للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلمة صغيرة

بل هذا هو الإرهاب..!

منذ أن بدأ القصف الأمريكي العشوائي الاستعراضي على أفغانستان سالت

دموع الإدارة الأمريكية حزناً (! !) على مئات الآلاف من المشردين والعجزة

والشيوخ والنساء، والأطفال الذين فروا من هول الحرب الحضارية الجديدة،

وفاضت أيديهم الإنسانية الرحيمة بلقيمات من المعونات الغذائية والطبية خوفاً على

المسلمين الأفغان من شبح المجاعة القادمة!

لقد سَخِرَت الولايات المتحدة الأمريكية من شعوب العالم وخاصة المسلمين

منهم وهي تمطر أرض الأفغان المسلمة بوابل من الأسلحة، ثم سَخِرَت منهم ثانية

وهي تتحدث عن المأساة الإنسانية، وهذه الصفة الغادرة صفة أصيلة قديمة في

الإدارة الأمريكية؛ ففي عام (١٩٥٠م) أعرب وزير الخارجية الأمريكي ومعه

بعض النواب الأمريكيين عن هذا المبدأ، فقالوا: (إذا حلت المجاعة في القارة

الصينية؛ وجب على الولايات المتحدة تقديم القليل من المساعدة، لا لمقاومة

المجاعة نفسها، ولكن فقط بقدر ما تكون كافية لإحراز نقطة في الحرب

النفسية) [١] . وفي عام (١٩٤٧م) رصدت إحدى الدراسات أنَّ المعونة الأمريكية

توجه فقط: (إلى البلدان ذات الأهمية الاستراتيجية الأساسية للولايات المتحدة، إلا

في حالات نادرة جداً؛ حيث تسنح الفرصة للولايات المتحدة عن طريق هذه المعونة

للحصول على الرضا العالمي نتيجة فعل إنساني استعراضي!) [٢] .

إن ترويع شعب كامل من الآمنين، وسحقه بالقنابل والصواريخ، وتدمير

قرى بأكملها وأحياء مأهولة بالسكان، وتشريد مئات الآلاف من العجزة

والمستضعفين في أراض مقفرة ضربها الجفاف حتى أتى عليها من جذورها ... إن

ذلك كله هو الإرهاب عينه، ولكنه الإرهاب الحضاري الذي تباركه هيئة الأمم

المتحدة، وتطرب له الدول التقدمية، ويتواطأ المتحضرون للتستر عليه..!

إن منطق القوة الإرهابي يتباكى على ضحايا أمريكا الأبرياء (!) أما ضحايا

أفغانستان فلا بواكي لهم، ويستحقون ما أصابهم..! ! وصدق المولى جل وعلا:

[كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى

قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ] (التوبة: ٨) .

إننا نذكِّر أمريكا بأنَّ الشعوب المستضعفة لن تبقى كذلك، بل إنَّ التفنن في

إهانتها واستذلالها هو الذي سوف يحييها بإذن الله تعالى، وما أجمل قول الشاعر

العربي:

وإذا الذئاب استنعجت لك مرة ... فحذار منها أن تعود ذئابا!


(١) أمريكا طليعة الانحطاط، ص ٦٨- ٦٩.
(٢) أمريكا طليعة الانحطاط، ص ٦٨ - ٦٩.