للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قراءة في كتاب

[أهداف الجامعة الأمريكية بالقاهرة ١٩٢٠ ـ ١٩٨٠م]

د. سهير حسين البيلي

دار فرحة للنشر والتوزيع - مصر

عرض: وائل عبد الغني

«إنه لا يوجد شخص يستطيع أن يقضي أربع سنوات في الجامعة دون أن

يكتسب السلوك الخلقي والمثل العليا الجديدة التي ستحول حياته بشكل كامل عقب

تخرجه في الجامعة» .

- وليم هل -

الدراسة التي بين أيدينا دراسة وثائقية نالت بها كاتبتها درجة الماجستير،

غاصت فيها الباحثة في الوثائق الخاصة بالجامعة وأخرى خاصة بالدولة لتكشف عن

الدور الذي لعبته الجامعة الأمريكية في القاهرة خلال ستين عاماً من عمرها

١٩٢٠ - ١٩٨٠م، وتثبت الدراسة مجموعة حقائق تتبلور عن حقيقة كلية هي أن

التجربة الأمريكية الاستعمارية تفوقت على التجربة البريطانية تماماً، كما تفوقت

التجربة البريطانية على التجربة الفرنسية، وقد أشاد اللورد كرومر بالتعليم

الأمريكي بقوله: «إنه ليس لدي أي تردد في إظهار نتيجة ما يزيد على ٢٣ عاماً

من الخبرة بأن مدارس التبشير الأمريكي وكلية أسيوط البارزة أحدثت إنجازاً كبيراً

وتقدماً جيداً للتعليم والحضارة في مصر» .

وقد قامت هذه المدارس بعشرة أضعاف الجهد الذي قامت به بريطانيا في

سبيل نشر التعليم واللغة الإنجليزية في مصر.

والنموذج الأمريكي المتمثل في الجامعة بالذات كان أذكى بكثير في مدخله

وأساليبه؛ فما تركت مجالاً إلا وأثرت فيه، ولم تدع فرصة إلا واقتنصتها، فكان

لها مع كل حادثة حديث، ومع كل فرصة نقلة.

وتعد الدراسة توثيقاً لصفحة من تاريخ الأمة يكشف اختراق الجامعة الأمريكية

للمجتمع العربي من مفرق رأسه حتى أخمص قدميه، وبصورة محببة وجذابة

تخطت بصورة مذهلة ما عجز عنه نظام دنلوب؛ فالاحتلال البريطاني ظل احتلالاً،

وقد كان له أثره في الأمة، أما التجربة الأمريكية التي لم تنته فصولها بعد فتمثل

نوعاً جديداً من الاستعمار هو الاستعمار النفسي الذي بدأ على عكس التجربة

البريطانية بالتعليم وانتهى بالعسكرة.

ونظراً لأن محور الكتاب هو أهداف الجامعة في الفترة المحددة للدراسة فقد

مايزت الكاتبة بين أربع مراحل من عمر الجامعة تم تقسيم الكتاب على أساسها هي

عنوان لأربعة فصول من فصول الكتاب الثمانية، وقد استكملتها الكاتبة بشرح

المقدمات والظروف والعوامل التي مكنت الجامعة الأمريكية من تحقيق أهدافها.

** الفصل الأول: خضوع مصر للهيمنة الاستعمارية وتغلغل التعليم الأجنبي.

وهو عن المقدمات الطبيعية التي مهدت لنشأة الجامعة، والتي كان لها أثرها

المباشر في انتشار التعليم الأجنبي بصوره المختلفة: (الطوائف غير الإسلامية -

الجاليات الأجنبية - مدارس الإرساليات والفرق الدينية) .

وهي العوامل الداخلية (السياق الاجتماعي) والعوامل الخارجية (السياق

العالمي) .

أما عن العوامل الداخلية فكان أبرزها الانهيار الاقتصادي نتيجة لسوء إدارة

الاقتصاد، وتحكم نظام الإقطاع، واحتكار الدولة لوسائل الاقتصاد؛ نتيجة لسياسات

أسرة محمد علي المنفتحة على الغرب من أجل ترسيخ أطماعه في مواجهة الدولة

العثمانية، وهو ما فتح الباب أمام التدخلات الأجنبية في مصر سياسياً واقتصادياً،

وهو ما تولد عنه نظام الامتيازات الأجنبية التي أعفت رعايا الدول الأجنبية من

القوانين المحلية ومن الضرائب ومن أي التزام أمام الحكم الداخلي، وهو ما فتح

الباب على مصراعيه لهجرة كثير من رؤوس الأموال والصناع وأصحاب الحرف

إلى مصر والاستقرار فيها، وحيث ذهب رأس المال الأجنبي تسللت الإرساليات

الدينية في إثره، خاصة أن سياسة محمد علي لم تضع العامل الديني في الحسبان،

فتصرف الأجانب بحرية تامة خاصة بعد أن ألغيت القاعدة التي كانت تحتم عليهم

الحصول على تصريح من الحكومة لبناء كنيسة أو ترميمها أو إعادة بنائها، فأخذوا

يقيمون الكنائس ويلحقون بها المدارس المختلفة بحجة تعليم أبنائهم، كما كان لافتتاح

قناة السويس دور خطير في زيادة التغلغل الأجنبي واللجوء إلى سياسة القروض

التي لعبت دوراً في التدخل المباشر في أمور البلاد.

وقد قدم الخديو سعيد وإسماعيل المساعدات والدعم لهذه الإرساليات إرضاء

للدول الدائنة، وقد أدى هذا الأمر إلى تغلغل الثقافة الغربية التي بدأت مع حملة

نابليون واستمرت مع تبني أسرة محمد علي للمشروع الغربي للتحديث، واتسعت

مع عودة البعثات من أوروبا لإدارة أمور البلاد بدرجة ولدت انقلاباً في ثقافة البلاد

خاصة في عهد إسماعيل الذي شهد تأسيس عدد من الجمعيات العلمية وانتشار

الصحف بمختلف اتجاهاتها، وظهور الصالونات الفكرية والثقافية. لكن كل هذه

العوامل ما كانت لتحقق آثارها لولا تأخر التعليم في مصر.

أما العوامل الخارجية (السياق العالمي) التي عجلت بتحقق الهيمنة:

فأولها: الامتيازات الأجنبية التي أدت إلى تضاعف عدد الأجانب عشرين

مرة بين عامي ١٨٣٦، ١٨٤٦م كما تزايد لأكثر من أربعة أضعاف بين عامي

١٨٤٦، ١٩١٧م.

ومن ثم توسعت الإرساليات التبشيرية في بناء الكنائس والمدارس والجمعيات

من أجل السيطرة على المجتمع المصري، كما توسعت في إصدار الصحف

والمجلات والكتب التي أنشئت لمتابعة الدراسات الاستشراقية.

والأمر الثاني: هو أن التنافس الاستعماري على مصر كموقع كان باعثاً

للتنافس التنصيري من أجل حل المسألة المصرية.

إلى جانب الهيمنة الاقتصادية التي بدأت بمعاهدة لندن، وتوسعت في عهد

إسماعيل حيث سادت في عهده الاضطرابات الاقتصادية والسياسية، وكان من

جرائها بسط السيطرة الأجنبية على مصر خاصة بعد تغول الرأسمالية العالمية في

القرن التاسع عشر، والتي سعت إلى الاستحواذ على مناطق شاسعة من العالم

لاستنزاف مواردها واقتصادها، وقد كانت مصر أرضاً خصبة في هذا المجال.

كما كان للرحالة الأوروبيين الذين وفدوا على مصر وعلى رأسهم السان

سيمونيين دور في تهيئة الأوضاع، فقد جلبوا معهم أفكاراً جديدة كان لها أثرها

ومنها الفن للفن، وضرورة إقامة مدارس للفنون الجميلة للعناية بالموهوبين، وقد

رددت الصحافة أفكارهم وتأثر بها عدد من المثقفين.

كل هذه العوامل جعلت من مصر أرضاً ممهدة أمام للتعليم الأجنبي ومجالاً

خصباً للنفوذ والهيمنة الاستعمارية.

وقد بلغ عدد المدارس في عهد إسماعيل حوالي ٧٠ مدرسة، وتخرج فيها عدد

كبير من رجال الأعمال والمهن في مختلف النواحي الاجتماعية، ونال كثير منهم

الحماية الأجنبية بواسطة القناصل فصاروا في حكم الأجانب في انتمائهم وميولهم،

وأمام هذه المغريات زاد عدد المدارس.

** الفصل الثاني: التعليم الأمريكي في مصر: النشأة والتطور.

جاء في تقرير مجموعة من المبشرين: (إن القاهرة تعتبر نقطة مهمة وهي

المدينة الثانية في الإمبراطورية التركية) .

وقد بدأت الإرسالية الأمريكية العمل في مصر مع بداية عام ١٨٥٠م تحت

مسمى (الرسالة المشيخية الاتحادية الأمريكية) ، ومنذ اليوم الأول ترافق النشاط

التعليمي مع النشاط التبشيري.

وقد أنشأ الأمريكيون تحت لواء الهيئة المشيخية المتحدة عدداً من المدارس

على طول نهر النيل، كان من أشهرها كلية للرجال في مدينة أسيوط التي تعد

عاصمة إقليم الصعيد، وكلية للبنات في القاهرة كان لها دور تعليمي بين نساء مصر

عامة والقاهرة خاصة، وقد كان نشاط المدارس الأمريكية يتركز في عدد من

الأهداف: نشر المذهب البروتستانتي بين الأقباط أولاً والمسلمين ثانياً في مصر،

وكان لنشر المذهب دوافع استعمارية كشف عنها وليم هل: «إن مصر مستودع

للثروات التي لا تعد ولا تحصى» .

وقد كان لكلية أسيوط وهي تعليم ثانوي دور تنصيري كبير في صعيد مصر،

ويؤكد هذا كلام واطسن أحد صناديد المنصرين في تلك الفترة: «إن الاتحاد حقق

غرضه بالفعل وتنصر اثنان وستون طالباً في عام واحد، وفي عام آخر تنصر

خمسة وثلاثون آخرون، كما وهب سبعون من أعضاء الكلية أنفسهم للعمل

التنصيري أيضاً» .

وكان التركيز في تلك الفترة على الطبقة الفقيرة من خلال تبني أفرادها

واحتوائهم وتقديم التعليم المجاني لهم، ثم إيجاد فرص عمل مناسبة ضمن نشاطها،

وكان الشرط الأساسي لذلك هو عضوية الشخص للكنيسة الإنجيلية وانتماؤه إليها،

والدعوة إلى مذهبها بين أقرانه وذويه وأصدقائه، وفي نفس الوقت اتخذت الإرسالية

من الطبقة الغنية سنداً لها بتقديمهم الدعم المادي والمعنوي لأنشطتها.

وأدى انتشار الأفكار الغربية في العقدين الأخيرين من القرن التاسع عشر إلى

تحولات واسعة في كافة المجالات وبخاصة الأفكار المتصلة بالتعليم.

وسعياً في تطوير الآليات الموجودة رأت الإرسالية القفز بمستوى التعليم من

أجل إعداد جيل من القادة، وتم بالفعل إنشاء كليات مجهزة تجهيزاً جيداً في كل من

القاهرة وبيروت وإستانبول من أجل تسريب المبادئ النصرانية إلى الطبقة المثقفة

على وجه الخصوص وإلى بقية الطبقات بالتبعية.

** الفصل الثالث: نشأة الجامعة الأمريكية في القاهرة.

يتجه الاهتمام في هذا الفصل إلى إلقاء الضوء على نشأة الجامعة الأمريكية

بالقاهرة والظروف التي واكبتها، والأهداف التي أنشئت الجامعة من أجلها.

فقد تأسست الجامعة الأمريكية في الخامس عشر من أكتوبر ١٩٢٠م بعد رحلة

طويلة من المبادرات والنقاشات والرسائل المتبادلة واللقاءات وجمع المعلومات.

وكان الغرض من الجامعة هو أنها:

- سوف تخدم ٢٤ مليوناً من المتحدثين بالعربية وتغطي الشمال الإفريقي.

- التواجد الثقافي في مصر حيث المكانة الاستراتيجية كمركز فكري للعالم

الإسلامي له أهميته عند المبشرين، حيث الأزهر، وما يزيد عن مائتي دار

للطباعة والنشر يصل إنتاجها إلى مراكش وجاوا والصين، كما يتدفق نحو

القاهرة جموع من المسلمين الرحالة من كل مكان لأهداف دينية وتجارية، وأعدادهم

تفوق بكثير أعداد الحجاج الذين يتوافدون أفواجاً في أشهر الحج على مكة، ولهذا

كان عدد المنظمات التبشيرية ضخماً في تلك المرحلة.

- تحتاج الساحة إلى لون جديد من التبشير يتفوق في شكله ومحتواه على

الصور الموجودة.

وقد أكد المؤسسون في لقاءاتهم ومراسلاتهم على أن تكون شخصية الجامعة

مسيحية، وكان من بين المشاركين في وضع المعالم الرئيسية لشخصية الجامعة

زويمر وجون موط السكرتير العام لجمعية الشبان المسيحيين الأمريكيين، وبالفعل

ولدت الجامعة نصرانية بروتستانتية تبشيرية بنسبة ١٠٠% [١] .

ومع الميلاد بدأت الجامعة في مد الصلات مع كل القوى التي يمكن أن

تساندها، ونالت الجامعة تأييد لوردات الاحتلال على تتابعهم، كما رحبت الصحافة

المصرية لسان حال الحكومة ترحيباً حاراً، أما السلطان فؤاد فقد دعا واطسن رئيس

الجامعة للعمل ضمن لجنة عامة لدراسة برنامج التعليم القومي، وكانت هذه الدعوة

أقوى دعم يمكن أن تناله مؤسسة تعليمية في ذلك الوقت، بعد أن أقامت اتصالاً بينها

وبين وزارة المعارف بما يعني مد نشاطها إلى خارج أسوارها.

أما عن التوجهات الأساسية فقد أجملتها الباحثة في ثلاثة توجهات: ديني -

أكاديمي - اجتماعي.

وكان التوجه الديني هو المقدم كما تؤكده وثائق الجامعة، حيث كان الهدف

الأكبر هو ضمان الشخصية المسيحية، وتأثيرها الواسع، وتنمية الولاء المسيحي

عبر التبشير البروتستانتي بين المسلمين عامة في مصر ومحيطها الديني والثقافي.

أما التوجه الأكاديمي: فقد كان مسخراً لإنشاء تعليم على مستوى عال يمكِّن

من إعداد نخبة يمكن أن توسد إليها الأمور في المستقبل القريب، وكانت الأقسام

المقترحة: قسم التعليم العالي - كلية إعداد المعلمين - كلية لاهوتية - كلية الزراعة.

كما افتتحت كليات لاحقاً في الطب والهندسة والصحافة إلى جانب كلية الخدمات

التعليمية الممتدة التي تقدم دروساً ليلية.

أما التوجه الاجتماعي: فقد كان من بين الأهداف المعلنة التي تتعلق بتطوير

المجتمع المصري بحيث يصبح ذا خصائص ثقافية غربية بديلة للعقائد والتقاليد

والخرافات السائدة في ذلك الوقت، كما اهتمت بقضية المرأة تحت مسمى التحرير،

وبعبارة أوضح صبغ المجتمع بالصبغة الأمريكية من خلال تعليم أبناء الصفوة

العقيدة المسيحية وتنمية العقلية المتحررة لديهم ثم تحركهم لتغريب المجتمع ككل في

مرحلة لاحقة.

وقد بدأت الجامعة عملها الرسمي بالأقسام التالية:

- كلية الآداب والعلوم على مستوى الثانوية وكانت على قسمين:

* قسم الآداب ويدرس باللغة الإنجليزية وفق النظام الأمريكي.

* قسم الحكومة باللغة العربية وفقاً للنظام المصري مع إضافات أخرى.

- مدرسة الدراسات الشرقية وهي تطوير لمدرسة تدريب المبشرين التي

أنشئت في مصر عام ١٩١٣م التي كانت تدعى «مركز القاهرة للدراسات» .

- أما قسم الدراسات الممتدة فقد افتتح في عام ١٩٢٤م للإسهام في فحص

المجتمع المصري، وجمع أكبر قدر من المعلومات عنه وبناء تصور لمشكلاته،

ومن أهداف هذا القسم: التأثير في الخلفية الاجتماعية لطلاب الجامعة الشرقيين،

وفي الأقطار المسلمة (عادات وتقاليد اجتماعية) التي تمثل أكبر عائق أمام تغريب

الطلاب، والتأثير في طلاب الجامعة الذين سيناط بهم قيادة المجتمع في المستقبل،

وقد كان القسم حريصاً على توصيل مفاهيمه لأكبر قطاع من المجتمع؛ ولذلك

استحدث عدداً ضخماً من الوسائل والأساليب التي يتمكن من خلالها الاتصال بأكبر

قطاع ممكن من المجتمع، وقد وظفت المحاضرات والنشرات الشهرية والفصلية

والسينما التعليمية أسبوعياً والأمسيات والمناقشات في العلوم الاجتماعية ومصلحة

رعاية الطفل التي كانت تابعة للقسم، وكانت بعض المحاضرات التي يقدمها القسم

تعقد خارج الجامعة في بعض المدن والقرى لاجتذاب اهتمام أكبر عدد من الناس.

- كلية التربية (١٩٢٦م) : وكانت تهدف إلى التأثير في التعليم المصري

وفي البلاد المجاورة من خلال نقل طرق التعليم الحديث إلى مصر، وكانت الكلية

تسعى لتحقيق أهداف الجامعة من خلال تأكيد المنظومة التربوية الغربية عموماً

والأمريكية على وجه الخصوص، وقد أصدرت الكلية صحيفة التربية الحديثة التي

كان لها تأثير خطير في كل من مصر وسوريا والسودان والعراق وجاوا

والحبشة وسنغافورة، ومع هذا الرواج حققت الجامعة من ورائها أرباحاً وفيرة، وقد

كان من أهداف الصحيفة إقامة اتصال مباشر في مجال التربية بين العالم العربي

والولايات المتحدة؛ ومع التوسع في التعليم المصري كانت هذه الصحيفة من

أكبر المؤثرات الثقافية في مصر.

- مركز البحث الاجتماعي (١٩٥٣م) : وتم إنشاؤه بمنحة من مؤسسة فورد

أحد أخطر واجهات المخابرات الأمريكية، وقد اهتم هذا المركز بجانب المعلومات

وتحليلها من خلال توظيف الطلاب في مجال البحث الاجتماعي في المنطقة العربية،

والعمل على تدريب الطلاب في مجال علم الاجتماع وأساليب البحث العلمي،

وتشجيع الطلاب على مشروعات البحث الاجتماعي.

- معهد اللغة الإنجليزية: وقد تأسس في عام ١٩٥٦م لتعليم اللغة الإنجليزية

للطلاب الراغبين في تحسين لغتهم الإنجليزية من أجل الالتحاق بالجامعة.

وفي الفصول الخمسة الباقية من الكتاب ترصد الباحثة مدى الثبات أو التغير

في أهداف الجامعة ومؤسساتها وطبيعة الظروف التي أدت إلى ذلك، وما نتج عنها

من سياسات تعليمية وأقسام جديدة لنرى كيف كانت الجامعة تنظر إلى الأمور من

واقع الوثائق المحفوظة لديها والتي أتيح للباحثة الاطلاع عليها في فرصة ربما كانت

نادرة.

وقد فرقت الباحثة بين أربع مراحل: مرحلة النشأة والاستقرار وهي أطول

المراحل (١٩٢٠ - ١٩٥٦م) ، ومرحلة ما بعد الثورة (١٩٥٦ - ١٩٦٣م) ، ثم

مرحلة التحول الاشتراكي (١٩٦٣ - ١٩٧٠م) ، ثم المرحلة الأخيرة مرحلة

الانفتاح وهي ما بعد ١٩٧٠ وحتى حدود الدراسة ١٩٨٠م.

** الفصل الرابع: الأهداف المعلنة والممارسات منذ عام ١٩٢٠ - ١٩٥٦م.

وقد حدد الهدف في البند الثاني من وثيقة الإنشاء ويتضمن «تقديم التربية

المسيحية لشباب مصر والأراضي المجاورة، وذلك عن طريق إقامة معهد تعليمي

على أعلى المستويات التربوية الفعالة، كي تظهر للعالم الإسلامي السمات الخلقية

للسيد المسيح [السلوك النصراني] ... » .

ولم يتوقف هذا الهدف المعلن عن الظهور في لوائح الجامعة السنوية على

مدار الأعوام من ١٩٢٠ - ١٩٥٦م وإن اختلفت الصياغة، حيث ظلت الوجهة

التبشيرية هي المحور الذي تدور حوله بقية الأهداف المعلنة من إعداد النخبة ونشر

الثقافة الأمريكية وخدمة المجتمع المصري، وكانت الجامعة تسعى لتحقيق أهدافها

من خلال أقسامها المختلفة.

أما عن وسائل تحقيق الهدف الديني فقد تعددت بين:

- اجتماع ديني يومي في كنيسة صغيرة بالجامعة وبصورة إجبارية، تقام فيه

الصلوات النصرانية ويقرأ فيه الإنجيل وتتلى خطب قصيرة في الأخلاق، وكان

الجميع يشاركون في إنشاد التراتيل (كان الطلاب المسلمون يمثلون ثلث الطلاب

في البداية) ، وقد انبثق عن هذه الاجتماعات جمعية الشبان المسلمين المسيحيين

التي تعد امتداداً في نشاطها لجمعية الشبان المسيحيين والتي مارست نشاطاً تنصيرياً

خارج أسوار الجامعة.

- محاضرات عامة عبر قسم الدراسات الممتدة الذي يفتح الباب أمام الاحتكاك

بالجماهير عبر المحاضرات والأنشطة الثقافية في الفترة المسائية لكن بصورة غير

ملزمة، وقد كانت قاعة إيوارت محفلاً لهذا النشاط الذي تطرق تقريباً لكل شيء،

يمكن أن يخدم الهدف الديني للجامعة.

وكانت القضايا تناقش دون تحفظ، وقد وجد أن أثر هذه الطريق بالغ مع

مضي الوقت في تقبل الكثيرين للعقائد النصرانية، وتضمنت المحاضرات كثيراً من

الشبهات حول عقائد الإسلام مما اختلقه المستشرقون، كما مررت هذه المحاضرات

العديد من الأفكار لقياس الرأي العام ودرجة الوعي، وكان من بينها محاضرة

بعنوان «هل ستنال المرأة حقوقاً وواجبات مساوية للرجل؟» والتي ثارت بسببها

ثائرة الناس، وشنت الصحف حينها حملات قوية على الجامعة، وكانت الجامعة

تطأطئ رأسها للموجة ثم تعاود الكرة من جديد.

كما عملت الجامعة على نشر أفكارها من خلال سلسلة أخرى من المحاضرات

التي يتخفى فيها الهدف الديني وتتحدث عن مواضيع من قبيل الرفاهية القومية

والصحة العامة، والتاريخ والعلوم، والمشكلات القومية، والأمور السياسية وكل

من هذه المجالات مرتبط بأهداف اجتماعية وثقافية ولكنها تحمل أفكاراً دينية لتأكيد

الغرض التبشيري.

وكان الحضور منوعاً من كل الطبقات؛ أعضاء برلمان، وأساتذة وطلاباً

بالأزهر، ونساء، وكبار رجال الدولة وعامة الناس، مما وضع الجامعة في أعلى

مكانة على الخريطة الثقافية في مصر.

كما كانت تُعرض أفلام تعليمية وأخرى مثل الفيلم التبشيري

«KING OF KINGS» الذي يعرض العقيدة النصرانية في المسيح عليه

السلام، وكان يعرض من عشرين إلى ثلاثين مرة كل عام قبل عيد القيامة، وقد

قامت بالفعل بتنصير عدد من الطلبة المسلمين مما حرك نوازع الغيرة الدينية

الشعبية ضد الجامعة، وقد نفَّس العامة عن هذه المشاعر كلما أتيحت الفرصة، وقد

تم اقتحام الجامعة وتحطيم مكوناتها مرات عدة على إثر كل غضبة شعبية ضد

المستعمر، كما حدث في حريق القاهرة وبعد العدوان الثلاثي وبعد نكسة ١٩٦٧م.

- المناهج الدراسية: ويكفي هنا أن ننقل مقولة واطسن وهو يخاطب أصدقاء

الجامعة الأمريكية في القاهرة: «إني أتحدى أن ينجح أي منكم في اختبارات

الإنجيل التي يواجهها طلابنا في الجامعة الأمريكية في القاهرة» .

وقد شهدت مجلة الاتحاد المشيخي على طبيعة المناهج: «الجامعة الأمريكة

بالقاهرة كانت تقدم المبادئ المسيحية، وهذا البرنامج كان بعيداً عن أن يكون منهجاً

تعليمياً صرفاً، فالجامعة منظمة تبشيرية تستخدم التعليم للوصول إلى تحقيق

غرضها التبشيري بين الناس» .

- اختيار أعضاء هيئة التدريس: وقد نصت اللائحة الداخلية للجامعة عام

١٩٥٤م على أنه عند تعيين الجامعة لهيئة التدريس يوضع في الاعتبار توافر

الشخصية المسيحية للشخص المراد تعيينه من أجل تحقيق الهدف التبشيري،

والمدرسون الأمريكيون خدم أغلبهم في الكنائس والاتحادات الدينية العالمية مثل

جمعية الشبان المسيحيين وجمعية الشابات المسيحيات اللتين كان لهما نشاط واسع

داخل الجامعة.

- الأنشطة الاجتماعية: والتي تمثلت في الأنشطة الرياضية والنشاط الثقافي

واتحاد الطلاب وقد وفرت هذه الأنشطة جواً اجتماعياً وتربوياً وثقافياً أسهم بشكل

فاعل في تعميق أفكار الجامعة لدى الطلاب، وامتداد نشاطها خارج أسوار الجامعة،

وتدريب الطلاب على التأثير المطلوب في المجتمع.

- المناخ الجامعي: حيث الروح الكنسية والجو الليبرالي بمفهومه الأمريكي

حيث حرية التعبير والسلوك والعلاقة..

العلاقة التي تربط التلميذ بأستاذه ومحيطه الجديد، فقد كان الاحتكاك اليومي

بين المدرس والطلاب أقوى من كل التأثيرات الدينية [٢] .

أما هدف إعداد النخبة الحاكمة وهو لا يقل أهمية عن الهدف الأول، وهو

يبدو إنسانياً في ظاهره لكنه محمل بأبشع أنواع الاستعمار.

وقد أكدت جميع وثائق الجامعة على شعار: «التعليم الشامل للصفوة» ولم

يكن غريباً عندما فتحت الجامعة أبوابها عام ١٩٢٥م أن نجد أن الطلبة المدرجين في

قوائمها من الطبقات العليا في المجتمع ٦٠% منهم مسلمون، وقد كان الطلبة

يتدربون على وسائل التأثير البعيد في الفكر والحياة في الشرق الأدنى وأجزاء

أخرى من العالم، وقد شغل معظم خريجي الجامعة الأمريكية بالقاهرة مناصب عليا

في المجتمع في مجالات الإعلام والسياسة والاقتصاد.

أما عن هدف نشر الثقافة الأمريكية:

فالجامعة كما قال واطسن «جسر صداقة» بين المجتمع الأمريكي والعالم

الإسلامي، وهي تدار بإدارة أمريكية وأموال أمريكية بغرض نقل القيم النابعة من

التجربة التربوية المسيحية التي تمارس في أمريكا إلى مصر، وتنمية التفكير على

أسس من الثقافة الأمريكية. وقد استخدمت في ذلك عدة وسائل هي:

- التعليم الحر.

- الحفلات الفنية والموسيقية وكانت الإذاعة المصرية تنقلها إلى مستمعيها.

- المحاضرات والمنتديات الثقافية التي تعتمد على العقلانية في النقاش.

- السينما التعليمية: وهي وسيلة ناجعة لبسط الهيمنة الثقافية الغربية وبناء مجتمع

متغرب.

وأما هدف خدمة المجتمع المصري:

فكان المراد من هذا الهدف نيل مصداقية عالية لدى الحكومة وعموم الشعب

نتيجة إظهار الاهتمام بمشاكل المجتمع، وهي في نفس الوقت تعد وسيلة مهمة

لفحص المجتمع المصري من حيث خصائصه النفسية والاجتماعية والدينية

ومشكلاته وأعراضه وأمراضه حتى يسهل التأثير فيه.

وهي كذلك وسيلة لتدريب الطلبة على حل المشكلات، وتوصيفها وتصنيفها

وفقاً للمنظور الأمريكي بخلفيته النصرانية، وعلى سبيل المثال قام ١٣٠ شاباً خلال

صيف ١٩٣٢م بمناقشة الأوضاع الصحية في حوالي ١٣ مديرية من مديريات مصر

وقاموا بتوزيع حوالي ١٢٥ ألف بحث تنظيم وحوالي ٣١٩٥ استمارة مقابلة.

كما ساهم قسم الدراسات الممتدة بفصول مسائية لأصحاب الوظائف الحكومية

الدنيا، وآخرين ممن يريدون الحصول على درجات علمية في التعليم المسائي.

كما قام مركز البحث الاجتماعي بدور خطير في كشف دقائق الأمور وتحليل

المشاكل الاجتماعية في مصر ودول الشرق الأوسط، وبهذا تتمكن الولايات

المتحدة من ترسيخ الهيمنة الثقافية على المجتمع المصري.

** الفصل الخامس: المتغيرات العالمية والمحلية الميسرة لثبات الأهداف

١٩٢٠ - ١٩٥٦م.

أما على المستوى الداخلي فقد أسهمت ثلاثة تيارات فكرية في تهيئة الأوضاع

للجامعة وهي الفكر الليبرالي والفكر الشيوعي بثقافته الغربية والتيار العقلاني بقيادة

الشيخ محمد عبده، وقد مهد الثلاثة من خلال تبنيهم لمفهوم الحرية بمعناه الغربي

لاقتحام الجامعة مجالات كان من المفترض أنه من المحظور على أي أحد الخوض

فيها فضلاً عن جهة تبشيرية أو أجنبية.

أما الأوضاع السياسية فكانت مساندة تماماً لنشاط الجامعة، وقد نجح القائمون

على الجامعة في إرضاء كافة الأطراف واستغلال الظروف السياسية المختلفة،

وتوثقت الصلات بالقصر والوزارة والبرلمان والاحتلال في وقت واحد بالإضافة

إلى النخبة الغنية.

أما على المستوى الشعبي فكان أقرب للعداء نتيجة للمارسات التنصيرية التي

أثارت الرأي العام، وأقامت عدداً من العلماء على رأسهم الشيخ المراغي في

مواجهة نشاط الجامعة المشبوه لكن الجامعة قامت بجهود جبارة لاختراق المستويات

الشعبية، وقد حققت لها بعض النجاحات.

وقد اضطرت الظروف السياسية والقانونية الجامعة في بعض الأحيان لأن

تتخفف من بعض أنشطتها التبشيرية دون أن يعني ذلك التخلي كلية عنها.

أما على الوضع الاقتصادي فقد كان لسيادة النظام الرأسمالي خلال الفترة

الملكية أثره في وجود ما يشبه التحالف الضمني لاتحاد المصالح؛ إذ التحق أبناء

هذه الطبقة بالجامعة والتي كانت تؤهلهم لتوسد المناصب السيادية في الدولة، كما

وفرت بعض عناصر هذه الطبقة المنح للجامعة.

** الفصل السادس: الجامعة الأمريكية والنظام الجديد في أعقاب ثورة يوليو

حتى ١٩٦٣م.

وقد نشأت على إثر الثورة طبقة جديدة صعدت مع الثورة فحرصت الجامعة

على التقرب منها؛ فاستثنت أبناء أعضاء مجلس قيادة الثورة من شروط القبول،

دون أن يعني ذلك تخليها عن علاقاتها مع الطبقة الرأسمالية التي ظلت تحافظ على

تواجدها رغم الإجراءات التي اتخذت ضدها من أجل تقليص دورها.

وبدأت الجامعة إبراز خطاب جديد يناسب شعارات الثورة، كما ألغت الدراسة

يوم الجمعة وخفضت اليوم الدراسي في شهر رمضان، واختارت أعضاء هيئة

التدريس من المصريين والأمريكيين على حد سواء بغض النظر عن العقيدة.

أما على الصعيد الدولي فقد سنت الولايات المتحدة القانون رقم ٤٨٠ الشهير

لاستغلال الفائض الزراعي في خدمة المصالح الأمريكية وهو القانون الذي فتح

الباب أمام أرقام كبيرة جداً من المساعدات والمنح الأمريكية، ونتيجة للاستقطاب

بين المعسكرين أخذت الولايات المتحدة تتقرب إلى الثورة من أجل كسب مصر في

صف المعسكر الغربي.

لكن كان لرفض مصر الدخول في مشروع الحلف مع أمريكا وعقدها صفقة

الأسلحة الشهيرة مع تشيكوسلوفاكيا بعد أن رفض المعسكر الغربي بيع أي أسلحة

لمصر، أثراً في ممارسة الضغوط الاقتصادية الأمريكية ضدها، وجاء الرد

الأمريكي قاسياً بإيقاف المساعدات وإيقاف النشاط التجاري بين البلدين، وقطع

العلاقات الدبلوماسية، ومحاصرة مصر بحراً لمنع وصول أي سفينة تحمل سلاحاً

إلى مصر، وإلغاء تمويل مشروع السد العالي.

كل هذا أدى لأن تسير الجامعة في إطار أكثر حذراً وأقل انفتاحاً، وأكثر

اعتباراً لما يثير الرأي العام.

وبدا الدور التبشيري أكثر انكماشاً وأظهرت الجامعة لوناً من الحرص على

المصلحة الوطنية والانتقاد العلني للمواقف الأمريكية، بصورة تعطي انطباعاً

باستقلاليتها وبعدها عن السياسة الأمريكية بما يدعم وجودها في مصر، ويدعم

مبادئها المعلنة في الحرية والديمقراطية التي كانت تتبناها الثورة.

كما تأثرت الجامعة بالعدوان الثلاثي على مصر نتيجة لتأميم قناة السويس

فرحل أعضاء هيئة التدريس وفتحوا جامعة في المنفى.

لكن ما لا ينبغي إغفاله أن الدعم الأمريكي لم ينقطع عن الجامعة حتى في هذه

الفترات.

وكان للجامعة رجالها حتى في ظل حكم الثورة، وقد وسطت الجامعة محمد

حسنين هيكل من أجل تخفيف بعض القيود وإزالة بعض المخاوف، وجاءت إجابة

عبد الناصر فوق الإيجابية.

والغريب أنه رغم صدور عدة قوانين على مدار عمر الجامعة تنظم شأن

المؤسسات التعليمية الأجنبية من حيث الإشراف والمناهج وهيئات التدريس إلا أن

الجامعة نجحت في الإفلات من جميع هذه القوانين، وظلت هي المؤسسة التربوية

الوحيدة في مصر التي تدار فعلياً دون إشراف من الحكومة المصرية.

كما لعبت الجامعة دوراً مكنها من أن تكون يد الحكومة الأمريكية في مصر

وأداتها في الحفاظ على مصالحها في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما يثير التساؤل

حول نجاح الجامعة في اختراق جميع مؤسسات الدولة.

أما الأهداف فصيغت على النحو الآتي: تقديم تعليم رفيع المستوى.. تجسيد

قيم الثقافة الأمريكية.. الإسهام في حل مشكلات المجتمع المصري.. تشجيع

التبادل الثقافي والفكري بين الشرق والغرب، وبهذا اختفى الهدف التنصيري

بصورته السافرة وبقي مضمناً في هدف الترويج لقيم الثقافة الأمريكية التي تحمل

في طياتها القيم النصرانية، وبهذا تم إعادة تنظيم مدرسة الدراسات الشرقية وأصبح

اسمها: (مركز الدراسات العربية) وقلل فيه النشاط التبشيري، لكن النشاط بقي

يمارس خارج أسوار الجامعة، كما تم التوسع في الدراسات العليا في الأدب

البريطاني والأمريكي وعلم الاجتماع، وعلم الأجناس البشرية، الكيمياء والاقتصاد،

العلوم السياسية.

أما قسم الدراسات الليلية فتغير اسمه إلى قسم الخدمة العامة وتحول نشاطه من

المحاضرات والندوات إلى تدريب الموظفين في مجالات مختلفة.

وأما المكتبة فقدمت برنامجاً تعليمياً وزودت بالتسهيلات، وقد مارست

الجامعة من خلالها دوراً كبيراً في النشر والاتصال بالباحثين.

أما هدف خدمة المجتمع فبقي مجالاً خصباً لجمع المعلومات حول القرية

المصرية، وموقف الشرق الأوسط عامة ومصر خاصة تجاه السياسة الأمريكية،

وحول النوبيين، وإحصائيات السكان.

أما إعداد القادة فحافظت عليه الجامعة بأن قصرت الالتحاق بها على أبناء

النخبة الحاكمة والطبقة الغنية.

وقام معهد اللغة الإنجليزية على تحسين لغة عدد منهم من أجل تجاوز شرط

جديد للالتحاق ينص على إتقان اللغة الإنجليزية.

** الفصل السابع: من عام ١٩٦٣ - ١٩٧٠م. مرحلة التحول الاشتراكي.

ويعكس هذا الفصل براعة الجامعة في خدمة الأهداف الأمريكية في ظل

التحول الاشتراكي، والعداء الأمريكي العلني لمصر خلال حرب ١٩٦٧م

وانعكاساته على الساحة المصرية، وكيف تمكنت الجامعة أن تتعايش مع هذه البيئة.

وقد فرضت الحكومة المصرية الحراسة على الجامعة الأمريكية، ورحلت

هيئة التدريس، وعينت حارساً قضائياً، ولكن الحارس قام بدور خطير في إقناع

الحكم المصري بإبقاء الجامعة أمريكية الهوية كما هي، وسهل إجراءات اعتراف

الحكومة بالجامعة الأمريكية.

وخلال هذه الفترة تولى كريستوفر ثورون إدارة الجامعة، وكان ثورون عميلاً

للمخابرات الأمريكية، فعمل مع إدارته للجامعة لحساب المخابرات أيضاً، وقد

سعى في توسيع صداقاته داخل مصر، وكوَّن علاقات حميمة مع موظفي الخارجية

المصرية! وبهذا يظهر هدف آخر غير معلن للجامعة تسعى لخدمته من أجل رعاية

المصالح الأمريكية.

وكانت الجامعة في هذه الفترة حريصة على نيل الاعتراف الرسمي الكامل بها

كنشاط وكشهادات علمية بما يضمن لها البقاء في ظل التغيرات العميقة التي تطرأ

على الحالة المصرية بين آونة وأخرى، وقد حققت الجامعة بعضاً من ذلك خلال

هذه الفترة.

** الفصل الثامن: الجامعة الأمريكية في ظل الانفتاح الاقتصادي.

وهو العهد الذي أعاد للجامعة سيرتها الأولى، فمع موت عبد الناصر ومجيء

السادات انفرجت الأمور وبدأت مفاوضات للاعتراف بالدرجات العلمية للجامعة

مقابل تعيين ٤٥% من الأساتذة من مصر مقابل نفس النسبة من الأمريكيين،

والباقي يتم استكمالهم من باقي الجنسيات، وأن تكون الوظائف الإدارية للأمريكيين،

وألا يقل عدد الطلاب المصريين عن ٧٥% والأمريكيين ١٠% والباقون من

العرب، وطلبت الحكومة أن يتم تعيين مستشار للجامعة ومجلس استشاري لها من

المصريين.

وبالفعل تم الاعتراف بالجامعة كما أرادت لنفسها من حيث الهوية والاستقلالية

والدرجات العلمية التي تمنحها وفق بروتوكول موقع عليه من وزير التعليم ورئيس

الجمهورية شخصياً.

وقد استفادت الجامعة من هذه الإجراءات استفادة كبيرة حيث عمقت اتصالها

بجميع الأوساط، ونالت عن طريقهم ما لم تنل من قبل، بالإضافة إلى أن رواتب

هؤلاء تبدو متواضعة، كما أنها لن تعدم من بين هؤلاء من ينفذ رغباتها خاصة بعد

أن اطمأنت إلى أجيال من خريجي الجامعة ممن تبنوا فكر الجامعة، وربما كان

الأمر مستحيلاً في بداية عمر الجامعة؛ لأنها كانت تريد بناء نسق معين يحتذى وقد

كان.

وبدت الجامعة في أنشطتها الثقافية والتعليمية متكاملة مع الجامعات الوطنية

المصرية، ولذلك حرصت الجامعة على تقديم تعليم مكثف للطلاب يقابل حاجات

المجتمع الجديد، كما حرصت أن يكون طلابها ممن لديهم القدرة على تلقي هذا

النوع من التعليم.

أما الممارسات والأنشطة المتعلقة بتحقيق الأهداف المعلنة فقد قدمت الجامعة

خدماتها للمجتمع عبر مركز البحث الاجتماعي بتمويل من مؤسسة فورد ووكالة

التنمية الدولية AID، وكانت الموضوعات: الزيادة السكانية، ووسائل منع الحمل،

كما تقدم المركز ببحوث حول المواد الخام الصلبة المتوفرة في مصر [٣] .

وفي الخاتمة تخلص الباحثة إلى أن الجامعة وإن خففت من الهدف الديني

المباشر من أجل ضمان بقائها واستمراريتها إلا أنها بقيت على أهدافها الأخرى:

الهدف الثقافي، وهدف خدمة المجتمع، وهدف إعداد القادة، والحاصل أن الجامعة

ظلت حريصة على تحقيق الهيمنة على المجتمع المصري مباشرة والمجتمعات

العربية الأخرى بالتبعية، كما تبين وجود أهداف أخرى غير معلنة بدا بعضها

وربما ما خفي أكثر، ويمكن من خلال نتائج الدراسة استشراف الدور الحالي

والمستقبلي للجامعة لخدمة أهدافها.


(١) في عام ١٩١٦م تقدم تشارلز واطسن أول رئيس للجامعة بطلب لسلطة الاحتلال وليس وزارة المعارف في مصر؛ حيث كانت الامتيازات الأجنبية تخول الأجانب فتح مدارس وإقامة أنشطة دون الرجوع إلى الحكومة! .
(٢) بالطبع كانت حرية التعبير فقط في الإطار المرسوم من الجامعة بعناية أما ما يخالف ذلك فقد كان للتصرف معه أساليب ملتوية وقاسية؛ فالجامعة وإن تبنت ظاهراً الروح الليبرالية إلا أنها ما زالت تحتفظ لنفسها بمساحة يحظر الاقتراب منها وهي القضايا النصرانية والتبشير والإجبار على دراسة الإنجيل، لدرجة أن الجامعة خيرت الطلاب بين قبول هذه المواد وبين ترك الجامعة.
(٣) قدمت مؤسسة فورد منحة قدرها ٢٣٦ ألف دولار، كما قدمت وكالة التنمية الدولية منحة مالية قيمتها ٨٠٠ ألف دولار لخدمة مشروعات البيئة المصرية.