للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمون والعالم

[مخابرات الباكستان والصراع من أجل البقاء]

حسن الرشيدي

«الاستخبارات الباكستانية تخوض حرب استنزاف ضد القوات الأمريكية

والدولية في أفغانستان من خلال القاعدة وطالبان، وبمعلوماتها المضللة التي أعطتها

للقوات الأمريكية تريد إغراقنا في الوحل الأفغاني كما غرق السوفييت من قبل،

ويجب تلقين باكستان درساً على موقفها هذا» .

هذا قول صحفي أمريكي كبير في إحدى الصحف الأمريكية؛ عقب إخفاق

القوات الأمريكية في إلقاء القبض على معظم زعماء القاعدة وطالبان.. ولم يقتصر

النقد الموجه للمخابرات الباكستانية على هذا الصحفي فقط، بل شنت وسائل الإعلام

الأمريكية حملة موسعة على عناصر المخابرات الباكستانية وقياداتها متهمة إياها

بموالاة القاعدة، وفي المقابل انبرى رؤساء سابقون لهذه الهيئة في منابر إعلامية

عديدة يدافعون عن المخابرات الباكستانية، وفي وسط هذا الخضم المائج، بالإضافة

إلى عامل السرية والغموض الذي يكتنف عمل المخابرات؛ يبدو التحقق من حقيقة

دور المخابرات الباكستانية من الصعوبة بمكان.

* دور المخابرات بصفة عامة، وطبيعة عملها:

لا شك بأن عالم الاستخبارات عالم ظل زاخراً بالأخبار والأسرار، لكن ولأنه

عالم الأسرار يصبح الغوص في تاريخه وعلاقاته الراهنة من الصعوبة بمكان.

والنظرية الشائعة في مجال عمل المخابرات تقول بأن أجهزة المخابرات هي

التي تحكم حقيقة بلدانها.

والافتراضات المتضمنة في تلك النظرية ليست صحيحة بوجه عام؛ فهناك

عدة عوامل تتحكم في طبيعة عمل المخابرات؛ منها طبيعة النظام السياسي،

والظروف التي تمر بها الدولة بصفة عامة، ومدى تشبع العناصر القيادية في

المخابرات بالأهداف الطموحة؛ سواء كانت أهدافاً شخصية أو سياسية؛ فالدولة

ذات الطموح المستقبلي، والتي تسعى للحصول على أدوات القوة بعناصرها

المختلفة؛ هي التي تسلط أجهزة استخباراتها بهدف جمع أسرار صناعة التسليح،

وأسرار التجارة العليا وغيرها. أما الدول المنكمشة والتي يهمها في المقام الأول

المحافظة على مكانة أصحاب القرار فيها؛ فهي التي تسلط عناصر مخابراتها على

أفراد شعبها لكتم أنفاسهم أو إحصائها، ووضع تقارير كاملة عنهم في السجلات.

وكذلك كان لطموح القيادات الاستخبارية دوره في بناء السلطة السياسية،

فشهدت بعض الدول الكبرى صعود رؤساء أجهزة المخابرات ليتولوا أعلى سلطة

رئاسية؛ فجورج بوش الأب تولى رئاسة المخابرات الأمريكية قبل انخراطه في

السلك الرئاسي، كذلك كان أندربوف رئيس الاتحاد السوفييتي السابق، وحتى

الرئيس الحالي لروسيا بوتين كان رئيساً للمخابرات الروسية قبل توليه الرئاسة.

كذلك نجد أن عملية صنع القرار الاستراتيجي الخاص بدولة معينة يتم وفق

عناصر محددة تدخل في تركيبة هذا القرار، ولا شك أنه كلما قويت أجهزة

المخابرات زاد الحديث عن دورها في صنع القرار.

وآلية عمل المخابرات تتضمن شقين: شقاً نظرياً، والثاني عملي: فالشق

النظري له وظيفتان رئيسيتان:

١ - تقديم المعلومات والمعطيات في الميادين الاستراتيجية: العسكرية

والسياسية والاقتصادية لدائرة القرار في مجال السياسة الخارجية.

٢ - تقديم التحليلات، والتقويمات، والتقديرات للأوضاع السياسية

والعسكرية والاقتصادية والاستراتيجية في بلدان العالم؛ بناء على طلب رأس

الجهاز التنفيذي، أو عندما تتبلور لدى مسؤولي الوكالة تقويمات بشأن أوضاع بلد

أو منطقة معينة في العالم.

أما الشق العملي فله وظيفة أساسية، وهي القيام بأعمال أو عمليات سرية في

الخارج؛ لتنفيذ أهداف استراتيجية أو سياسية أو عسكرية محددة في إطار برنامج

السياسة الخارجية.

وهذه الأعمال منها الإيجابية الهجومية للحصول على المعلومات عن طريق

التجسس، والمراقبة والمتابعة، والقبض على الجواسيس، وتحويلهم إلى عملاء

مزدوجين، أو تقديمهم للمحاكمة، والقيام بأعمال التخريب، وتدمير منشآت العدو،

وانتهاج الحرب النفسية بما تشمله من أعمال الدعاية والشائعات.

ومنها السلبية الوقائية؛ فتشمل إجراءات الأمن والسلامة التي تقوم بها الدولة

لتحقيق الأمن مثل: الأسلاك الشائكة، ووسائل الإنذار، وإجراءات حفظ المعلومات

السرية، ومشروعات الأمن الداخلي، وإجراءات أمن المنشآت، وأمن الأفراد،

ومقاومة التآمر والتمرد والنشاطات الهدامة.

* تكوين المخابرات الباكستانية:

إن أهم ثلاث وكالات للمخابرات في باكستان هي: خدمة المخابرات الداخلية

(ISI) ، والمخابرات العسكرية (MI) ، ومكتب المخابرات (IB) .

وتختص كل هيئة بمسؤوليات محددة، ولكنها تلتقي جميعاً في هدف واحد هو

حماية الأمن القومي الباكستاني، وفي حالة أي نشاط داخلي أو خارجي يمس الأمن

القومي الباكستاني يحدث تشابك ملحوظ في أنشطة الهيئات الثلاث؛ فتركز الآي

إس آي (ISI) والمخابرات العسكرية (MI) بشكل عام على موضوعات

الاهتمام العسكري الطارئ، بينما يركز مكتب المخابرات (IB) على النشاطات

السياسية الداخلية.

يذكر أن الأصل في مكتب المخابرات أن يُرسل تقاريره مباشرة إلى رئيس

الوزراء، وترسل الوكالتان العسكريتان تقاريرهما للقائد العام في الجيش.

يقع مقر (ISI) الذي هو أهم فروع المخابرات وأكثرها تشعباً وتأثيراً في

إسلام أباد، ويرأسها مدير عام يخدم في الجيش الباكستاني برتبة فريق.

وهناك ثلاثة نواب للمدير: نائب سياسي، ونائب خارجي، ونائب عام.

وفريق العمل في (الآي إس آي) بشكل أساسي عبارة عن مجموعة منتدبة

من البوليس، والقوات العسكرية العليا، والمجموعات المتخصصة في الجيش،

وهي تضم أكثر من خمسة وعشرين ألفاً من الأعضاء النشطاء، وتقول مصادر

هندية وغربية إن الآي إس آي تضم ١٠.٠٠٠ ضابط؛ علاوة على المحاضرين

والملحقين.

والهيئة مقسمة إلى ستة أقسام:

القسم الأكبر في الآي إس آي (ISI) : هو مكتب المخابرات المشترك، فهو

مختص بتغطية مجالات معينة مثل الأحزاب السياسية، ومواجهة الإرهاب، وأمن

الشخصيات المهمة، العمال والطلاب. وقام المكتب بتخصيص ثلاثة أقسام:

قسم يختص بشكل محدد بالهند، وآخر بالدول الشيوعية، وثالث بإفريقيا

وغرب آسيا. وهذا القسم مسؤول بشكل رئيس عن تعيين وإرسال الأفراد في

مهمات بالخارج.

القسم المهم الثاني: هو مكتب مخابرات الإشارة المشترك، والذي يقوم

بالإشراف على شبكة الاتصالات الخاصة بالآي إس آي (ISI) ، وجمع

الاستخبارات من خلال مراقبة قنوات الاتصالات بالدول المجاورة، وتضم الآي إس

آي (ISI) عدداً كبيراً من أفراد سلاح الإشارة في الجيش، وتنتشر وحداتها في

كراتشي ولاهور وبيشاور، وترصد وتلتقط الصور وتعترض الاتصالات

اللاسلكية؛ على أن هدفها الرئيس هو متابعة تحركات القوات على امتداد الحدود

الهندية؛ فخلال عمليات حرب عام ١٩٧١م كانت تمتلك ما يزيد على ٢٠٠ محطة

راديو سرية في جبهة الحرب.

القسم المهم الثالث: هو مكتب المخابرات المضادة المشترك، وكما يوحي

اسمه فإنه يتولى الإشراف على البعثات الأجنبية، وعلى أفراد الآي إس آي

(ISI) وهو القسم المختص بشكل أساسي بالهند، ويطلق عليه أيضاً ملحق

المخابرات الشمالية، وتنحصر مهمته الرئيسية في تنفيذ العمليات في جامو

وكشمير، والشرق الأوسط، وجنوب آسيا، والصين، وأفغانستان، والجمهوريات

الإسلامية في الاتحاد السوفييتي السابق.

القسم الرابع: وهو مكتب المخابرات المنوع المشترك، وهو مسؤول عن

الأحداث السرية في الأنحاء الأخرى من العالم، إلى جانب الاتفاقات السرية

للتكنولوجيا النووية، وتكنولوجيا الصواريخ.

القسم الخامس: مكتب المخابرات الفنية: مسؤول عن جمع المعلومات الفنية،

بالإضافة إلى بحث وتطوير الآليات الاستخبارية.

القسم السادس: مكتب المخابرات المشترك إكس x: يعمل كسكرتارية للهيئة،

ويقوم بإعداد وتنسيق الدعم الإداري للأقسام الأخرى في الآي إس آي (ISI)

والمنظمات الميدانية، ويقوم أيضاً بإعداد التقديرات الاستخباراتية وتقارير

التهديدات.

وبالإضافة إلى هذه العناصر الأساسية تضم الآي إس آي (ISI) قسماً آخر

للحرب الكيمياوية.

* ذراع باكستان الاستراتيجي:

تعتقد باكستان دائماً أن الهند لم تتقبل قط وجودها، ومن ثم كانت ترى أن

الهند عازمة على إنهاء تقسيم شبه القارة؛ مما يعني ضمناً وضع نهاية لاستقلال

باكستان؛ ففي عام ١٩٦٤م صرح نهرو رئيس وزراء الهند حينذاك لصحيفة

الواشنطن بوست أن هدف الهند النهائي هو قيام اتحاد هندي باكستاني؛ مما يعني

دخول باكستان مرة أخرى تحت الهيمنة الهندوسية؛ وعليه فقد كان الهدف الجوهري

لاستراتيجية باكستان الرئيسية هو مجرد البقاء في وجه منافستها الهند الأكبر منها

حجماً والأكثر قدرة، والتي تريد بوضوح تصحيح الوضع القائم؛ مع الحفاظ على

سلامة استقلاليتها قدر الإمكان.

وكانت المخابرات الباكستانية وبالتحديد الآي إس آي أحد أذرع تنفيذ هذه

الاستراتيجية.

تشعب عمل هذه المخابرات على عدة محاور:

المحور الأول: هو نزاع كشمير: تمثل كشمير بؤرة مهمة للصراع في

جنوب آسيا؛ تلك المشكلة التي صنعتها الهند؛ فقد نص قانون استقلال الهند على

أن الإمارات داخل الدولة الهندية حرة في أن تنضم إلى أي من الهند أو باكستان،

أو أن تبقى مستقلة مع الأخذ في الاعتبار بعض العوامل مثل الوضع الجغرافي

ورغبات الشعب. ولكن الهند تجاهلت هذا المبدأ عند الاستقلال؛ وخصوصاً فيما

يتعلق بكشمير، وكانت غالبية السكان مسلمين وحاكمها كان هندوسياً. وحين تردد

مهراجا كشمير في إعلان انضمام الإمارة إلى باكستان تمرد المسلمون الكشميريون

الذين كانوا يمثلون نسبة ٨٢% من السكان، وقام جنود الحاكم الهندوسي بارتكاب

المذابح في منطقة بونش وميربور في سبتمبر/ أيلول ١٩٤٧م، ويقال إنه قتل في

هذه الاضطرابات ما لا يقل عن مائة ألف مسلم، وجرت هذه المجازر لإجهاض

انتفاضة مسلمي كشمير ضد الحاكم الهندوسي، وفي محاضرة لوزير الدفاع الهندي

جورج فرنانديز ألقاها في جامعة هارفارد في الولايات المتحدة عام ١٩٩١م قال:

«هناك اعتقاد واسع النطاق بأن أيدياً خارجية تقف وراء أحداث كشمير، وتتم في

كل مرة الإشارة إلى باكستان باعتبارها المسؤولة عما يحدث، لكنني أعتقد أنه لا

دخل للأيدي الخارجية في قضية كشمير؛ فنحن (أي الهنود) الذين صنعنا مشكلة

كشمير، وإذا ما قرر آخرون الاستفادة من الوضع؛ فلا أعتقد أنه يجب أن نصنع

من هذا الأمر قضية تشغل البال» .

ولكن الذي أخفاه وزير الدفاع الهندي هو سبب ذلك التآمر الهندي على كشمير؛

ألا وهو جعل مشكلة كشمير؛ ورقة ضغط لضمان أن تكون باكستان في إطار

وحجم معين تحت الهيمنة الهندية.

وظلت الهند تنتهج سياسة مزدوجة تجاه هذه القضية، فعلى الصعيد الرسمي

ظلت تعد ولاية (جامو وكشمير) جزءاً من الهند منذ عام ١٩٤٧م، بينما استمرت

في الوقت نفسه في إجراء المحادثات مع باكستان حول هذه القضية؛ كلما شعرت

بضغوط تمارس عليها.

وأدرك النظام الباكستاني منذ نشأته هذه المعضلة، وعمل على تفتيتها

واستعادة كشمير عبر عدة محاور:

- العمل على تدويل المشكلة وطرحها عالمياً للتأثير على الدول الكبرى؛

لتضغط بدورها على الهند وإرغامها على التنازل.

- تفعيل جهاز المخابرات الآي إس آي التي بلورت عملها في عدة اتجاهات

منها: دعم الجماعات الكشميرية التي تطالب بالانفصال عن الهند؛ حيث كانت

الممول الرئيسي لبعض جماعات مقاتلي جامو وكشمير، فقد استمرت في تزويدهم

بالأسلحة والذخيرة، وتوجيه العمليات التي يقومون بها.

ولقد حققت الآي إس آي (ISI) هدفها الأول في مطلع التسعينيات،

فأصبحت كشمير قضية دولية، بالإضافة إلى التمويل؛ حيث قامت الآي إس آي

بتزويد المقاتلين بالبنادق الهجومية وغيرها من الأسلحة شبه المتطورة حسب بعض

المصادر الهندية.

ونشرت النيويورك تايمز تقريراً ادعت فيه أن ضبّاطاً في جهاز المخابرات

الباكستانية قاموا بممارسة دور في تدريب حركة (جيش محمد) ، وذكرت الصحيفة

وللمرة الأولى اسم أحد هؤلاء الضباط، وهو العميد عبد الله الذي وصفته الصحيفة

بارتباطه النشيط بالجماعات الإرهابية، وذلك نقلاً عن تقرير من الجيش ومسؤولي

المخابرات الباكستانيين.

وردت الهند والتي كانت تشك منذ فترة طويلة بهذا الترابط بأنها تتمنى أن

تنتهي هذه الارتباطات والعلاقات بين المخابرات الباكستانية والحركات الجهادية

الكشميرية.

وذكر التقرير الذي نشرته النيويورك تايمز أن العميد عبد الله سهّل أيضاً

رحلات شيخ عمر أحمد سعيد - المشتبه به الرئيسي في قضية اختطاف الصحفي

الأمريكي وذبحه - بين أفغانستان وباكستان، وتشير الصحيفة إلى أنه ربما كشفت

التحقيقات المستمرة حول قتل «دانيال بيرل» عن الروابط بين المجموعات

الجهادية المختلفة والمخابرات الباكستانية.

وطالب سيليغ هاريسون مدير برنامج (آسيا في مركز السياسة الدولية) ،

وأقدم باحث في مركز (وودرو ويلسون الدولي للباحثين) الإدارة الأمريكية بمناشدة

وكالات المخابرات الباكستانية لإيقاف عمليات الاغتيال المتواصلة للكشميريين الذين

يؤيدون المشاركة في الانتخابات، مثل شخصية عبد الغني لون الذي لقي مصرعه

في ٢١/٥/٢٠٠٢م.

كما قُتل أيضاً سبعة من زعماء حزب المؤتمر الوطني الذي يحكم الجزء

الهندي من كشمير خلال الشهر الماضي.

وأشار إلى تورط باكستان في مصرع لون، وحسب أقوال الباحث فإن «لون»

كان قد عبَّر عن عزمه على الترشيح في انتخابات الجمعية التشريعية في كشمير.

وكان مدير وكالة المخابرات الداخلية الباكستانية الآي إس آي الفريق إحسان

الحق قد ترأس اجتماعاً استراتيجياً عقد في الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة

في ٤/٢٠٠٢م، مع سبعة من زعماء المتمردين الكشميريين البارزين، ممن كانوا

يتلقون مساعدة باكستانية، وكان لون بينهم، وقد أدان إحسان موقف لون في دعم

المشاركة في الانتخابات، وحذره مطالباً إياه بالتوقف عن ذلك وفقاً لتقارير نشرتها

صحف الشارقة الصادرة بالعربية والصحف الباكستانية، والتي أكدها دبلوماسي

باكستاني.

وبعد الاجتماع توجه لون إلى الولايات المتحدة لغرض المعالجة الطبية، ثم

عاد إلى كشمير في ١٩/٥/٢٠٠٢م، وفي اليوم التالي لعودته وفي اجتماع للجماعات

الكشميرية المدعومة من جانب باكستان؛ حث على المشاركة في الانتخابات، وقد

اغتيل في اليوم التالي للاجتماع؛ أي في ٢١/٥/٢٠٠٢م.

وواصل الباحث هاريسون اتهاماته لوزير الخارجية الأمريكي بأنه تفادى

بشكل واضح دعوة باكستان إلى تفكيك مخيمات التدريب، وتسهيلات الاتصالات

في جانبها الكشميري من خط وقف إطلاق النار، وما دامت هذه البنية الأساسية

قائمة في موضعها فيمكن لباكستان أن تتحكم بمستوى التسلل ساعة تشاء مانعة عودة

الأوضاع إلى حالتها الطبيعية، وهي حالة ضرورية لانتخابات هادفة.

وأفادت مصادر صحفية غربية أن الآي إس آي (ISI) قد أقامت معسكرات

التدريب بالقرب من الحدود مع بنجلاديش؛ حيث كان أعضاء الجماعات الكشميرية

للولايات الشمالية الشرقية، والتي عُرفت بجبهة الأخوات السبع المتحدة، ويتم

تدريبهم على المعدات العسكرية والأعمال القتالية.

وقالت هذه المصادر أيضاً إن الآي إس آي (ISI) قد كثفت نشاطها في

الولايات الهندية الشرقية؛ في حيدر آباد وما جاورها من ولايات.

ولكن تثار شكوك كثيرة حول حقيقة التعاون بين الآي إس آي والمجاهدين في

كشمير؛ خاصة أن أغلب مفردات هذه العلاقة تأتي من مصادر غربية أو هندية،

وهي بطبيعتها معادية لباكستان والإسلاميين، ولكن عند تأمل عملية كارجيل عام

١٩٩٩م؛ فإنها تقدم دليلاً لا يقبل الجدال حول التعاون بين بعض فصائل المجاهدين

الكشميريين وبين الجيش الباكستاني، وهذا التعاون لا يتم إلا عبر قنوات سرية

وهي المخابرات؛ حيث هاجمت الجماعات الجهادية الكشميرية الجزء المحتل من

المقاطعة، واستولت على بعض المرتفعات بدعم وتنسيق من الجيش الباكستاني،

ورُصدت وقتها محادثة هاتفية بين الجنرال مشرف وكان وقتها قائداً للجيش وبين

المجاهدين في كارجيل يحثهم فيها على الصمود.

ولكن بعد الهجوم على البرلمان الهندي في ديسمبر الماضي والذي نُسب إلى

جماعات كشميرية؛ قامت السلطات الباكستانية باعتقال أكثر من ألف شخص حسبما

ذكرت قوات الشرطة، وأعلن الرئيس برويز مشرف - الذي يقود حملة التعقب -

في خطابه للشعب أنه قام بحظر نشاط خمس جماعات لها علاقة بأنشطة الميليشيات.

وظلت جماعة جيش محمد وهي إحدى الجماعات المحظور نشاطها، وكان

مكتبها في كراتشي؛ وأصابه دمار كبير إثر حادث انفجار غامض ظلت تعمل خارج

هذا المكتب إلى أن قامت الحكومة بإغلاقه هذا العام، ولكن معظم الميليشيات قامت

منذ ذلك الوقت بإعادة التنظيم، وغيرت من أسمائها، وربما تحول بعضها إلى

جماعات سرية تعمل في الخفاء؛ مما يصعب على المسؤولين تعقبهم.

المحور الثاني: إيجاد امتداد استراتيجي لباكستان داخل أفغانستان: جعل

الغزو السوفييتي لأفغانستان من باكستان دولة لها أهمية جيو استراتيجية بالغة،

وبعد عدة أيام من هذا الغزو أعلنت الولايات المتحدة أن باكستان دولة المواجهة ضد

العدوان السوفييتي، وعرضت أن تستأنف تقديم المساعدات والدعم العسكري

لباكستان.

وقامت إدارة المخابرات الداخلية التابعة للجيش (ISI) في باكستان بمراقبة

أنشطة المجاهدين، وتقديم الدعم والتوجيه لهم، وتحدثت مصادر غربية عن أن

قوات كوماندوز باكستانية من مجموعات الخدمات الخاصة في الجيش ربما تكون قد

ساعدت في توجيه العمليات داخل أفغانستان، وبالغت هذه المصادر حتى إنها

زعمت أن الآي إس آي (ISI) قد قامت بتدريب حوالي ٨٣.٠٠٠ من

المجاهدين الأفغان بين الفترة من ١٩٨٣ - ١٩٩٧م وإرسالهم لأفغانستان، ودفعت

باكستان ثمن أنشطتها؛ حيث قامت القوات الأفغانية والسوفييتية بشن حملة إرهابية

من الانفجارات وأعمال التخريب داخل باكستان، قام بتوجيهها عملاء المخابرات

الأفغانية، وتسببت في إحداث خسائر فادحة.

وسجلت في باكستان حوالي ٩٠% من الأعمال الإرهابية التي حدثت في العالم

في ذلك العام.

واستمرت الآي إس آي (ISI) في مشاركتها النشطة في الحرب الأهلية

الأفغانية، ودعمها لطالبان في حربها ضد حكومة رباني.

وتقول مصادر غربية إن ناصر الله خان بابار الجنرال المتقاعد الذي كان

وزيراً لداخلية باكستان عام ١٩٩٤م قد ملأ مناصب البعثات الدبلوماسية الباكستانية

في أفغانستان بوكلاء الاستخبارات لضمان حصول طالبان على المساعدة التي

تحتاجها على زعم مصادر غربية.

وقال الجنرال بابار في مقابلة أجريت معه أخيراً في بيته بمدينة بيشاور:

كثير من رجال الاستخبارات الباكستانية كانوا يقومون بالجهاد، ويتمتعون بالكثير

من احترام الأفغان لهم.

ويقول: كان أحد أولئك الوكلاء أمير سلطان ترار الذي عين بمنصب القنصل

العام في هرات الواقعة في الغرب، وكان يستخدم الاسم المستعار: الكولونيل إمام.

ويضيف بابار: وأقام سلطان علاقة صداقة مع زعيم طالبان الملا محمد عمر،

وقدم له استشارات في الخطط لقواته، وكما هو شأن كثير من الأفغان كان يرتدي

العمامة ويطيل اللحية لكي ينسجم مع من يتعاملون معه.

وفي أوائل عام ١٩٩٦م عندما كانت بنازير بوتو في ولايتها الثانية رئيسة

للوزراء أصبحت تشعر بالقلق من صلات باكستان القوية مع طالبان، ومن هيمنة

وكالة الاستخبارات الباكستانية على السياسة الأفغانية، كما قالت في مقابلة مع

صحيفة أمريكية مؤخراً.

وجرت دعوة اجتماع لكبار مسؤولي الحكومة لمناقشة الانسحاب من العلاقة مع

طالبان، وطالب الجنرال جيهانجير كرامات رئيس الأركان حينئذ بإيقاف نشاطات

الوكالة داخل أفغانستان، وقال أعضاء مدنيون في الحكومة إنه إذا ما سحبت

باكستان دعمها؛ فإن طالبان ستنتهي؛ وفقاً لعرض موجز قدمه أحد المشاركين في

ذلك الاجتماع.

وقد انتصرت وكالة الاستخبارات ولم تنسحب باكستان، وفي الأشهر اللاحقة

حققت طالبان انتصارات مهمة في ميدان المعركة؛ حيث استولت على هرات،

وجلال آباد، والعاصمة كابل بحلول خريف عام ١٩٩٦م.

وكان ضباط المخابرات الأميركية واثقين من أن الباكستانيين كانوا يوفرون

التدريب والاستشارات العسكرية لطالبان إلى جانب الأموال والأسلحة.

وواصلت بنازير بوتو معارضتها إلى أن أزيحت عن السلطة في نوفمبر عام

١٩٩٦م، وقد وسع خليفتها المدعوم من العسكر في بادئ الأمر نواز شريف

العلاقات عبر أول اعتراف دبلوماسي بطالبان في مايو ١٩٩٧م، وقام بزيارات إلى

دول إسلامية أخرى في محاولة لإقناعها بالاعتراف بطالبان.

وبحلول عام ١٩٩٨م عزز أسامة بن لادن موقعه في أفغانستان بعد قدومه من

السودان، وقد أقام وقاعدته معسكرات تدريب في مختلف أنحاء البلاد، وكان كثير

منها إلى جانب المعسكرات التي كانت تديرها طالبان.

وبينما كانت هناك علاقة وثيقة بين طالبان والمخابرات الباكستانية قال

دبلوماسيون غربيون وضباط استخبارات أجانب إن العلاقات بين وكالة

الاستخبارات الباكستانية وشبكة بن لادن كانت أكثر حذراً.

ولم تحتوِ المحادثات التي جرى اعتراض سبيلها وتسجيلها من جانب مسؤولين

في المخابرات الأميركية على معلومات عن صلات مباشرة بين الاستخبارات

الباكستانية وشبكة العرب والأجانب الآخرين الذين جاؤوا لتعلم القتال في أفغانستان؛

وفقاً لما ذكره مسؤول مخابراتي أمريكي كبير قام بمراجعة الكثير من الوثائق

والسجلات.

ولكن بن لادن في المقابلة الشهيرة التي أجراها مع الجزيرة اعترف بوجود

صلات قوية للقاعدة مع بعض النافذين في النظام الباكستاني، ولم يسمِّهم أو يذكر

مناصبهم.

وبعد تفجير السفارتين الأميركيتين في شرق إفريقيا في صيف عام ١٩٩٨م

حاولت الولايات المتحدة أن تجد سبيلاً إلى بن لادن الذي اتهمه الأميركيون

بالمسؤولية عن التفجيرات وأن تبعده عن أفغانستان.

وقال مسؤولون حكوميون إنه في سبتمبر عام ١٩٩٩م استدعي المدير العام

لوكالة الاستخبارات الباكستانية الجنرال ضياء الدين وشقيق رئيس الوزراء شاهباز

شريف إلى واشنطن؛ حيث أبلغهما مسؤولون أميركيون أن على باكستان أن ترغم

طالبان على تخفيف مواقفها وتسليم بن لادن.

وذكر مسؤولون باكستانيون أنه عندما عاد المبعوثان أرسل رئيس الوزراء

الجنرال ضياء الدين إلى قندهار لإيصال الرسالة الأميركية إلى الملا عمر الذي

رفضها.

وفي ١٢/١٠/١٩٩٩م أطاح انقلاب عسكري بنواز شريف، وفي ذلك الوقت

كان القائد العسكري الأعلى في باكستان الجنرال مشرف في طريق عودته إلى البلاد

من سري لانكا، وكان نائبه الفريق عزيز خان الذي كان مدافعاً عن طالبان عندما

كان يعمل في الاستخبارات الباكستانية، وقد ضمن تسليم السلطة إلى الجنرال

مشرف عندما هبطت طائرته في إسلام آباد.

ومرة أخرى كانت هناك أسباب كثيرة للانقلاب لكن محللين قالوا إن الوكالة

والموالين لها كانوا يشعرون بأنه كان على شريف أن يبتعد إلى حد ما عن المخاوف

من أنه قد يذعن للضغط الأميركي ويغير سياسة باكستان تجاه طالبان.

وكانت إحدى المهمات الأولى للحاكم العسكري الجديد إلغاء العملية الشديدة

السرية، والتي جرى التخطيط لها مع الولايات المتحدة لإرسال قوات خاصة

تستخدم المعلومات الاستخباراتية الباكستانية إلى أفغانستان لإلقاء القبض على بن

لادن.

وأوردت النيويورك تايمز قول مسؤول أمريكى كبير سابق إن المخاوف

الأمريكية بشأن تعاملات وكالة المخابرات الباكستانية مع نظام طالبان الحاكم في

أفغانستان تزايدت بشدة، ومنذ حكم كلينتون؛ لدرجة أن المخابرات الامريكية

عارضت بإصرار زيارة مزمعة للرئيس السابق بيل كلينتون لباكستان خوفاً على

سلامته.

وقالت الصحيفة إن هذا التخوف كان أساسه أن أجهزة الأمن الباكستانية

مخترقة إلى حد بعيد من جانب الإرهابيين؛ لدرجة أن الجماعات المتطرفة التي

يحتمل أن يكون بينها تنظيم القاعدة الذي يتزعمه بن لادن قد تعرف خط سير رحلة

الرئيس كلينتون من المتعاطفين داخل وكالة المخابرات الباكستانية ويحاولون إسقاط

طائرته.

وقال مسؤولون سابقون إن كلينتون تجاهل تحذير المخابرات الأمريكية وقام

بالرحلة؛ مما استدعى اتخاذ تدابير غير معتادة للحفاظ على حياته؛ حيث تم تسيير

طائرة رقم واحد التابعة للسلاح الجوي الأمريكي شاغرة؛ بينما قام الرئيس بالرحلة

على متن طائرة صغيرة غير ملحوظة، كما أن ركب كلينتون توقف تحت أحد

الجسور العلوية، وقام كلينتون بتغيير السيارة التي تقله.

وعلى الرغم من الضغط المتواصل من جانب الولايات المتحدة والعقوبات

التي فرضتها الأمم المتحدة على أفغانستان؛ واصل الجنرال مشرف دعم بلاده

لطالبان؛ حتى غيرت أحداث الحادي عشر من سبتمبر الطريقة التي كان ينظر بها

كثير من دول العالم إلى قوات طالبان وضيفها بن لادن.

ففي أثناء تفجيرات نيويورك وواشنطون كان رئيس جهاز الاستخبارات

الباكستاني في زيارة لأمريكا، وتوالت اجتماعاته مع المسؤولين الأمريكيين في

أعقاب الغارة.

وقال السيناتور الأميركي جوزف بيدن (ديمقراطي) : إن رئيس أجهزة

الاستخبارات الباكستانية الجنرال محمود أحمد عقد اجتماعات في واشنطن مع

مسؤولين أميركيين؛ وعدهم خلالها بتعاون إسلام أباد بشأن كشف مرتكبي

الاعتداءات على الولايات المتحدة.

وصرح بيدن لشبكة سي. بي. إس: لقد قلت للجنرال إنه عليهم الباكستانيين

اختيار معسكرهم: إما أن تكونوا أصدقاء، وإما أعداء لنا؛ موضحاً أن وزير

الخارجية كولن باول ومساعده ريتشارد أرميتاج كانا قد قالا له الشيء نفسه.

وأكد بيدن الذي يترأس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ أن

الباكستانيين سيكونون متعاونين بكل الأوجه الممكنة، وهذه مساهمة إيجابية جداً

لبناء تحالفنا.

وأضاف أن الجنرال محمود أحمد هو على الأقل الرجل الثاني في باكستان إن

لم يكن الأقوى فيها.

وتقول النيويورك تايمز: كانت وكالة الاستخبارات الباكستانية توفر منذ زمن

بعيد ممراً آمناً لمجموعة كبيرة من سائقي الشاحنات والمهربين الذين يزودون ماكينة

طالبان الحربية بكميات هائلة من الأسلحة، ولكن كان يفترض أن هذه السياسة قد

تغيرت في سبتمبر الماضي بعد أن وجهت واشنطن إنذاراً لباكستان.

وفي تحقيق لمجلة نيوزويك الأمريكية ذكرت فيه أنه بينما تواصل القوات

الأمريكية مطاردة أعضاء القاعدة والطالبان في المناطق العشائرية في باكستان

اجتمع كبار مسؤولي حركة طالبان مؤخراً بالقرب من بيشاور؛ وبالرغم من وجود

مسؤول من المخابرات الباكستانية إلا أنه تركهم يرحلون بدون أن يتدخل.

واعترف مسؤول كبير في الاستخبارات الباكستانية أن شحنة الثامن من

أكتوبر من العام الماضي؛ أي بعد القصف الأمريكي لأفغانستان كانت تحتوي فعلاً

على أسلحة مرسلة إلى طالبان، لكنه قال إنها كانت آخر دفعة مقررة رسمياً، وإن

الباكستانيين كانوا منذ ذلك الحين ملتزمين بتعهدهم للأميركيين.

ولكن كانت هناك دلائل على تغير الموقف الباكستاني من طالبان؛ فقد سُحِبَ

مستشارون عسكريون باكستانيون من أفغانستان خلال الأسابيع اللاحقة للضربة

الأمريكية، وهي خطوة يقول مسؤولون في الاستخبارات الغربية إنها ربما كانت

عاملاً حاسماً في الانهيار السريع المفاجئ لقوات طالبان عندما واجهتها قوات تحالف

الشمال.

وقال دبلوماسي غربي عمل في المنطقة لسنوات عديدة: لم ندرك بالكامل

أهمية دور باكستان في دعم طالبان إلا بعد انسحاب الباكستانيين والانهيار السريع

لطالبان.

وكان أحد مديري وكالة الاستخبارات ويوصف في الدوائر الغربية بأنه

إسلامي، الفريق حامد غول الذي ترأس الوكالة في أواخر الثمانينيات ولا يزال

يتمتع بنفوذ داخلها قد قال في مقابلة أجريت معه أخيراً: إنه لن يكون من اليسير

بالنسبة للضباط أن يتخلوا عن معتقداتهم ويغيروا مواقفهم.

وقد شجب غول إدانة الأميركيين لهم ولأسامة بن لادن من دون تقديم أي دليل

ضدهم.

وقال: إن أسامة بن لادن رجل حساس ولا علاقة له بالهجمات على أميركا؛

مضيفاً: أنتم الأميركيون سيتعين عليكم يوماً ما أن تدعموا طالبان، إنهم لن ينتهوا؛

فهم جماعة مستقيمة ومتراصة ومهمة تاريخياً.

وقد اتفقت وكالة الاستخبارات والجنرال مشرف على إنهاء دعم طالبان في

سلسلة من الاجتماعات والمحادثات الهاتفية مباشرة بعد الحادي عشر من سبتمبر.

وفي السابع من أكتوبر وهو اليوم الذي بدأ فيه الأميركيون قصف أفغانستان

اتخذ الجنرال مشرف خطوة قوية وجريئة بإقالة مدير الاستخبارات الباكستانية

الفريق محمود أحمد الذي يعد من مؤيدي طالبان، وعين مكانه شخصاً مقرباً منه هو

الفريق إحسان الحق.

لكن الكثير من المعلقين الباكستانيين يربطون عزل الجنرال محمود بمخالفته

لأوامر مشرف الذي أرسله بعد أحداث ١١ سبتمبر إلى أفغانستان للتفاوض مع زعيم

حركة طالبان ملا محمد عمر، وإقناعه بتسليم بن لادن، وبدلاً من ذلك أخذ الجنرال

محمود بتحريض حركة طالبان على مقاومة أمريكا.

ومن هنا اعتبر قرار عزل الجنرال محمود بمثابة الخطوة الأولية لتدجين

المؤسسة.

وترى مصادر غربية أن التعاون بين المخابرات الباكستانية والأمريكية وإن

كان مجدياً في الفترة التي أعقبت الهجمات إلا أن عدداً من قادتها ما زالوا يحملون

ولاءات مزدوجة، وتقول هذه المصادر إن خمسة من كبار قادة المخابرات

الباكستانية مارسوا دوراً كبيراً في تسليح وتدريب وإعانة طالبان في تحضير

دفاعاتها ضد الهجمة الأمريكية في قندهار.

وقال مسؤول أميركي كبير متحدثاً عن الجنرال مشرف إنه يعرف أن هناك

خلايا من طالبان في الاستخبارات، ولديه قاعدة تتمثل في أنه سيزيح كل من كان

في الاستخبارات لفترة أربع أو خمس سنوات؛ لأن المرء لا يعرف أين هذه الخلايا.

وللمساعدة في عملية التطهير يقوم مسؤولون أميركيون باستجواب باكستانيين

سابقين؛ بهدف إعداد قائمة بأسماء ضباط استخبارات ومسؤولين آخرين في

الحكومة ممن لديهم مواقف مؤيدة للإسلاميين تجعلهم عرضة للاشتباه فيهم وفقاً لما

ذكره أشخاص قالوا إن تحقيقاً أجري معهم كجزء من هذه العملية.

وفي ضوء التغييرات التي حصلت على تنظيم دائرة العلاقات والأولويات؛

فالاتفاق الذي تم بين الأمريكيين والباكستانيين يقضي بقيام الأمريكيين بتقديم أجهزة

المراقبة والمساعدات المالية المغرية لمن يدلي بمعلومات؛ في الوقت الذي تقوم فيه

المخابرات الباكستانية بتقديم الرجال والمخبرين الذين يعرفون المناطق.

وحتى الآن أدى التعاون لحدوث عدد من الثمار الجيدة. ونالت المخابرات

الباكستانية رضى من المسؤولين الأمريكيين، ولكن هذا التعاون لم يصل إلى مداه

الأعلى نظراً للحساسيات الباكستانية تجاه تعاون مفتوح خاصة بعد قيام الأمريكيين

بعدد من العمليات المشتركة مع المخابرات الباكستانية في مناطق القبائل البشتونية

خاصة منطقة وزيرستان.

وفي حالة واحدة قامت المخابرات بالتخلي عن تعاونها حينما سمحت لأحد

المطلوبين المصريين بالهروب مع مجموعة من مؤيدي طالبان لممر خيبر، وإبعاده

عن أيدي المحققين المصريين الذين جاؤوا على وجه الخصوص للمدينة الحدودية

بيشاور لإلقاء القبض عليه، ويرى المصريون أن قرار المخابرات بالتغاضي عن

هروب أحمد خضر الذي يقال إنه يعرف كثيراً عن العلاقة بين المخابرات

الباكستانية وتنظيم القاعدة هو نوع من التعاون بين المخابرات الباكستانية وتنظيم

القاعدة.

ويقول ستيفن كوهين أحد الخبراء في مؤسسة بروكنجز: إن أي جهة لا

يمكنها أن تطور مثل هذه العلاقات (يقصد العلاقة بين طالبان والمخابرات

الباكستانية) على مدى عشر أو خمس عشرة سنة ثم تقطعها فجأة.

وكان يونس قانوني وزير الداخلية الأفغاني الحالي قد اتهم الوكالة علناً

بمساعدة بن لادن على الفرار من أفغانستان.

وقد نفت الحكومة الباكستانية هذه الاتهامات، وقال الجنرال غول: إن الآي

إس آي التي يقال إنها دعمت ومولت طالبان بدعم من الولايات المتحدة لم تكن

متورطة بقوة في أفغانستان إلا خلال حقبة الاحتلال السوفييتي.

ويقول غول: من الخطأ الاعتقاد بأن الوكالة قد خلقت طالبان، فالحركة

ولدت تلقائياً وتلقت دعماً من الوكالة؛ لأن كل الشعب الأفغاني كان يرغب في نهاية

للاقتتال الداخلي بين الفصائل المختلفة.

المحور الثالث: حماية الرادع النووي الباكستاني: أوكلت الآي إس آي

لإحدى فروعها التي قامت بإنشائها بهدف وضع الإجراءات السرية بشأن التكنولوجيا

النووية من الخارج، وبالتبعية القيام بشراء وشحن الصواريخ وتكنولوجيا

الصواريخ من الصين وكوريا الشمالية، وقد ساهم هذا الفرع في مساعدة باكستان

في الوصول للتسليح النووي.

لذلك فقد تطورت الآي إس آي (ISI) التي أنشئت في البداية كوكالة لجمع

الاستخبارات الخارجية؛ لتصبح وكالة متميزة في الأعمال السرية، والاتفاقات

والتدابير الخفية الخاصة بالتكنولوجيا غير المعلنة.

ولا يقتصر دور الوكالة على مجرد الحصول على التكنولوجيا النووية؛ إنما

امتد ليشمل أيضاً الحفاظ على قوة باكستان النووية وحمايتها؛ حيث أفادت تقارير

صحفية أن الاستخبارات الباكستانية نجحت في إحباط خطة إسرائيلية كان يجري

التحضير لها، وتقضي بقصف المنشآت النووية في باكستان بواسطة طائرات

وقاذفات إسرائيلية كانت قد وصلت بالفعل إلى إحدى القواعد العسكرية الهندية،

وجرى طلاؤها بألوان سلاح الجو الهندى للتمويه.

وأضافت المصادر أن الرئيس الباكستاني استدعى سفيري الولايات المتحدة

الأمريكية والهند المعتمدين في باكستان، وجرى خلال الاجتماع عرض لتفاصيل

الخطة الإسرائيلية؛ حيث أبدى الرئيس مشرف استياء شديداً من هذا الموضوع،

وطلب من السفير الهندي نقل رسالة تحذير وإنذار لحكومته مفادها أن الحكومة

الباكستانية لن تقف مكتوفة الأيدي حيال ما يدبر ضدها من قِبَل إسرائيل والهند،

وأنها ستلجأ إلى الهجوم فوراً في حال تم تنفيذ هذا المخطط ضدها.

وطلب الرئيس الباكستاني أن يصار إلى سحب الطائرات الإسرائيلية فوراً

وإلا فعليّ وعلى أعدائي، وقد تم إلغاء العملية بعد الإنذار الباكستاني، وعادت

الطائرات الإسرائيلية إلى قواعدها في فلسطين المحتلة.