للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ملاحظات على الموسوعة الميسرة

في الأديان والمذاهب المعاصرة

عبد العزيز بن محمد آل عبد اللطيف

إن دراسة المذاهب والفرق سواءً كانت إسلامية أو غير إسلامية، قديماً أو

حديثاً، من الأهمية والخطورة بمكان، خاصةً في هذا الزمان الذي تكاثرت فيه فرق

الضلال، ونِحَل الابتداع فتعددت السبل، وكثرت المشتبهات، ولعل هذا يؤكد

ضرورة الدراسة الجادة لهذه الفرق والنحل، ورضي الله عن عمر بن الخطاب الذي

كان يقول:

(إنما تنقض عُرى الإسلام عروةً عروةً، إذا نشأ في الإسلام من لا ... يعرف الجاهلية) . وكان حذيفة بن اليمان يقول: (كان الناس يسألون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن

يدركني) .

ويأتي كتاب (الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة) والذي

أصدرته الندوة العالمية للشباب الإسلامي بالرياض [*] ، يأتي هذا الكتاب كخطوة

إيجابية في مجال البناء العلمي للشخصية الإسلامية الأصيلة، ولعله يسد ثغرة كبيرة

في دراسة الواقع المعاصر، فشكر الله للقائمين على هذه الموسوعة، ونفع الله

بجهودهم.

لقد تضمنت هذه الموسوعة (في طبعتها الأولى سنة ١٤٠٩) دراسة ثمانية

وخمسين مذهباً، وكانت مرتبة على حسب الحروف الهجائية، وكان المنهج الذي

سارت عليه دراسة كل فرقة أو دين على النحو التالي:

١- التعريف.

٢ - التأسيس وأبرز الشخصيات.

٣ - الأفكار والمعتقدات.

٤ - الجذور الفكرية والعقائدية.

٥ - الانتشار ومواقع النفوذ.

٦ -- مراجع للتوسع.

وقد لاقت هذه (الموسوعة) - فيما أعلم - رواجاً وانتشاراً في الأوساط

الإسلامية، نظراً للحاجة الملحة لدراسة مثل هذه الموضوعات ولما تضمنته هذه

الموسوعة من مادة علمية جيدة، تم عرضها بأسلوب ميسر وموجز.

ومن باب النصيحة، والاستجابة لطلب القائمين على هذه الموسوعة - كما

ذكروا في مقدمة الموسوعة - أحب أن أبدي بعض الآراء والملاحظات راجياً من

الله أن تنشرح لها صدور أصحاب هذه الموسوعة، وأن يرزق الجميع حسن القصد

واتباع الحق.

أ - ملاحظات عامة:

١ - تضم الموسوعة كما زاخراً من الأديان والفرق الإسلامية وغير

الإسلامية، والمذاهب الفكرية والحركات الإصلاحية.. وقد رتبت حسب حروف المعجم.. والذي يظهر لي أن هذا الترتيب غير كاف.. وأنه لابد من ترتيب آخر حسب حقيقة هذه المذاهب وأفكارها.. فمثلًا يجعل قسم خاص للأديان، وقسم آخر للفرق الإسلامية، وثالث للحركات الإصلاحية.. وهكذا.

٢ - جاء في مقدمة الموسوعة (ص ٩) أن دراسة هذه المذاهب مبني على

الموضوعية والإنصاف.. لكن الالتزام بالموضوعية لا ينافي النقد والمناقشة التي

تنطلق من باب إيضاح الحق وتصحيح الأخطاء، ومن ثم فلابد من نقد هذه المذاهب

ومناقشتها ولو على سبيل الإيجاز والاختصار، فأرى ضرورة إضافة نقطة هامة في

منهج دراسة هذه المذاهب وهي بعنوان التقويم أو النقد لذلك المذهب [١] .

٣-هناك بعض المصطلحات التي لابد من تحديدها وتعريفها لغة واصطلاحاً

مثل كلمة الدين، والمذهب، والملة، والنحلة..

٤ - عرفت الموسوعة بالكثير من المذاهب والفرق.. ولكنها لم توضح ابتداء

أصحاب المنهج الإسلامي الأصيل، وهم - بلا شك - أهل السنة والجماعة.. فكان

من المناسب جداً بيان منهج أهل السنة، وذكر خصائصهم وصفاتهم، وتوضيح

منهجهم في التلقي والعقيدة والسلوك وغيرها.. ولاشك أن في هذا تعريفاً بالمنهج

الأصيل ودعوة إليه.. كما أن فيه تحديداً للمنطلق الصحيح في تقويم المذاهب

الأخرى، وأما ما تضمنته الموسوعة من حركات إصلاحية سلفية كدعوة الشيخ

محمد بن عبد الوهاب يرحمه الله، فهي بمثابة التجديد لمذهب أهل السنة.

ولعل أصحاب الموسوعة يتنبهون لهذا، خاصة إذا علمنا أن أول أهداف

الندوة العالمية هو: خدمة الفكر الإسلامي الصحيح على أساس من التوحيد الخالص.

٥ - جاء في مقدمة الموسوعة أنها توخت الحركات التي لها وجود واقعي

ملموس في عالم اليوم.. لكن - وكما هو معلوم - أن الأفكار لا تموت، ولكل قوم

وارث، فالمعتزلة مثلاً لم تذكر ضمن الموسوعة.. ومع ذلك فإن فكر المعتزلة لا

يزال قائماً موجوداً [٢] ، وكذلك نجد الموسوعة لا تذكر الخوارج باستثناء الإباضية، مع أن فكر الخوارج الغالي لا يزال موجوداً، وما خبر جماعة شكري مصطفى

في مصر عنا ببعيد [٣] ، بل إن فكر الجبرية (القائلين بأن الإنسان مجبور على

فعله فلا اختيار له) وكذلك فكر القدرية النفاة (القائلين بأن الإنسان يخلق فعل نفسه)

لا يزال موجوداً وظاهراً [٤] ، وأيضاً فمذهب المرجئة له رواج وانتشار، زاد من

امتداده تهاون المسلمين، وضعف تمسكهم بشعائر دينهم، وانتشار التصوف،

ووجود المؤسسات التعليمية التي تقرر مذهب الأشاعرة - وهم مرجئة في باب

الإيمان - وغير ذلك من الأسباب.

والأعجب من هذا كله أن أصحاب الموسوعة لم يتحدثوا عن مذهب الأشاعرة

والماتريدية! ! ولا أظن عارفاً مهماً قلت معرفته وثقافته يجهل وجود وانتشار

المذهب الأشعري والماتريدي، ومن ثم فلا يتصور أن مذاهب الأشاعرة والماتريدية

(قد اندثرت، وعفى عليها الزمن، وتجاوزتها ذاكرة التاريخ) [٥] ، فهاهم الأشاعرة والماتريدية بكتبهم وعلمائهم ومفكريهم ومؤسساتهم التعليمية وغيرها قد ملأوا واقعاً كبيراً يراه كل صاحب عينين.

٦ - عند ذكر (مراجع للتوسع) .. لاحظت على الموسوعة في دراستها

لكثير من المذاهب والأديان، أنها لا تميز بين المراجع المقررة والمؤيدة لمذهب ما [٦] ... وبين المراجع الناقدة لذلك المذهب، وبين المراجع التي تعرض ذلك المذهب

دون نقد أو تأييد، فحبذا لو يراعى هذا الأمر.. كما يلاحظ عدم ذكر مراجع مهمة

ومستوفية، مع أنها مطبوعة ومنتشرة.. وفي نفس الوقت تذكر بعض الجرائد

والمجلات غير المتخصصة ضمن مراجع للتوسع.

٧ - أقترح تعديلاً طفيفاً على عنوان الموسوعة وذلك بإضافة (الحركات)

فيكون العنوان كالتالي: (الموسوعة الميسرة في الأديان والحركات ... والمذاهب المعاصرة) .

والداعي لهذا الاقتراح وجود بعض الحركات الإصلاحية في الموسوعة كحركة

الإخوان، والجماعة الإسلامية في الهند والباكستان وهي بلا شك ليست أدياناً جديدة، ولا مذاهب فكرية مستقلة. وأيضاً يمكن إضافة بعض الحركات الأخرى المستقلة

كالجبهة الإسلامية القومية في السودان، وكحركة الاتجاه الإسلامي في تونس فلهذه

الحركات المحلية ما يميزها عن غيرها مما يعطى مبرراً للتعريف بها. ومن

الحركات أيضاً حركة الجهاد، وجماعة أنصار السنة وأهل الحديث.

وهناك بعض المنظمات الهامة كمنظمة التحرير الفلسطينية، وحركة أمل

الشيعية، والجبهة الشعبية الأريترية، والجبهة الشعبية لتحرير السودان.. الخ.

بل يمكن أن يقال: ما المانع من التعريف ببعض الأحزاب المحلية المختلفة،

كالحزب الجمهوري، والحزب الديمقراطي، وحزب الليكود، وحزب العمل،

والحزب الشيوعي المصري والتونسي ... الخ.

فكرة الموسوعة - فيما يشر لي - لا تمنع من التعريف بما ذكرت، لاسيما

مع الوجود الواقعي المؤثر لتلك الحركات أو الأحزاب والمنظمات، ومع الأهمية

القصوى للتعريف بها وبأهدافها.

٨ - هناك بعض التداخل والتشابه والترابط بين بعض المذاهب والاتجاهات

كأن يكون هذا المذهب فرعاً عن آخر أو جزءاً منه، فعند ذلك لا داعى للفصل

بينهما، وإليك بيان ذلك:

أ - الإسماعيلية، الحشاشون، الدروز، القرامطة، النصيرية: فكل هذه

المذاهب تدخل تحت الباطنية فمن الأفضل وضعها في مكان واحد تحت عنوان

الباطنية ثم التحدث عن كل واحدة حسب ما هو موجود في الموسوعة، ويدخل

تحت الباطنية ويحتاج إلى كلام مستقل البهرة والآغاخانية ... الخ.

ب - الصوفية، التيجانية: فالتيجانية تدخل تحت مسمى الصوفية فمن

الأفضل وضع الصوفية ثم الكلام عن الطرق الصوفية في مكان واحد كالقادرية

والرفاعية والنقشبندية والتيجانية وغيرها.

ج - التغريب، العلمانية: لا فرق بينهما فالعلمانية أصل نشأتها في الغرب

ومن يحاول نشرها في البلاد الإسلامية يسمى من دعاة التغريب أو العلمانية، فكل

داعية للتغريب هو داعية للعلمانية، والعكس صحيح.

د - النصرانية، التنصير، المارونية: فكل ذلك يمكن أن يدخل تحت مسمى

النصرانية، ثم يشار إلى مذاهب النصرانية كالمارونية والكاثوليك والبروتستانت..

الخ.

والتنصير هو الدعوة إلى النصرانية.

هـ - الماسونية، الروتاري، الليونز: فمن المعلوم أن الروتاري والليونز

من مراكز الدعوة إلى الماسونية فلا داعي للفصل بينهما.

و اليهودية، الصهيونية، يهود الدونمة.

ز - القومية العربية، البعث العربي الاشتراكي.

ب- ملاحظات جزئية:

١ - ص ١٦ / س ٩ - ١٦ عند ذكر معتقد الإباضية في أسماء الله وصفاته

يلاحظ على الموسوعة أنها عرضت توحيد الإباضية بعبارة توهم الموافقة والتأييد! ! مع أن من المعلوم أن للإباضية تعطيلاً في باب الصفات [٧] .

٢ - ص ١٧ / س ١٢ ذكرت الموسوعة معتقد الإباضية في حكم مرتكب

الكبيرة في الدنيا، ولكنها لم تذكر معتقدهم في الحكم على العاصي في الآخرة..

وهم يعتقدون تخليده في النار [٨]- موافقة لبقية الخوارج والوعيدية عموماً - كما

أن الموسوعة ذكرت معتقد أهل السنة في هذه المسألة بشيء من القصور (انظر

الموسوعة ص ١٧ / س ١٤، ١٥) فأهل الكبائر تحت مشيئة الله تعالى، إن شاء

عذبهم بعدله، وإن شاء غفر لهم برحمته، فليس جميع العصاة يدخلون في النار

تطهيراً كما هو في الموسوعة.

٣ - ص ١٨، عند ذكر الجذور العقائدية والإباضية قالت الموسوعة (الإباضيون يعتمدون على القرآن والسنة) فأقول: هل هم بالفعل يعتمدون على نصوص الوحيين.. وما معنى هذا (الاعتماد) .. فكلٌّ يدعي وصلاً بليلى.. ولا أدري لمَ لمْ تذكر الموسوعة مسند الإباضية (المقدس) أعني مسند الربيع بن حبيب، الذي يعتبرونه أصح كتاب بعد القرآن، كان الأجدر التعريف بهذا المسند (المنحول) وتقويمه.

٤ - ص ٧٣ / س ١٠: جاء في الموسوعة: (تصنف هذه الفرقة

[البريلوية] من حيث الأصل ضمن جماعة السنة الملتزمين بالمذهب الحنفي) ! !

ويبدو أن هذا التصنيف يحتاج إلى إعادة نظر.. فهل يقال عن البريلوية أنهم من

جماعة السنة ولهم من الاعتقادات الباطلة ما قد يخرجهم عن الملة فضلاً عن

السنة؟ [٩] .

٥ - ص ٢٦ / س ١٦: تقول الموسوعة عن التيجانيين: (من حيث الأصل

هم مؤمنون بالله سبحانه وتعالى) فأقول: صدق الله حيث يقول: [وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ] [يوسف: ١٠٦]

فكيف يقال عن التيجانيين أنهم مؤمنون بالله وبإطلاق مع اعتقادهم بوحدة

الوجود.. ودعوى علم الغيب وتفضيل صلاة الفاتح على كتاب الله؟

٦ - ص ١٣٦ / س ١٥: تقول الموسوعة عن حزب التحرير: (لا

تخرج دعوتهم عن أن تكون واحدة من الجماعات الإسلامية التي تحمل فكر أهل

السنة والجماعة) .

لا أدري ما هذا الفكر السلفي الذي يحمله هذا الحزب المتحرر مع شناعة

أخطائهم وعظم انحرافهم [١٠] ؟ نسأل الله عز وجل الهداية للجميع.

٧ - ص ٢٥٧ / س ١١: تقول الموسوعة عن الزيدية بأنها: (تتصف

بالاعتدال والقصد) فأقول: هل يمكن أن توصف الزيدية بالاعتدال والقصد.. وأصول الزيدية هي أصول المعتزلة الخمسة؟ فأين الاعتدال والقصد ممن يعطل الصفات الإلهية، وينفي القدر؟ ويحكم على العاصي من عصاة الموحدين بالتخليد في النار؟

٨ - ص ٢٥٧ / س ١٨، س ٢٣: بالنسبة لدعوى أن زيد بن علي تتلمذ

على واصل بن عطاء.. هناك من ينفي هذا التتلمذ وينكره [١١] ، وأيضاً ذكرت

الموسوعة أن من تأليف زيد بن علي كتاب (المجموع) مع أن هناك قول قوي بعدم

ثبوت نسبة (المجموع) إلى زيد [١٢] .

٩ - ص ٢٥٩ / س ٢٣: جاء في الموسوعة عن الزيدية بأنهم: (يميلون

إلى الاعتزال.. والجبر والاختيار) فكيف يجتمعان؟ جبر واختيار! مع أن الزيدية

يغلب عليها نفي القدر تأثراً بالمعتزلة، وفي نفس الصفحة / س ٢٣ - ٢٥ في هذه

السطور خلط بين رأي زيد، وبين رأي الزيدية عموماً.. فإن زيداً يقول بأن

العاصي لا يخلد في النار، بينما الزيدية تقول بتخليده كالوعيدية.

١٠ - ص ٢٧٤: ذكرتم بعض تلاميذ الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

وأنصار دعوته.. وهناك من تلاميذ الشيخ وأنصار دعوته ممن لهم نتاج علمي

ظاهر، وآثار علمية بارزة ومع ذلك لم يذكروا مثل الشيخ حمد بن معمر، وعبد الله

أبي بطين، وسليمان بن سحمان، ونحوهم، ومن أنصار دعوته خارج الجزيرة:

محمد بشير السهسواني، ومحمود الآلوسي، ومحمد رشيد رضا، وغيرهم.

١١ - ص ٢٧٨ عند الحديث عن انتشار دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب.. وأرى أن الموسوعة يمكن أن تعطي أكثر تفصيلاً عن آثار هذه الدعوة دون

سطور مقتضبة.. ولعلها تعيد النظر في ذلك فتوضح آثار هذه الدعوة السلفية علماً

وعملاً في واقع الأمة الإسلامية، وقد ذكرتم أن هذه الدعوة السلفية أثرت على

المهدية والسنوسية والأفغاني (!) ومحمد عبده، فهل على ما ذكرتم دليل وبينة؟

١٢ - ص ٢٩٩، جاء في الموسوعة عند تعريف الشيعة الاثنى عشرية (هم

تلك الفرقة من المسلمين الذين تمسكوا بحق على في وراثة الخلافة) .

هذا كلام مجمل وفيه غموض، وتشم منه رائحة المداراة، كان ينبغي أن

تذكر أصول عقيدة هؤلاء التي من أنكر واحداً منها اعتبر كافراً، وكذلك رأيهم في

مخالفيهم الرئيسيين: أهل السنة، ورأيهم كذلك في القرآن، والصحابة. وتعريف

الشيعة الإخبارية والأصولية والفرق بينهما.

١٣ - ص ٣٥٢ / السطر الأخير وما قبله: حيث تقول الموسوعة: (لقد

عملت الطرق الصوفية على نشر الإسلام في كثير من الأماكن) ثم تقول الموسوعة:

(لقد اعتمد الحكام على أقطاب الصوفية في التعبئة الروحية للجهاد ولصد غارات ...

الكفار، ومن هؤلاء الأقطاب أحمد البدوي) .

وأقول: إن التصوف أعظم معول هدم وتخدير ينخر في جسد الأمة الإسلامية.. بل ربما كانت سبيلاً للصد عن سبيل الله.. وأيضاً متى كانت الصوفية (تعبئة

روحية للجهاد) ؟ لقد كان منهم من يخذل من شأن الجهاد ويكتفي بجهاده الأكبر كما

يزعمون (جهاد النفس) ، ومن ثم فإن الاستعمار الأجنبي كان يشجع الطرق الصوفية

ويبرزها [١٣] .

ومن المحزن أن يذكر البدوي، فيوصف بأنه (قطب) محرك للجهاد، ولصد

غارات الكفار.. إن أحمد البدوي داعية استغل التصوف ستاراً لإرجاع الحكم

الرافضي الذي انقرض بزوال الدولة العبيدية في مصر على يد صلاح الدين

الأيوبي، ولكن فشل في ذلك ولله الحمد، بل يذكر عن أنه كان لا يشهد الصلوات

الخمس! ! [١٤] .

ولعل الموسوعة تعيد النظر في دراسة الصوفية.. فتذكر مراحل تطور

التصوف من تشدد ورهبنة إلى رموز وغموض وابتداع ثم إلى كفر واتحاد وزندقة.. ومن الواجب ذكر أخطائهم وسوءاتهم وما أكثرها.

وفي ختام هذا المقال أحب أن أذكر بأن الموسوعة تحتاج إلى مزيد دراسة

وتقويم. وكفي المرء نبلاً أن تعد معايبه، وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد

وعلى آله وصحبه أجمعين.


(١) أفردت الموسوعة بعض المآخذ والانتقادات على جماعة التبليغ (ص ١١٩) ، وحزب التحرير (ص ١٣٨) والحركة المهدية (ص ٤٧٠) ، فالمطلوب الاستمرار في النقد والتقويم مع البقية، فبالنقد الصادق المؤدب يتم تصحيح المسار، والاستفادة من الأخطاء.
(٢) انظر مثلاً كتاب: (منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير) للدكتور فهد الرومي، وكتاب (المعتزلة بين القديم والحديث) لمحمد العبدة وطارق عبد الحليم، وكتاب (العصريون معتزلة اليوم) ليوسف كمال.
(٣) انظر كتاب (الحكم بغير ما أنزل الله وأهل الغلو) لمحمد سرور بن نايف زين العابدين.
(٤) انظر كتاب (حرية الإنسان في الفكر الإسلامي) ، د فاروق الدسوقي.
(٥) (الموسوعة الميسرة) / ٩.
(٦) - بعض الفرق والمذاهب في الموسوعة فقره عن أهم كتبهم وهم الدروز (ص ٢٢٦) ، الطاوية (ص ٠ ٣٦) ، المورمون (ص ٧٨ ٤) ، النصرانية (ص ٥٠١) ، الهندوسية (ص ٥٣٢) ، اليهودية (ص ٥٦٩) وهذه فقرة مفيدة جداً فيا حبذا لو استمر هذا المنهج مع بقية الفرق التي لها كتب معتمدة.
(٧) انظر مثلاً نفيهم لرؤية الله في اليوم الآخر من أحد كتبهم: (أصدق المناهج في تمييز إباضية من الخوارج) ، لسالم بن حمود الإباضي، ص ٢٧.
(٨) انظر الكتاب السابق: (أصدق المناهج) ، ص ٢٧، ? ص ٣٤، ٣٥.
(٩) انظر معتقداتهم في (الموسوعة الميسرة) ، ص ٧٠ - ٧٣.
(١٠) انظر بعض هذه المآخذ كما ذكرت في (الموسوعة الميسرة) ، ص ١٣٨ - ١٤٠.
(١١) انظر كتاب (الإمام زيد بن علي المفترى عليه) لشريف الخطيب.
(١٢) انظر كتاب (الإمام زيد بن علي المفترى عليه) لشريف الخطيب.
(١٣) انظر كتاب (أهمية الجهاد في نشر الدعوة الإسلامية والرد على الطوائف الضالة) للدكتور علي ابن نفيع العلياني، وكناب: (رسالة الشرك ومظاهره) ، لمبارك الميلي.
(١٤) انظر كناب (السيد البدوي بين الحقيقة والخرافة) ، د أحمد صبحي منصور.