للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ملفات

حقوق الإنسان بين الحق والباطل

[الحركات الإسلامية وحقوق الإنسان]

أحمد فهمي

نستطيع القول إن أهم إشكاليات العمل الإسلامي في السنوات الأخيرة هو ما

يمكن تسميته بظاهرة: هلامية الثوابت، وقابليتها للتشكل وفق متغيرات الواقع

ومستجدات الأحداث.

ويأتي الالتزام بالتأصيل الشرعي الدقيق لعمل الحركة الإسلامية وخطابها

الدعوي والسياسي على رأس قائمة الثوابت التي تعرضت للهلامية.

وإلى حد كبير يمكن إرجاع التباين في مواقف الحركات الإسلامية من قضية

مثل: حقوق الإنسان إلى منهجهم في التأصيل الشرعي للعمل الإسلامي، ومدى

التقيد به.

والأزمة تتضح باكتشاف أن التأصيل الشرعي بات شكلياً في أحيان كثيرة،

ولم يعد الفاعل الأساس في بلورة موقف ثلة من التيارات الإسلامية من مفردات

الواقع.

هذا الضعف في دور التأصيل الشرعي - أو بعبارة أخرى الاحتكام لعموميات

الشرع واعتبار المقاصد مع إهمال النظر في الأدلة الثابتة - يؤول في معظمه إلى

حالة الاهتزاز الفكري والنفسي التي طالت العديد من رموز الفكر والعمل الإسلامي،

جرّاء تزايد الهوة الفاصلة بين ثوابت الإسلام ومقتضيات الشرع كما تعرضها

بوضوح نصوص الكتاب والسنة، وبين متغيرات الواقع العلماني، وإفرازاته

المتلاحقة على المستويين المحلي والعالمي. لقد أصيب الكثيرون بالارتهان الفكري

للغرب، والذي يعبر عنه علماني عربي بقوله: «منذ زمن طويل ظل الغرب هو

الحاكي وعالمنا يصدر الصدى، الغرب يفعل الأشياء وعالمنا ينفعل بها، الغرب

يضع الآلة والأفكار وأنماط السلوك ويصدرها جميعاً، وعالمنا يستوردها للاستهلاك.

إذن فالغرب يرتب الدنيا برؤاه، وعالمنا يترتب وفق مقتضيات تلك الرؤى،

وبعبارة واحدة: الغرب يطلق التحدي وراء التحدي، وعالمنا يلهث ليستجيب» [١] .

وإن كانت تلك الشكوى علمانية، فلنا أن نعجب حينما نجد في الطرف المقابل

أصحاب الدين الخاتم - المؤهل وحده لمقارعة زيف الحضارة الغربية، وإثبات

إخفاقها، وكشف أوهامها - ينزلق طائفة غير محدودة منهم ليصابوا بهذا الارتهان

المخزي لمنتجات الغرب الفكرية والسياسية والاجتماعية، والذي إن تمثلت بوادره

في تناول قضايا مثل تحرير المرأة والديمقراطية، فلن تكون نهايته قضية الإرث

الحضاري وتماثيل بوذا في أفغانستان.

وتأتي قضية حقوق الإنسان في مقدمة القضايا التي حاكها الغرب، وكان على

عالمنا أن يستجيب ويرجع الصدى، وعادة ما يتبدَّى نمط الاستجابات في انقسام

الرأي العام الإسلامي إلى ثلاث شرائح: التأييد المطلق، الرفض المطلق، شريحة

التوفيقيين الذين يريدون أن يفسحوا لبعض المفاهيم الغربية مكاناً في النسيج الثقافي

الإسلامي بدعوى عدم تعارضها مع الإسلام.

[الحركات الإسلامية وحقوق الإنسان]

على مستوى التيارات الإسلامية نستطيع استبعاد شريحة التأييد المطلق، فلا

يمكن تصور حركة تقبل نتاج الغرب بعُجَره وبُجَره ثم تدَّعي كونها إسلامية بل

وتنتمي إلى فصائل الصحوة.

وبذلك يتوزع الإسلاميون بالنسبة لموقفهم من حقوق الإنسان إلى اتجاهين عامين:

اتجاه الرفض، واتجاه التوفيق.

اتجاه الرفض:

وباعتبار الاتجاهات العامة لمناهج التغييز المطروحة: الاتجاه العلمي السلفي،

واتجاه العمل السياسي، واتجاه العمل الجهادي، نقول: إن اتجاه الرفض يتمثل

غالباً في الاتجاه العلمي السلفي، وهذا أمر بديهي ناتج من اعتماد منهج شرعي

واضح في الحكم على المستجدات، كما أن هذا الاتجاه بطبيعته بعيد إلى حد ما عن

ضغوط المواجهة السياسية أو العسكرية مع أي من الأنظمة القائمة، وهو ما يحفظ

له رؤيته الشرعية ثابتة، مع مراعاة تفاوت الرؤى والاجتهادات.

أما اتجاه العمل الجهادي، وإن كان يصنف من مجمله ضمن اتجاه الرفض،

إلا أن ظروف المواجهة الناتجة عن طبيعته ومنهجه في التغيير، تُحوج رموزه

وأتباعه إلى الاحتجاج بحقوق الإنسان لدفع أو تخفيف آثار التعذيب والاعتقال

ونحوها، خاصة أولئك المقيمين أو اللاجئين في الدول الغربية، بيد أن الاتكاء على

بعض حقوق الإنسان في هذا المجال قد يترتب عليه مع الاستمرار والتراكم أن

تتحول إلى ثابت يصعب تجاوزه أو الخروج عليه خاصة في الخطاب العام،

وفي الواقع يُعتبر هذا الباب (استخدام حقوق الإنسان في مواجهة قضايا

التعذيب والاعتقال) مدخلاً هاماً لترويج وتسريب مفاهيم حقوق الإنسان وإكسابها

القبول لدى الإسلاميين، وهو ما يدعو إلى الانتباه لدفع خطر هذا التسرب، وسيأتي

الكلام عليه بتفصيل أكثر إن شاء الله.

ويمكن أن يدرج في قائمة الرافضين بعض الاتجاهات والرموز التي ترفض

في العموم مفاهيم حقوق الإنسان، وإن كانت تستخدم في أدبياتها وكتاباتها هذا

المصطلح في سياق الدلالة على سبق الإسلام في طرحه وبسطه بما لا يدع مجالاً

لتفوق الغرب فيه، ومن أمثلة هؤلاء: الشيخ أبو الأعلى المودودي، وكتابه:

حقوق الإنسان في الإسلام.

ونحن نرفض هذا الأسلوب في تناول القضية؛ لأننا لا نحتاج أن نعيد ترتيب

أحكامنا الشرعية ومبادئنا الإسلامية وفق سياقات غربية، حتى إن اقتصرت على

استخدام المصطلح، أو الشكل دون المضمون، فلا فائدة ترجى من ذلك - والله

أعلم - لأن المسلم يكفيه دينه، أما الغربي فما نبرزه نحن على أنه حق، قد ينظر

إليه هو على أنه سلب لحق، كما في الحقوق المتعلقة بحرية الدين، والمساواة بين

الرجل والمرأة، وغيرها، ولا شك أن هذا الاتجاه - الرفض - في عمومه يمثل

الموقف الصحيح الواجب اتخاذه في هذه القضية.

ويتضح ذلك بمعرفة أنه يصدر عن عدة مبادئ:

أولاً: التناول الشرعي الدقيق لبنود وفقرات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

الذي هو شرعة المنادين بها والداعين لها.

ثانياً: استغناء الإسلام بربانيته وكماله وتمامه عن نتاجات البشر وأطروحاتهم

الخائبة، وما أطرف ما قاله باحث إسلامي - تهكماً - في مناظرة حول حقوق

الإنسان من أنه لا يجد في بنود الإعلان العالمي ما يتوافق مع الإسلام إلا ما يتعلق

بالحق في تحديد ساعات العمل والأجور [٢] .

ثالثاً: الاعتقاد الجازم بأن هذه الشرعة المزخرفة إنما تمثل قمة هرم تنطوي

قاعدته المخفية على تآمر وخداع وأوهام.

شريعة التوفيقيين:

أو كما يحلو لهم التسمي والاتصاف بـ (الوسطية والاعتدال) . وينبني

المنهج التوفيقي لهذه الشريحة على عدة نقاط:

أولاً: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فيه من الخير ما فيه، وفيه كذلك من

الشر، فهو ليس خيراً محضاً أو شراً محضاً.

ثانياً: ما يتوافق من هذه المبادئ مع الإسلام ولو بصورة عامة فلا بأس به،

وحتى إن كان هذا التوافق لن يتحقق إلا بإضفاء فهم خاص لهذه المبادئ - لا

يرضاه واضعوها أصلاً - فلا بأس كذلك.

ثالثاً: استخدام هذه المبادئ وهذا الإعلان للضغط على الحكومات والأنظمة

نحو مزيد من الحرية خاصة في ممارسة العمل السياسي.

رابعاً: الحذر من الاتهام بالتطرف أو التشدد أو الإرهاب من أطراف داخلية

أو خارجية - بنسب متفاوتة - وسهولة التأثر بالضغط المتضمن لمثل هذه الاتهامات.

وهذه الشريحة بذاتها تنقسم إلى اتجاهات شتى تقترب في أحد طرفيها من

الرفض لمبادئ حقوق الإنسان بينما تدنو في الطرف الآخر من القبول التام بها،

ويغلب على هؤلاء الانتماء إلى: جماعات العمل السياسي، أو رموز الاتجاه

التنويري الذين لا يتبعون لجماعة معينة.

فبالنسبة لجماعات العمل السياسي يتفاوت منهجها التوفيقي فيما يتعلق بحقوق

الإنسان، وتمثل جماعة الإخوان المسلمين تيار الوسط في هذا التوجه، وإن كانت

التعقيدات الداخلية والخارجية التي تمر بها الجماعة خاصة في مصر فيما يتعلق

بكينونتها وتماسكها ونشاطها الدعوي والسياسي، تجعل هناك تعددية في الخطاب

يصعب معها تحديد موقف دقيق للجماعة، وإن كانت هذه التعددية تندرج بكاملها

داخل الاتجاه التوفيقي، سواء في هذه القضية أو في غيرها من القضايا المشابهة.

أما حزب جبهة العمل الإسلامي الأردني (الممثل للإخوان المسلمين)

المسلمين فقريب منه، حيث يقول أمينه العام د. إسحق الفرحان في بيان عن

الحزب الوليد وقتها إنه «سيلتزم في أدائه الاستراتيجي والتكتيكي بالثوابت الشرعية

الإسلامية، وبالدستور والقانون والميثاق الوطني، وبالوسائل الديمقراطية السلمية،

والحوار العقلاني» [٣] .

ويأتي في قاعدة هذا الاتجاه: الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر، خاصة

فيما يصدر عن رموزها السلفية مثل الشيخ علي بلحاج.

وعلى قمة الاتجاه التوفيقي يتربع الشيخ راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة

التونسي، ومعه الشيخ حسن الترابي والاتجاه الذي يتزعمه (الجبهة القومية سابقاً،

المؤتمر الشعبي حالياً) .

ونركز قليلاً على موقف الغنوشي وحزب النهضة لخطورته وقابليته للتطور،

والتي يتحدث عنها قائلاً: «وكان من مظاهر ذلك التطور، تحول النظرة إلى

النظام من مجرد نظرة عقائدية تركز على تكفيره، إلى نظرة اجتماعية عقائدية

شاملة تدين ديكتاتوريته وعمالته واستغرابه» [٤] ، وهذا الكلام يتعلق بفترة حكم

الحبيب بورقيبة الذي كفَّره علماء المسلمين.

ويذكر أيضاً من معالم التطور: «قبول الحركة منذ ١٩٧٨م الجلوس

جنباً إلى جنب مع أحزاب شيوعية وعلمانية والحوار معها من أجل دعم

الحريات» [٥] ، ويفتخر بتفرد حركته باتخاذها موقفاً «مدافعاً عن حق كل

الأطراف السياسية على اختلاف أيديولوجياتها في التعبير والتنظيم، حتى ولو كانوا

يمثلون النقيض العقائدي مثل الشيوعيين، بل تعلن الحركة استعدادها لاعتبار

حكمهم شرعياً إن اختارتهم أغلبية الشعب في استفتاء ديمقراطي» [٦] ، وفي

الطريق يعترف بمكانة المرأة وأنها «أصبحت ممثلة حتى في المؤسسات العليا

للحركة» [٧] .

أما ما يتعلق برموز الاتجاه التنويري، فرغم أننا لا ننكر جهود بعضهم في

خدمة الإسلام، ولا نطعن في نواياهم إلا أن الواقع يشهد بكونهم عاملاً أساسياً في

تشويه كثير من ثوابت الإسلام وتمييعها.

ونأخذ مثالاً واحداً منهم هو الأستاذ فهمي هويدي الذي يتضح من كتاباته مدى

تغلغل مفاهيم حقوق الإنسان في فكره فيما يتعلق بمجالات معينة؛ ففي سياق تعليقه

على اغتيال فرج فودة يرفض أقوال الرجل، ثم يقول: «لكن تلك الإدانة ينبغي ألا

تسقط من جانب أمرين: أنه إنسان له حقه في الحصانة، والكرامة، ثم إنه يمارس

حقاً مشروعاً في الاختلاف ينبغي أن نقر له به» [*] [٨] ، وفيما يتعلق بحرية

العلمانيين في تكوين حزب يدعو إلى الفصل بين الدين والسياسة يقول: «فعلى

الرغم من أننا نعارض هذا الرأي تماماً، إلا أننا نعتبره حقاً مشروعاً من الاختلاف

يتعين إفساح المجال له في ساحة التعبير والعمل السياسي، ونذهب في ذلك إلى أنه

ليس موقفاً ضد الدين في الأغلب» [٩] ، وعن حقوق الأقليات يقول: «فالمسيحي

الملتزم القابض على دينه نموذج مطلوب تماماً كالمسلم الملتزم، وشيوع ذلك

الالتزام الديني هو فرصتنا المنشودة لإشاعة المحبة والتراحم والدفاع عن مختلف

المثل العليا والقيم النبيلة التي بشرت بها الديانات السماوية» [١٠] .

مآخذ على التوفيقيين:

الذين يتبنون المنهج التوفيقي في التعامل مع مبادئ حقوق الإنسان يخطئون

من أوجه:

أولاً: تعاملهم السطحي مع تلك المبادئ دون النظر إلى الفلسفة والتصورات

التي انبعثت منها، وهذا الاجتثاث للمبادئ عن الفكر الذي أنبتها يجعلنا نتعامل مع

ألفاظ ومصطلحات مجردة مجهولة المقصد.

ثانياً: التصور الإسلامي الصحيح لا نحتاج معه إلى إعادة هيكلة أو قولبة أو

صياغة مفاهيم ومبادئ إسلامية بصورة تتناسب مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

أو تحاكيه.

ثالثاً: هذا التكلف الساذج لمحاكاة أو موافقة حقوق الإنسان لا يعود بأي فائدة

تذكر على الإسلام أو المسلمين في عالم الفكر أو الواقع، فمروِّجو الإعلان العالمي

ومؤيدوه لا يحتفون كثيراً بإثبات توافق أي دين أو تطابقه مع مبادئهم، اللهم إن كان

ذلك خطوة على طريق استبدال شرائع الدين بقوانين حقوق الإنسان، وعلى ذلك

تمثل جهود هؤلاء التوفيقيين خطوة للوراء في عالم الأفكار، بينما تدفع أنصار

حقوق الإنسان خطوة للإمام في عالم الواقع.

رابعاً: في حين يبدي التوفيقيون استعداداً - متفاوتاً - للعبث في مقررات

وثوابت إسلامية للتقريب بين الإسلام وحقوق الإنسان، لا يبدي دعاة الحقوق تجاوباً

مماثلاً للعبث بمبادئهم وثوابتهم.

خامساً: هذا الموقف المائع رغم إفادته لدعاة حقوق الإنسان، إلا أنه لا يزيد

غالباً من خطوة متخذيه ومكانتهم عندهم، ويتبين ذلك بجلاء من استعراض كتابات

بعضهم خاصة الصريحين منهم في مجال موقف الإسلاميين من حقوق الإنسان،

وبين أيدينا نموذج عبارة عن بحث لعلماني سوداني هو (الباقر العفيف) من

ناشطي حقوق الإنسان، يصنف ويحلل فيه موقف الإسلاميين من حقوق الإنسان،

فينتهي إلى تحديد مناهج يتبعها الإسلاميون بمختلف توجهاتهم في التعبير عن موقفهم

من هذه القضية، من أهمها:

المنهج الإخفائي ويذكر فيه محمد عمارة والترابي، والمنهج الاعتذاري،

والمنهج المراوغ، والمنهج الملتوي ويذكر فيه فهمي هويدي، والمنهج الانتقائي،

والمنهج الصريح [١١] .

تسرب مفاهيم حقوق الإنسان:

بعيداً عن المواقف المعلنة والرسمية المكتوبة والمسموعة، فإن التداخل

والتشابك فيما يتعلق بمشروعية الإعلان العالمي لحقوق الإنسان - في ظل الارتهان

الفكري للغرب - قد أحدث لغطاً وفوضى فكرية عارمة نتج عنها تسرب كثير من

هذه المفاهيم بمعناها ومضمونها بعيداً عن أَسْر الألفاظ والمصطلحات، وهو ما يمكن

أن نلحظه بقوة في خطاب كثير من الدعاة، بل والعلماء؛ حيث ظهرت تعبيرات

وتوصيفات لم نسمع بها من قبل على ألسنة العلماء، وإن لم تنسب مباشرة إلى

مبادئ حقوق الإنسان، إلا أنها لا شك ناتجة ومتسربة عنها، فتسمع على ألسنتهم

مصطلحات مثل: الحرية الشخصية، المواطنة، الإرث الحضاري العالمي،

التراث الإنساني. ومن أمثلة ذلك ما ذكره الشيخ يوسف القرضاوي في لقاء

جماهيري متلفز من أن مصطلح: (أهل الذمة) أصبح يثير كثيراً من اللغط

والضيق، فلا بأس باستبداله بمصطلح: (المواطنة) ، واستشهد بأن عمر -

رضي الله عنه - قد أسقط من قبلُ مصطلح الجزية! هكذا [١٢] .

قسمة القرد:

تقدم شرعة حقوق الإنسان منهجاً كاملاً لتوزيع تلك الحقوق وصيانتها بما

يحسبونه عدلاً ومساواة، وهم لا يرضون في سبيل ذلك بتطبيق جزئي أو نسبي،

بل يعتبرون أن الاعتراف ببعض الحقوق والإعراض عن أخرى «ينطوي على

فوضى عقلية، قبل أن ينطوي على فوضى أخلاقية وعملية» [١٣] .

وهم يدخلون في «صراع فكري صارم مع كل الأفكار الشمولية الدينية منها

واللادينية، وتلك التي لا تخدم أصلاً حقوق الإنسان وحرياته أو تنتقص منها» [١٤] ،

فهل من الممكن أن يصل هؤلاء الحقوقيون إلى ما يريدون؟ حقيقة لا نجد في

تمثيل واقعنا وموقف الغرب منا ومن حقوقنا في ظل إعلانه العالمي أفضل من تلك

القصة الرمزية التي تحكي عن قرد (الغرب) اختصم إليه فأران في قسمة قطعة

من الجبن، فادَّعى مطلق العدل والمساواة في قسمتها، وكان ذلك بأنه ظل يأخذ من

قسميها سعياً لتساويهما في الوزن، حتى انتهى الأمر بانتهاء الجبن، وضياع

الحقوق!


(١) حقوق الإنسان في فكر الإسلاميين، الباقر العفيف، ص ١٠، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.
(٢) برنامج تلفزيوني (الاتجاه المعاكس) ، وهو محمد الغزازي، كاتب إسلامي، مغربي.
(٣) إحقاق الحق، فهمي هويدي، ص ١٢٧.
(٤) حركة الاتجاه الإسلامي في تونس، بحوث في معالم الحركة، راشد الغنوسي، دار القلم الكويت، ص ٣٩.
(٥) المصدر السابق، ص ٣٨.
(٦) المصدر السابق، ص ١١٧.
(٧) المصدر السابق، ص ١١٧.
(*) ويمكن طرح السؤال: وهل من حقه سب الصحابة، وإنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة؟ ! والجميع يعلم أن فرج فودة فعل هذا وأشد منه.
(٨) إحقاق الحق، ص ٢٤.
(٩) المصدر السابق، ص ٢٨.
(١٠) المصدر السابق، ص ٣٧.
(١١) حقوق الإنسان، الباقر العفيف، ص ١٥ ٢٩.
(١٢) قناة اقرأ الفضائية.
(١٣) مقدمة لفهم منظومة حقوق الإنسان، ص ٢٧.
(١٤) حقوق الإنسان، ص ١٠١.