للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قضايا دعوية

[رسالة من القلب إلى إخواننا في اليمن]

د. سفر بن عبد الرحمن الحوالي

من سفر بن عبد الرحمن الحوالي: إلى إخوانه في الله من أهل السنة في

اليمن، حفظهم الله تعالى أجمعين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد:

تعلمون - حفظكم الله - أن أعظم نعمة لله على عباده بعد الهداية للإيمان أن

يجعلهم من أهل السنة والاتباع، لا من أهل الأهواء والابتداع، ومن حق الله على

عباده أن يكونوا قابلين لنعمته، شاكرين لها، مثنين بها عليه. وإن من قبول النعمة

وشكرها أن يعرفوا قدرها، ويحافظوا عليها، ويخافوا من سَلْبها بسبب ذنوبهم

وتفريطهم في أسباب استدامتها.

وقد أنعم الله على أهل اليمن بظهور السُّنة، وانحسار البدع والأفكار الإلحادية

قديمها وحديثها، لكن الشيطان كلما يئس أن يُعبد في أمة رضي بالتحريش بينهم.

وهذا يستوجب النصح والتذكير بأمور مهمة؛ ولا سيما فيما يتعلق بمنهج

التعامل مع أهل القبلة:

١ - إن سبيل السنة والاتباع؛ كما هو أهدى السبل وأقومها هو كذلك أوسعها

وأرحمها، وقد وَسِعَ السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ومسلمي الأعراب،

وبين هاتين المرتبتين من مقامات الإيمان ما لا يعلمه إلا الله (كما بيّن تعالى في

سورة التوبة) ، وأهل هذا السبيل السالكون له داخلون دخولاً أولياً في الأمة

المصطفاة: [ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم

مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الفَضْلُ الكَبِيرُ] (فاطر: ٣٢) ..

إلخ.

فلا يشقى ظالمهم بالسير مع سابقهم وإن تأخر، بل يحمل بعضهم بعضاً،

ويجبر بعضهم كسر بعض، وكلهم صائرون إلى حسن العاقبة: منهم من يدخل من

أبواب الجنة الثمانية، ومنهم من يلازم باباً واحداً، ومنهم بين ذلك. ومنهم من

يدخلها بالقيام مقام الأنبياء، ومنهم من يدخلها بتهليلة في ساعة صفاء، أو دمعة في

جوف الليل، أو درهم وضعه في يد مسكين، أو غصن من الشوك أزاحه عن

طريق المسلمين.

٢ - وهم متنوعون في مواهبهم ومقاماتهم، متحدون في منهجهم وغاياتهم:

منهم المجاهد، والآمر بالمعروف الناهي عن المنكر، والمفسّر والمحدّث واللغوي

والشاعر، ومنهم العامة المطيعون لله ورسوله ولو لم يحملوا من العلم شيئاً.

فكل من لم يُفسد عليه أهل البدع فطرته فهو منهم على فطرة السنة، كالمولود

على فطرة الإسلام الذي لم يهوِّده أبواه ولم يُنصِّراه أو يُمجِّساه.

وأهل السنة والاتباع يؤدون حقوق الأمة كما أمر بها الشرع، فإن الشرع في

مقام المعاملة مع الله وأداء حقِّه علّق دخول الجنة والفوز باسم (الإيمان) كما في

آيٍ كثيرة جداً من كتاب الله، ولكنه في مقام التعامل مع الناس علّق حقوق صيانة

الدم والمال والعرض باسم (الإسلام) ، فقال: «كل المسلم على المسلم حرام دمه

وماله وعرضه» [١] ، وقال: «حق المسلم على المسلم ست» [٢] ، وقال:

«المسلم من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده» [٣] ؛ فمن ثبت له اسم الإسلام ثبتت

له هذه الحقوق، ولا تسقط إلا بيقين ولمصلحة الدين، بل إن الله تعالى سمّى

الطائفتين المتقاتلتين مؤمنين تنبيهاً لثبوت حقهما على سائر المسلمين، فقال تعالى:

[إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ] (الحجرات: ١٠) .

٣ - وهم لا يُهْدرون الأحكام الثابتة والأصول الكلية لأجل الأحكام العارضة

والوقائع العينية؛ فمن الأصول الكلية الثابتة بصريح الآيات والأحاديث الصحيحة:

(وجوب اجتماع كلمة المسلمين) ، ومن الأحكام العارضة: (هجر المبتدع أو

الفاسق) ، فما لم تكن المصلحة في ذلك راجحة فلا يصار إليه، وهو مما تتغير فيه

الأحوال ويقبل تعدد الاجتهاد.

٤ - وكلّ من صلّى صلاتهم، واستقبل قبلتهم، وأكل ذبيحتهم فهو منهم؛ له

ما لهم، وعليه ما عليهم، وحسابه على الله، وسريرته إليه، لا تنقيب عن القلوب،

ولا شقّ عن السرائر، ولا إساءة ظن، ولا غلّ على سابق بالإيمان، ولا تفريق

للمسلمين بالألقاب والأسماء وإن كانت أشرف الأسماء، مثل «المهاجرين

والأنصار» ؛ لأنها إنما تقال على سبيل الثناء والتأليف أو التمييز والتعريف، فما

أغنى عن المعتزلة تسميتهم أنفسهم بـ (أهل التوحيد والعدل) ، ولا أغنى عن

الصوفية دعواهم أنهم (أهل الولاية والقرب) ، وقبلهم قالت اليهود والنصارى:

[نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُه] (المائدة: ١٨) .

٥ - وهم يعدّون امتحان الناس بالولاء والبراء لطائفة أو معيّن من المحدثات

التي زجر عنها السلف؛ فإن الموالاة والمعاداة تكون على الحقائق لا على الدعاوى

والأسماء، وفي جماعتهم الصغرى قدوة لجماعتهم الكبرى؛ فكما أن الواجب هو أن

يصلّوا كما صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون، وأن يكون

إمامهم من أهل السنة والاتباع؛ دون أن يمنعوا دخول أهل النفاق والمعاصي إلى

المسجد وصلاتهم بصلاة أهل السنة، فكذلك يجب أن يكون اجتماعهم العام على

السنة بمفهومها الواسع العميق، ولا يمنع ذلك أن ينضم إليهم في نصرة الإسلام

ومعاداة أعدائه مَنْ هو متلبس ببدعة أو مقيم على معصية، لكنهم يجتهدون في دعوة

هؤلاء إلى الاستقامة مثلما يُعلّم الإمام جماعة المسجد كيف يؤدون الصلاة صحيحة،

وهذا خير من أن يستقل أهل المعصية بمسجد وإمام، ويكون بين المسجدين عداوة

وخصام.

٦ - وهم أقوياء في الحق من غير غلوّ، ورحماء بالخلق من غير تهاون،

وأشداء على أهل الضلال والبدع من غير عسف ولا جور، يأمرون بالمعروف

بمعروف، وينهون عن المنكر بلا منكر.

٧ - وهم يوفون الكيل والميزان بالقسط ولا يبخسون الناس أشياءهم،

ويَزِنون الأمور بالعدل والحكمة، ويرتكبون أخف الضررين، ويجتنبون أكبر

المفسدتين، ويصبرون على أهون الشرين، ويسلكون أقرب الطريقين، ويختارون

أيسر الأمرين، يأوي إلى عدلهم المظلوم من كل أمة وطائفة، ويثق في علمهم

طالب الحق من كل ملة ونِحْلة، فالعدل عندهم قيمة مطلقة؛ فإن الله تعالى جعله

واجباً على كل أحد لكل أحد في كل حال؛ فهو قيمة مطلقة لا يحدها اختلاف الدين

فضلاً عما هو أدنى من ذلك. قال تعالى: [وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ

المَسْجِدِ الحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا] (المائدة: ٢) ، ومن لم يميز بين وجوب معاداة

الكافرين والظالمين ووجوب العدل معهم، ويقيم الواجبَيْن معاً فليس من أهل الفقه

في الدين والاتباع لسيد المرسلين الذي أوحى إليه ربه أن يقول: [وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ

بَيْنَكُمُ] (الشورى: ١٥) .

وقال ابن القيم في نونيته ضمن الحديث عن دعوة الرسل:

وكذاك نقطع أنهم جاؤوا بعدل ... الله بين طوائف الإنسانِ

٨ - ومن حكمتهم في الدعوة: أن يظهروا محاسن الأئمة المتبوعين من أئمة

العلم أو السلوك أو الدعوة، ويبينوا أن ما أوتوه من تعظيم وثناء إنما هو بسبب ما

لديهم من اتباع للحق وجهاد من أجله، وأن ما نالهم من توفيق في دعوتهم فهو

بسبب ما اتبعوا من السنة، ويجعلوا ذلك وسيلة لدعوة أتباعهم والمنتسبين إليهم إلى

السنة والاتباع، ونبذ التعصب للمتبوعين، والعمل لنصرة الدين كما نصر أولئك

الأئمة؛ وبذلك يجمعون بين العدل مع المتبوعين والدعوة الحكيمة للتابعين، كما

فعل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كلامه عن الأئمة الأربعة وغيرهم

كالأشعري، وعدي بن مسافر.

٩ - هم أكثر الناس ازدراءً للنفس في ذات الله، وأبعدهم عن ادعاء الكمال،

لا يزكُّون أنفسهم بالشعارات وبالألقاب، ولا يستغنون عن الاتباع بالانتساب، بل

يعلمون أن ليس بأمانيّهم ولا أمانيّ أهل الكتاب. وهم في جهادهم، ودعوتهم،

وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وتغليظهم على أهل البدع وسائر أمورهم

يتقدمون ويتأخرون بمقتضى الدليل الشرعي، والمصلحة الدينية، ودافع النصح لله

ولرسوله وللمؤمنين، وليس بدافع الانتقام أو التشفي أو التشهير، يعاقبون أحبّ

صديق لهم، ويعفون عن أعدى عدوٍّ لهم إذا اقتضى أمر الله ورسوله ومصلحة

الإسلام ذلك. وهم يفرحون بتوبة التائب، ويقبلون عذر المعتذر، ويدعون بالهداية

للعاصي؛ لأنه لا حظَّ لأنفسهم في شيء من ذلك، بل إنما يريدون وجه الله،

ويحرصون على هداية خلق الله، ولا يحبون أن يعثروا على بدعة أو معصية ممن

يخالفهم؛ لأن من فرح بذلك فقد أحب أن يُعصى الله، ومن أحب أن يُعصى الله

فليس من الله في شيء. ويسترون عيوب المسلمين، ولا يتتبعون عوراتهم، ولا

يذكرون أخطاء أهل العلم إلا لبيان الحق، وعلى سبيل الترجيح لا التجريح،

ويلتمسون لهم العذر ما أمكن.

وقد كان بعض السلف يوصون الوعاظ والخطباء ألاّ يُفصّلوا ذنوب المسلمين

ويشهروا عيوبهم على المنابر؛ حتى لا يشمت بهم أهل الكتاب والمشركون.

ويُدخَلَ في ذلك التشهير بالجماعات الإسلامية في أوساط أهل الإلحاد والبدع.

وكثير من الناس يحصرون (السُّنِّي) في المتمحض للسنة؛ الذي لم يقع منه

خطأ ولا تأويل ولا جهل، ويقابلهم آخرون يظنون أن (المبتدع) هو من اجتمعت

فيه أصول البدع، أو انتسب إلى ما أجمعت الأمة على أنها من فرق الضلال.

والحق أن البدع كسائر الذنوب: منها الكبير والصغير، والصريح والمشتبه،

والعصمة من التلبس بها نادرة أو قليلة.

والمخالفة بالتأويل والخطأ والجهل سمة أكثر الخلق، ويجتمع في الواحد

المعيَّن والطائفة الحرص الشديد على السنة مع الوقوع الصريح في البدعة، كما

يتفق للكثير من أهل البدع إصابة السنة في بعض الأحوال والمقامات؛ وإنما العبرة

بالأصول والمنهج في الجملة والعموم، والموفق من وفقه الله.

وعلى كل أحد اتهام نفسه، والتفتيش عن عيوبه، وتجديد إيمانه، وعلى

الكافة التناصح في غير جفاء، وقبول الحق من أي مصدر جاء.

١٠ - وهم لا يمنعهم طلب الكمال عن الحكمة في التعامل مع واقع الحال،

فيدعون إلى الحق كاملاً غير منقوص، وإلى الاتباع المطلق للرسول صلى الله عليه

وسلم، ويقبلون من الناس التدرج في الأخذ بذلك والتفاوت فيه، وسيرته صلى الله

عليه وسلم هي منهاجهم وقدوتهم في هذا وغيره.

١١ - ومن ضاق علمه وقصر نظره عن الجمع بين التمسك بأصول السنة

وبين التعامل الشرعي مع الأُمة ولا سيما المخالفون منها؛ فقد قصّر في اتباع

الرسول صلى الله عليه وسلم والاقتداء بسنته، كمن يظن أن المخالفين تسقط كل

حقوقهم الشرعية، أو أن العدل معهم ضعف وتهاون، أو أن نصرة الدين لا تكون

إلا من أهل الطاعة الثابتة والاتباع الكامل.

فإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر، وبأقوام لا خلاق لهم، لا سيما في

حال المعارك؛ قتالية كانت أو عقدية أو سياسية.

ولهذا كان من أصول السنّة: (الجهاد مع كل برٍّ وفاجر) ، وهذا الجهاد

يشمل الجهاد الميداني، والجهاد السياسي، والجهاد العلمي والدعوي؛ ما دام

المقصود منه النكاية في عدو الدين المستبين الذي لو تسلط؛ لكان ضرره أعظم من

تسلُّط مَنْ تَنْقُصه شروط العدالة والاستقامة.

وقد جاهد كثير من علماء السلف مع جيوش الحجاج بن يوسف وكلهم لا يشكّ

في طغيانه وظلمه، كما فرح أهل السنة بما فعل بعض الخلفاء والولاة بالمبتدعة،

وإن كانوا في أنفسهم ليسوا على السنة المحضة؛ مثل المتوكل، وخالد بن عبد الله

القسري؛ فالعبرة في هذا كلّه بنصرة الدين وإقامة الشريعة.

وبالنظر إلى الواقع السياسي في اليمن نقول:

إنه ينبغي التفريق بين من يدعو إلى الكتاب والسنة في الجملة وهو متلبس

ببدعة أو انحراف فكري، وبين من يدعو إلى بدعته وفكرته الضالة.

وكلاهما يقع من أطراف المعارك السياسية في اليمن وغيرها، فإن قوماً

اتخذوا البدعة حزباً سياسياً، وآخرين هم منتسبون لها في الأصل لكنهم يخالفون

أولئك ويدعون إلى الإسلام جملة إما مستقلين وإما منضمّين تحت راية إسلامية عامة.

وهناك من كان على مذهب فاسد كالاشتراكية ثم استقام في الجملة وإن لم يعلم

تفصيل ما أنزل الله، فيجب التفريق بينه وبين من لا يزال على اشتراكيته أو

قوميته.. ونحو ذلك.

والتاريخ الإسلامي شاهد على أن الله تعالى نصر الإسلام على أعدائه من

صليبيين وباطنية ومغول وغيرهم بأُناسٍ لم يكونوا من أهل السنة المحضة، لكنهم

كانوا يقاتلون لنصرة الإسلام لا لإظهار البدع، وفرق بين هؤلاء وبين دول

الخوارج والروافض الباطنية وغيرهم التي قامت في شرق العالم الإسلامي وغربه،

وقاتلت من خالفها من المسلمين لكي يدخل في بدعتها.

فالأحزاب الإسلامية في اليمن: حين تواجه الروافض أو الاشتراكيين في

معاركها القتالية أو السياسية؛ فهي من النوع الأول، فيجب مناصرتها على أحزاب

البدعة والإلحاد، كما تجب مناصحتها للاستقامة على السنة المحضة، وليس في

الجمع بين هذين إشكال لدى أهل الفقه والبصيرة.

أما الاشتغال بعداوتها عن عداوة أهل البدعة والإلحاد فهو عين الخطأ، وأعظم

منه موالاة من يحكم بغير ما أنزل الله أو الأحزاب العلمانية ومعاداة الأحزاب

الإسلامية، فهذا لا يفعله إلا منافق صريح النفاق أو أعمى البصيرة لا فقه له ولا

فكر، فهو كمن يبني كنيسة ويقفل المسجد بحجة أن المصلين لا يصلُّون على السنة،

أو يدعو الناس إلى أكل الميتة وترك ذبيحة أهل المعاصي، أو يفضل الجهل

بقراءة القرآن على تلقيه من ماهر بالقراءة متلبس ببدعة، أو يتوضأ بالماء النجس

تاركاً ما فيه شبهة!

وعلى من ينتسب إلى السنة أن يحذر من سيرة الخوارج ومنهجهم في التعامل

فإنهم قتلوا عبد الله بن خباب - رضي الله عنه - مستحلّين دمه، وتركوا النصراني

مراعاة لذمته!! وكانوا يقاتلون أهل الإسلام ويَدَعُون أهل الأوثان، سَلِمَ منهم الروم

والترك والدَيْلم، ولم يَسْلَم منهم كثير من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم

والتابعين لهم بإحسان وأئمة العلم والإيمان.

ولا يشفع لهؤلاء الصنف من طلبة العلم ظنّهم أنهم وحدهم أهل السنة

والاستقامة؛ فإن هذا من أعظم أسباب التشبث بالهوى، وعمى القلب عن قبول

الحق والتزام العدل، نسأل الله السلامة والعافية.

إن التعامل الحق مع أهل القبلة هو السبيل القويم لتوحيد الأمة؛ لأنه يعتمد

على قواعد شرعية مستمدة من نصوص الوحي، وليس على مجرد المصلحة كما

يظن كثيرون، وبيان هذه القواعد هو جزء من منهج أهل السنة والجماعة الذي لا

تجتمع الأمة ولا تنتصر إلا بمقدار حظها من التمسك به.

* أيها الإخوة المؤمنون:

إن أعداء الله يكيدون لليمن شر كيد، وقد عزموا على أن يجعلوا المعركة

الانتخابية القادمة حاسمة في انتصارهم؛ فعلى المسلمين كافة أن يقفوا صفاً واحداً

في هذا الجهاد الكبير، وأن يرفضوا الخضوع لأعداء الله أو الركون إليهم، وأن

يُعِدُّوا العُدة لمواجهتهم في كل ميدان، وأعظم العُدة بعد تقوى الله اجتماع الكلمة

ووحدة الصف، وهذا في حدّ ذاته انتصار عظيم، [إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي

سَبِيلِهِ صَفاًّ كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ] (الصف: ٤) .


(١) أخرجه مسلم، رقم ٢٥٦٤.
(٢) أخرجه مسلم، رقم ٢١٦٢.
(٣) أخرجه البخاري، رقم ٦١١٩.