للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حوار

[الرئيس الشيشاني السابق سليم خان في حوار خاص مع البيان]

الروس يمارسون أبشع أنواع الإبادة.. والغرب يتستر على جرائمهم

* ضيفنا في سطور:

- ولد في سنة (١٩٥٢م) ، وحصل على الشهادة الجامعية في جروزني في

اللغة الروسية وآدابها، واللغة الشيشانية وآدابها، ثم أكمل دراسته في (معهد

جوركي) في موسكو.

- كان عضواً في اتحاد الأدباء السوفييت، وكتب (١٥) كتاباً في الشعر

والأدب والسياسة، تُرجِم بعضها إلى اللغتين الإنجليزية والتركية.

- كوَّن أيام الاتحاد السوفييتي (الحزب الديمقراطي واي ناخ) ، ولكن

الحكومة لم تعترف به، في أيام سقوط الاتحاد السوفييتي عام (١٩٩١م) كان

الحزب من أبرز روَّاد التحرير الشيشاني.

- انتخب في عام (١٩٩١م) عضواً في البرلمان الشيشاني، وفي (١٩٩٣م)

عين نائباً للرئيس الشيشاني (جوهر دوداييف) ، وبعد مقتل الرئيس عام

(١٩٩٦م) عين سليم خان يندر باييف رئيساً للشيشان.

- في عام (١٩٩٧م) أمر بإجراء انتخابات رئاسية، فانتخب الرئيس

(أصلان مسخادوف) .

- استقال سليم خان من رئاسة الحكومة، واستمر نشاطه السياسي، وأصبح

رئيساً لمنظمة تعنى بتوحيد الشعوب الإسلامية في منطقة القوقاز كان مقرها في

جروزني، وبعد الهجوم الروسي على الشيشان خرج ممثلاً خاصاً للرئيس وللحكومة

الشيشانية الشرعية في البلدان الإسلامية.

* مدخل:

يستمر الصراع في الشيشان بين القوات الروسية والمجاهدين الشيشان وسط

تعتيم إعلامي عربي وغربي، خاصة بعد التوافق الذي بدا واضحاً بين الرئيسين

الروسي والأمريكي في زيارة بوش الأخيرة إلى موسكو، والتي دعا فيها بوش إلى

الاستفادة من الدروس التي قدمتها التجربة الأمريكية في أفغانستان، وكان بوتين

بدوره قد دعا أمريكا قبل حربها أن تستفيد من التجربة الروسية في أفغانستان.

ويتأكد هذا التوافق السياسي بعد اجتماع روما بين حلف الناتو الغربي وروسيا الذي

كان من أولياته اتفاق القوى العالمية على ضرورة (الحرب على الإرهاب!) .

وهكذا يمضي الشرق والغرب في تبادل الدروس في حرب المسلمين،

ويتواطؤون على مواجهة المجاهدين، بينما يعاني المجاهدون في الشيشان من قلة

الاهتمام العربي والإسلامي بقضيتهم، ولن نقول قلة الدعم والنصرة، بل مجرد

الاهتمام الإعلامي أصبح مفتقداً رغم أن الأداء العسكري المشرف للمجاهدين في

حربهم مع ثاني قوة عسكرية في العالم ينبغي أن يكون دافعاً للترويج الإعلامي لمن

يرفعون رؤوس المسلمين عالياً. أضف إلى ذلك أن الحرب العالمية على الحركات

الجهادية ينبغي أن تشكل دافعاً إضافياً للاحتفاء بمن بقي منهم رافعاً لواء الحق

ونصرة الإسلام.

ويسعدنا في مجلة البيان أن نلتقي الرئيس الشيشاني السابق (سليم خان يندر

باييف) لنحاوره عن بعض المستجدات الأخيرة على الساحة الشيشانية:

البيان: لعلنا نبدأ الحوار معكم بعرض موجز للوضع الحالي في الشيشان.

- الجهاد ماض من الشعب الشيشاني، ويشارك فيه معظم الناس. لكن

الحرب في غاية الصعوبة، وتزداد ضراوتها من الروس يوماً بعد يوم، وخاصة

بعد الحرب الدولية على أفغانستان، وعلى ما يسمونه بالحرب على الإرهاب، وقد

تواطأت قوى الكفر (روسيا وأمريكا والاتحاد الأوروبي) لمواجهة المسلمين في

الشيشان.

استشهد كثير من المجاهدين، وجرح آخرون. دمَّر الروس أكثر من ٧٠%

من البيوت والمزارع والمدارس والمصانع، وهدمت الطرق والجسور، وانتشر

الخراب في كل مكان، وامتلأت الأرض بالألغام.

الأرض الشيشانية كلها تحت الحصار الروسي، والروس يمارسون أبشع

أنواع الإبادة والوحشية، والعالم الغربي يدعمهم ويتستر على جرائمهم. لكن الجهاد

في سبيل الله ولله الحمد مستمر، والحرب القائمة حرب عصابات، وقد استطعنا -

ولله الحمد - أن نكبد الروس خسائر فادحة في كمائن عديدة، ومعنويات الجيش

الروسي محطمة، فهم يُجَرُّون إلى ساحة المعركة جراً، وأما عزائم المجاهدين فهي

مرتفعة، ومعنوياتهم عالية، وصفوفهم متماسكة، وهم مصممون على إخراج

الروس وإقامة دولة الإسلام، ونحن واثقون بأن النصر سيكون للمسلمين بعون الله

تعالى.

البيان: لكن هذه الحرب الطويلة والجراحات العديدة ألم تؤثر على صمود

الشعب الشيشاني ودعمه للمجاهدين؟

- لو لم يكن الشعب الشيشاني صامداً وقوياً لم يستطع المجاهدون المواصلة

ولو أسبوعاً واحداً. إن دعم الشعب للمجاهدين جعل الروس يعتدون بكل وحشية

على المدنيين العزّل، بل وعلى النساء والشيوخ والأطفال.

البيان: كم يقدر عدد المجاهدين الشيشان؟

- الشعب بمختلف طبقاته متعاون مع المجاهدين، أما الذين يحملون الأسلحة

ويرابطون في ساحة القتال فهم من أربعة آلاف إلى خمسة آلاف مقاتل. الشيشان

دولة صغيرة، ومتطلبات حرب العصابات مختلفة؛ فهي لا تحتاج إلى جيوش

وأعداد كبيرة، وإنما تحتاج إلى رجال أشداء مدربين تدريباً قوياً، يملكون القدرة

على المراوغة وسرعة الحركة، ويملكون أسلحة فعالة سهلة الحمل.

البيان: وما دور المجاهدين العرب؟

- المجاهدون العرب والشيشانيون تحت قيادة واحدة، وبينهم تنسيق مشترك،

وكذلك يوجد مجاهدون من القوقاز، وهذا التكاتف أكَّد البعد الإسلامي لقضيتنا،

وليس البعد القومي.

البيان: ولكن ما أثر إصابة شامل باسييف ومقتل خطاب رحمه الله؟

- شامل باسييف في صحة جيدة بعد أن قطعت رجله، وهو مستمر في

مزاولة دوره القيادي في الميدان. أما خطاب فقد كان رجلاً شجاعاً مقداماً خبيراً

بفنون القتال، ومتقناً لحرب العصابات، كان يحسن التعامل مع الناس، وكان

محبوباً من جميع الأطراف، وقدم لنا خدمات جليلة لا تنسى، وفي نهاية الحرب

الأولى لمَّا كنت رئيساً للبلاد أعطيته وساماً للبطل القومي بسبب بذله ومساعدته

لنا. ولهذا فإن قتله كان خسارة كبيرة للمجاهدين، وفقده ترك فراغاً كبيراً، وندعو

الله ألاَّ يؤثر هذا على عملياتنا الجهادية. لكنني أذكِّر هنا أن الجهاد الإسلامي لا

يرتبط بالأشخاص، ونحن متوكلون على الله، مستعينون به، ومن اختار طريق

الجهاد، وكان مخلصاً في اختياره، فإن الله سيساعده ويثبته. لقد فقدنا كثيراً من

المجاهدين خلال الحربين الأولى والثانية، ومستعدون لتقديم المزيد؛ فنحن مؤمنون

بقضيتنا.

البيان: التقارب الروسي الغربي الذي تمثل في الاتفاقية الجديدة لروسيا مع

الحلف الأطلنطي، واتفاقهم على مكافحة الإرهاب، هل له تأثير على الشيشان،

وما حجم السلبيات التي يمكن أن يحدثها ذلك التقارب؟

- التقارب الروسي الغربي ليس غريباً؛ فهم على الرغم من اختلاف

مصالحهم متواطئون جميعاً على تصفية المجاهدين باسم الحرب على الإرهاب. لقد

تأكد لنا أن حربهم على الإرهاب إنما هي غطاء للحرب على الإسلام.

إنني أؤكد أنهم هم الإرهابيون، إذا كانوا يدعون أنهم يحاربون الإرهاب؛

فإنهم يمارسون أشد أنواع الإرهاب وانتهاك الحقوق. لقد أصبح شعار: (الحرب

على الإرهاب) طريقاً لتصفية المستضعفين، وعنواناً لكبت الشعوب واحتوائها.

البيان: ما أثر الوجود الأمريكي في آسيا الوسطى، وفي جورجيا على

القضية الشيشانية؟

- التأثير الأمريكي يتصاعد، بل بدأ يتجاوز الدور الروسي. بدأت روسيا

المثقلة بهمومها الاقتصادية تبتعد تدريجياً عن آسيا الوسطى، وتفقد السيطرة أمام

القوة الأمريكية.

اخترقت أمريكا كثيراً من دول ما كان يسمى بالاتحاد السوفييتي، وبدأت

تشتري الأنظمة الضعيفة في آسيا الوسطى وجورجيا وأذربيجان، وتقيم قواعدها

العسكرية والاستخباراتية لتحكم سيطرتها على العالم، وأمريكا لها أطماعها

الاقتصادية والعسكرية في المنطقة، وعلى رأس اهتماماتها الحد من النفوذ الإسلامي

للشعوب التي بدأت تعود لدينها.

البيان: كيف تقوِّمون علاقاتكم بدول الجوار كداغستان وجورجيا؟

- الحكومة الداغستانية الحالية حكومة عميلة لروسيا؛ لكن علاقاتنا مع الإخوة

في داغستان علاقة حسنة، وعندما بدأ المجاهدون في داغستان عملياتهم ضد

القوات الروسية ساعدناهم، ثم توثقت الصلات بهم، ولا زال عدد من المجاهدين

الداغستان يقاتل في صفوفنا في الشيشان، ودولة الشيشان محاطة بروسيا من جميع

الجهات ما عدا قطعة صغيرة لا تتجاوز ٥٠ كم على الحدود مع جورجيا، وهي

منطقة جبلية وعرة جداً، وفي داخل جورجيا توجد ست قرى شيشانية، وهناك

لاجئون من الشيشان.

البيان: كيف ينظر الشعب الشيشاني للحكومة الشيشانية الحالية في

جروزني؟

- الحكومة الحالية حكومة عميلة وضعيفة جداً لا تمثل الشعب الشيشاني، ولا

يحترمها أحد، وهي غطاء لإدارة جيوش المحتلين الروس.

أعضاء الحكومة أدوات طيّعة بأيدي القادة العسكريين من روسيا، يديرونهم

كما تدار الدمى الجامدة في مسرح العرائس؛ ولهذا لا أتوقع لها مستقبلاً مستقراً.

البيان: ولكن ما حقيقة المباحثات السلمية التي تجري مع روسيا؟

- لا توجد أي مفاوضات على الإطلاق بين المجاهدين والحكومة الروسية أو

الحكومة العميلة في جروزني. المجاهدون لن يقبلوا إلا بخروج الروس من أرض

الشيشان، الخروج الحقيقي الذي يمكنهم من إقامة شرع الله.

البيان: لكن هل ترغب روسيا أصلاً بالتفاوض معكم؟

- الحكومة الروسية تريد فرض إرادتها على الشيشان، ولن تقبل الحل

الإسلامي الذي يقدمه المجاهدون على الإطلاق. والمجاهدون الشيشانيون وشعب

الشيشان لا يريدون الاستسلام للإرادة الروسية، ولن يتنازلوا عن حقوقهم، ولن

يقبلوا الترويض أو الإقصاء.

البيان: إذاً ما الحل في نظركم؟

- هو طريق واحد لا شك فيه.. إنه الجهاد في سبيل الله، ولا بد أن نصبر:

[وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ] (العنكبوت: ٦٩) .

البيان: لتسمحوا لنا أن ننتقل إلى التعرف على أوضاع اللاجئين الشيشانيين؟

- اللاجئون الشيشانيون ينتشرون في أنغوشيا وداغستان وجورجيا وأذربيجان

وقليل منهم في تركيا، وحالتهم الغذائية والصحية يرثى لها. ويوجد شيشانيون

كثيرون هائمون في الشيشان نفسها بعد أن دمرت منازلهم وهدمت مزارعهم، وقتل

رجالهم، وانتشرت الأرامل والأيتام والمعوقون.

الشيشانيون في الداخل أصعب حالاً من إخوانهم في الخارج، وهم يمرون

بأوضاع بائسة وحرجة جداً، ويفتقرون لأبسط الاحتياجات الإنسانية.

الأسر المستضعفة التي فقدت رجالها تتجمع وتتكاتف لتسكن في أماكن ضيقة.

ونحن نحاول مساعدتهم لكن الصعوبات تواجهنا كثيراً جداً.

أما اللاجئون في جورجيا وأذربيجان فأحوالهم الأخيرة تزداد سوءاً؛ لأن تلك

الحكومات ضيقت على المؤسسات الإسلامية الخيرية، وأخرجتها من المنطقة.

وفي المناطق الخاضعة للنفوذ الروسي تتلقى الحكومة الروسية المساعدات

الإنسانية من الدول والمنظمات الدولية بحجة تنظيمها، ولكن في الحقيقة تستخدمها

لتمويل الجيش الروسي وتغذيته..!!

البيان: كيف تقوِّمون تفاعل الشعوب الإسلامية مع القضية الشيشانية؟

- زرت بعض الدول الإسلامية، ورأيت تعاطفاً كبيراً؛ فالشعوب الإسلامية

محبة لنا، وتأتينا مساعدات يسيرة مشكورة. لكن الإعلام العربي متغافل عنا،

ولهذا ترى كثيراً من الناس لا يدركون حقيقة قضيتنا.

البيان: إذن ما هي رسالتكم التي تودون إيصالها عبر مجلة البيان؟

- نشكر جميع المسلمين الداعمين لإخوانهم في الشيشان، ونرجو منهم الدعاء.

ويجب أن يعلموا أنَّ الدين الإسلامي هو دين العزة، ولن تكون العزة إلا بالجهاد؛

فعليهم أن يعودوا إلى دينهم الحق ليس بالقول، بل بالقول والعمل. وعلى شعبنا

الشيشاني أن يؤمن حقاً بدينه، ولن يكون التحرير والنصر إلا بهذا، ولن يرفع

عنهم الذل إلا بهذا الطريق. كونوا معنا، ولا تنسوا الدعاء لإخوانكم ودعمهم مادياً

ومعنوياً.