للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مالي وللوعود المزيفة؟]

سارة السلطان

لماذا نعتقد، بل ونجزم أن الدعوة إلى مكان المرأة الفطري ـ البيت ـ وحدودية الوظائف غطرسة وظلماً، وأن بقاء عمل المرأة في بيتها امتهان لكرامتها ولذاتها؟

ولماذا نعتقد بشدة أن حق المرأة، ورقي المجتمع يكون بإعطائها مساحة كبيرة للعمل؟ وهل ستحرر المرأة ويرفع عنها الضيم (إذا كان هنالك ضيم) إذا شغلت الوظائف العامة والخاصة على جميع المستويات والمشاركات، بصرف النظر عن كونها تتناسب وتكوينها الجسمي والانفعالي؟ والأهم من هذا وذاك: مَنْ له الأحقية بالوظائف إذا كان هناك وظائف مطروحة (للرجل أو المرأة) ؟

وهل عمل المرأة في بيتها امتهان لذاتها وانتقاص من كرامتها؟ وهل تفضيل الرجل عليها ببعض الوظائف والمشاركات حرمان لها من الحقوق والمشاركة؟ إنها دعوات مزيفة من أعداء الإسلام من الدول الغربية وعلى رأسهم اليهود وبمساعدة ـ مع الأسف ـ بعض من أبناء ملتنا ممن يتحدثون بألستنا.

حب كاذب للمرأة محفوف بالفتن ونشر الشقاء للمرأة التي تأبى إلا استغلالها بأبشع الصور من خلال استجابتها للدعوات الآثمة والشعارات المضللة، ظاهرها فيها الرحمة وباطنها العذاب. وهل مَنْ يطالبون بالمساواة وحقوق المرأة أكثر إخلاصاً ومودة من المرجعية الإسلامية؟ هيهات.. هيهات! لقد جاءنا من قِبَلهم بريق يشع نوراً نحسبه وهج الضوء وقنديل الدجا؛ فإذا ما قربناه وجدناه ناراً تلظى، تحرق فضيلتنا وعفتنا وأمننا؛ فدعاة الفساد والفتنة ينعقون باسم حرية الفكر والحوار الهادف وحفظ كرامة المرأة، وهم في الأغلب دعاة الرذيلة وسعاة للفساد.

فهم يسعون في بث سمومهم في أرض المسلمين الخصبة، ويحرثونها بدعوى حسن نيتهم في مساعدة المسلمين، ثم يدسون بها بذوراً متعفنة لتنتج أراضي المسلمين ثماراً فجة تسر الناظرين في الظاهر، ولكن داخلها دوداً ينخر لبها لتخرج للناس ثماراً فاسدة متعفنة لا تنفع حين حصادها، وتؤثر على باقي الثمار الناضجة بالفساد، هذا ما يريده أعداء الإسلام؛ فهل نعي خطورة الأمر؟

فالجو الإيماني الهادئ الذي تعيشه المرأة المسلمة والذي حفظ لها دينها من سيادة في بيتها وعزة في قومها أقضَّ مضاجع اليهود الذين أغاظهم أن تحيا المرأة المسلمة حياة مطمئنة لها مكانتها، وقوة تأثيرها في المجتمع الإسلامي، لا يُمَس لها كيان أو كرامة في نطاق موزون وأهداف سامية تقتضيها الفطرة السوية لكل من المرأة والرجل، وما قوامة شقيقها الرجل إلا لعلو شأن المرأة، وليكون سنداً قوياً للذب عنها، وحمايتها من الاستبداد والاستغلال والاعوجاج.

أما مجال العمل، فالإسلام لم يحرِّم عليها العمل والتجارة والخروج من المنزل؛ فأم المؤمنين خديجة ـ رضي الله عنها ـ كانت تتاجر بمالها، واختارت أشرف الناس ليساعدها بهذه المهمة؛ فالمرأة مهما يكن من شأنها فلا غنى للرجل عنها. لذا يجدر بالمرأة المسلمة التي تريد العمل أو التجارة أن تلتزم بضوابط تحفظ لها نفسها وكرامتها وإنسانيتها حتى لا تتعرض لمكر مَنْ في قلوبهم مرض، وإذا انتفت المحاذير فالمجتمع في غنى عن عملها، والمصلحة العامة أوْلى من المصلحة الخاصة.

والتوسع في عمل المرأة واستحداث تخصصات جديدة لمجرد أن المرأة تعمل لنساير التيارات الغربية ولترضى عنا المجتمعات الأوروبية، ليقال إننا شعب متحضر فهذا انهزامية، وهو من دواعي انكسار المجتمع المسلم، وأخشى أن تكون بداية للانسلاخ من قيمه ومبادئه ودينه الذي هو مصدر عزته. قال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ: «نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، ولو ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله» .

وخطورة مزاحمة الرجال في شغل الوظائف دون استثناء، هذا ليس في صالح الناحية الاقتصادية والاجتماعية؛ لأن العمل والحالة هذه يسهم في زيادة ارتفاع معدلات البطالة؛ فعمل المرأة يسهم في زيادتها بطريق غير مباشر؛ لأنها تقتحم جميع ميادين العمل؛ فالرجل أحق من المرأة في وظائف هو الأوْلى بشغلها لما عليه من التزامات مادية نحو نفسه وأسرته، والمهر والنفقة مستقبلاً، وما لتكوينه الجسمي والانفعالي ما يؤهله للعمل الشاق بجدارة، ولكن أعداء الإسلام الذين يبثون في روع المرأة التي لا تعمل سوى في بيتها أن كرامتها سلبت، وويل لها ولمجتمعها من شبح البطالة.

فهذا حقد على المرأة المسلمة التي تعيش سيدة بيتها باطمئنان؛ لأن المرأة لا تعاني بطالة مطلقاً، وفي كل حال؛ فهي إن كانت ربة منزل فإن ذلك لا يُقِلُّ من شأنها وشخصيتها، بل هو مدعاة للفخر والعزة، وشرف عظيم لها تقصُر دونه الكثير من همم الرجال لما تقتضيه مسؤولية التربية والتنشئة من حلم ومجاهدة واستقرار نفسي يعود على الأبناء بالصلاح والتقوى.


(*) إعلامية سعودية