للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمون والعالم

[الإرهاب المسكوت عنه والمحمي بالدستور]

أحمد العويمر

الإرهاب ليس كلمة حديثة كما يقوله أحد الباحثين؛ بل كلمة قديمة ذكرها

القرآن الكريم في أكثر من آية منها: [وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ

الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ] (الأنفال: ٦٠) بمعنى تخيفون به عدو الله

وعدوكم. والإرهاب حديثاً كما جاء في المعجم الوسيط: وصف يطلق على الذين

يسلكون سبل العنف لتحقيق أهدافهم السياسية، ومنه ما يقوم به بعض الأفراد

والجماعات والدول بالقتل وإلقاء المتفجرات والتخريب، والحكم الإرهابي نوع من

الحكم الاستبدادي يقوم على سياسة الشعب بالشدة والعنف بحجة القضاء على

النزعات وحركات التحرير والاستقلال [١] .

هذا الإرهاب الذي أقض مضاجع العالم، وكثيراً ما تحدثت عنه وسائل

الإعلام، ولا يكاد يعرفه الناس إلا منسوباً لأناس من العرب والمسلمين؛ حتى

أصبح ذلك السلوك نمطاً سلوكياً لا ينفك الأعداء عن وصفنا به وإلصاقه بنا زوراً

وبهتاناً.

بينما هناك إرهاب لا يقل قسوة ولا وحشية وهمجية عما يعرف بالإرهاب

النمطي المعروف في منطقتنا، ومنه الإرهاب المتمثل في جماعات وفئات إرهابية

متطرفة، وهذا ما سأوضحه للقارئ الكريم ليعرف هذا النوع المسكوت عنه من

الإرهاب.

قد يخطر على بال القارئ الكريم أني سأتحدث عن الإرهاب الصهيوني الذي

يتمثل في العصابات الصهيونية الحاكمة في (الدولة العبرية) ، والمتمثلة في حكام

وضباط ورجال الأمن (الصهيوني) ، وهذا معروف للجميع، لكني أقصد:

(الجماعات الإرهابية الأمريكية المتطرفة، والمتمثلة في قطاع كبير من اليمين

الأمريكي) بمنظماته وميليشياته المسلحة بما فيها الجماعات العنصرية التي تعتبر

أن العرق الأبيض يمثل (إسرائيل الحقيقية) ، ومنهم جماعة (كوكلوكس كلان)

التي ما زالت موجودة بعد أكثر من مائة عام كمثال لمنظمات الكراهية والعنصرية

التي تحدث عنها مؤلفو كتاب: (جنود الله: اليمين العنصري والديني المتطرف في

أمريكا) [٢] .

وفي الكتاب مقابلة مع (شارلزلي) الذي ظل عضواً في الجماعة ذاتها ثم

انضم إلى جماعة (التنين العظيم) التي انبثقت عنها قال: (أنا نصراني الهوية،

أعتقد أن النصارى هم فقط من سلاسلة آدم، ولم أعتقد أبداً في أن تختلط بذرتنا مع

الأعراق الأخرى) . و (جماعة الهوية النصرانية) تضم آلاف المنظمات التي

تتعدد في أشكالها وخطاباتها السياسية والفكرية، ومنها (المقاومة الآرية البيضاء) ،

و (التحالف القومي) و (الأخوة الآرية) ، و (جماعة حليقي الرؤوس) ،

و (العذارى البيض) ، و (نساء من أجل الوحدة الآرية) ، وتتفق هذه الجماعات

على أن العرق الأبيض هو العرق الأسمى بين كل الأعراق على الأرض،

واختلاط الأعراق كما يرون يلوث العرق الأبيض؛ ومن ثم يدمر هذه السلالة؛ فهم

يقاومون التعددية الثقافية داخل المجتمع الأمريكي. وإلقاء نظرة على القسَم لدى

(جماعة الأمم الآرية) يكشف عن ذلك الالتزام، ونص القسم: (نقسم بأن واجبنا

المقدس هو أن نقوم بكل ما هو ضروري لتحرير شعوبنا من اليهود! وتحقيق النصر

الكامل للعرق الآري، وأننا نتعهد بدمائنا ونعلن أننا في حالة حرب كاملة) .

وبغضهم لليهود راجع لاعتقادهم أنهم هم (شعب الله المختار) وليس

اليهود.

وهذه الجماعة الإرهابية المتطرفة تعتقد أن المساواة بين الأعراق (أسطورة) ؛

فهناك فئات منها تعتقد (أن الحرية الفردية في أمريكا هي أسطورة أخرى) ،

وتسوغ (العنف ضد الحكومة الفيدرالية) التي تطاولت على حريات الأفراد، أو

على الأقل (الانعزال) عن الحكومة، ويسوِّغ القس: (بيتي بيترز) راعي كنيسة

(المسيح في لابورت: كلورادو) أن الأمريكين يجري استعبادهم بترخيصات

وموافقات وضرائب وقيود وأوامر ونواه مقابل حريات أساسية تخضع لأهواء

الحكومة الفيدرالية، ويقول (جولد بي) عضو إحدى الميليشيات في تكساس: (إن

الأمريكيين قلقون من فقدان حرياتهم، ويجب أن يقلقوا؛ لأنه لم يعد لدينا إلا قليل

من الحريات، إننا نعيش في ظل الديكتاتورية) ، وفي اعتقاد تلك الجماعات الدينية

المتطرفة أن الحكومة الفيدرالية هي عدو ماسوني! وتهديد للحريات الأمريكية مثل

الحرية الدينية وحرية التعبير، وتهديد لحق الدفاع عن النفس وحق تقرير المصير!

وكان وراء هذا الاعتقاد المتطرف اتجاه إرهابي تمثل في ثلاثة أحداث أو عمليات

إرهابية خلال عقد التسعينيات وهي:

١ - الحادث الإرهابي الأول عام ١٩٩٢م، وعرف بحادث (روي لايدج)

ويرتبط الحادث بحصار فريق إنقاذ الرهائن التابع لمكتب المباحث الفيدرالية

لشخص يدعى (راندي ويفر) وزوجته وبناته الثلاث وصديق العائلة؛ حيث كان

(ويفر) وعائلته من (الانفصاليين) أتباع الهوية النصرانية، وكانوا يعتقدون أن

الحكومة الفيدرالية هي (معبد الشيطان) ، وأنهم نصارى بيض منشقون على

الحكومة الفيدرالية وجرى اشتباك بالنيران بين (ويفر) ورجال المباحث الفيدرالية

الذين أرادوا تفريق المجموعة المتهمة بتخزين الأسلحة وتوزيعها على الأعوان

لمواجهة الحكومة.

٢ - الحادث الإرهابي الثاني عام ١٩٩٣م، وعرف بحريق (الديفيديين) في

واكو، ويقترن الحادث باسم (ديفيد قورش) وهو زعيم جماعة يدَّعون أنهم فرع

من نسل داود، وهي جماعة انعزالية نشأت في واكو بتكساس، وأقامت مجمعاً على

مساحة ٣٧٥ هتكاراً أطلقت عليه اسم: (جبل الكرمل) ، وزعيمهم انضم إلى

الجماعة عالم ١٩٨١م وهو (فيرمون واين هاول) راعي الكنيسة السبتية في تايلور

بتكساس ثم أصبح رئيساً للجماعة وغير اسمه عام ١٩٩٠م إلى (ديفيد قورش) ،

وكان هو وجماعته يعتقدون أنهم يمثلون فرع داود، وسيحولون اليهود إلى

النصرانية ليشملهم ما يزعمونه من (خلاص المسيح) وأن (قورش) هو المسيح

المنتظر، وكانوا يجمعون الأسلحة في انتظار المعركة الكبرى مع حكومة الشيطان

(الفيدرالية) ، ولما أطلقت الشرطة الفيدرالية النار على المجمع في ٢٨/٤/١٩٩٣م

حدث تبادل لإطلاق النار أدى إلى قتل ٣ من رجال الشرطة وأربعة من الجماعة؛

ولذا حاصرتهم الشرطة الفيدرالية لمدة ٥١ يوماً بهدف استسلام الجماعة وزعيمها؛

لكنهم رفضوا وهدد زعيمهم بإحراق الشرطة والمجمع ومن فيه، وأخفقت محاولات

الضغط العصبي عليهم بقطع الكهرباء وإغراق المجمع بالماء، ورد عليهم الزعيم

المتطرف بأنه يتبع مشيئة الرب الواردة في (الكتاب المقدس) فأحرق المجمع؛

مما أدى إلى قتل ٧٤ من أنصاره بما فيهم (الزعيم) و (٢١ طفلاً، تسعة منهم

تقل أعمارهم عن ١٥ سنة! !) .

٣ - الحادث الإرهابي الثالث: عام ١٩٩٥م، وراح ضحيته ١٦٨ قتيلاً

وحوالي ٥٠٠ جريح حينما دمر (المبنى الفيدرالي) في أكلاهوما في

١٩/٤/١٩٩٥ م، وهو اليوم الذي يتوافق مع الذكرى السنوية من إحراق مجمع

(فرع الديفيديين) في واكو، وفي ليلة ميلاد الزعيم النازي (هتلر) . وقد سبق

أن ألصق الحادث بالمسلمين زوراً وبهتاناً، ونال المسلمون من الأذى والمضايقات

الكثير جداً، حتى بانت الحقيقة بأن مفجر المبنى المتطرف الإرهابي (تيموثي

ماكفي) الذي يتبع أفكار (سمو العرق الأبيض) ، وأن الحكومة الفيدرالية

(شيطانية) ؛ فقد كان عضواً في ميليشيا (متشيجان) ، وكانت تربطه علاقات

بجماعات ومعسكرات المتطرفين في (ألوهيم سيتي) على الحدود بين أركنساس

وأوكلاهوما، كما تأثر (ماكفي) بكتاب (تيرنر) الذي ألفه الدكتور (وليام بيرس)

تحت اسم مستعار هو: (أندرو ماكدونالد) والكتاب عبارة عن كراس روائي

سياسي يصف فيه المؤلف مجموعة من الأشخاص المتشددين الذين ينفِّذون

عمليات تفجيرات ذات دوافع سياسية ضد منشآت فيدرالية، وبين تلك العمليات

هجوم بقنبلة مصنعة من أسمدة كيماوية ضد مقر مكتب (المباحث الفيدرالية) في

واشنطن، وهو يشبه في صورة ملفتة حادث تفجير المبنى الفيدرالي في أوكلاهوما،

وقد وُجدت نسخة من الكتاب في سيارة (ماكفي) الذي ألقي القبض عليه، وبينت

التحقيقات معه أنه قام بتوزيع أعداد من نسخ الكتاب المذكور.

جماعات النصرانية اليهودية:

تعتقد جماعة (الهوية النصرانية) أن العرق الآري ليس (اليهود) هم

(إسرائيل) الحقيقية، ويتعلق من ينحدرون من هذا العرق كما يزعمون من الناطقين

الأوائل باللغة (الهندأوروبية) ، وتحدد جماعات التفوق الآري منذ مرحلة هتلر

الشعوب الآرية في شعوب (الإنجلو ساكسون) و (الجرمان) ، و (الغال) ،

و (الاسكندنافيون) ، و (التيتونيون) ، ويزعمون أن عرقهم متفوق وأنهم (شعب

الله) ! وذلك الارتباط بما يعنيه من (معاداة السامية) صاحَبَ نشأة أمريكا منذ

هاجر إليها الإنجليز والبيورتيانيون (التطهريون) وحملوا معهم عقيدة

(الإسرائيلية البريطانية) أو (الإسرائيلية الإنجلو ساكسونية) ، ويزعمون أنهم

أسلاف القبائل الإسرائيلية المفقودة بمعنى أنهم (شعب الله المختار) ! !

ومما يلفت النظر أن حركة (الإنجلو الإسرائيلية) الأمريكية تغلب عليها تيار

معاداة السامية الذي استبعد اليهود المعاصرين من القبائل الإسرائيلية المفقودة، وكان

ضمن هذا التيار (رابن ساوير) الذي اعتبر أن اليهود المعاصرين أدعياء خطرين،

وساهم في تأسيس (الفيدرالية العالمية الأنجلو إسرائيلية) وأصبح أحد قادة منظمة

(كوكلوكس كلان) في (أريجون) ، وكان وراء انتشار تيار معاداة السامية

واعتبار (اليهود أبالسة) لأنهم يحاولون السيطرة على أمريكا.

دعوى (الآريون) أنهم وحدهم نسل آدم: يقول (ريتشارد باتلر) مؤسس

كنيسة (يسوع المسيح) وزعيم جماعة الأمة الآرية فيما بعد: (إن كل الأعراق لم

تنحدر من آدم، فآدم هو أبو العرق الأبيض فقط) ، ويقول: (ديفيد ديفيدسون)

أحد نشطاء الآرية المسيحية أن هناك أعراق قبل آدم لم تنحدر من آدم، وإنما

تنحدر مما يسمونه: (كاين) المنحدر من الشيطان، وهدفهم بهذا الزعم إثبات أن

اليهود المعاصرين لا ينتمون إلى القبائل الإسرائيلية، وإنما يرجعون إلى أصل

آسيوي هو (الخزر) الذين كانوا يعيشون في شرق روسيا وتحولوا لليهودية في

القرن التاسع.

الكوكلوكس كلان الجديدة وإرهابهم:

نشأت هذه المنظمة عام ١٨٦٦م لترفع لواء حماية النصارى البيض من القهر

والحفاظ على طريقة حياة الجنوبيين الأمريكيين، ومقاومة تحرير العبيد. وبعد ذلك

نجد هذه المنظمة ما زالت مثالاً لجماعات الهوية النصرانية مثل (فرسان الكاميليا

البيضاء) التي تحمل الكراهية للسود، وتوسع نطاق كراهيتها وعدائها ليشمل

المختلفين في العرق والدين. غير أن ما يثير القلق في أمريكا الآن جماعة (حليقي

الرؤوس) والميليشيات الذين لا تخطئهم عيناك فهم شباب يرتدون سترات جلدية،

وشارات نازية، وهم حليقو الرؤوس، يزينون أذرعتهم بالوشم، وهم يرون أنفسهم

أنهم: (الشباب الآري) و (جنود الرايخ الرابع) ، وقد انخرطوا في عمليات

عنف وقتل، ويجاوزوا عداء (الكوكلوكس كلان) السوداء ليوجهوا عداءهم

وكراهيتهم ضد كل الأقليات العرقية والأجانب.

الميليشيات الأمريكية:

تشترك هذه الميليشيات في مضمون (الوطنية النصرانية) من جهة، والعداء

للحكومة الفيدرالية من جهة أخرى، ومن جهة ثالثة فإنهم للمحافظة على أمريكانية

ونصرانية أمريكا ومواجهة الحكومة، يرون أنه لا بد من تسلحهم للدفاع عن أمريكا

ودستورها، وتبني هذه الميليشيات شرعية وجودها وحركتها على التعديل الثاني

للدستور الذي ينص على أن وجود الميليشيا حسنة التنظيم ضروري لأمن أي ولاية

حرة، وأنه لا يجوز التعرض لحق الناس في اقتناء أسلحة وحملها، ويعتبرون أن

الدستور الأمريكي وتعديلاته العشرة الأولى في لائحة الحقوق مصدرها إلهام إلهي.

أما التعديلات الباقية من الحادي عشر إلى السادس والعشرين فهي مجرد قوانين لا

قدسية لها، وحسب هذا التصور العجيب بأن النصارى البيض وحدهم هم

المواطنون العضويون الذين وهبهم الله مقوماتهم حسب الدستور ولائحة الحقوق،

أما غيرهم فيتبعون التعديل (١٤) الذي يسمى قانوناً إلهياً، وتتسم هذه الميليشيات

بالنزعة الانفصالية عن غير البيض ومن الحكومة الفيدرالية؛ فميليشيات (مونتانا

مزيمين) أسست محاكم مواطنين، وأعلن رجالها أنهم أمة منفصلة، وأن الرب

كلفهم بمهمة حمائية في مواجهة الأعداء خاصة الحكومة والمباحث الفيدرالية،

وميليشيا (فايبرر) في أريزونا تدرب رجالها على القيام بتفجيرات في الصحراء

انتظاراً للمواجهة مع الحكومة، وميلشيا (ميتشجان) أعلنت أن هناك مؤامرة كونية

تشارك فيها الحكومة لإخضاع الشعب الأمريكي وتشكل فكرة المؤامرة الكونية على

الشعب الأمريكي لمصلحة حكومة عالية تديرها الأمم المتحدة بما يستوجب التسلح

الذي هو فكرة مشتركة بين كل الميليشيات.

الإنجيليون العسكريون:

وهم يؤمنون بأنه لا بد من محرقة نووية (هرمجدون) تحضّر لعودة المسيح،

وأنه لا بد أن يذوب في هذه المحرقة كل أولئك الذين ينكرون المسيح من الملحدين

والشيوعيين والنصارى العلمانيين والنصارى غير الإنجيليين والمسلمين! ، ولعل

هذا وراء قرار إضعاف العرب والمسلمين وضرورة تعزيز القوة العسكرية لـ

(إسرائيل) وراء حتمية الاستجابة إلى جميع مطالبهم بالدعم المالي والسياسي

والعسكري، وهم يقومون بالكتاب المقدس وبخاصة (أسفار الرؤيا، وحزقيال،

ويوحنا) ، وتضم هذه الحركة أكثر من ٤٠ مليون أمريكي، منهم رئيس أمريكا

السابق (رونالد ريجان) ، وهذه الجماعة فضحتها الكاتبة (جريس هالسل) في

كتابها: (النبوءة والسياسة) ، وحاورت قادتها وفلاسفتها، وذكرت في دراستها

أسماء شخصيات ومنظمات ومؤسسات وكنائس، هذه المنظمات الإرهابية التي

تعمل من أجل مصلحة (إسرائيل) لا حباً في اليهود بالضرورة ولكن للمساعدة على

تحقيق النبوءات التوراتية التي تمهد لعودة المسيح، وهذه المؤسسات المتطرفة تعمل

داخل أمريكا، وتعطي صورة واضحة عن كيفية عمل هذه الحركة الدينية، وتقدم

خريطة مفصلة لمواقع نفوذها. يقول أحد المنتمين لهذه الجماعة: (إن الله قضى

علينا أن نخوض غمار حرب نووية (هرمجدون) . وهذا ما يبشر به كبار

المنصرين منهم أمثال: ريتشار دي هان، وسويجارت الذي يقول: (إن

هرمجدون مقبلة، إنها قادمة، إنني لا أكترث بما تسببه هرمجدون من القلق

والمتاعب إنها تنعش روحي) [٣] .

الحرب النووية القاتلة لملايين الخلق تنعش روح هذا المنصر البليد، ومن

يقرأ كتاب (النبوءة والسياسة) سيعجب كثيراً من الرؤى المتطرفة والإرهابية

لهؤلاء الصهاينة النصارى الذين يعملون في وضح النهار وبحماية الدستور

الأمريكي، وبالرغم من جرائمهم وعنفهم وبخاصة مواقفهم حيال الحكومة الفيدرالية

ولا سيما تدميرهم المبنى الفيدرالي في أوكلاهوما فإن مفجر المبنى وهو أحدهم بقي

عدة سنوات يُحاكم ثم أعدم مؤخراً، ولم تؤخذ تلك الجماعات بمواقف متشنجة أو

تستأصل تلك الجماعات من الوجود.

والأعجب أن المسؤولين في الإدارة الأمريكية يقولون دون خجل: إن السكان

المدنيين يمكن أن يقعوا ضحية لضربات وقائية أمريكية في عمليات عسكرية لوحدة

مكافحة الإرهاب التابعة للمخابرات المركزية والتي ذهب ضحيتها الآلاف من

الأبرياء المدنيين في مختلف أنحاء العالم.

ولمعرفة المزيد: انظر: (كتاب الإرهاب العالمي) [٤] .

هذا هو الوجه الآخر لأمريكا، وهو إرهاب وعنف وتطرف لكنه مسكوت عنه

من الإعلام الغربي بعامة والأمريكي بخاصة، ومما يؤسِف أن الإعلام العلماني

العربي يتبع أكاذيب الإعلام الغربي ويساعدهم في تشويه صورة الدعاة المسلمين

بزعم أنهم إرهابيون ليبقى التطرف والإرهاب سمة وماركة مسجلة للإسلام

والمسلمين وحدهم، والغربيون بهذا يصيدون عدة عصافير بطلقة واحدة؛ فهم

يحاولون الإساءة للإسلام والمسلمين، ويحاولون إيقاف مد الإسلام والجماعات

الإسلامية بعامة وبدون تفريق؛ حتى تتم لهم النبوءات المزورة؛ وهي في نظرنا

قادمة؛ لكن سيعرف فيها من الرابح ومن هو ذو الخسران المبين.

[إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً * وَأَكِيدُ كَيْداً * فَمَهِّلِ الكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً]

(الطارق: ١٥-١٧) .


(١) الإرهاب والإرهابيون، للأستاذ محمد عبد العزيز السماعيل.
(٢) تأليف هوارد بوشارت، وجون كرايج، ومايرابارنيز، والناشر (لنسجنتون بوكس) نيويورك، ٢٠٠٠م، وانظر: عرضاً للكتاب في صحيفة الأهرام الصادرة في ١٢/٤/٢٠٠١م.
(٣) انظر: النبوءة والسياسة، (الإنجيليون العسكريون في الطريق إلى الحرب النووية) ، لجريس هالسل، ترجمة، د محمد السماك.
(٤) تأليف: تركي ظاهر، نشر دار الحسام، بيروت، الطبعة الأولى، ١٩٩١م.