للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مذابح الجمعة في مقديشيو - الصومال

رابطة العلماء في الصومال

وقعت مذبحة شنيعة في الحادي عشر من ذي الحجة ١٤٠٩ هـ الموافق

الرابع عشر من يوليو ١٩٨٩ م عقب صلاة الجمعة في معظم جوامع العاصمة

مقديشيو، مثل جامع الشيخ علي صوفي، وجامع التضامن الإسلامي، وجامع

سيغالي، وجامع الحاج يوسف، وجامع حي سيناء، وجامع صنعاء، وجامع

بيحاني، وغيرها من الجوامع في العاصمة، حيث هاجم الحرس الخاص لزياد

بري المصلين، وهم مدججون بالسلاح والعربات المصفحة داخل الجوامع وفتحوا

وابلاً من النيران عشوائياً على جموع المكبرين داخل الجوامع المذكورة تكبيرات

عيد الأضحى.

وتفيد الأخبار أن إطلاق النيران العشوائي قد شمل معظم العاصمة وضواحيها

وكان الحرس الخاص يلتقطون جثث الضحايا فور سقوطهم على الأرض ثم

يجمعونهم في أماكن خاصة ويحفرون لهم ويدفنونهم ليلاً في مقابر جماعية بواسطة

الجرافات بدون غسل، ولا كفن، ولا صلاة، وبدون علم ذويهم، كما هرب كثير

من الناس بجرحاهم إلى بيوتهم ومات بعضهم هناك بسبب عدم الرعاية الصحية لهم

، وتم دفنهم داخل بيوتهم خوفاً من جنود الحكومة، كما وجد كثير من الجثث بعد

أيام في الأزقة مما جعل عدد القتلى غير محصور حتى الآن لأن وفيات الجرحى

مستمرة يومياً لعدم الرعاية الصحية - كما قلنا - ولخوف الناس من الذهاب بهم إلى

مستشفيات الحكومة خشية الإبادة لذويهم وتدمير بيوتهم، كما حدث لمن حاول ذلك

كما أخبر شهود العيان من أهل البلاد، وكما نشرت جريدة الخليج بالتاريخ ٢٢ / ٧

/١٩٨٩.

وقد لقي من جزاء ذلك أكثر من ألف وستة وأربعين شخصاً مصرعهم، ومن

بين القتلى خمسون شخصاً أعدموا فور القبض عليهم دون محاكمة، وذلك ماعدا

الاغتيالات الجماعية.

وقد ألقى القبض على كثير من الإسلاميين، منهم الشيخ إبراهيم محمد علي

خطيب ومدرس جامع سيغالي، والشيخ عبد الرشيد، والشيخ على صوفي خطيب

ومدرس جامع الشيخ علي الصوفي، والشيخ نور الدين علي أحمد الداعية المعروف

في البلاد، والشيخ شريف شرف مدرس التفسير بمسجد أربع ركن، ومحمد علي

طاهر الكاتب عن المخططات النصرانية ضد الإسلام في البلاد، حيث زج بهم في

السجون والمعتقلات حتى اكتظت السجون بهم، مما اضطر الحكومة إلى نقل عدد

كبير منهم إلى معسكرات التدريب مثل عيل جالي وطنانة، ومراكز الشرطة.

أسباب هذه الحوادث:

١- تزايد حركة التنصير في البلاد في السنوات الأخيرة حتى بلغ عدد هيئات

التنصير أكثر من ٣٢ هيئة تنصيرية تتستر باسم الهيئات الخيرية لكن غرضها

الوحيد نشر المسيحية وتنصير أبناء المسلمين، وقد فسحت لهم الحكومة مجالاً

واسعاً، حيث أعطتهم الحرية كاملة ففتحوا في أنحاء البلاد مدارس خاصة لتنصير

أطفال المسلمين، ومراكز لتلقي الشباب مساعدات مادية ومحاضرات تنصيرية،

وتقدم لهم أيضاً وعوداً بإرسالهم إلى جامعات أوربا وأمريكا مستغلين بذلك أحوال

البلاد المعيشية والإدارية السيئة، وقد زعم ممثل الفاتيكان في الصومال أخيراً بأن

أكثر من اثني عشر ألف شاب صومالي دخلوا في المسيحية في الآونة الأخيرة.

٢ -وبالمقابل فقد حاربت الحكومة نشاط الإسلاميين بالدعايات المغرضة

المضادة، وألقت القبض عليهم وأعدمت بعضهم، وحكمت على كثير منهم بالسجن

لمدد متفاوتة.

٣- عداوة الرئيس الشديدة وكرهه للإسلام وأهله: فقد صرح بري عدة مرات

بمناسبات مختلفة بتصرحيات معادية للإسلام منها ما قاله حين أصدر قانون الأحوال

الشخصية بأن الإسلام قد ظلم المرأة، ونحن ننتصر لها ونسويها بالرجل في جميع

المجالات في الإرث والنكاح والطلاق وغير ذلك. وزعم بأن خمسين في المائة من

القرآن الكريم منسوخ إلا أن العلماء لا يفهمون ذلك، نشرت ذلك جريدة نجمه

أكتوبر الحكومية بتاريخ ١/ ١/ ١٩٧٥ م ومن عادته أن يتهكم على العلماء ويقول

على سبيل السخرية والاستهزاء: السفهاء فعلوا ذلك، يعني العلماء الداعين للإسلام

وقد حدث مرة أن واجهه أحد العلماء بنصيحة فقال: أكره الناس إليّ من قال لي اتق

الله وخوفني بالله فهل الله سبع يأكل الناس؟ !

٤ - قتل الأسقف الإيطالي في مقديشو: قتل الأسقف الإيطالي في مقديشو ٩

/ ٧ / ١٩٨٩ م بيد مجهول، والجدير بالذكر أن المقتول لا يعرف له قاتل حتى

الآن، وملابسات القتل تؤكد بأن الحكومة هي وراء ذلك الاغتيال لأن القاتل فر

بسيارة الجيش ولأن الأسقف أعطى أسراراً كثيرة تتعلق بتجاوز السلطات لحقوق

الإنسان في الصومال للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة التي زارت البلاد

قريباً.

ومع هذا فقد ألصق زياد بري زوراً وبهتاناً تهمة قتل هذا الأسقف الكاثوليكي

بالإسلاميين، فعل ذلك لكي ينتقم من الأسقف الذي أفشى أسراره من جهة، وليتخذ

من ذلك ذريعة لضرب الإسلاميين الذين ضاق صدره من نشاطهم المتزايد وتأثيرهم

البالغ على الشعب من جهة أخرى، ثم أراد إرضاء الفاتيكان وأعداء الإسلام عامة

فأظهر لهم حزنه الشديد لقتل الأسقف المحبوب له كما يدعي، ووعد من يعثر على

القاتل بجائزة مالية قدرها عشرة ملايين شلنغ صومالي حسبما نشرت جريدتا البيان

والخليج بتاريخ ١٨ / ٧ / ١٩٨٩م كل هذه الأسباب وغيرها قد أثارت غضب

الشعب الصومالي المسلم، فأعلن العلماء على منابر المساجد غضبهم واستنكارهم

لمطاردة العلماء واتهامهم بما هم براء منه كما استنكروا التسهيلات الواسعة النطاق

التي تقدمها الحكومة لحركات التنصير.

اغتيالات جماعية:

تفيد الأخبار الواردة أن السلطات تداهم الناس في بيوتهم ليلاً وتأخذ الرجال

إلى خارج العاصمة وتطلق النار عليهم جماعياً.

وقد أفاد شهود عيان أن مائة وعشرين جثة وجدت ملقاة في منطقة (عين

عدى) وكذلك وجدت جثث أخرى في منطقة (الجزيرة) وذكر ناس من أهل البادية

أنهم رأوا حوالي ثمانين رجلاً يطلق عليهم النار ثم حفر لهم قليب كبير عند (طنانة) .

لا تغتروا بالتصريحات الكاذبة:

اعتاد زياد بري وأعوانه تضليل الرأي العام العالمي وفرض التعتيم الإعلامي

عما يجري داخل الصومال، فعلى المسلم أن يتتبع الأخبار الصحيحة من مصادرها

الموثوقة، وألا يغتر بتصريحات كاذبة من زياد بري وأعوانه الذين يشوهون

الحقائق خوفاً من التنديد العالمي لجريمتهم البشعة اللاإنسانية.

حدثت هذه الذابح في مقديشيو بعد تدمير شمال البلاد تدميراً شاملاً بيد جيش

زياد بري مستخدمين جميع الأسلحة العصرية في (هرجسة) و (برعو) وتوابعهما،

وقد فر من نجا من التدمير والرصاص من أهل تلك المناطق إلى الحبشة، ومازالوا

هناك لاجئين.

صرخة من مسلمي الصومال:

يستنجد الشعب الصومالي المسلم الجريح إخوانه المسلمين في أنحاء العالم كي

يتوسطوا لدى سلطات الصومال للإفراج عن المعتقلين، وإيقاف الاغتيالات

الجماعية، والسماح للعلماء بمزاولة نشاطهم كما يهيب الشعب بإخوانه المحسنين من

ذوي القلوب الرحيمة أن يمدوا إليهم يد العون والمساعدة لإنقاذ المنكوبين

والمتضررين من الأيتام والأرامل والعجزة حتى لا يقعوا في شراك التنصير الحاقد.