للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مصطلحات إسلامية

[الاستخارة]

إعداد: عادل التل

المعنى اللغوي:

جاء في مادة خير: الخاء والياء والراء أصله العطف والميل، ثم يحمل عليه، فالخير خلاف الشر، لأن كل أحد يميل إليه، ويعطف على صاحبه، والخيرة:

الخيار. قال في اللسان: الخير: الكرم، والخير: الهيئة، والخير: الشرف.

والاختيار: الاصطفاء.

والاستخارة: طلب الخير في الشيء وهي استفعال منه، واستخار الله طلب

منه الخيرة. ويقال استخر الله يخر لك، والله يخر للعبد إذا استخاره، اللهم خر لي

أصلح الأمرين، قال الأزهري: استخرت فلاناً أي استعطفته فما خار لي أي فما

عطف. وهناك قصة طريفة حول أصل الاستخارة كما جاء في اللسان: إن الصائد

يأتي الموضع الذي يظن فيه ولد الظبية أو البقرة، فيخور خوار الغزال فتسمع الأم، فإن كان لها ولد ظنت أن الصوت صوت ولدها فتتبع الصوت، فيعلم الصائد

حينئذ أن لها ولداً فتطلب موضعه، فيقال استخارها، أي خار لتخور ثم قيل لكل

من استعطف: استخار.

المعنى الاصطلاحي:

من المعروف أن الخير هو كل ما يرغب فيه الكل، كالعقل والعدل والفضل،

والشيء النافع ولكن للخير وجهان: الخير المطلق وهو مرغوب فيه بكل حال وعند

كل أحد، ومنه (لا خير بخير بعده النار، ولا شر بشر بعده الجنة) خير مقيد وهو

خير لشخص وشر لآخر، مثل المال الذي ربما يكون خيراً لزيد وشراً لعمرو.

والاستخارة في الشرع: طلب خير الأمرين لمن احتاج إلى أحدهما،

والاستخارة تكون بالتوجه إلى الله تعالى وهى تختلف عن الاستشارة التي توجه

للناس، والاستخارة فيها دعاء، ولكن دعاء خاص ومحدد في الشرع، وقد ذكر

النووي أنه يستحب أن يستشير قبل الاستخارة من يعلم حاله النصيحة والخبرة،

ويثق بدينه ... فإذا ظهر أنه مصلحة استخار الله في ذلك.

وتكمن أهمية الاستخارة بأنها تسليم مطلق لله تعالى وانقياد له وإذعان لمنهجه، ورد الأمور كلها إليه والتبري من الحول والقوة بقوله تعالى: [ومَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ

ولا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللَّهُ ورَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ] [الأحزاب: ٣٦] .

ومن خلال دعاء الاستخارة ندرك حقيقة هذا التوجه، فقد روى البخاري عن

جابر قال: (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن: فإذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم يقول: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم،

فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن

هذا الأمر خير لي في ديني وعاقبة أمري -أو قال عاجل أمري وآجله- فاقدره لي،

وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي، وعاقبة أمري - أو قال:

عاجل أمري وآجله - فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان

ثم رضني به. ويسمي حاجته) .

من أحكام المصطح:

والأصل في الاستخارة أن تكون في الأمر المباح، أما الواجب والمستحب فلا

يستخار في فعلهما، إلا إذا تعارض في المستحب أمران. أيهما يبدأ به، ويقتصر

عليه، وكذلك الحرام والمكروه، لا يستخار في تركهما، وتتناول الاستخارة العظيم

من الأمور والحقير، فرب حقير يترتب عليه الأمر العظيم.

ولقد شرعت الاستخارة للمسلم لطلب الخير في المستقبل، لذلك أبطلت عادات

جاهلية كانت قائمة على طلب الخير للإنسان في المستقبل إلا أنها كانت تجري

بأساليب غير شرعية ومنها:

الطيرة:

وهى التشاؤم، وأصل التطير، أنهم كانوا في الجاهلية يعتمدون على الطير،

فإذا خرج أحدهم لأمر فإن رأي الطير طار يمنة، يتيمن به، واستمر، وإن رآه

طار يسرة تشاءم ورجع، وربما كان أحدهم يهيج الطير، ليطير فيعتمد الجهة التي

يطير إليها فجاء الشرع ونهى عن ذلك، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-

: «الطيرة شرك، وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل» أخرجه ابن ماجه وهو

صحيح. وعن أبي هريرة: «كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعجبه الفأل الحسن

ويكره الطيرة» أخرجه ابن ماجه وهو صحيح.

الاستقسام بالأزلام:

وهي عبارة عن أقداح توضع فيها أوراق ثم يختار واحد منها ليأتمر بما كتب

فيه، وقد جاء في سورة المائدة ما نهى عنه، ومنها قوله تعالى: [وأن تستقسموا

بالأزلام] .

السحر:

وهو طلب معرفة الغيب من السحرة. وفعل السحر كفر، والذهاب إلى الكهنة

والعرافين والمنجمين وكل هذا باطل بإجماع علماء المسلمين، وكذلك ما هو

معروف قديماً بضرب الرمل أو الحساب على النجوم أو الأبراج أو الاطلاع على

الفنجان أو قراءة الكف، وكل هذا باطل وغير شرعي.

وتنتشر هذه الانحرافات كلما ابتعدت الأمة عن شرع الله واتبعت الأهواء،

ولا عاصم من الفساد إلا بالعودة إلى منهج الإسلام نستمد منه مفهوم الحلال والحرام، ونستفتيه في شؤون حياتنا كلها. وقد قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فيما

رواه الترمذي: «اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء» .