للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مقالات معربة

[المواثيق الدولية.. عندما تدوسها أمريكا]

الكاتب: رتشارد دو بوف - مجلة زي ماغ

ترجمة: أحمد المكاشفي دفع الله [*]

يدفع رحم الدعاية الأمريكية في كل يوم بمصطلح سياسي جديد في ميدان

العلاقات الدولية والذي لا يلبث أن تتلقفه وسائل الإعلام العالمية لتبثه وتردده على

مسامع جمهورها في كل فج عميق. ومن أمثلة هذه المصطلحات: الإرهاب،

معاداة السامية، النظام الدولي الجديد، محور الشر والدول المارقة. وتطلق

الولايات المتحدة مصطلح الدول المارقة (states Rogue) على الدول التي

تخرج على الإجماع الدولي، بزعمها، لكنها في الحقيقة إنما تنعت بهذه الصفة كل

دولة تخالفها الرأي أو ترفض إملاءها أو تتمرد عليها. في المقال التالي يثبت

الكاتب بأدلة موثقة أن الولايات المتحدة الأمريكية هي أحق الدول بهذه الصفة؛

وذلك لخروجها السافر والمستمر والموثق على الإجماع الدولي:

وإن كنا نعتقد أن المرجعية التي يجب أن يتحاكم إليها المسلمون ليس هي

المواثيق والقرارات الدولية، وإنما هي النصوص الشرعية، ولكننا أردنا التأكيد

على أن ما يسمى بالمواثيق الدولية إنما هي مجرد ألعوبة يصنعها الأقوياء ليذلوا بها

ضعفاء الشعوب!!

(المترجم)

١ - في شهر ديسمبر من عام ٢٠٠١م، انسحبت الولايات المتحدة رسمياً من

اتفاقية ١٩٧٢م للحد من الصواريخ البالستية. وقد كانت تلك أول مرة تُقدِم فيها

الولايات المتحدة على رفض إحدى الاتفاقيات المهمة للحد من التسلح.

٢ - في عام ١٩٧٢م صادقت ١٤٤ دولة من بينها الولايات المتحدة على

ميثاق الأسلحة البيولوجية والسمية لكن في شهر يوليو من عام ٢٠٠١م، انسحبت

الولايات المتحدة من مؤتمر عقد بلندن لمناقشة بروتوكول جرى وضعه في عام

١٩٩٥م، بغرض تعزيز الميثاق من خلال إدخال بند يسمح بتفتيش المنشآت

النووية، وقد أعلن مساعد وزير الخارجية الأمريكية في جنيف بسويسرا في عام

٢٠٠١م، جون بولتين، أن «البروتوكول قد مات» ، متهماً في الوقت ذاته دول:

العراق، إيران، كوريا الشمالية، ليبيا، السودان، سوريا بخرق الميثاق لكن

دون توجيه تهم معينة أو أدلة تؤيد مزاعمه.

٣ - في عام ٢٠٠١م كانت الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الأولى التي

عارضت اتفاقية الأمم المتحدة للحد من تداول الأسلحة الصغيرة في العالم.

٤ - فقدت الولايات المتحدة عضويتها في لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم

المتحدة في شهر أبريل عام ٢٠٠١م، وذلك إثر مماطلتها التي امتدت لسنين في

تسديد متأخراتها للأمم المتحدة (بما في ذلك مبلغ ٢٤٤ مليون دولار المستحقة عليها

حالياً) ، وعقب ممارستها ضغطاً على الأمم المتحدة أسفر عن تخفيض حجم

مساهمتها في ميزانية الأمم المتحدة من ٢٥% إلى ٢٢% (كانت الولايات المتحدة

هي الدولة الوحيدة داخل لجنة حقوق الإنسان التي عارضت قرارات تهدف إلى

مساعدة الفقراء على الحصول على الأدوية المضادة لمرض الإيدز، والإقرار بحق

بني الإنسان في الحصول على حاجتهم من الغذاء، والدعوة إلى حظر عقوبة

الإعدام) .

٥ - في شهر يوليو من عام ١٩٩٨م صادقت ١٢٠ دولة على مشروع اتفاق

عقد بروما يقضي بإنشاء محكمة جنائية دولية يكون مقرها بلاهاي بهولندا تتولى

محاكمة الأشخاص، مدنيين وعسكريين، الذين توجه إليهم تهم ارتكاب جرائم حرب

وجرائم ضد الإنسانية. ورغم مصادقة الرئيس بيل كلينتون على الاتفاقية إلا أنه

أعلن أن الولايات المتحدة ستعارضها، إلى جانب ست دول أخرى من بينها الصين

وروسيا، وفي أكتوبر من عام ٢٠٠١م كانت المملكة المتحدة الدولة الثانية

والأربعين التي صادقت على الاتفاقية، وفي شهر ديسمبر من عام ٢٠٠١م،

أضاف مجلس الشيوخ وللمرة الثانية تعديلاً على مشروع عسكري يلزم أفراد الجيش

الأمريكي برفض الأحكام الصادرة عن هذه المحكمة، وفي شهر أبريل من عام

٢٠٠٢م جرى الترتيب لبدء عمل المحكمة بعد أن صادق عليها ٦٠ بلداً حاصلة

بذلك على النصاب المطلوب، إلا أن إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن،

أعلنت أنها قد تنسحب من الاتفاقية [١] .

٦ - في شهر ديسمبر من عام ١٩٩٧م، وقعت ١٢٢ دولة في العاصمة

الكندية (أتَوَا) على اتفاقية الألغام الأرضية التي حظرت استخدام هذا النوع من

الألغام، ورفضت الولايات المتحدة التوقيع على هذه الاتفاقية منضمة إلى دول:

روسيا، الصين، الهند، باكستان، إيران، العراق، فيتنام، مصر، تركيا، وقد

علل الرئيس الأمريكي آنذاك، بيل كلينتون، رفضه للاتفاقية بحجة وجود حاجة

للألغام لحماية كوريا الجنوبية من أي هجوم قد تشنه كوريا الشمالية التي «تتمتع

بتفوق عسكري كبير على كوريا الجنوبية» ، وقد صرح كلينتون أن الولايات

المتحدة ستصادق على الاتفاقية بحلول عام ٢٠٠٦م، إلا أن خلفه الرئيس بوش

الابن نكث بذلك العهد في شهر أغسطس من عام ٢٠٠١م.

٧ - بروتوكول كيوتو: عقد هذا الاتفاق في عام ١٩٩٧م، بهدف الحد من

الغازات التي تسهم في تدمير طبقة الأوزون وظاهرة الاحتباس الحراري وفي شهر

مارس من عام ٢٠٠١م، أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش انسحاب الولايات

المتحدة من الاتفاقية، ويجدر بالذكر أنه لم يحدث أن أعلنت دولة عن خروجها

الكامل من الاتفاقية، وتعد الولايات المتحدة أكبر مصدر لهذا النوع من الغازات إذ

إنها مسؤولة عن نسبة ٢٠% من مجموع هذه الغازات في العالم.

٨ - في شهر مايو من عام ٢٠٠١م رفضت الولايات المتحدة الالتقاء بدول

الاتحاد الأوروبي لمناقشة قضايا تتعلق بالتجسس الاقتصادي والرقابة الإلكترونية

على المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني ورسائل الفاكس، كما صعّدت،

في غضون ذلك، من معارضتها لمشروع «جاليلو» الأوروبي الذي يهدف إلى

إنشاء نظام للرقابة الجوية يمكنه منافسة منظومة الرقابة الجوية الأمريكية.

٩ - رفضت الولايات المتحدة المشاركة في مؤتمر منظمة التنمية والتعاون

الاقتصادي الذي انعقد بباريس في شهر مايو من عام ٢٠٠١م، وذلك للبحث عن

سبل لمحاربة ممارسات غسيل الأموال والتهرب الضريبي.

١٠ - في شهر فبراير من عام ٢٠٠١م، رفضت الولايات المتحدة الانضمام

إلى مجموعة ١٢٣ دولة تعهدت بحظر استخدام وإنتاج الألغام والقنابل المضادة

للأشخاص.

١١ - في شهر سبتمبر من عام ٢٠٠١م انسحبت الولايات المتحدة من

المؤتمر الدولي حول العنصرية الذي شاركت فيه وفود حكومية من ١٦٣ بلداً بمدينة

دربان بجمهورية جنوب إفريقيا.

١٢ - كانت الولايات المتحدة هي البلد الوحيد الذي عارض الخطة الدولية

لضمان مصادر نظيفة للطاقة، والتي طرحت كمشروع اتفاق على دول مجموعة

الثمانية الصناعية: (الولايات المتحدة، كندا، اليابان، روسيا، ألمانيا، فرنسا،

إيطاليا، والمملكة المتحدة) .

١٣ - في شهر أكتوبر من عام ٢٠٠١م، أجازت الجمعية العمومية للأمم

المتحدة قراراً يدعو، وللمرة العاشرة على التوالي، لإنهاء الحظر الذي تفرضه

الولايات المتحدة على كوبا، وقد صوتت ١٧٦ دولة لصالح القرار في حين

عارضته ثلاث دول هي: الولايات المتحدة، إسرائيل، وجزر مارشال.

١٤ - اتفاقية الحظر الشامل على التجارب النووية، وقعت عليها ٩٨ دولة،

من بينها فرنسا، بريطانيا العظمى وروسيا، ووقع عليها الرئيس الأمريكي السابق

بيل كلينتون في عام ١٩٩٦م، إلا أن مجلس الشيوخ الأمريكي رفض المصادقة

عليها. وقد كانت الولايات المتحدة هي إحدى ثلاث عشرة دولة نووية ترفض

المصادقة على هذه الاتفاقية.

١٥ - في عام ١٩٨٦م، قضت محكمة العدل الدولية بلاهاي بأن الولايات

المتحدة قد خرقت القانون الدولي بسبب «استخدامها غير المشروع للقوة» في

نيكاراجوا، وذلك بالفعل المباشر أو بالوكالة عن طريق قوات الكونترا الموالية لها،

رفضت الولايات المتحدة حكم المحكمة، ثم صدر بعد ذلك قرار من الأمم المتحدة

يدعو الولايات المتحدة إلى النزول على حكم المحكمة وذلك بأغلبية ٩٤ صوتاً مقابل

صوتين (صوتت كل من الولايات المتحدة وإسرائيل ضد القرار) .

١٦ - في عام ١٩٨٤م، انسحبت الولايات المتحدة من عضوية منظمة

اليونسكو (المنظمة الدولية للثقافة والتربية والعلوم) ، وأوقفت دفع مساهمتها المالية

في ميزانية المنظمة، وذلك احتجاجاً على مشروع قانون النظام الدولي الجديد

للمعلومات والاتصالات الذي تبنته اليونسكو، وقد هدف إلى التقليل من اعتماد

وسائل الإعلام العالمية على وكالات الأنباء الكبرى (اسوشيتد برس، وكالة

الصحافة الفرنسية، وكالة الصحافة الدولية رويترز) متعللة بأنه «يحد من الحرية

الصحفية» إلى جانب ذرائع أخرى مثل سوء الإدارة وسوى ذلك من انتقادات. وقد

حدث ذلك رغم حصول القانون على مصادقة ١٨٤ دولة مقابل دولة واحدة. وكانت

منظمة اليونسكو قد أوقفت العمل بهذا القانون في عام ١٩٩٥م إلا أن ذلك لم يقنع

الولايات المتحدة باستعادة عضويتها في اليونسكو.

١٧ - البروتوكول الاختياري في عام ١٩٨٩م، الملحق بالميثاق الدولي

للحقوق السياسية والمدنية، وقد هدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام، كما تضمن فقرة

تحظر إعدام الأشخاص تحت سن ١٨ سنة، لم تصادق الولايات المتحدة على

البروتوكول، لتصبح بذلك خامس دولة في العالم تتبنى نظام إعدام الأحداث، إلى

جانب كل من: السعودية، جمهورية الكونغو الديمقراطية، إيران ونيجيريا.

١٨ - ميثاق الأمم المتحدة للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة. الدول

التي وقعت على هذا الميثاق دون أن تصادق عليه هي: الولايات المتحدة،

أفغانستان، ساوتومي وبرنسيب.

١٩ - وقعت الولايات المتحدة على ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الطفل لكن من

دون أن تصادق عليه، وقد هدف هذا الميثاق إلى حماية الحقوق الاقتصادية

والاجتماعية للطفل، وقد كانت الصومال هي الدولة الأخرى الوحيدة التي وقعت

على الميثاق دون أن تصادق عليه، وفي شهر مايو من عام ٢٠٠٢م أجازت

الجمعية العمومية للأمم المتحدة اتفاقية أخرى تحظر استخدام وتشغيل الأطفال تحت

سن ١٨ سنة من قبل الجيوش وميليشيات حركات التمرد، وقد وقعت ٩٦ دولة

عليها وصادقت عليها ١٨ دولة ليست الولايات المتحدة من بينها؛ وذلك لأن القانون

الأمريكي يجيز التجنيد عند سن السابعة عشرة.

٢٠ - ميثاق الأمم المتحدة الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

الذي انعقد في عام ١٩٦٦م، وقد غطى نطاقاً واسعاً من الحقوق، وتولت الرقابة

عليه لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التابعة للأمم المتحدة، وقد

وقعت الولايات المتحدة على هذا الميثاق في عام ١٩٧٧م، لكنها لم تصادق عليه.

٢١ - ميثاق الأمم المتحدة لمنع جرائم الإبادة العرقية ومعاقبة مرتكبيها لعام

١٩٤٨م، لم تصادق الولايات المتحدة على هذا الميثاق إلا في عام ١٩٨٨م، أي

بعد مرور أربعين عاماً على وضعه، وبعد أن أعلنت عن عدد من التحفظات بلغت

حد اشتراط مراجعة الدستور الأمريكي والتماس «توصية وموافقة» مجلس

الشيوخ الأمريكي، لتحديد إن كان أي «إجراء يحدث في سياق نزاع مسلح»

يشكل إبادة عرقية، وقد اعترضت على هذه التحفظات كل من: بريطانيا، إيطاليا،

الدانمارك، هولندا، إسبانيا، اليونان، المكسيك، إستونيا إلى جانب دول أخرى.

٢٢ - ميثاق الأمم المتحدة لقانون البحار لعام ١٩٨٢م، والذي تلته اتفاقية عام

١٩٩٤م، المتعلقة بأنشطة التعدين في أعماق البحار، التي وضعت إطاراً قانونياً

لإدارة الموارد البحرية وحماية البيئة البحرية لمصلحة الأجيال القادمة، قدم الرئيس

الأمريكي السابق، بيل كلينتون، مشروع الميثاق لمجلس الشيوخ في عام ١٩٩٤م،

لإجازته لكن المجلس رفض المصادقة عليه في بادرة خرجت فيها الولايات المتحدة

على إجماع ٢٣٥ دولة.

٢٣ - ظلت الولايات المتحدة، ولوقت طويل، تخرق ميثاق فيينا للعلاقات

القنصلية والبروتوكولات الاختيارية، وذلك باعتقال الأشخاص وحبسهم دون توجيه

اتهام إليهم أحياناً، ودون إخطار حكومات بلدانهم إذا كانوا من جنسيات أخرى.

٢٤ - بروتوكول كارتجينا للسلامة البيولوجية الملحق بميثاق الأمم المتحدة

للتنوع البيولوجي لعام ٢٠٠٠م، وافقت ١٣٠ دولة على هذا البروتوكول وذلك

بهدف حماية التنوع الببولوجي من الأخطار التي تشكلها الكائنالت المعدلة جينياً التي

تقذف بها معامل التقنية البيولوجية الحديثة. وقعت ٩٥ دولة على هذا البروتوكول

في حين صادقت عليه ١٣ دولة، أما الولايات المتحدة فقد ظلت تحتج بعدم جدوى

مثل هذا البروتوكول، كما نجحت في إضعاف الاتفاق ولم تصادق عليه وليس ثمة

أمل أن تصادق عليه.

٢٥ - «نحن الدولة الأولى في العالم» الدول الثلاثة الأولى في مجال تقديم

العون للبلدان الفقيرة، حسب النسبة المئوية للدعم الخارجي الذي تقدمه من إجمالي

إنتاجها المحلي هي: الدانمارك (١.٠١%) ، النرويج (٠.٩١%) ، وهولندا

(٠.٧٩%) . أما أقل الدول تقديماً للعون فهي: الولايات المتحدة (٠.٠١%) ،

المملكة المتحدة (٠.٢٣%) ، أستراليا، البرتغال، والنمسا، والتي بلغ

مجموع ما تقدم (٠.٢٦%) .


(*) مدير تحرير مجلة الجمعة الصادرة عن المنتدى الإسلامي، باللغة الإنجليزية وسكانسن، أمريكا.
(١) أعلنت الولايات المتحدة خروجها الرسمي من هذه الاتفاقية في ٨/٥/٢٠٠٢م، ومن المصادفات العجيبة أنني سمعت هذا الخبر من إحدى محطات التلفزة الأمريكية في ذات الوقت الذي كنت أقوم فيه بترجمة هذه الفقرة، فسبحان الله!! .