محايدة تماماً دينياً وسياسياً، إلا أننا نجد أن المنظور الذي

تتخذه هذه المنظمات الحقوقية هو علماني غربي بحت لا يضع أي اعتبار لأي

عقيدة أو دين أو منظور آخر ولا يقبله. وتبني هذه المنظمات عملها على القوانين

الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

اعتمد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من (كانون الأول) ديسمبر

عام ١٩٤٨م في وقت كانت فيه معظم دول العالم مسلوبة الإرادة وترزح تحت وطأة

الاستعمار الغربي. ونجد أن عدد الدول التي كانت تتمتع بعضوية الأمم المتحدة

حينذاك هو فقط (٥٨) دولة من أصل (١٨٩) دولة التي تشكل عضوية الأمم

المتحدة اليوم، كما أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أتى في وقت كانت فيه الدول

الغربية التي عملت على صياغة هذا الإعلان وإعداده تقوم بأعمال وممارسات في

مستعمراتها منافية تماماً لمواد الإعلان نفسه.

وإن كانت معظم مواد الإعلان العالمي يقبلها العقل؛ إلا أن بعض مواد

الإعلان أو تأويلها حسب ما تشتهيه المنظمات الحقوقية لا يتوافق مع العقيدة

الإسلامية.

ومن أبرز هذه المواد: (المادة الثامنة عشرة) المثيرة للجدل في أوساط العالم

الإسلامي، حيث إنها تقول: «لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدين،

ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده، وحريته في إظهار دينه أو

معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ

أو على حدة» .

ومعنى نص هذه المادة واضح وهو أن أي شخص يمكنه تغيير دينه، وهو

الأمر الذي يتعارض مع الدين الإسلامي، وإضافة إلى ذلك فإن جميع الجماعات

التي تؤمن بمعتقدات شاذة في العالم مثل عبدة الشيطان وغيرهم يمكنهم ممارسة

أنشطتهم وعباداتهم الشاذة أمام الملأ دون أن يلاحَقوا قضائياً.

والسبب في وجود مثل هذه المواد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو كما

أسلفنا أنه في أغلبه صنيع الدول الغربية التي كانت تهيمن على الأمم المتحدة حين

صدور هذا الإعلان؛ ومن ثم فإن الإعلان يستند على المنظور الغربي في معظم

مواده، وإن كانت معظم دول العالم اليوم قد وقعت على قبوله أساساً لحماية حقوق

الإنسان في مختلف أنحاء العالم، إلا أن غالبيتها لم تتح لها الفرصة للمشاركة في

إعداده وصياغته، وهو ما يطرح التساؤل عن مدى مصداقيته وفاعليته!

الخلاف بين الإسلام والغرب على منظور حقوق الإنسان:

إن الإسلام دين طهارة وصفاء، وتدعو أحكامه إلى الطهر والعمل على تزكية

النفس من كل الأحقاد والشرور، ويلزم الإسلام جميع المسلمين باحترام حقوق

الإنسان في العيش الكريم والحرية والعمل على إرساء هذا المفهوم أينما ذهبوا.

وفي نفس الوقت نجد أن الغرب قنن تحت مسمى حقوق الإنسان، للعديد من

الممارسات والمفاهيم الهادمة للأخلاق والمجتمع.

اتجه العالم الغربي في السنوات الماضية إلى ضمان الحق لمن أراد ممارسة

الشذوذ الجنسي، بل وساوى بين الشواذ جنسياً والمثليين وبين الأسرة الطبيعية

المكونة من رجل وزوجة في الحقوق، وأعطى القانون هؤلاء المثليين الحق في

تبني الأطفال. إن المؤلم في الأمر أن كل من يوجه أي انتقاد لهذه الجماعات الشاذة

يعتبر معادياً للمثلية (Homophobic) ويصبح عرضة للملاحقة القانونية.

وتكاثرت الجماعات ذات المعتقدات الشاذة المبنية على السحر والشعوذة

وإباحية الجنس؛ والمدهش أن كل هذه الجماعات الشاذة تحظى بالقبول في الدول

الغربية والدول المقلدة لها، ويسمح لهم بممارسة معتقداتهم بحرية تامة.

وبطبيعة الحال ينظر الغرب لمحاسبة مثل هذه الجماعات أو التعرض لها

قانونياً في دول أخرى على أنه انتهاك لحقوقهم. ويعتبر أفراد هذه الجماعات سجناء

أي إذا ما اعتقلوا أو تم سجنهم؛ كما أن رفض المجتمع المسلم لمثل هذه الممارسات

ومحاربته لها يعتبر في نظر الغرب انتهاكاً للحريات الأساسية والقانون والمعاهدات

الدولية.

الحدود والقصاص:

تنظر منظمات حقوق الإنسان الغربية إلى عقوبة الإعدام على أنها حرمان

الإنسان من حقه في الحياة مستندة في ذلك إلى المادة الثالثة من الإعلان العالمي

لحقوق الإنسان، كما تعتبر هذه المنظمات عقوبة الإعدام عنفاً مقنناً تمارسه الدولة

المطبقة لهذه العقوبة ضد مواطنيها.

ولا تستثني هذه المنظمات أي تطبيق لعقوبة الإعدام حتى وإن كان المحكوم

عليه قاتل معترف بجرمه.

وإن كانت المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص على أن

«لكل فرد حقاً في الحياة والحرية وفي الأمان على شخصه» فإن تأويل هذه المادة

ليصبح لصالح القتلة يعني إنكار نصها على القتيل الذي سلبه القاتل حقه في الحياة

والأمان على شخصه.

لم يرفض الإسلام العفو عمن ارتكب جريمة قتل، بل أوجد الدية والعفو من

قِبَل أسرة القتيل، إلا أنه كذلك حفظ حق الضحية بالقانون فأمر بالقصاص من القاتل.

إن إنكار مثل هذا الحق بالنسبة للضحية يكون موالاة للقتلة وإهداراً لدم الضحايا.

ويعتبر العالم الغربي ومنظماته الحدود الإسلامية من جَلْد، وقطع ليد السارق

نوعاً من التعذيب المهين والحط من كرامة الإنسان.

ويستند الغرب في ذلك إلى المادة الخامسة عشرة من الإعلان العالمي لحقوق

الإنسان التي تنص على أنه «لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة

القاسية أو اللا إنسانية أو الحاطة للكرامة» .

وعلى الرغم من كل هذه الانتقادات للأحكام والحدود الإسلامية لا ترى

المنظمات الحقوقية الغربية نفسها منتقدة للشرع الإسلامي وإن كانت تردد في كل

محفل احترامها للأديان والعقائد، إلا أنها من جهة أخرى توجه أبلغ الإهانات

بصورة غير مباشرة.

كما أن النقطة الهامة هي مدى حياد هذه المنظمات دينياً وسياسياً كما تردد؛

حيث إن العمل المكثف الذي تقوم به هذه المنظمات والذي ينتقد باستمرار أوضاع

حقوق الإنسان في العالم الإسلامي؛ بينما تنتقد الدول الغربية بحياء، يشكك كل ذي

عقل بمصداقيتها. كما أن تقارير هذه المنظمات الدورية تكاد تخلو من الانتقادات

للدول الغربية على الرغم من تفشي العنصرية والمعاملة السيئة للأقليات الموجودة

في هذه الدول.

حقوق المرأة:

إن قضية حقوق المرأة تظل واحدة من أكثر القضايا أهمية في العالم أجمع.

وعلى الرغم من قلة عمل المنظمات الحقوقية الغربية في شأن حقوق المرأة،

إلا أننا نجد أن المرأة فيما يسمى بدول العالم الثالث والمرأة المسلمة دائماً توصف

على أنها مهضومة الحقوق وتعاني من تمييز منظم ومستمر من قِبَل مجتمعاتها،

وتصور على أنها ضحية التقاليد التي يمارسها ضدها مجتمعها الذي تعيش فيه.

وإضافة إلى ذلك ينظر للمرأة المسلمة على أنها تلك التي تعيش في عصور

سحيقة وتلزم بارتداء لباس معين (ويقصد بذلك الحجاب الشرعي) ، وغير مسموح

لها بالتحرك ومغادرة منزلها.

إن تصوير أوضاع المرأة المسلمة على هذا النحو لا يمكن أن يمر على إنسان

مسلم أو غير مسلم إذا عاش في إحدى الدول الإسلامية؛ حيث إن الاحترام الذي

تلاقيه المرأة، مسلمة كانت أو غير مسلمة، في العالم الإسلامي لا يتوفر لأي امرأة

أخرى في العالم أجمع.

ونجد أن الإسلام كفل للمرأة حقوقاً غير موجودة في أي عقيدة أو ديانة أو أي

قانون وضعي.

ومن الغباء أن يعتقد أي شخص أن احتشام المرأة انتهاك لحقها. إن المرأة

المسلمة مطلوب منها أكبر دور في المجتمع المسلم ألا وهو بناء أسرتها وتأسيسها

على التقوى ومخافة الله، وهي تتمتع بالعديد من الميزات التي لا تجدها نظيراتها

في العالم. ومن بين هذه الميزات ضمان الحماية لها من قِبَل أفراد أسرتها ومجتمعها،

وتجد المرأة في المجتمع المسلم في رفقة الرجل من محارمها عزة لا تجدها النساء

الأخريات غير المسلمات.

أما إذا كان القصد بحريات المرأة التي تدعو لها المنظمات الحقوقية والغرب

هو ما ابتليت به المرأة في المجتمع المادي من إباحية واستهتار بالقيم، فسنجد أن

المرأة المسلمة قبل رفض مجتمعها رافضة لهذه الحريات المزيفة.

إن الانحلال والانهيار الأخلاقي الذي تشهده المجتمعات المادية والغربية أصبح

واضحاً للعين المجردة، وقد نشأ في السنوات الأخيرة كثير من الأطفال الذين لا

يعرفون آباءهم بسبب اختلاط الأنساب وتفشي الفاحشة في أوساط المجتمعات

الغربية والمادية.

كما أن نسبة العنف المنزلي والجريمة ضد المرأة في تزايد مستمر،

وأصبحت حالات الانتحار في الغرب مصدر قلق للمجتمعات هناك، ونجد أن نسب

حالات الانتحار تزداد كلما ازدادت نسبة الإباحية والانحلال الأخلاقي.

أصبحت المرأة في المجتمع الغربي والمادي سلعة تباع وتشترى، وقد نشطت

مؤخراً العصابات المنظمة التي تقوم بجلب النساء من دول مختلفة في العالم، ولا

سيما دول أوروبا الشرقية، وإجبارهن على ممارسة الدعارة وغيرها من الفواحش،

ونادراً ما نسمع أي انتقاد يوجه من قِبَل المنظمات الحقوقية الغربية لمثل هذا النوع

من الاستعباد أو للدول التي يقع في أراضيها مثل هذا الانتهاك الصريح لحقوق

النساء والإنسانية.

المادتان (٢٩) و (٣٠) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:

على الرغم من وجود عدد من المواد المتضاربة مع القيم والمبادئ الإسلامية

في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتي تعرضنا لها في موقع سابق في هذا

الموضوع، إلا أنه من الهام جداً التعرض للمادتين (٢٩) و (٣٠) من الإعلان.

تقول الفقرة الأولى من المادة (٢٩) من الإعلان: «على كل فرد واجبات

إزاء الجماعة التي فيها وحدها يمكن أن تنمو شخصيته النمو الحر الكامل» .

كما أن الفقرة الثانية من نفس المادة تقول: «لا يخضع أي فرد في ممارسة

حقوقه وحرياته إلا للقيود التي يقررها القانون مستهدفاً منها، حصراً، ضمان

الاعتراف الواجب بحقوق وحريات الآخرين واحترامها، والوفاء بالعادل من

مقتضيات الفضيلة والنظام العام، ورفاه الجميع في مجتمع ديمقراطي» .

ونص هذه المادة يعني أن كل شخص يتوجب عليه احترام حقوق الآخرين

وحرياتهم، والالتزام بالفضيلة والنظام العام. إلا أن الدول التي تحارب أي نوع من

الممارسات غير الأخلاقية والمنافية للفضيلة والقيم بالنسبة لمجتمعاتها تصبح مدانة

بانتهاك حقوق الإنسان بالمنظور الغربي.

إن هذه المادة تمنح الحق للدول في سن القوانين على حسب حاجة مجتمعاتها،

ولا بد للآخرين من احترام خيار كل مجتمع أو دولة حتى إذا اختلفت نظرة تلك

المجتمعات والدول للقيم عن المجتمعات والدول الأخرى في العالم.

وبناء على ذلك فإن على العالم أن يحترم خيار المجتمعات والدول الإسلامية

في حفاظها على الفضيلة وطهارة المجتمع باختيارها المنهج والشرع الإسلامي قانوناً

لها يحكم حياتها.

من ناحية أخرى تنص المادة (٣٠) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على

أنه «ليس في هذا الإعلان أي نص يجوز تأويله على نحو يفيد انطواءه على

تخويل أية دولة أو جماعة، أو أي فرد، أي حق في القيام بأي نشاط أو بأي فعل

يهدف إلى هدم أي من الحقوق والحريات المنصوص عليها فيه» .

إذن مطلوب من المنظمات الحقوقية عدم تأويل نصوص الإعلان لاستخدامها

ضد الدول والمجتعمات الإسلامية التي تعتبرها هذه المنظمات مخالفة للقوانين

الدولية ومنتهكة لحقوق الإنسان لا لشيء إلا لأنها انتهجت نهجاً إسلامياً.

خاتمة:

على المسلمين أن يعوا خطورة الادعاءات التي تثار حول مسألة حقوق

الإنسان، وإن كان الجميع يتفقون على أن الإنسان لا بد أن تصان كرامته وحقوقه

في الحياة والعيش الكريم؛ فإنه يتوجب علينا التمييز بين حقوق الإنسان والدعوة

إلى الانحلال والتفسخ الأخلاقي في المجتمع.

إن القوانين تسن في كل دولة حسب حاجة المجتمعات الموجودة بها لما يضمن

استقرارهم وأمنهم، ويعلم المسلمون جيداً أنه لا يوجد أي قانون وضعي في العالم

أجمع يسلم من الثغرات والأخطاء، وأكبر دليل على ذلك هو التعديلات المستمرة

التي تطرأ على القوانين الوضعية.

ويجد المسلمون في الاحتكام إلى كتاب الله - عز وجل - السبيل الوحيد

لضمان قوانين عادلة وشاملة لمجتمعاتهم تضمن حق المسلم وغير المسلم.

كما يجب على المسلمين تفحُّص الخطاب المغلف الذي توجهه الجماعات

الحقوقية في الغرب، والتي من ناحية تصر على ضرورة احترام الأديان والمذاهب

وكفالة حرية الممارسة لها، وإن كانت تنفي عن نفسها أي انتماء ديني، ومن ناحية

أخرى تنتقد أحكاماً وحدوداً في صميم العقيدة الإسلامية.

فالعالم الإسلامي يرى أن حقوق الإنسان تصان عندما يحترم الإنسان وأسرته

ومجتمعه ودينه وعقيدته بالإضافة إلى توفير كل السبل للحياة الكريمة والآمنة له،

وليس بفرض القوانين الناشئة المدمرة للأخلاق والفضائل والمجتمع.

ولا بد من الانتباه إلى أن قضية حقوق الإنسان أصبحت ضرورية في الغرب

تستخدم لإخضاع الدول سياسياً إلى جانب الغرب، ويلي إدانة الدول بانتهاكات

حقوق الإنسان فرض حصارات اقتصادية وعسكرية وسياسية وعلمية، وتستمد

الشرعية لذلك بقرارات تصدر عن المؤسسات والهيئات الدولية.

ويبقى من المهم أيضاً أن يجمع المسلمون كلمتهم للعمل بشكل علمي مدروس

من أجل تعبئة الرأي العام الإسلامي والرأي العام الدولي الذي يحتكم إلى العقل

للضغط من أجل ضمان أن القوانين الدولية الموجودة حالياً وتلك التي تسن من جيل

إلى آخر، لا تتضارب مع الأحكام والشريعة الإسلامية، كما أنه لا بد من ضمان

حق الدول الإسلامية في التحفظ على كل ما هو منافٍ للشرع الإسلامي إذا ما

أجيزت هذه القوانين بغالبية الدول الأعضاء في المنظمات الدولية، وأن يكون هذا

التحفظ ضماناً بعدم إلزام الدول الإسلامية بتطبيق المواد والقوانين المخالفة للشرع

الإسلامي.

كما أنه لا بد أن يعمل المسلمون من أجل ضمان أن لا تكون قضية حقوق

الإنسان سبباً في التدخل في شؤون بلادهم، وما يتبع ذلك من فرض لشتى أنواع

الحصارات والعقوبات.

ويجب أن يعمل المسلمون على تكوين منظمات إسلامية لحقوق الإنسان تعمل

بأسلوب علمي تقوم برصد ما يقع من انتهاكات لحقوق الإنسان في العالم من منظور

إسلامي بالإضافة إلى مساندة الأقليات المسلمة التي تعاني من انتهاكات لحقوقها في

أي بقعة من بقاع الأرض، وبذل الجهود لكي تحتل هذه المنظمات الإسلامية مكانة

في مواقع صناعة القرار الدولي كما هو الحال الآن بالنسبة للمنظمات الغربية.


(*) صحفي سوداني مقيم في بريطانيا.