للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مرصد الأحداث]

يرصدها: وائل عبد الغني

بيان بنكهة الدولار!

أصدر مائة من المثقفين والكتاب والأكاديميين العرب بياناً مشتركاً ناشدوا فيه

الرئيس المصري حسني مبارك استخدام سلطاته التي منحها له الدستور والقانون؛

للإفراج عن الدكتور سعد الدين إبراهيم الذي يقضي حكماً بالسجن لمدة سبع سنوات،

وبإعادة افتتاح (مركز ابن خلدون) للدراسات الإنمائية.

وقال البيان: «إن الموقعين وهم ينتمون إلى تيارات فكرية وسياسية مختلفة

في العالم العربي أصيبوا بصدمة شديدة بعد الحكم بحبس سعد الدين إبراهيم،

مؤكدين أن سعد الدين إبراهيم أحد أبرز الوجوه المشرقة لمصر والعالم العربي

بوصفه مفكراً وطنياً يتمتع باحترام دولي» .

ونوه البيان بجهود سعد الدين إبراهيم في المشاركة مع مثقفين عرب في

تأسيس (مركز دراسات الوحدة العربية) في بيروت، و (منتدى الفكر العربي)

في عمان، و (المنظمة العربية لحقوق الإنسان) .

وقال المائة: «إن بيانهم الذي يناشد الإفراج عن سعد الدين إبراهيم يأتي

حرصاً على سمعة مصر في العالم، والتي تعرضت للنقد الحاد، وحرصاً على

وجود المجتمع المدني في مصر» . وقال: «إن الموقعين أصيبوا بصدمة أدت

إلى تراجع نشاطاتهم بعد رؤية ما يحدث لسعد الدين إبراهيم والدور الحيوي للمجتمع

المدني؛ أمام الاتجاهات المتطرفة التي تحاول أن تعيد مصر إلى عصور الظلام» .

كما أكدوا حرصهم على عدم انتكاس جهود مصر في توسيع هامش الحريات

«الذي بدأنا نرى ثماره عبر مزيد من حرية الكتابة والنشر» . وكذلك حرصاً على

حياة الدكتور سعد البالغ من العمر ٦٣ عاماً، والذي تشكل الظروف المادية والنفسية

للسجن خطراً بالغاً على صحته المتدهورة، وعلى حياته.

[صحيفة الشرق الأوسط، ٢٤/٩/٢٠٠٢م]

خطب يسير في خطب جلل!

أعتقد أن الانتفاضة انتصرت على كل ما خطط لها من قِبَل أعدائها؛ حيث

إنها سحقت كل المبادرات المتكررة لإنهائها؛ سواء المبادرات الأمريكية أو

الصهيونية أو العربية، كما أن الآلة العسكرية الصهيونية البشعة التي استُخدمت

بكل بشاعة لقتل الانتفاضة، والخطط الجهنمية التي ابتكرتها العقلية الصهيونية مثل

«جهنم المتدحرجة، وحقل الأشواك، والسور الواقي، وخطة المائة يوم التي تعهد

بها شارون للقضاء على الانتفاضة» لم تفلح في القضاء عليها. ولكن أنا أعتقد أن

أخطر ما يواجه الانتفاضة الآن هي الأصوات التي تخرج من الداخل الفلسطيني،

وهي التي تشكل بالنسبة للعدو «التنفس الصناعي» الذي يبقي على الاحتلال؛

مع أن الاحتلال دخل في غرفة الإنعاش بسبب الانتفاضة، والذي يبقي على

الاحتلال هي الأصوات النشاز التي تخرج وتدعو إلى وقف الانتفاضة.

[د. عبد العزيز الرنتيسي، في حوار له مع المركز الفلسطيني للإعلام]

الشريك الأطلسي ومهمة العمليات القذرة

يبدو أن الإدارة الأمريكية تريد أن تكسب رهانها إلى النهاية مع الشركاء

الأطلسيين؛ حيث تسعى لتوريطهم في إنشاء قوات مشتركة للتدخل السريع تخدم

الأهداف الأمريكية، وقد لا يهمها كثيراً الموافقة كما لا تسعى إلى الرفض، ولكن

الذي يهمها أن تصل إلى ترسيخ قناعات لدى هؤلاء الشركاء بأن يُسْلِموا القياد إلى

الولايات المتحدة في كلا الاحتمالين.

وقد جاء اقتراح تشكيل قوة أطلسية للتدخل السريع «في أية بقعة من العالم» ،

والذي تقدم به وزير الدفاع الأمريكي (دونالد رامسفيلد) خلال اجتماع أعضاء

الحلف الأطلسي في العاصمة البولندية فارسوفيا؛ ليخدم هذا التوجه لدى الإدارة

الأمريكية، وقد تحدث رامسفيلد بإيجاز عن مشروع قوات تتشكل من ٢١ ألف

عسكري يمثلون جميع الدول الأعضاء، ويزودون بأحدث الأسلحة والتجهيزات؛

بحيث يمكنهم التدخل عند الحاجة في أي مكان خلال فترة تمتد من أسبوع إلى شهر

واحد.

وأوضح أن المشروع الذي ينتظر أن يكون جاهزاً بعد عامين يحمل بصمات

الاستراتيجية الأمريكية القائمة على قاعدة «الحروب الإجهاضية» ، في إطار ما

يسمى بـ (مكافحة الإرهاب) ، ويتحول الحلف الأطلسي بموجبه إلى جهاز تسند

له «المهمات العسكرية القذرة» ، وهو من هذه الناحية «يقلِّص» العبء

اللوجستيكي والبشري عن الولايات المتحدة، و «يورِّط» الأوروبيين في الالتزام

باستراتيجية الأمن القومي الأمريكي.

[بتصرف عن مجلة العصر الإلكترونية، بتاريخ: ٣٠/٩/٢٠٠٢م]

مرصد الأرقام:

- كشف تقرير أعدته منظمة الصحة العالمية حول (العنف والصحة) أن

أكثر من ١٩١ مليون شخص معظمهم من المدنيين قد لقوا مصرعهم نتيجة

للصراعات خلال القرن العشرين، مشيراً إلى أنه يعتبر أعنف الفترات في تاريخ

الإنسانية.

- أظهرت دراسة خليجية أن نسبة الإصابة بـ «السمنة» في دول (مجلس

التعاون لدول الخليج العربية) وصلت إلى ٦٠%، وأن أكثرها انتشاراً كان لدى

النساء.

- تنفق الولايات المتحدة ٢٥ مليار دولار على الدبلوماسية التقليدية، و٣٠

مليار دولار إضافية على الاستخبارات، بينما تنفق مليار دولار فقط على توصيل

المعلومات، وتوجيه الجمهور العالمي، وغير ذلك من أنشطة التبادل الثقافي.

- حركة (سلام الآن) : إسرائيل أقامت ١٠٠ نقطة استيطانية في الضفة

الغربية خلال السنتين الأخيرتين.

- أعلنت وزارة الصحة العراقية أن حوالي ٣٠ ألف عراقي معظمهم من

الأطفال وكبار السن قد لقوا حتفهم خلال شهري يوليو وأغسطس الماضيين بسبب

الحظر المفروض على العراق منذ أكثر من اثني عشر عاماً.

- الأجهزة الاستخبارية الأمريكية رصدت مبلغ ٥ ملايين دولار لدعم أحزاب

سياسية فلسطينية ناشئة تقبل بالحلول الأمريكية الإسرائيلية بشأن القضية

الفلسطينية.

- يوجد نحو مليون معاق في أفغانستان البالغ تعداد سكانها نحو ٢٣ مليون

نسمة، وهو ما يمثل أعلى نسبة في أي بلد على مستوى العالم. وتقول وكالات

المعونة: إن نحو ٣٠٠ شخص معظمهم ليسوا مقاتلين يتعرضون شهرياً للتشويه

وبتر أطراف نتيجة انفجار ألغام.

- دلت آخر الإحصائيات على أن حركة حماس تسببت في قتل أكثر من ٥٠%

من قتلى العدو الصهيوني وجرحاه.

- هناك ١٦ مليون أجنبي يعملون في الدول العربية، كما أن هناك أيضاً ١٦

مليون عربي يعملون في الخارج؛ بينهم ٦.٨ ملايين في الولايات المتحدة وحدها.

- ارتفع الدين العام الداخلي للدول العربية ليصل إلى ٣٣١.٨ مليار دولار.

- يقارب الإنفاق العسكري للولايات المتحدة الآن مبلغ ٣٥٠ مليار دولار

سنوياً، وهذا مبلغ كبير من المال، ولكنه في اقتصاد ينتج أكثر من ١٠ تريليون

دولار سنوياً؛ لا يشكل عبئاً على الإطلاق، فهو يزيد قليلاً عن ٣% فقط من الناتج

المحلي الإجمالي. ويذكر أن أقصى تقدير لنفقات الحرب على العراق هو ٢٠٠

مليار دولار؛ أي ٢% من الناتج المحلي.

- كشفت إحصاءات حكومية مصرية أن ١٦٧ مخالفة وجريمة تتصل بالفساد

الإداري والمالي ترتكب كل يوم، وأعادت هذه الظاهرة إلى وجود خلل في القوانين

والتشريعات التي تنظم شؤون العاملين في مرافق الدولة والقطاع العام.

صفقة عسكرية

أعلنت مصادر عسكرية إسرائيلية عن التوصل إلى صفقة عسكرية مع تركيا

بقيمة ٦٨٠ مليون دولار أميركي؛ لتحديث ٢٧٠ دبابة تركية من طراز (بيتون)

خلال خمس سنوات. وكانت إسرائيل قد قامت بتطوير لطائرات (فانتوم) تركية

خلال عام ١٩٩٧م، وصرح (عاموس يارون) مدير عام وزارة الحرب

الإسرائيلية أنه بإنجاز الصفقة التركية الجديدة تكون إسرائيل قد صدَّرت وطورت

سلاحاً بقيمة ثلاثة مليارات دولار خلال العام الحالي.

[الوطن القطرية: ٣٠/٩/٢٠٠٢م]

معاداة السامية تطال أمير الشعراء!!

طالب حاكم نيوجيرسي (جيمس ماكجريفي) الشاعر الأمريكي (أميري

باراكا) بالتنحي عن منصب (أمير شعراء الولاية) إرضاءً لليهود؛ بعدما كتب

قصيدة يتهم فيها اليهود بالتواطؤ في أحداث سبتمبر.

ويقول الشاعر في قصيدته «شخص ما فجر أميركا» التي ألقاها في

مهرجان للشعر أقيم الشهر الماضي بالولاية:

«من كان يعلم أن مركز التجارة العالمي سيُنسف؟!

من أخبر ٤٠٠٠ إسرائيلي يعملون بالبرجين

أن يلزموا منازلهم ذلك اليوم؟!

ولماذا بقي شارون بعيداً؟!» .

وألمح الشاعر إلى أن إسرائيل كانت تعلم سلفاً بالهجمات.

وأثار (باراكا) وهو كاتب وناشط سياسي شهير، عُيّن في شهر أغسطس

الماضي أميراً لشعراء نيوجيرسي لمدة عامين انتقادات اليهود وأنصارهم في

الولايات المتحدة.

وقال متحدث باسم حاكم الولاية: إنه لا يمكن سحب المنصب أو المنحة

المالية من (باراكا) ، وإن الأمر يعود إليه فيما إذا كان يريد الاستمرار.

وفي حوار له مع صحيفة نيويورك تايمز قال (باراكا) : إن تصفحه لشبكة

الإنترنت أقنعه أن إسرائيل كانت على علم بهجمات سبتمبر / أيلول، موضحاً أنه

لا يعتزم الاستقالة، ودافع عن رأيه. وأضاف للصحيفة: «من الواضح أنهم كانوا

على علم بها؛ شأنهم شأن الرئيس الأميركي (جورج بوش) » ، مشيراً إلى أن

السماح بوقوع الهجمات خدم أهداف البيت الأبيض في أفغانستان والعراق، وبقية

منطقة الشرق الأوسط.

[الجزيرة نت: الإثنين ٢٣/٧/١٤٢٣هـ، الموافق ٣٠/٩/٢٠٠٢م]

وا أقصاه!

تتحين الحكومة الصهيونية أقرب فرصة لفتح باحة المسجد الأقصى أمام اليهود

ليقيموا صلاتهم في إحدى زواياها. وقد أكد ناطق بلسان وزير الأمن الداخلي أن

القرار أصبح قاب قوسين أو أدنى في هذا الاتجاه؛ بعد أن تراجعت قيادة الشرطة

عن معارضتها لخطوة كهذه.

يذكر أن رئيس الوزراء إرييل شارون كان قد أدار المعركة من أجل السماح

بصلاة اليهود في الأقصى وهو في المعارضة، وقام بنفسه بزيارة استفزازية قبل

سنتين انطلقت على إثرها الانتفاضة الفلسطينية الثانية؛ حيث خرج المصلون

المسلمون للتظاهر فأطلقت الشرطة عليهم الرصاص وقتلت سبعة منهم على الفور،

وراحت تطلق الرصاص على مظاهرات أخرى في مواقع مختلفة؛ بما في ذلك

مظاهرات فلسطينيي ١٩٤٨م، وقتلت ١٣ شاباً منهم.

وبعد انتخاب شارون لرئاسة الحكومة تولى مهمة فرض صلاة اليهود في باحة

الأقصى وزير الأمن الداخلي (عوزي لانداو) ، لكن قادة الشرطة في وزارته

اعترضوا على ذلك، وحذروا من أن قراراً كهذا سيشعل الأرض في جميع المناطق

الفلسطينية؛ بما في ذلك القدس، وفي صفوف العرب في أراضي ١٩٤٨م.

ويبدو أن الوقت بات أكثر ملاءمة بعد تطور الأحداث في المنطقة العربية وفق

المسلسل الصهيوني؛ إذ قدم رئيس قسم المخابرات السابق في الشرطة الجنرال

(حايم كلاين) أخيراً رأياً موافقاً، وقال إنه لا مانع من السماح لليهود بالصلاة

هناك.

[الشرق الأوسط: ٣٠/٩/٢٠٠٢م]

أسرار كتاب «جهاز الأسرار»

من المفارقات أن كتاب (جهاز الأسرار) لجيمس بامفورد كان قد صدر قبل

شهرين من أحداث ١١ سبتمبر، ولكنه لقي اهتماماً كبيراً بعدها؛ حيث حظي بأكبر

عدد من المراجعات في الصحافة الأمريكية، ثم صدرت الطبعة الثانية من الكتاب

بعد ١١ سبتمبر متضمنة فصلاً عن الأحداث ودور جهاز الأسرار (وكالة الأمن

القومي الأمريكي) ، كما استضافت كل من صحيفة «واشنطن بوست» ،

«وكلية السياسات العامة» في جامعة بيركلي مؤلف الكتاب؛ لتسليط الضوء على

ما حدث في ١١ سبتمبر، ودور وكالة الأمن القومي.

يكشف المؤلف أن وكالة الأمن القومي التي يعمل بها ٣٠ ألف موظف،

تضمهم ٥٠ بناية في ميريلاند، ويستحوذون على أقوى أجهزة الكمبيوتر في العالم،

و١.٦ مليون شريط مسجل تتلقى الإشارات المخابراتية، وتتنصت على

الاتصالات الهاتفية، ورسائل الفاكس والبريد الإلكتروني، وكل وسائل الاتصالات

عبر العالم من خلال تكنولوجيا التقاط إشارات الموجة القصيرة، كما تقوم بفك

الشفرات المخابراتية. ولكن ماذا عن دور وكالة الأمن القومي في ١١ سبتمبر،

والذي يقارنه البعض بالإخفاق في بيرل هاربر؟ يفاجئنا المؤلف بامفورد بأن وكالة

الأمن القومي الأمريكي استطاعت فك شفرة يابانية أرسلت إلى كل من يهمه الأمر،

وهي رسالة تقول: (هناك هجوم ياباني متوقع) ، ولكن الرسالة وصلت بعد

ساعات من الهجوم بسبب سوء الأحوال الجوية. بالمقابل؛ فإن الوكالة لم تفعل شيئاً

يساعد في منع هجمات ١١ سبتمبر، فلم تراقب أسامة بن لادن، بل إن خاطفي

الطائرة التي ضربت البنتاجون (وزارة الدفاع) عاشوا في ميريلاند حيث توجد

مباني الوكالة، وحدث الهجوم بينما كان رئيس الوكالة يتناول إفطاره في واشنطن.

ويفجر المؤلف مفاجأة بأن الوكالة قد رصدت وصول جهاز تليفون فضائي إلى

بن لادن من لندن إلى أفغانستان، وقد سجلت مكالمة له مع والدته، وكان يمكنها أن

تحدد مكانه من خلال رصد الترددات.

وقصف بوش بالصواريخ مقر بن لادن ولكنه لم يكن هناك، وتوقف بعد ذلك

عن استخدام التليفون الفضائي، ولم تسمع الوكالة صوت بن لادن بعد ذلك.

ومفاجأة أخرى أن مهمة الوكالة في أفغانستان كانت مراقبة الروس والأسلحة

الروسية، ولم يكن أفرادها هناك يتحدثون اللغة الأفغانية.

ومفاجأة ثالثة أن الوكالة كانت تستخدم في التنصت على المحادثات الأطباق

الفضائية، وهي وسيلة تقادمت تكنولوجياً بعد أن حلت تكنولوجيا الكابلات والألياف

محلها؛ وذلك بسبب خفض ميزانية الوكالة بعد الحرب الباردة بنحو الثلث؛ في

الوقت الذي تشعبت فيه مهامها، ولذلك أخفقت وكالة الأمن القومي في رصد

التجارب النووية في الهند، وتفجير المدمرة كول، وتفجير السفارتين الأمريكيتين

في كينيا وتنزانيا.. وأخيراً أخفقت في توقع هجمات ١١ سبتمبر. ومثل إخفاق

وكالة الأمن القومي كان إخفاق وكالة المخابرات المركزية الأمريكية قبل أحداث

١١ سبتمبر، إنه (النوم القاتل.. الإخفاق المخابراتي الأمريكي الأعظم) ، وذلك

هو عنوان الكتاب المقبل لجيمس بامفورد.

[الأهرام، العدد: ٤٣٢٠٦]

الاستراتيجية الأمريكية الجديدة: «القوة فوق القانون» !

اعتبر أحد الخبراء الروس أن (الاستراتيجية الأمريكية للدفاع الوطني) التي

صاغتها إدارة بوش مؤخراً هي محاولة لتشريع هيمنتها على مستوى العالم،

ولوضع الولايات المتحدة فوق المجموعة الدولية، ولمنحها منزلة القاضي الأعلى

الذي يحكم في جميع القضايا وينفذها.

المقال التحليلي المقدم من نائب مدير (معهد الولايات المتحدة الأمريكية وكندا)

في أكاديمية العلوم الروسية البروفيسور (فيكتور كريمنيوك) ، والذي نشرته

وكالة (نوفوستي) الروسية للأنباء يرى أن «هذه الوثيقة المؤلفة من ٣٥ صفحة

تكشف رغبة أمريكا بشكل علني بأن تصبح القوة العظمي الوحيدة: (قوات البلاد

المسلحة دائماً ستكون قوية بما فيه الكفاية لكي لا تحاول أي أمة أخرى منافسة

إمكانيات الولايات المتحدة العسكرية) » .

وبعد هذا الاقتباس من الوثيقة يقول كريمنيوك: «من الآن فصاعداً؛ ستكون

الولايات المتّحدة أول من يوجه الضربات ضد أي خصم، وهي تملك الحق

بالتصرف بشكل مستقل وفق تقديراتها الخاصة» ، مضيفاً: «وتبدو جلية محاولة

وضع حدّ لمجلس الأمن الدولي كهيئة دولية رئيسة مسؤولة عن تقرير ضرورات

استخدام القوة ضد هذه أو تلك من الدول. وفي الحقيقة؛ فإن الولايات المتحدة

الأمريكية تدّعي بأنها لم تعد تحتاج لموافقة مجلس الأمن الدولي، وأنها ستتجنب هذا

الجهاز، وقد أثبت الأمريكيون هذا الأمر قبل ثلاث سنوات حين توجيههم القصف

على يوغسلافيا» .

ويرى كريمنيوك في مقاله أنه «على الرغم من أن الاستراتيجية الجديدة

تعتبر الإرهاب الخصم الأول للولايات المتّحدة، وتدّعي الحق بتوجيه الضربات

الوقائية ضده، من الواضح أنّ الأمر لا يدور حول الإرهاب، لكن حول إحجام

الولايات المتحدة عن تقييد نفسها بأيّ التزامات دولية، ورغبتها بالتصرّف وفق

تقديراتها الخاصة في أيّ حالة، والعديد من الأعمال الأمريكية الأخيرة التي سبّبت

ردّ الفعل السلبي في أنحاء العالم كافة تشهد على هذه الحقيقة» ، وهنا يشير إلى

الانسحاب الأمريكي من (اتفاقية كيوتو) التي تفرض التقييدات على انبعاثات

التلوث، وانسحابها الأحادي الجانب من معاهدة (حظر انتشار الصواريخ البالستيّة

عام ١٩٧٢م) ، والانتهاك العملي لـ (اتفاقية جنيف) ؛ بسبب رفضها اعتبار

مقاتلي طالبان الذين أسروا أثناء عملية مكافحة الإرهاب في أفغانستان أسرى حرب.

وبحسب كريمنيوك فإن «هذا الميل الخطير يتشكّل الآن رسمياً في

الاستراتيجية التي صيغت مؤخراً، ولا سيما أن ذلك جاء مصادفة مع حدث مثير؛

فقد حثّ جورج بوش الكونجرس الأمريكي على العمل على مراجعة وتحديد قانون

سلطات الرئيس العسكرية عام ١٩٧٢م في الالتزام بهذا القانون الذي ينص على أنه

(خلال شهر بعد بداية حملة عسكرية، على الرئيس الأمريكي أن يوضّح

للكونجرس الأسباب ويحصل على موافقته، وإذا وجد الكونجرس أسباب الرئيس

غير مقنعة؛ فإنه يتعين على رئيس الدولة أن يوقف العمل العسكري الذي باشره) ،

ويريد بوش الآن تعديل هذا القانون لكي يتمكن من إطلاق العنان لرغباته ويشنّ

حرباً بدون موافقة الكونجرس، وهذا يكشف تصميم البيت الأبيض على الخروج

عن سيطرة الكونجرس في الداخل (بتعديل قانون سلطاته العسكرية) ، وفي خارج

البلاد (بواسطة تبنّي استراتيجية الدفاع الوطنية الجديدة) .

ومع الأخذ في الحسبان حقيقة أن الكونجرس الأمريكي من المحتمل جداً أن

ينضمّ إلى جانب بوش لزيادة سلطاته العسكرية، وحقيقة أن استراتيجية الدفاع

الجديدة لا تتطلب موافقة الكونجرس مطلقاً؛ فيمكن حينها الاستنتاج أن البيت

الأبيض ستطلق أيديه للعمل على التخلص من أي نظام غير مناسب في أي مكان،

وبالطبع، فإن هذا يشير إلى العراق أولاً، وإلى حملة جديدة في الخليج العربي،

وحرب ستكون الطبعة الثانية لـ (عاصفة الصحراء) ، بينما وزارة الدفاع

الأمريكية تعتقد أن هذه الحرب ستضع حداً لنظام صدام حسين الأكثر كراهية» .

ويشير المقال إلى أن «المحاولة الأمريكية لجعل مجلس الأمن الدولي يعطيها

الحق باستخدام القوة ضدّ العراق أخفقت» ، مضيفاً «لكن الولايات المتحدة تريد

إطلاقها على أية حال، وغرض استراتيجية الدفاع الوطنية الأمريكية الجديدة هو

تسويغ هذه الحملة» .

[جريدة (الزمان) اللندنية، العدد ١٣٢٥]