للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلمة صغيرة

[حديث الحجارة]

في عام ١٤٠١هـ /١٩٨٠م التقى عدد من رجال الثقافة والأدب بمصر

الرئيس الإسرائيلي آنذاك إسحاق نافون، وأسرف بعضهم في الإشادة بالرئيس

الذي وُصف بالاعتدال وحب السلام، وبعد العشاء قال أحد كبار معاوني

الرئيس الإسرائيلي للوفد: إن الحديث كان رائعاً، وإن كل كلمة قالها الكتّاب

وصلت إلى قلب الرئيس، فقال الكتّاب: «لأنها صادرة من قلوبنا!» (الأهرام

٣٠/١٠/ ١٩٨٠م) .

ومنذ ذلك الحين انفتح باب التطبيع الثقافي بلا حياء ولا خجل، حتى قال

كبيرهم (نجيب محفوظ) بمناسبة عرض قصته (ثرثرة على النيل) بالعبرية على

أحد المسارح اليهودية: «التطبيع الثقافي أمر هام؛ لأن فيه تلاقي الفكر في إطار

من النقاء والصفاء، عند ذلك تذوب سحب التقاتل والصراعات التي تثير جواً من

القلاقل وفقدان الثقة» (مجلة أكتوبر ٢٥/٤/١٩٨٢م) .

وفي ذلك العام نفسه (١٩٨٢م) جاءت مذبحة (صبرا وشاتيلا) لتصفع

أولئك المستهترين بحرمات الأمة ومقدساتها، لكنهم بلا مبالاة أداروا رؤوسهم وكأن

شيئاًَ لم يكن..! !

وبعد تأسيس (مجموعة كوبنهاجن) أخذ المطبعون بُعداً جديداً يجاهر بكل

صفاقة، ويدعو إلى الوئام الثقافي مع اليهود، وبدأنا نرى الأيام الثقافية التي تقيمها

مكاتب الارتباط الإسرائيلي تنتشر في تونس والمغرب والأردن ... ثم تأتي مذبحة

(قانا ١٩٩٦م) صفعة جديدة على وجوههم، ولكنهم دفنوا رؤوسهم في التراب،

وأغلقوا عيونهم وآذانهم، واستمروا في الترويج لثقافة التطبيع.

وبعد أحد عشر شهراً من الانتفاضة الحالية ما زالت هذه الأصوات النشاز

تصيح هنا وهناك، وتتهم الحركات الإسلامية في فلسطين بالتطرف والتعنت

والسذاجة السياسية، وغاية تحليلها لما تراه من مذابح وانتهاكات للحرمات والحقوق

أنه (تطرف وتطرف مضاد.. عنف وعنف يقابله..!) ، والحل الوحيد عند

هؤلاء هو تغليب صوت العقل في زعمهم، والجلوس على طاولة المفاوضات..!

إن هذه المواقف المخزية للتيارات العلمانية فرصة كبيرة للمصلحين من أبناء

هذه الأمة لكشف تلك الأقنعة وإبراز الصورة الحقيقية للمعركة، ونحسب أن أبلغ رد

عليهم هو في حجارة أولئك الأبطال في أكناف بيت المقدس.

طفل صغير والمدافع حوله ... مبهورة والغاصبون تبرّموا

في كفه حجر وتحت حذائه ... حجر ووجه عدوه متورم

سكت الرصاص فيا حجارة حدثي ... أن العقيدة قوة لا تهزم