للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قراءة في كتاب

التحالف الأسود

بين وكالة الاستخبارات المركزية والمخدرات والصحافة

تأليف: ألكسندر كوكبرن، وجيفري سانت كلير

ترجمة: أحمد محمود

عرض: خالد محمد حامد

في خبر أوردته وكالات الأنباء ذكر عقيد سابق في جهاز الاستخبارات

الروسية الخارجية أن الجهاز هو المسؤول عن مجموعة التفجيرات التي شهدتها

العاصمة الروسية موسكو في سبتمبر/ أيلول ١٩٩٩م، والتي نُسبت إلى (متطرفين)

شيشان، وأدت لاحقاً في سياق تطورات الموقف إلى اندلاع الحرب الروسية في

جمهورية الشيشان. وقد أدلى الضابط بشهادة مكتوبة، وأخرى عبر التلفزيون للجنة

وطنية روسية ما زالت تبحث عن أسباب تلك التفجيرات.

لم يكن هذا أول الاتهامات ولا آخرها لجهاز مخابرات ما بتدبير أعمال

تخريبية ضد مواطني بلده، ثم إلصاقها بقوى سياسية أخرى، أو استغلال هذه

الأعمال لتحقيق مكاسب سياسية بعيدة وغير ظاهرة للجمهور.. وليس ببعيد عنا

الجدل الدائر حول ما حدث في الجزائر؛ خاصة أنه لم تَخْبُ بعد جذوة الاعترافات

العلنية والاتهامات للجيش وأجهزة الأمن الجزائرية بتدبير المذابح البشعة أو على

الأقل بعضها ضد المواطنين الجزائريين العزل، وإلصاقها بالجماعات الإسلامية

المختلفة. وإن صدقت هذه الاعترافات والاتهامات؛ فإن الهدف من تلك

الأعمال هو إشاعة الذعر بين المواطنين، وتسويغ قمعهم باسم الحفاظ على

الأمن، واستمرار الحكم بحالة الطوارئ، وتشويه صورة التيار الإسلامي كله،

وتحقيق مكاسب سياسية وإعلامية داخلية وخارجية من وراء ذلك..

وليس ذلك بمستغرب على أجهزة الاستخبارات عموماً؛ حيث تَعُدُّ هذه

الأجهزة (العمليات القذرة) من صلب أعمالها، بل تضع مثل هذه الأعمال ضمن

مفاخرها التي تُظهر فيها مهاراتها وكفاءاتها.

والكتاب الذي نعرض له يكشف كثيراً من هذه الأعمال، ولكنه يضيف

أطرافاً أخرى ضالعة في هذه الأعمال ومكملة لأدوارها، كأجهزة الإعلام وعصابات

المخدرات؛ لذا جاء عنوانه: (التحالف الأسود.. وكالة الاستخبارات المركزية

والمخدرات والصحافة Whiteout - The CIA, Drugs and the Press)

وقد صدرت الطبعة الأولى للترجمة عام ٢٠٠٢م عن المجلس الأعلى للثقافة بمصر.

يقع الكتاب في ٥٠٠ صفحة من القطع المتوسط، وينقسم إلى مقدمة وخمسة

عشر فصلاً، وهو بدون تقديمات أو تمهيدات من المترجم أو غيره من أصحاب

مثل هذه الاهتمامات من الكتَّاب والباحثين العرب.

وإذا كنت لن أستطيع في مثل هذا المقال تقديم عرض تلخيصي واف لمثل

هذا الكتاب الضخم المليء بالمعلومات والتفاصيل، فيمكن تقديم نبذ وإلماحات

سريعة مما ورد فيه عن هذا العَالَم الذي أقل ما يوصف به: أنه عَالَم شياطين

ومتجردين من جميع الصفات والمعاني الإنسانية.

قبل أن يخوض الكاتبان في التفاصيل يؤكدان في المقدمة نقطة مهمة قد تغيب

عن كثيرين أو قد تعمَّى عليهم، وهي إسناد المسؤولية عن هذه الأعمال إلى

أصحابها الحقيقيين، فيقولان صراحة: «ونحن لا نقبل هذا الفصل بين أنشطة

وكالة الاستخبارات المركزية عن سياسات الحكومة الأمريكية وقراراتها ... فقد

كانت وكالة الاستخبارات المركزية على الدوام المنفِّذ المطيع لإرادة الحكومة

الأمريكية التي تبدأ بالبيت الأبيض» .

يبدأ الكتاب بذكر قصة الصحفي «جاري وب» ، وهو أول من كشف بمثل

هذه القوة تورط الـ (CIA) مع عصابات تجارة المخدرات في إغراق المجتمع

الأمريكي بأصناف المخدرات الفتاكة، وذلك عندما نشر أيام ١٨ و ١٩ و ٢٠

أغسطس عام ١٩٩٦م في صحيفة (سان هوزيه ميركوري نيوز) سلسلة مقالات

بعنوان رئيس: (التحالف الأسود) ، وعنوان فرعي: (القصة التي وراء زيادة

تدخين الكوكايين المفاجئة) ، وكان العنوان الرئيس في اليوم الأول هو: (جذور

بلاء أمريكا في حرب نيكارجوا) .

ويمضي الفصل الأول من الكتاب وهو بعنوان: (قصة «وب» الكبيرة)

في ذكر تفاصيل هذا التورط، ولأن وكالة الاستخبارات المركزية كانت في كل مرة

تنكر من خلال الصحافة الموالية لها الاتهامات الموجهة لها، مدعية أنها اتهامات

«لا أساس لها» ، أو أنها «مبالغ فيها» أو أنها «غير مؤكدة» ... فقد اهتم

«وب» وتابعه الكتاب الذي نعرض له بذكر التفاصيل الدقيقة المدعمة

بالوثائق والمستندات والشهادات التي تدل دلالة دامغة على هذا التورط.

ترجع بدايات هذا التورط عندما سقط نظام «سوموزا» الموالي لأمريكا في

نيكارجوا، واستيلاء شيوعيي جبهة «ساندينستا» على الحكم هناك؛ مما أقلق

الإدارة الأمريكية برئاسة كارتر حينها ودفعها إلى تنظيم ميليشيات مقاومة عسكرية

مضادة عرفت فيما بعد بـ (كونترا) ، تمركزت في هُندوراس، وأشرف عليها

ضباط (فرق الموت) الأرجنتينيون السابقون، وقبل أن يوقِّع الرئيس ريجان في

نوفمبر ١٩٨١م على قرار الأمن القومي الذي يوفر ميزانية مقدارها ١٩.٣ مليون

دولار لكونترا من خلال وكالة الاستخبارات المركزية؛ وجد رجال الكونترا أنفسهم

في ضائقة مالية، ولأن بعض قياداتهم ومن على صلة بهم من أصحاب المصلحة

في عودة النظام القديم كان من أصحاب السوابق والملفات الإجرامية خاصة في

التهريب؛ فقد برز تهريب المخدرات وبيعها بأسعار رخيصة في شوارع المدن

الأمريكية وخاصة جنوب وسط لوس أنجلوس ذات الأغلبية السوداء وسيلة واقعية

للتمويل تحت شعار (الغاية تسوِّغ الوسيلة) .

إلى هنا والأمور قد تبدو متوقعة، ولكن غير المتوقع أن الـ (A.I.C)

عندما لم تحصل من الكونجرس على المخصصات المالية التي طلبتها لتمويل

الكونترا (خصص الكونجرس عام ١٩٨٤م مبلغ ٢٤ مليون دولار، وهو تقريباً

ربع ما طلبته الـ A.I.C) ؛ بحثت عن مصادر تمويل بديلة، وكان نشاط

رجال الكونترا في تهريب المخدرات هو الوسيلة الواقعية أمام وكالة الاستخبارات

المركزية للحصول على ما تريده من مال خاصة بعد تفجير فضيحة (إيران كونترا)

التي تورطت فيها الوكالة أيضاً فكان تهريب المخدرات وبيعها يتم بعلم وأحياناً

بإشراف الوكالة، بل كانت الطائرات العسكرية تهبط في بعض المطارات لتفرغ

حمولتها من شحنات السلاح لمقاتلي الكونترا، وتعود محملة بشحنات المخدرات

التي تأخذ طريقها فيما بعد لعصابات التوزيع في الشارع الأمريكي، ومارست

الوكالة نفوذها لحماية هؤلاء المهربين والتستر عليهم، وإحباط جهود وكالة مكافحة

المخدرات وجهات تنفيذ القانون الأخرى في ملاحقتهم.

وبحلول عام ١٩٨٥م كانت هناك ١٥ مدينة أميركية تشكل أسواقاً مفتوحة أمام

مافيات المخدرات التي كانت توزع المخدرات أحياناً بنظام (الأمانات!) ..

وتركت العصابات والتجار والموزعين الصغار الذين يروِّجون هذه المخدرات في

كاليفورنيا وسان فرانسيسكو يجوبون الشوارع الخلفية بحُريَّة، وهكذا تسببت

الوكالة في رفع نسبة المدمنين الأمريكيين بنحو ١٨% خلال عقد الثمانينيات، ولم

يهتم هؤلاء جميعاً بحجم الشباب الذين كانوا يموتون من الجرعات الزائدة، أو

يفقدون عقولهم عندما يلح عليهم المخدر ولا يجدونه.

لقد تسبب كوكايين التدخين الذي كانت هذه العصابات توزعه في تحطيم أسر

بسبب الإدمان، وكان المدمنون يسرقون بأي صورة للحصول على الجرعة التالية،

وكانت هذه العصابات تدخل في معارك دامية للسيطرة على مناطق النفوذ؛ مما

أوجد مناخاً إجرامياً واسعاً في هذه المدن.

* الهجوم المضاد:

لم يكن «وب» أول من أثار هذه الاتهامات ضد وكالة الاستخبارات

المركزية؛ فالاتهامات نفسها أثيرت من قَبْلُ في منتصف الثمانينيات، ولكنها في

ذلك الوقت لم تأخذ ما تستحقه من اهتمام وتم تجاهلها، أما عندما نشر «وب»

مقالاته في منتصف التسعينيات فقد لعب الإنترنت دوراً مهماً في نشر هذه المقالات

واتساع الجدل حولها؛ لذا لم يكن من الممكن تجاهلها، كما أن أحد الأبعاد التي

تناولها «وب» في مقالاته ما ذكره من أن نشاط موزعي كوكايين التدخين

الرخيص كان في المناطق التي يغلب على سكانها الأمريكان السود ذوو الأصول

الأفريقية؛ مما أوجد موجة من السخط العارم وسط هذه الأوساط، وهذا أيضاً مما

يعطي لمقالاته أبعاداً خطيرة، وخاصة أنه يشيع في هذه الأوساط من قَبْلُ

اضطهادها من قِبَل السلطات التي يغلب عليها ذوو الأصول البيضاء؛ فهناك

اتهامات بمؤامرات مفترضة مثل أن الحكومة تعمدت إصابة السود بفيروس الإيدز،

وأن دجاج الكنيسة المحمَّر، ومشروبات سنابل أضيفت إليها كيماويات لتعقيم

الرجال السود.. لذا جاءت هذه الاتهامات الجديدة لتجد آذاناً صاغية، وتشعل ثورة

الغضب من جديد؛ مما ينذر بخطر اجتماعي داهم.

من أجل ذلك كله كان لا بد من هجوم مضاد يهدف إلى أمرين: تحطيم

«وب» مهنياً والقضاء على مصداقيته هو والصحيفة التي نشر فيها مقالاته،

وتبرئة ساحة وكالة الاستخبارات المركزية مما نسب إليها من اتهامات. ومن ثم

شُن على «وب» وصاحب صحيفته أشرس هجوم من وسائل الرأي العام

المعروفة، ثم شاركت فيما بعد الصحيفة التي يعمل فيها «وب» نفسه في الهجوم

عليه وتحطيمه.

ونستطيع القول إنها كانت «حملة إبادة» شاركت فيها وسائل الإعلام

المعروفة لدى الرأي العام التي لبعض محرريها صلات بوكالة الاستخبارات

المركزية، كالواشنطن بوست، ولوس أنجلوس تايمز، ونيويورك تايمز، وشبكة

NBC، وشبكة CNN ... ولكنهم لم يكونوا موضوعيين، ولم يناقشوا المستندات

التي قدمها «وب» ، ولا شهادات بعض الأطراف التي أدلوا بها تحت اليمين

القضائي، ولكنهم بدلاً من ذلك حاولوا ممارسة نوع من النيل المعتمد على التجريح

الشخصي، والتشكيك في الهدف من نشر المقالات، وكان بعضهم يدفع بأن

ضرورات (الأمن القومي) تقتضي عدم نشر مثل هذه الأخبار، ف «نحن نعيش

في عالم قذر وخطير، وهناك بعض الأمور التي يجب ألا يعرفها الجمهور العام..

وأعتقد أن الديموقراطية تزدهر عندما يتخذ رجال الحكومة خطوات مشروعة للحفاظ

على أسرارها، وعندما تقرر الصحافة إن كان عليها نشر ما تعرفه أم لا!!» ،

وغاية ما كان يأتي من بعض هؤلاء هو إحالة الاتهامات بتبرئة ساحة الوكالة كجهة

حكومية، والزعم أن «أغلب ما سيظهر هو أن بضع ضباط من وكالة

الاستخبارات المركزية كانوا يتربحون لحسابهم الخاص» ، وهو ما تدحضه

المستندات والشهادات التي قدمها «وب» .

ثم يمضي الكتاب سارداً: تجنيد الوكالة للعلماء النازيين لخدمة أنشطتها

المريبة، والتحالف مع أمراء الأفيون في بورما وتايلاند ولاوس، وبرنامج

الاغتيالات في فيتنام، والتواطؤ لقلب نظام حكم «سلبادور أيِّندي» في شيلي،

وتسليح تجار الأفيون في أفغانستان، وتدريب الشرطة القاتلة في جواتيمالا

والسلفادور، إضافة إلى التورط في نقل المخدرات والسلاح بين أمريكا اللاتينية

والولايات المتحدة..

ورغم كل ذلك يقول أعوان الوكالة في الصحافة إنهم اكتشفوا أن أيدي الوكالة

ناصعة البياض، وعندما يتصدى صحفي معارض لهذا التيار مثل جاري «وب»

يكون زملاؤه الصحفيون هم الأدوات التي تشن بها الحرب عليه لتكذيبه والتشهير به،

رغم ما لديه من أدلة ومستندات وشهود على قيد الحياة.

* جذور البارانويا السوداء:

لم تكن ردود الفعل الغاضبة التي صدرت عن الأمريكان السود نابعة من فراغ؛

فهناك تاريخ طويل من الاضطهاد العرقي الذي مارسه الرجل الأبيض في القارة

الأمريكية ما زال ماثلاً في أذهان الملونين، والقصة التي ساقها «وب» عن

تواطؤ المخابرات المركزية في انتشار المخدرات بين سكان الأحياء الفقيرة من مدن

الجنوب الأمريكي مسَّت وتراً حساساً في نفوس السود، واستدعت حالة البارانويا

[١] التي خلفتها تصرفات الرجل الأبيض. ونستطيع إيراد لمحات دالة من هذه

التصرفات:

استخدام السود كحيوانات تجارب:

فمن الحقائق المرعبة في هذا التاريخ: استخدام السود حقل تجارب طبية؛

فمنذ عام ١٩٣٢م، وعلى مدى أربعين عاماً، جُنِّد ٦٠٠ من السود بدون علمهم من

مقاطعة ماكون بولاية ألباما؛ من أجل دراسة تجريها هيئة الصحة العامة الأمريكية

ومعهد تكسيجي، وأظهرت الدراسة أن أربعمئة من بين الستمئة مصابون بالسفلس

(الزهري) ، ولم يعط ضحايا تكسيجي أي علاج طبي فعال؛ لأن الباحثين كانوا

يريدون دراسة التطور الطبيعي لذلك المرض التناسلي، وعندما كان أطباء آخرون

يشخِّصون السفلس لدى بعض الرجال كان باحثو هيئة الصحة العامة يتدخلون لمنع

إعطاء أي علاج.

التطهير العرقي:

على نمط حضارة (إسبرطة القديمة) و (أفكار النازية) اهتم بعض

الأمريكان البيض بالظروف السيئة التي اتسمت بها الحياة في الأحياء الفقيرة، ومن

هؤلاء: المعالج النفسي «فريد جودوين» الذي كان في عام ١٩٩٢م مديراً لهيئة

حماية اسمها (إدارة إساءة استعمال الكحول والمخدرات والصحة العقلية) ، وكان

«جودوين» شديد الحرص على تنفيذ برنامج حيوي طبي قومي للحد من العنف؛

حيث كانت الفكرة الجوهرية هي البحث عن (جين العنف) ، وبحثاً عن الأساس

البيولوجي المفترض.

كان «جودوين» يردد كل الوساوس (المالثوسية) التي تعود إلى أواخر

القرن التاسع عشر، والمفكرين والساسة الأمريكيين البيض في أوائل القرن

العشرين، وقد كانوا يعتقدون أن (التعقيم) هو أفضل طريقة للحفاظ على نقاء

(مجمع الجينات القومي) .

وكان «جودوين» يتبع خطوات المعالج النفسي في جامعة كاليفورنيا بلوس

أنجلوس (جولي ويست) الذي وضع خطة عام ١٩٦٩م لوضع أقطاب كهربائية في

أدمغة المشتبه فيهم من الجناة الذين يتَّسمون بالعنف، وكان «ويست» يعمل لفترة

طويلة مع كيميائيي وكالة الاستخبارات المركزية، وغيرهم من العلماء والباحثين

في استخدام (عقار الهلوسة) لتعديل السلوك البشري.. وفي هذه الفترة بالذات

(أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات) كان علماء الأعصاب والمعالجون النفسيون

مشغولين إلى حد كبير بمشاكل العنف الحضري، وكان أحد أساتذة «ويست» هو

الدكتور «أرنست رودين» يوصي بإجراء جراحات المخ النفسية والإخصاء

باعتبارها التكنولوجيا الطبية المناسبة للطبقات الخطيرة، وقد أوصى «ويست»

بعد تمرد مقاطعة واتس في لوس أنجلوس بأن تحل مادة «أسيتات السيبرتيرون»

وهي مادة معقِّمة ابتكرها الألمان الشرقيون محل منجل الخَصَّائين، وبحلول عام

١٩٧٢م اقترح «ويست» استغلال نزلاء السجون مواد للبحث في ذلك العلاج.

إن فكرة (مجمع الجينات القومي) فكرة قديمة، فقد كان مؤسسو معهد

كاليفورنيا للتكنولوجيا على سبيل المثال متعصبين لتحسن الجنس البشري، وفيما

بين ١٩٠٧م و ١٩١٣م وضعت اثنتا عشرة ولاية وأولها إنديانا لوائح للتعقيم

الإجباري لأي شخص يثبت أنه مجرم أو معتوه أو مغتصب أو أبله موجود في

مؤسسة حكومية، وتقرر لجنة طبية أن حالته (غير قابلة للتحسن) .

ويورد «ألان تشيس» في كتاب Malthus of Legacy The أن

٦٣٦٧٨ شخصاً عُقِّموا تعقيماً تاماً فيما بين ١٩٠٧م و ١٩٦٤م في ثلاثين ولاية

ومستعمرة واحدة بموجب تلك القوانين، إلا أنه يشير كذلك إلى أن أولئك الضحايا

يمثلون «أقل جزء من العدد الحقيقي للأمريكيين الذين أخضعوا في هذا القرن

لعمليات تعقيم إجبارية لتحسين النسل البشري؛ أجرتهاً جهات فيدرالية وأخرى تابعة

للولايات» .

ويورد «تشيس» ما قاله القاضي الفيدرالي «جيرهارد جيسيل» عام

١٩٧٣م في قضية رفعت باسم ضحايا التعقيم الإجباري للفقراء: «على مدى

السنوات القليلة الماضية؛ كان يعقم ما بين ١٠٠ ألف و١٥٠ ألف شخص من ذوي

الدخل المنخفض سنوياً؛ في إطار برنامج ممول فيدرالياً» ، وكما يشير «جيسيل»

فإن هذا المعدل يساوي ما تحقق في ألمانيا النازية.

لقد كانت تتردد باستمرار في برنامج التعقيم الكبير نبرة (العمل من أجل خير

البشرية) ، وفي بعض الأحيان كان يعترض على هذا البرنامج بأن التعقيم سوف

يحرم العالم على الأقل من المواطنين المفيدين الممتثلين للقانون الذين يرعون

أنفسهم، وهناك إقرار بأنهم قد لا يكونون أذكياء، ولكن لو توقف إنجاب محدودي

الذكاء كافة؛ فمن ذا الذي سيحفر المجارير ويجمع القمامة؟!

ومع أن «اليوجينيين» الذين يفضلون كلمات من قبيل (ضعاف العقول) أو

(البُله) ، ويتحاشون عادة المصطلحات التي تنطبق على جنس بشري بعينه؛ فقد

كان الهدف في الغالب هو (السود) .

ألا يمكن أن يزداد ما لدى الرجل الأسود أو المرأة السوداء الذي يعاني بالفعل

من (البارانويا) بشأن فكرة معالجة الفقر أو العنف عل يد كيميائيين حكوميين

يحملون في حقنهم عوامل (إعادة التوازن) من بارانويا عند رؤيته آثار وساوس

قديمة موجودة لدى الجهات الحكومية مثل وكالة الاستخبارات الأمريكية؟!

إنها إذن ليست (البارانويا) التي تجعل أي شخص أسود يستنتج أنه منذ

تكريس المفكرين والساسة البيض البارزين في القرن التاسع عشر الكثير من جهدهم

لتقليل عدد السود؛ عن طريق وسيلة (التعقيم) أو (الاعتداء الطبي الانتقائي)

الذي يوصف تأدباً بـ (علم اليوجينيا) ! .

الحرب البيوكيماوية العنصرية:

يعود استخدام أمريكا للأسلحة البيولوجية إلى ستينيات القرن التاسع عشر؛

عندما وزع الأمريكان البطاطين الملوثة ببكتيريا الكوليرا على قبائل الهنود الحمر

(مواد إغاثة خيرية!!) ، وفي عام ١٩٠٠م نقل أطباء الجيش الأمريكي في الفلبين

إلى خمسة من السجناء نوعاً من الطاعون، كما نقلوا البري بري إلى ٢٩ آخرين.

وفي عام ١٩٤٢م أصاب أطباء الجيش والبحرية الأمريكيون ٤٠٠ سجين في

شيكاغو بالملاريا؛ في تجربة قصد بها الحصول على (صورة المرض، وابتكار

علاج له) ، وكان معظم النزلاء من السود ولم يُبَلَّغ أي منهم بمخاطر التجربة.

وفي عام ١٩٥١م لوث الجيش الأمريكي سراً مركز (نورفولك) للتموين

البحري في فيرجينيا بالبكتيريا، واختير نوع من البكتيريا كان يعتقد أن السود أكثر

قابلية للتأثر به من البيض.

وفي عام ١٩٧٠م، وفي مقال نشرته (ميليتاري ريفيو) المجلة التي يصدرها

الجيش الأمريكي وكلية الأركان العامة، ناقش عالم وراثة سويدي اسمه «كارل

لارسون» الأسلحة المنتقاة وراثياً، وذكر «لارسون» أنه رغم أن دراسة

الإنزيمات المؤيضة للمخدرات لا تزال في بدايتها؛ فإن «التفاوتات الملحوظة في

الاستجابة للعقاقير أوضحت احتمال وجود اختلافات وراثية كبيرة في قابلية الإصابة

بالعوامل الكيماوية بين الشعوب المختلفة» .

ومضى «لارسون» ليتوقع أنه في عملية أشبه بخرطنة الجماعات العرقية

في العالم «قد يكون لدينا عما قريب شبكة نضع عليها الملاحظات الجديدة من هذا

النوع» ، وهي الفكرة التي تحققت مؤخراً من خلال ما يعرف بـ (مشروع

الجينوم البشري) ، وفي الاتجاه نفسه أشار تقرير للجيش الأمريكي صادر في

١٩٧٥م في خاتمته إلى أنه «من الممكن نظرياً ابتكار ما تسمى أسلحة عرقية؛

يمكن تصميمها بحيث تستغل الفروق الطبيعية في قابلية الإصابة بين جماعات

سكانية محددة» .

الانتقائية العنصرية في تنفيذ القوانين:

يعد التطبيق العنصري لقوانين المخدرات الأمريكية أحد الموضوعات التي يتم

تجاهلها دائماً عند ذكر قصص (البارانويا السوداء) ، وكان أول تطبيق عنصري

لقوانين المخدرات في أمريكا ضد عمال كاليفورنيا؛ فبعد الحرب الأهلية الأمريكية

كان إدمان الأفيون مشكلة كبيرة؛ وفي عام ١٨٧٥م أصبحت سان فرانسيسكو أول

مدينة تجرِّم تدخين الأفيون بناءً على تشريع كان من الواضح أنه يستهدف العمال

الصينيين الذين جُلبوا إلى الجنوب ليحلوا محل العبيد؛ جالبين معهم عادة تدخين

الأفيون التي شجعهم البريطانيون على إدمانها.. فجاء القانون الأمريكي ليعاقب من

يدخنون الأفيون دون الذين يتعاطونه سائلاً؛ حيث كان الرجال والنساء البيض

يتعاطونه على هذه الصورة.

في عام ١٩٣٠م أنشئت إدارة جديدة في الحكومة الفيدرالية، هي مكتب

«المخدرات والعقاقير الخطيرة» برئاسة «هاري أنسلنجر» الذي فرض رأيه

بأن الإدمان غير قابل للعلاج، وإنما يمكن القضاء عليه بالعقوبات الجنائية،

وكانت أولى حملات «أنسلنجر» الكبرى لتجريم المخدر المعروف في ذلك الوقت

باسم (القنّب) ، ولكن «أنسلنجر» أسماه (ماريوانا) لربطه بالعمال المكسيكيين

الذين كانوا كالصينيين قبلهم منافسين غير مرحب بهم في فرص العمل النادرة في

فترة الكساد.

وفي عهد نيكسون؛ أكد الرئيس أن مشكلة المخدرات تكمن في السود، وكانت

هذه الإلماحة فاتحة لغضب تام في سنوات ريجان وبوش وكلينتون، عندما

أصبحت الحرب على المخدرات صراحةً حرباً على السود.

وهكذا نجد أنه في عام ١٩٩٥م راجعت لجنة الأحكام الأمريكية ثماني سنوات

من تطبيق بند في قانون صدر عام ١٩٨٦م؛ يقضي بالحكم بإعدام العقول المدبرة

لتجارة المخدرات، ومنع طلب تخفيف الأحكام حتى جرائم الحيازة الصغيرة،

ووجدت أنه عنصري بصورة لا سبيل إلى إنكارها في تطبيقه؛ ذلك أن ٨٤% ممن

ألقي القبض عليهم لحيازتهم كوكايين التدخين كانوا من السود؛ بينما ١٠% فقط من

البيض، و ٥% من ذوي الأصول الإسبانية، بل إن التباين في تحقيقات تجارة

الكوكايين التدخيني كان أوسع؛ ذلك أن ٨٨% من السود، و ٧% من ذوي

الأصول الإسبانية، و ٤% من البيض. وكان ٧٠% من أحكام الإدانة بموجب

القانون فيما بين ١٩٨٩م و ١٩٩٦م ضد البيض، و ٢٤% ضد السود، ولكن في

٩٠% من المرات التي سعى خلالها المحققون الفيدراليون إلى تطبيق عقوبة الإعدام

لم يكن هناك ولا أبيض واحد، فقد كان ٧٨% منهم سوداً، والباقون من ذوي

الأصول الإسبانية، علماً بأن السود يمثلون ١٦% فقط من عدد سكان أمريكا.

التجسس الداخلي باسم الأمن القومي:

وباسم الأمن القومي ساد عام ١٩٦٨م نظام واسع من التجسس الداخلي ضم

٣٠٤ مكاتب في أنحاء البلاد، إلى جانب «ملفات أمن قومي مدمِّرة» عن

٨٠٧٣١ أمريكي، بالإضافة إلى ١٩ مليون ملف شخصي مودعة في فهرس

التحريات المركزي بوزارة الدفاع، ومن أشهر من مُورس عليه هذا التجسس زعيم

مقاومة التفرقة العنصرية الأسود الدكتور «مارتن لوثر كينج» ، الذي شكل

التجسس عليه واحدة من أطول المراقبات المفروضة على أي عائلة في التاريخ

الأمريكي، بل يذكر الكتاب الشكوك التي تدور حول مقتل كينج نفسه.

ومن الشخصيات البارزة التي خضعت لهذا النظام: «إ. ب. دوبيوس»

مؤسس الاتحاد القومي لتقدم الملوَّنين؛ حيث خضع للمراقبة قرابة سبعين عاماً،

وألقي القبض عليه وقيد بالأصفاد بسبب دعوته لإجراء محادثات سلام مع كوريا

الشمالية.

وكانت وكالة الاستخبارات المركزية قد جمّعت من خلال (العملية فوضى) ،

وما شابهها من برامج، ملفات عن أكثر من ٣٠٠ ألف اسم، وكانت تتنصت على

المكالمات التليفونية الخاصة بالصحفيين الأمريكيين، وتخترق الجماعات المنشقة،

كما أنفقت ٣٣ ألف دولار لدعم حملة لكتابة خطابات تأييد لغزو كمبوديا.

* تاريخ أسود:

في ٢٢/١١/١٩٩٦م وجهت وزارة العدل الأمريكية إلى الجنرال «جين

دافيلا» من فنزويلا اتهامات تتعلق بتوريد الكوكايين إلى أمريكا، وادعى المحققون

الفيدراليون أنه أثناء رئاسة الجنرال «جين» لوحدة مكافحة المخدرات في فنزويلا!!

هرّب ما يزيد على ٢٢ طناً من الكوكايين إلى داخل أمريكا وأوروبا، ولكن

«جين» رد على الاتهامات من ملاذه في كاراكاس بأن أكد أن شحنات الكوكايين

إلى أمريكا كانت بموافقة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية.

والحقيقة أن لهذه الوكالة تاريخاً حافلاً من (العمليات القذرة) ، فلا خلاف

على أن وكالة الاستخبارات المركزية استخدمت الاغتيال سلاحاً لإضعاف النظام

السياسي أو الاجتماعي، وعلى سبيل المثال فقد اعترف مدير سابق للوكالة في

سبعينيات القرن الماضي «وليام كولبي» بإشرافه على (برنامج فينيكس) وغيره

من العمليات التي تسمى (مضادة للإرهاب) في فيتنام.

وفي شهادة أدلى بها «كولبي» أمام الكونجرس تباهى بمقتل ٢٠٥٨٧ من

نشطاء (الفيت كونج) بين ١٩٦٧م و ١٩٧١م فقط، بينما أعلن الفيتناميون أن ٤١

ألفاً لقوا حتفهم. وربما كان هؤلاء أسعد حظاً من ٢٩ ألف مشتبه فيهم من (الفيت

كونج) قبض عليهم واستجوبوا بأساليب مرعبة؛ حتى بمعايير ديكتاتورات العالم

الثالث، وفي عام ١٩٧٢م أدلى طابور من الشهود بشهاداتهم أمام الكونجرس بشأن

الأساليب التي اتبعها محققو فينيكس: كيف كانوا يستجوبون المشتبه فيه ثم يلقون

بهم من الطائرات، وكيف كانوا يقطعون أصابعهم وآذانهم، وكيف كانوا يستخدمون

الصدمات الكهربائية، ويدقون الخوابير الخشبية في أدمغة بعض المسجونين،

ويضعون المناظير المكهربة في فتحات شرج غيرهم.

ومن هذه العمليات التخلص من الزعماء الذين يمثلون مصدر خطر على

مصالحهم، ولو كانوا من حلفائهم وعملائهم، فبحلول عام ١٩٦٠م كان «روفائيل

تروخيو» رئيس جمهورية الدومينيكان قد أصبح مصدر إزعاج لواضعي السياسة

الخارجية الأمريكية؛ إذ بدا فساده الواضح وكأنه سيؤدي إلى ثورة أشبه بتلك التي

أتت بـ «فيدل كاسترو» إلى السلطة، وكانت الطريقة الوحيدة لتلافي ذلك

الاحتمال غير المرغوب فيه هو ضمان انتهاء حياة «تروخيو» السياسية على

الفور، وهو ما حدث في أوائل ١٩٦١م، فقد أردي «تروخيو» قتيلاً وهو في

سيارته خارج بيته، وظهر أن وكالة الاستخبارات المركزية كانت وفرت السلاح

والتدريب لمنفذي اغتيال الطاغية الذي كانت الوكالة قد جاءت به إلى السلطة في

البداية.

ويذكر الكتاب سلسلة من محاولات اغتيال الزعماء السياسيين الذين بدا

وجودهم مزعجاً لأمريكا في أنحاء كثيرة من العالم؛ منهم: الزعيم الكونغولي

«لومومبا» الذي حاولوا اغتياله بتسميم طعامه ومعجون أسنانه بسُمٍّ حيوي؛ يشبه

في أثره مرضاً متوطناً في الكونغو، ورغم تهريب السم والأدوات إلى البلاد في

حقيبة ديبلوماسية إلا أن المحاولة أخفقت.

ولم تدخر الوكالة جهداً لإجراء حوالي ثلاثين محاولة لاغتيال الزعيم الكوبي

«فيدل كاسترو» ؛ منها محاولة بتصميم طريقة لتشبيع ستوديو الإذاعة الذي يلقي

منه «كاسترو» أحاديثه بـ (عقار الهلوسة) البخاخ وغيره من «المنشطات

النفسية» ، ودعت خطة أخرى إلى تشبيع نوع السيجار المفضل لدى «كاسترو»

بالمخدرات المؤثرة على العقل أو بسُم الالبوتولينوم الذي يقتل خلال ساعات، بل

كان يكفي لمس السيجار فقط وليس تدخينه كي يقتل ضحيته.

وفي عام ١٩٧٠م أُجبرت الوكالة قضائياً على نشر خبر وجود سبعة صناديق

من المعلومات عن برنامج أبحاث قامت بها الوكالة على مدى عشرين عاماً عن

«المخدرات المؤثرة على العقل وتعديل السلوك» ، والواقع أن هذا البرنامج

ومجموعة كبيرة من المشروعات ظلت قائمة حتى ١٩٧٣م على الأقل، وشملت

السعي لابتكار أساليب لضبط العقل بما في ذلك (جراحة المخ النفسية) ، وكانت

وكالة الاستخبارات المركزية ترغب في إيجاد نوع من (المرشح المنشوري) ؛

وهي قائمة تضم أسماء القتلة والجواسيس (المبرمجين كيميائياً ونفسياً) .

وهذا ناهيك عن حملات الدعاية المضللة، وجراحة المخ النفسية التي كانت

تمارسها بشكل واسع على الشعب الأمريكي (إدارة الفهم) بوكالة الاستخبارات؛

بواسطة بعض وسائل الإعلام، وكبار شركات العلاقات العامة في البلاد ...

والأمر كما يقول الكتاب فكما تذكرنا تلك اللمحات الموجزة؛ فإن وكالة

الاستخبارات المركزية هي على وجه الدقة ما يتوقعه المرء من هيئة ذات تفويض

يمتد من جمع وتحليل البيانات الاستخبارية حتى تنفيذ التدمير، والتلاعب في

الانتخابات، والاغتيالات، وإدارة الحروب السرية....

والكذب جزء من توصيف وظيفة وكالة الاستخبارات المركزية؛ حيث تقدم

البيانات الزائفة دوماً للحلفاء، والصحافة، وغيرها من الوكالات الفيدرالية،

والكونجرس..

* ماذا يعني (التحالف الأسود) ؟

يسجل كتاب (التحالف الأسود) إخفاق الـ A.I.C في عملياتها أكثر من

مرة، ولكن الإخفاق الكبير الذي يشير إليه هو الإخفاق الأخلاقي الذي لازم مسيرتها،

بل إخفاق النظام السياسي الأمريكي في أن يكون وفياً لمبادئ إنسانية يدَّعي أنه

يؤمن بها ويحميها، ويشن الحملات العديدة على الدول الأخرى بدعوى مخالفتها

لهذه المُثُل: فأين هي حقوق الإنسان عندما تنفذ «جهة حكومية» عمليات تستهدف

القضاء على حياة هذا الإنسان أو تغييب عقله عندما تشرف على تهريب المخدرات؟!

وأين هي هذه الحقوق عندما تمارس «جهات حكومية» عمليات تطهير عرقي

وتفرقة عنصرية حتى ضد مواطنيها؟! وأين هي هذه الحقوق عندما تمارس أساليب

القمع وانتهاك الحرمات والتجسس؟!

ورغم أن الكتاب يشير في متابعاته إلى نجاح بعض الصحفيين إلى حد ما في

نشر ما يريده، وممارسة نوع من الرقابة على أجهزة تنفيذ القانون؛ فإنه يسجل

كذلك كيف أن بعض أباطرة الإعلام وأعمدة الحكم متواطئون في العمل على إخفاء

الحقيقة عن الرأي العام، ومحاربة من يسعون لنشرها، وهو ما يشير إلى حقيقة

الإعلام الغربي المخدوع به كثيرون.

كما أن الكتاب يقدم شهادة على زيف الديموقراطية التي ينعق بها الغرب؛ فلقد

ديست (إرادة الشعب ممثلاً في الكونجرس) مع كل شحنة مخدرات كانت تدخل

أمريكا بعلم وكالة الاستخبارات الأمريكية؛ حيث لم ترض هذه الوكالة بالحصة

المالية التي قررها (ممثلو الأمة الأمريكية) ، ولجأت إلى تحقيق ما تريده هي

باعتبارها جهة تنفيذ ولو كان ذلك بأقذر الأساليب وأبشعها وأضرها على المواطنين؛

فالمبدأ الوحيد الخالد عندهم هو (الغاية تسوِّغ الوسيلة) .


(١) البارانوريا الاضطهادية - Persecutory Paranoia جنون الاضطهاد أو الارتياب: حالة عصاب تتسلط فيه على المريض أوهام تتعلق بتعقب الناس له، ومحاولتهم إلحاق الأذى به.